تحتفظ الولايات المتحدة الامريكية باكثر من 700 قاعدة عسكرية حول
العالم، تغطي مساحة تجاوزت اكبر الامبراطوريات في التاريخ. وعلى الرغم
من ان العديد من قادة المحافظين والليبراليين يدعمون اليوم سياسة
التدخل الخارجي، الاّ ان التواجد العسكري المكثف حول العالم هو سياسة
تتناقض بعمق مع مبادئ مؤسسي الجمهورية ومع المصالح الاقتصادية
والسياسية والأمنية للشعب الامريكي.
تمتلك الولايات المتحدة تفوقاً عسكرياً لكنها لم تعد لديها القوة
الاقتصادية المماثلة، هي تتحمل ما يقارب 40% من الانفاق العسكري
العالمي لكن نصيبها من الناتج المحلي الاجمالي العالمي GDP هو فقط 30%.
لذا فان هيمنة الولايات المتحدة اليوم هي انما بسبب اضمحلال
الامبراطوريات الاخرى نتيجة لخسارتها الحروب (المانيا واليابان) او
لأنها اصبحت مترامية الاطراف قياساً باقتصادياتها الهشة (بريطانيا،
فرنسا، الاتحاد السوفيتي). فاذا بقيت الامبراطورية الامريكية تسير في
نفس الاتجاه، فان الهيمنة الاقتصادية الامريكية ونفوذها السياسي سوف
يتآكلان.
لماذا تعرضت الولايات المتحدة الى هجمات ارهابية غير مسبوقة؟ بالرغم
من إنكار الرئيس الامريكي وصناع السياسة الامريكيون ونخبة السياسة
الخارجية وحتى قطاعات واسعة من الجمهور، الا ان الشيء الاساسي الواضح
لدى بقية الشعوب هو ان سياسة التدخل الامريكية هي مناصرة للامبراطورية
العالمية الامريكية غير الرسمية. الولايات المتحدة نالت تقييماً سلبياً
من الشعوب في الدول المسلمة وغير المسلمة في العالم، ليس بسبب حرياتها
السياسية والاقتصادية ولا بسبب ثقافتها، وانما بسبب سياستها – خاصة
تجاه الشرق الاوسط.
ان المتطرفين الاسلاميين يلومون الولايات المتحدة لدعمها الحكومات
الفاسدة في الدول المسلمة ولتواجد قواتها العسكرية على التراب الاسلامي.
ضمان "الاستقرار" في العالم الاسلامي لا علاقة له بالأمن الامريكي بقدر
علاقته بحماية الانظمة الاستبدادية الصديقة للولايات المتحدة.
وبدلاً من محاربة القاعدة فقط، استعملت ادارة بوش خوف وغضب الشعب
بعد هجوم سبتمبر11 للحصول على دعم للحرب العالمية الوقائية الواسعة ضد
الارهاب والدول المارقة. خطط الامبراطورية والضغوط التي مارستها مختلف
جماعات المصالح الخاصة كانت هي الحافز الرئيسي وراء الحرب الاوسع.
يجب على المحافظين من انصار الـ "حكومة الصغيرة" الذين يفضلون
المغامرات العسكرية ان يفحصوا تاريخهم ويعيدوا التفكير بافتراضاتهم.
زيادة الانفاق غير الدفاعي كانت أقل اثناء حكم ادارات (كارتر وريغن
وبوش الاول وكلنتون) وحيث لم تقم هناك حروب مقارنة بالانفاق في ظل
الادارات التي شهدت حروباً طويلة. قادت حرب بوش الثاني ضد الارهاب الى
زيادة في كل من الانفاق الدفاعي واللادفاعي (حيث كانت الزيادة في
الانفاق اثناء حكم جورج دبليو بوش اكثر مما في اي فترة اخرى منذ ادارة
ليندن جونسن).
الرئيس بيل كلنتون اعتمد مبدأ التدخل الانساني في هاييتي والبوسنا
وكوسوفو والصومال. في الحالات الثلاث الاولى، كان المنطق الانساني
مشكوكاً فيه، اما في الحالة الرابعة فكان فشلا ذريعاً. وعلى الرغم من
الخطاب البلاغي المثالي الذي استُخدم في تبرير الافعال العسكرية
الامريكية، الاً ان المهمة الانسانية الوحيدة التي مات فيها امريكيون
في المائة سنة الاخيرة كانت في الصومال عامي 1992 و1993.
ان الحجة بوجود دعم شعبي للاعمال العسكرية غير المرتبطة بالأمن
الامريكي هي حجة هشة. صناع السياسة الامريكيين يلجأون للحرب ضد البلدان
الرخيصة وهي ستراتيجية استخدمت فيها امريكا تكتيكات عسكرية زادت من حجم
الضحايا بين المدنيين من مواطني الدول المطلوب مساعدتها. ان استخدام
القوة النارية الجوية والارضية الثقيلة نتج عنها مفارقة اخلاقية "قتل
الناس من أجل انقاذهم". وهكذا فان التدخل العسكري لأغراض انسانية عادة
يؤدي الى نتائج معاكسة تستدعي مسائلة اخلاقية.
ان التدخل العسكري الامريكي المكثف لتسهيل الاعمال الانسانية فشل
على الدوام بسبب التلكؤ والخوف في مهام البعثات (كما في لبنان
والصومال)، وخلق الاعداء نتيجة الانحياز الى احد طرفي الصراع واستخدام
القوة المفرطة (كما في لبنان والصومال والعراق)، وتفاقم المشاكل
الاصلية (مثل التطهير العرقي في كوسوفو)، وفقدان الدعم الشعبي في
امريكا (مثل لبنان والصومال والعراق).
بعد فترة الحرب الباردة، ونظراً لتركيز الاهتمام فقط بأمن المواطن
الامريكي وثرواته وبمناطق نفوذ الولايات المتحدة، تراجعت فوائد سياسة
التدخل الخارجي وتصاعدت تكاليف تلك السياسة بشكل سريع بينما استمر
الامريكيون بدفع الضرائب الثقيلة للدفاع عن بلدان غنية بما يكفي لتدافع
عن نفسها او لإحتلال دولاً نائية مثل العراق وافغانستان. ابناء
الامريكيين وبناتهم قُتلوا في ساحات اجنبية لأسباب أكثر بعداً عن
المصالح الحيوية الامريكية.
وعلى عكس الفكرة المضللة التي يعرضها المتدخلون، لا تحتاج
استراتيجية الردع الاقليمي offshore balancer (وهي ستراتيجية تستخدم
فيها امريكا قوى اقليمية مفضلة لمنع ظهور تهديد اقليمي لمصالحها كما
حصل في الحرب العراقية الايرانية حين دعمت امريكا العراق ضد ايران)
لتكون ضعيفةً او مهادنةً للاعداء. المصالح القومية الحقيقية يجب
الإعلان عنها صراحة والدفاع عنها بقوة. دول اخرى ترى ان الولايات
المتحدة سوف تتصرف لتأمين المصالح الحيوية في حالات محددة. وبدلاً من
الالتزام الأمني المفرط والملتبس الممتد حول العالم (مثل الالتزام
الامريكي المبهم بحماية تايوان ازاء اي هجوم صيني)، فان الولايات
المتحدة بحاجة الى تحديد صريح وواضح لمجموعة المصالح الاساسية التي
سيتم الدفاع عنها بقوة.
معظم الامريكيين لا يعتقدون ان حكومتهم امبراطورية، ولكن في الواقع،
ان الولايات المتحدة كانت في توسع دائم لمناطق نفوذها عبر البحار منذ
نهاية القرن العشرين. كذلك لا يرى معظم الامريكيين ان الوجود العسكري
العالمي الامريكي يهدد مصالحها الاقتصادية او أمنها او انه يكبح
الطموحات الديمقراطية لمواطني الدول الاخرى، العديد من الامريكيين
يعتبرون سياسة التدخل الامريكية حالة تقدمية او هي حميدة في اسوأ
الاحوال.
لسوء الحظ هناك هوة كبيرة بين الإنطباع العام وبين الواقع، طبقا لما
ذكره خبير السياسة الدفاعية ايفان ايلاند IVAN ELAND. فهو يجادل ضد كل
من المحافظين والليبراليين المناصرين للامبراطورية الامريكية، مؤكداً
بطريقة منهجية ان التدخل العسكري الامريكي يؤذي المصالح السياسية
والاقتصادية والعسكرية. اطروحته - بان الولايات المتحدة والعالم
سيكونان اكثر ازدهاراً وأكثر حرية وامناً لو ان الحكومة الامريكية قللت
من تورطها العسكري وراء الحدود، هي بالتأكيد ستكتسب اهتماماً مكثفاً من
جانب اولئك الذين يعترفون بالحاجة لتمحيص كلي للسياسة الخارجية
الامريكية ولسياسة الأمن القومي.
أصل وطبيعة الامبراطورية الامريكية
في كتابه "امبراطورية بلا ثياب "(1) يذكر (ايلاند) رغم ان التحركات
الامبريالية الامريكية بدأت مع الغزو الكولنيالي اثناء الحرب الامريكية
الاسبانية عام 1898 وفي امريكا الوسطى وجزر الكاريبي في بداية عام
1900، الا ان الامبراطورية الامريكية العالمية لم تكتسح المسرح العالمي
الاّ في عام 1950. فقط اثناء الحرب الباردة قامت امريكا بالتخلي عن
سياستها الخارجية التقليدية الملتزمة باتباع ستراتيجية الردع الاقليمي
مفضلة سياسة السلام الامريكي pax Americana – القائمة على شبكة عالمية
من التحالفات، استخدام قوات عسكرية في قواعد منتشرة حول العالم،
والتدخل المباشر وغير المباشر في شؤون العديد من الدول الاخرى. اذا كان
الهدف من السلام الامريكي هو مجرد التصدي للزحف الشيوعي، فلا بد ان
ينتهي ذلك بعد تفكك الاتحاد السوفيتي. غير ان الامبراطورية الامريكية
تضخمت اكبر واكبر بعد نهاية الحرب الباردة.
وعلى عكس الامبراطوريتين الرومانية والبريطانية، لم تكن
الامبراطورية الامريكية في جزئها الاكبر احتلالاً اقليمياً (رغم ان
الاحتلال الامريكي للاقاليم الاجنبية يتكرر باستمرار). الامبراطورية
الامريكية هي نسخة غير رسمية اكثر دهاءاً ربما على غرار اسبارطة
القديمة. ان الولايات المتحدة تمارس سيطرة على السياسة الخارجية
لحلفائها اكثر مما تمارس على شؤونها الداخلية، وهي لن تسمح لحلفائها
الكبار في ان يصبحوا دولاً سلطوية او توتاليتارية. كذلك ان
الامبراطوريات القديمة حصلت على الموارد والغنائم وعلى الاسواق
لصادراتها وعلى عائدات الضرائب من اقاليمها. امريكا لم تحصل على اي شيء
من ذلك من حلفائها او الدول الصديقة لها.(حلفاء امريكا رفضوا حتى
افتتاح اسواقهم بالكامل امام الصادرات والاستثمارات الامريكية.(بدلاً
من ذلك دفعت امريكا الفاتورة دماً وموارداً في دفاعها عن البلدان التي
هي الآن غنية بما يكفي للدفاع عن نفسها).
لماذا يجب على المحافظين الوقوف ضد
الامبراطورية
يؤكد (ايلاند) ان فكرة الامبراطورية هي في تضاد تام مع مبادئ
الليبراليين والمحافظين. المحافظون يجب ان يعارضوا الامبراطورية
الامريكية لأن الحرب هي السبب الرئيسي لنشوء الحكومات الكبيرة- بما في
ذلك نمو الانفاق غير الدفاعي- الذي يتطلب بدوره زيادة الضرائب.
العلاقات العدائية مع الدول الاخرى تشجع ايضا على انتهاج سياسات
الحماية والسيطرة على التدفقات المالية، وبهذا تقوّض مبادئ حرية
التجارة. الحكومة المتضخمة والضرائب العالية والقيود على التجارة
الدولية يبطئ النمو الاقتصادي ويُضعف من فرص التقدم والرفاهية للشعب
الامريكي. وبمرور الزمن، تؤدي نسبة النمو الواطئ الى وقوع الولايات
المتحدة في انحدار نسبي كما حصل للامبراطورية البريطانية الواسعة وذات
الضرائب العالية في القرن الماضي.
المحافظون قلقون على الأمن لكن امريكا ليست بحاجة الى امبراطورية
لضمان ذلك، امريكا لديها محيطين عظيمين بمثابة خندقين، وجيران ضعفاء
ومخلصين، وتحتفظ بأقوى ترسانة نووية على سطح الكوكب.
لماذا يجب على الليبراليين الوقوف ضد
الامبراطورية
يرى (ايلاند) ان الليبراليين يجب ان يعارضوا الامبراطورية لأن
العديد مما سمي بتدخلات عسكرية انسانية للولايات المتحدة كانت نتائجها
غير انسانية. السجل السيء لمحاولات جلب الديمقراطية وحرية السوق قسراً
يبيّن ان التدخلات عادة تفشل في إعادة بناء المجتمعات الممزقة والعنفية.
وعلى المدى الطويل، تؤدي الانتهاكات لسيادة الدول – وان كانت لأغراض
انسانية- الى تقويض القواعد الدولية ضد الاعتداءات عبر الحدود ويشجع
الجماعات الانفصالية على التمرد. وبمرور الزمن، سيُقتل عدد من الناس
اكبر مما اريد انقاذه من مواطني الدول الفاشلة. وبدلاً من وضع ارواح
الجنود الامريكيين بين طرفين متصارعين غير مستعدين لصنع السلام، فان
المجموعة الدولية يجب ان تركز على مساعدة الدول التي استُنزفت فيها
اطراف الصراع بالحرب وهي مستعدة لوقف القتال.
التدخل العسكري الانساني حسب ايلاند يواجه معارضة اخلاقية واسعة:
اذا كان التدخل العسكري غير ضروري، عندئذ يصبح القتل العرضي للمدنيين
الابرياء غير اخلاقي. كذلك، تؤدي الحروب الاجنبية الى تآكل الحريات
المدنية. اخيراً، العديد من المصالح الثابتة - بما في ذلك الصناعة
العسكرية - تحوّل حماسة الحرب الى منافع مشتركة. المنطق الانساني
للتدخل العسكري يُستخدم عادة كغطاء لحوافز السياسات النفعية.
لماذا يجب على جميع الامريكيين مقاومة
الامبراطورية
يعتقد (ايلاند) ان اهم سبب يدفع الامريكيين لمعارضة الامبراطورية
الامريكية هو ان الامبراطورية تحطم الجمهورية. السياسة الخارجية
الامبراطورية قادت الى رئاسة امبراطورية أقوى بكثير مما أراده المؤسسون.
في السنوات الاخيرة، هددت الامبراطورية الامريكية المترامية الاطراف
الوطن الامريكي والحريات المدنية للامريكيين- سواء من خلال ردود الفعل
السلبية الخطيرة ضد السياسات السابقة او في التوسع الهائل في السلطات
الفيدرالية المحلية، بما في ذلك سلطات الاحتجاز والاشراف الواسع لأجهزة
الشرطة.
وفيما يتعلق برغبة البعض في استخدام القوة العسكرية الامريكية
لإعادة بناء الدول الفاشلة، فهي تبدو سياسة خطيرة وغير ناجحة تكون
نتائجها زيادة زخم الارهاب واثارة سلسلة من الحروب الاهلية الشنيعة. ان
الولايات المتحدة عانت من الكراهية في انحاء العالم بسبب تدخلها في
شؤون الدول الاخرى، وهجوم 11 سبتمبر لم يكن الاّ جزءاً من ردود الفعل
السلبية تجاه السياسة الخارجية الامريكية. ونظراً لعدم كفاءة المخابرات
الامريكية ولكون المجتمع الامريكي هو الاكبر والاكثر انفتاحا على
العالم ذلك يجعل الولايات المتحدة شديدة الحساسية لأي هجوم ارهابي.
تحسين الأمن الداخلي يفيد فقط في حماية الامريكيين من هجوم ارهابي
كارثي في المستقبل. لكن افضل الحلول هو في تصحيح الرؤية عن الثور
الامريكي عبر تفكيك الامبراطورية وإنهاء تدخلاتها في السياسة الخارجية.
ومع تلاشي الخصم الاكبر للولايات المتحدة - الاتحاد السوفيتي،
انحسرت بشكل كبير فوائد السلام الامريكي والتدخل العسكري المفرط. بروز
الارهاب الكارثي، رفع بشكل حاد كلفة مثل هذه السياسة الخارجية النشطة.
لهذا فان السعي للامبراطورية هو سياسة خارجية وليس سياسة أمنية.
سياسة خارجية ملائمة للعصر الحديث
أدرك مؤسسو الجمهورية ان الابتعاد الجغرافي لأمريكا عن الدول الاخرى
سمح لها بالتمتع في إبعاد نفسها عن التحالفات والصراعات الاجنبية،
معرّفةً مصالحها الحيوية باطار ضيق، ومتبنيةً لسياسة التحفظ العسكري.
وفي عصر الارهاب الكارثي، اصبحت السياسة الخارجية للمؤسسين الاوائل
اكثر ملائمة من اي وقت مضى. التدخل المفرط في الخارج غير مطلوب لأجل
الأمن تجاه أخطار الدول الاخرى وهو يقود فقط الى نتائج غير محسوبة
ومخاطر يصعب تفاديها – الارهاب. باختصار، الامبراطورية الامريكية تقلل
من فرص ازدهار وقوة وأمن امريكا وتُضعف موقفها الاخلاقي. هي ايضا تؤدي
الى تآكل مبادئ المؤسسين للدستور الامريكي.
* قراءة في الطبعة الجديدة لكتاب The Empire Has No
Clothes للكاتب Ivan Eland الصادر في نوفمبر الماضي 2012 عن المعهد
المستقل.
ايفان ايلاند احد كبار الخبراء في السياسة الخارجية
والدفاع للولايات المتحدة. هو مديرمركز السلام والحرية في المعهد
المستقل The Independent Institute.
.................................................
الهوامش
(1) "ملابس الامبراطور الجديدة "و"الامبراطور بلا
ملابس"استعارتان يحملان مضموناً واحداً. ملابس الامبراطور الجديدة هي
قصة دانماركية كتبها هانس كرستين اندرسون و نُشرت عام 1837 تتحدت عن
امبراطور يهتم كثيراً بملابسه وبطريقة ارتدائها امام الناس. سمع
الامبراطور ان شخصين ساحرين يستطيعان صنع أجمل البدلات من أرقى انواع
القماش، هذه الملابس لها ايضا خاصية فريدة كونها غير مرئية لأي شخص
أحمق. كان الامبراطور قلقاً من انه قد لا يستطيع رؤية الملابس فيُقال
عنه احمقاً فقام اولاً بإرسال اثنين من رجاله الثقاة. بالطبع لم يذكر
هذان الرجلان عن فشلهما في رؤية الملابس بل أعلنا عن إعجابهما الشديد
بهما. الناس في المدينة متلهفون للتعرف على حماقة غيرهم. اخيراً سمح
الامبراطور لنفسه بارتداء الملابس في موكب في المدينة، كل سكان المدينة
امتدحوا الملابس العجيبة للامبراطور، حتى جاء طفل صغير منادياً "لا
يوجد عليه شيء". بدأ الناس يهمسون الى بعضهم ثم راحوا يصرخون "لا ملابس
على الامبراطور ". شعر الامبراطور انهم على صواب وظل رافعاً رأسه حتى
أنهى الموكب.
الاستعارة تستلزم موقفاً فيه ترغب الاغلبية الساحقة
المشاركة في الجهل بحقيقة واضحة رغم ادراكهم فرادى لها. استعارة
"الامبراطور بلا ملابس" تُستعمل في السياقات السياسية والاجتماعية
للاشارة لأي حقيقة واضحة تنكرها الاغلبية من الناس. |