صراع السياسيين وخسائر الشعب

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: نحن نفهم أن الديمقراطية تتيح للمسارات المتعددة المتضاربة او سواها، أن تتحرك بحرية في الفضاء الديمقراطي الحر، دونما ضغوط مسبقة او تحديدات او املاءات من هذه الجهة او تلك، كي تكون التفاعلات السياسية مجدية وتصب في صالح الشعب بالنتيجة، لهذا توصف الديمقراطية - ضمن توصيفات عديدة- بأنها الوعاء الواسع الذي يحتوي جميع الآراء والمتناقضات في وقت واحد، ولكن في القوت نفسه، تحمي الديمقراطية حرية الرأي وتنمي سلطة القانون، وترفض العنف بكل اشكاله، لكي تضمن النتائج الجيدة التي تتمخض عن التحرك السياسي المتنوع في فضائها المفتوح.

ما يحدث في العراق من صراع بين الكتل والاحزاب والمكونات السياسية، تحت شعار الديمقراطية لا يمت بصلة للرأي الذي اوردناه في أعلاه، بمعنى أوضح أن ديمقراطيتنا الآن تمنح للسياسيين كافة (في السلطة او خارجها) غطاءً يساعدها على مواصلة صراع غير مجدي للشعب، بل هو صراع ذاتي مصلحي منفعي قاصر النظر، وهو صراع مؤذي للشعب ومفيد للمتصارعين فقط.

ولقد تعطّلت نتيجة لصراع السياسيين في العراق، الكثير من المشاريع والتشريعات والقوانين المهمة جدا للشعب، بسبب صراع الكتل والاحزاب وحتى الشخصيات المستقلة، حتى يبدو المشهد السياسي بوضوح عبارة عن ساحة صراع مفتوحة بين جميع السياسيين، هدفها (بقصد او من دونه) تعطيل مصالح الشعب وتدميرها، مقابل فوائد كبيرة مادية ومعنوية وحزبية لصالح المتصارعين، ومع هذا النزيف الذي لا يريد ان يتوقف، وأعني به الخسائر التي يتعرض لها الشعب، نلاحظ أن هناك تمادي من لدن السياسيين، واصرار على أذى الشعب من خلال تعطيل القوانين والتشريعات والمشاريع المهمة بسبب الصراع المتبادل بينهم، فنلاحظ ان الكل يتهم الكل ويزايد على هموم  ومصالح الشعب، ولكن بالنتيجة سيكون السياسي هو الرابح، أما الشعب فلا يجني سوى الخسران، والدليل على قولنا هذا، أن السياسيين يختلفون على التشريعات التي تهم حياة الشعب ويعطلونها، لكنهم يوافقون فورا ومن دون جدل على القوانين والقرارات التي تتعلق بامتيازاتهم الكثيرة والمتنوعة، فهم سرعان ما يوافقون عليها دونما تأخير او جدل!!.

وقد تحدثت الانباء عن كثير من حالات التعطيل التي يقوم بها، هذا السياسي او ذاك، فيتم تعطيل المشاريع المهمة والملحة للشعب العراقي من لدن المعارضين وبالعكس، والضحية هو الشعب دائما، ولكن لا يصح إطلاقا أن يبقى الحال كما هو عليه، ويبقى الحبل على الغارب، حيث يتحكم سياسيون (كتل واحزاب وشخصيات مستقلة) لا يربو عددهم على المئات، بمصير شعب يقارب او يتجاوز تعداده 30 مليونا، فضلا عن كونه شعب عانى ما عاناه من حرمان وقسوة وتجويع واذى على مر العقود الماضية، وطالما ان السياسيين قد أغلقوا أذانهم واسماعهم وحتى بصائرهم، وبات من الواضح أن مصلحة الشعب لا تهمهم بقدر ما تهمهم مصالحهم ونتائج صراعاتهم، فإن على الشعب عموما لاسيما النخب المتصدية لقيادته (مثقفون، رجال دين، مفكرون، عمال، اطباء، كسبة، طلبة... وغيرهم)، أن يضعوا حدا لهذه اللعبة السمجة التي خرجت عن طورها، وباتت من الاذى للشعب بحيث لا يمكن السكوت عليها، خاصة اننا مقبلون على خوض انتخابات جديدة.

هنا ينبغي توعية الشعب وتنوير الناخب العراقي، بأن حاله سيبقى هكذا، مهملا ورديئا وموجوعا، طالما ينتخب من لا يستحق الانتخاب، وعلى جميع افراد الشعب الابتعاد عن التمنيات وخداع السياسيين الذين يتقربون للناس كثيرا عندما تقترب الانتخابات ويعدونهم بالكثير الكثير ولكنهم ما ان يجلسوا على الكرسي الوثير، حتى يتناسوا بل يتنكروا لكل وعدوهم ويبقى شغلهم الشاغل مصالحهم وادارة صراعاتهم مقابل الاهمال التام للشعب وشرائحه كافة، إلا من هو قريب منهم ومساند لهم في صراعاتهم وحماية مصالحهم.

المطلوب توعية الشعب وخاصة الفقراء، أن السياسيين لم يعملوا لصالح الناس والشعب، وانهم انشغلوا بما يفيدهم فقط من حيث المال والجاه والسلطة والامتيازات، وانهم يفضلون الانشغال بصراعاتهم على الانشغال بهموم الشعب واحتياجاته، لهذا يجب أن نقتص من كل سياسي لم يقدم للشعب (وهو في منصبه) خدمة او فائدة، وهم معروفون تماما، انهم مكشوفون للشعب ويجب كشفهم لمن لا يعرفهم، ويجب عدم اعادة انتخابهم ولا الخضوع والاستجابة لخداعهم وتضليلهم للناخبين من خلال اطلاق الوعود الكاذبة، وحتى نخلص من هذه الظاهرة المدمر يجب أن نرفع الشعار التالي ونعمل في ضوئه (أيها الناخب العراقي، إنتخب من لا يهملك ويعطل مشاريعك المهمة، إيها الناخب، إقذف بالانتهازيين الكذابين خارج ساحة السياسة).

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/كانون الأول/2012 - 23/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م