نحن بحاجة الى حاويات نفاية نووية!

زاهر الزبيدي

الكثير من حاويات النفايات على اختلاف انواعها نراها، محطمة، مترامية على جوانب الطرق، تصاميم واشكال والوان مختلفة، لم تصمد جميعها أمام بشاعة الإستخدام الذي تتعرض له تلك الحاويات من قبل الجميع، مواطنون وعمال نظافة، فالحاويات البلاستكية الكبيرة التي وضعت أول مرة تحطمت وأعيد تجهيز الشوارع بالحاويات ذاتها وبألوان أخرى وتحطمت واستمرت عمليات التدمير على هذا المنوال حتى اصبحت تلك الحاويات عبارة عن " خردة " على عربات "الدّوارة" ممن يبحثون عن مخلفات البلاستك، ثم جاءت الحاويات من الألمنيوم "الفافون" والتي بدورها تم تحطيمها وسرقتها لكونها من مادة ممكن ان تصنع منها قدور الطبخ التي تباع في سوق الشورجة.. فتحولت من حاويات نفايات الى قدور نـأكل منها.

الى متى يستمر مسلسل التدمير الذاتي لمواردنا المادية ومن قبل ابناء شعبنا وموظفي الخدمات "البلدية" ممن لا ضمير لهم وهم ينقلون النفايات من تلك الحاويات الى الكابسات ليتم اسقاطها الى الأرض من مسافة عالية وبدون رحمة لتدمر عجلاتها ومن ثم لتسقط مترنحة بفعل هذا الاستخدام غير المسؤول، ثم أن الحاويات تلك لا توضع على الجزرات الوسطية بل توضع في الشوارع مما تتسب بحوادث مؤلمة جراء إصطدام السيارات السريعة بها مع الظلام الذي يلف اغلب شوارعنا لتضيف هماً جديداً لها.. فعمال الخدمة البلدية "يتعاجزون" عن رفعها ووضعها على الجزرة الوسطية مجنبين بذلك مرتادي الشوارع المظلمة من خطر الاصطدام بها.

لقد مر مسلسل جمع النفايات في بغداد بسلسلة طويلة من الإجراءات لم تنفع في خلاصنا منها وابقاءنا بعيداً عن التأثيرات غير الصحية لها، ففي بادئ الأمر كان هناك أماكن حددت ببناء من الطابوق أو الإسمنت على شكل حرف U مع باب حديدي من مادة الـ (BRC) لتجّمع فيها النفايات في المحلات والجزرات الوسطية ليتم نقلها "بالشفلات" خلال ايام مما تؤدي تلك العملية الى تعفن المكان وتجمع الحشرات الضارة، وبعد مرور فترة قصيرة سرقت الأبواب وانتزع الطابوق وبقت هياكل لأثار تحكي قصة من قصص تخلفنا.. ثم صار الى وضع حاوليات صغير معلقة على مساند جانبيه لتسهيل نقل النفايات منها، وبسرعة اختفت تلك الحاويات وتركت مساندها التي اختفت هي الأخرى بعد فترة وجيزة.. ثم جاء الحاويات البلاستيكية على عجلات وكما اشرنا لذلك في بداية موضوعنا هذا.

إذن عملية جمع النفايات من المدينة مستمرة باستنزاف موارد مادية كبيرة، وعلى الرغم من أن الجميع يعرف بأن النفايات لها خط سير واحد لا يختلف عليه اثنان في العالم وهو ان تقوم الكابسات بجمع النفايات بأكياس بلاستيكية خاصة من المنازل والمحلات ونقلها الى محطات التدوير.. وأي نظرية تخالف هذه الحقيقة، في العراق، تعتبر طريقاً للفساد والإفساد وزيادة في أمراضنا وتشوهاً جديداً يضاف الى التشوه الحاصل في عاصمة النفايات العربية !

فآلاف الكيلومترات المربعة، إذا لم نقل الملايين، من الأرصفة التي عبدت بالطابوق الملون، المقرنص، والتي أنفق عليها المليارات من قوت الشعب، نرى أنها أصبحت مكاناً للنفايات التي تخرجها بيوتات العاصمة على أشكالها وتلقى عليها بلا ضمير وبلا أدنى شعور بالمسؤولية منهم فبيوت بمئات الملايين وسياراتهم بعشرات آلاف من الدولارات، صَعُب عليهم شراء أكياس للنفايات ببضع دولارات لوضع نفاياتهم فيها والمحافظة على مدينتهم من حدائق الأزبال التي انتشرت في كل مكان، متناسين بأن النظافة مسؤولية مشتركة بين الأمانة وأبناء المدينة، تاركين العبء كل العبء على أمانة العاصمة.

كذلك فأن المسؤولين عن النظافة اثبتوا فشلهم وعقم عقولهم عن توليد افكارا جديدة تناسب وحجم المأساة التي نراها بأبشع صورها اليوم مع غياب نظام رقابي قادر على فرض العقوبات بحق من يخالف قوانين ونرى أننا اليوم ومع هذا التدمير لتلك الحاويات نرى اننا بحاجة الى حاويات نووية مصنوعة من مادة التيتانيوم ومقاومة لشدة الصدمات وعلى مستوى عالي من تحمل الظروف المناخية الصعبة ومقاومة للاهتزاز أنها حاويات نووية أو حتى اشد من ذلك !

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/كانون الأول/2012 - 20/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م