بودي ان ابتعد عن مفاهيم القانون والأمن وأوصم بعض الساسة بدل
المرتشي أو المختلس أو السارق أو لص لأنها مفردات استهلكت بقدر سماعنا
لها ولا نهتم بها ولكني آليت على نعتهم (بالحرامية) وهي أعمق واشمل
وأوضح لأنهم لا يخجلوا من هذه العبارات ولاسيما تاريخنا الجنائي يؤكد
ان بلادنا يطلقون عليها (بلد علي بابا والأربعين حرامي) مع تقدم الزمن
والانفجار السكاني لابد من استبدالها (علي بابا والألف سياسي الحرامي)
والمؤلم ان تصنيف بلدنا(بالحرمنه) يتصدر القائمة الدولية ولم نخجل
ووضعونا بأسوأ البلدان ولم يخجلوا ساستنا الجدد.
ان أخطر الفضاءات التي تنتشر فيها الحرامية بعفاريتهم وتماسيحهم هي
الفضاءات السياسية، ونبدأ بمجالس المحافظات إذ يستعمل المرشح الرشوة من
أجل الوصول إلى المنصب السياسي، إلى درجة أن أكثر من 80 في المائة من
المسؤولين والبرلمانيين استعلموا الأموال من أجل شراء أصوات الناخبين
لانها تجارة رابحة، وهذه الآلية لا يمكن أن تنجح إلا بمساعدة مافيات
شراء العقود ……الخ من الأمور المعروفة لدى اغلب العراقيين، والتناقض
الصارخ أن تأتي الجريمة من السياسي الذي يعمل بالدولة، أي عندما يصبح
حاميها.. حراميها! والحديث هنا عن(السرقات الكبيرة) التي تقدر بملايين
الدولارات وأحيانا بالمليارات.
وسأتناول ما له علاقة بأمن المواطن والأمن الوطني:
الأولى فضيحة استيراد أجهزة الكشف عن المتفجرات وتسبب بذلك موت الاف
الأبرياء والنتيجة حكم على مدير المتفجرات (شالها لوحده) مصطلح لأرباب
السوابق والفاعلين الحقيقيين افلتوا من العقاب بالطبع (الكبار هم من
يفلتوا).
الثانية اكبر سرقه حكومية بتاريخ الإنسانية ما قدم عليه وزير
التجارة الناسك عبد الفلاح السوداني بسرقه سته مليارات دولار من قوت
الفقراء الأمن الغذائي للعائلة العراقية و(الناسك) المحكوم غيابيا مقيم
حاليا في لندن.
الثالثة فساد الصفقة الروسية المتعاقد عليها والفوضى بتوزيع
الاتهامات لا نعرف من سيسقط ومن سينجو وما علينا إلا أن نترقب شهر كي
نتعرف على أبطال الحلقة وكم مليون يساوي كل واحد منهم، لكن شيئا واحدا
مؤكد ان العراقيون يريدون من العدالة أن تعاقب من أهدروا أموالهم كي
يكونوا عبرة لغيرهم، أولئك الذين لم تمنعهم الملايين التي كانوا
«يلهفونها» في أموال الشعب، ولها علاقة وطيدة بأمنهم حيث الأسلحة
المتفق عليا (الخرده).
ونعرض نموذج للفوضى وتسويف للقضية هدف اللجان الموضحة أدناه ليس
الوصول للحقيقة بل الهدف من يتمكن من إسقاط خصومة في هذا الملف والقضاء
العراقي متفرج على هذه الفوضى في حين ان الموضوع برمته من اختصاص
القضاء العراقي لماذا ابعد منها او استبعد عنها.
1ـ يوم امس تم تشكيل(لجنتين) من قبل مجلس الوزراء للتحقيق في صفقة
السلاح.
2ـ اليوم شكل مجلس النواب لجنة أخرى تضم في عضويتها نواب عن لجنتي
النزاهة والأمن والدفاع وسترفع لجنة التحقيق النيابية نتائج تحقيقاتها
الى مجلس النواب للاطلاع عليها والتصويت عليها ثم إيصالها الى الحكومة
فيما سيكون عمل لجنة مجلس الوزراء منفصلا عن اللجنة النيابية.
تساؤلات مشروعه لماذا ثلاث لجان لقضية واحدة وما هي أهداف كل لجنة
وما هو دور القضاء العراقي؟
هل نعتبر أن السياسي الحرامي من أسباب التخلف الاجتماعي في العراق ؟
في الوقت الذي يعيش فيه مئات ألاف المواطنين في أحياء التنك، ويهاجر
المثقفين والطبقة الوسطى وآخرون إلى أوطان أقل قساوة، لو كان رئيس
الحكومة يوجه سبابته التي تعودنا عليها بخطابه إلى (حرامية) المال
العام في المؤسسات الحكومية لأحدث زلزالا سياسيا وازدادت شعبيته، بدلا
من الدخول بمعارك جانبيه لاجدوى منها وتسبب ويلات قادمة لبلدنا نتيجة
هذه التناحرات والمزايدات هدفها الدعاية الانتخابية وصراعات شخصية
والاستحواذ على المال العام.
الخلاصة
رغم خطورة الملفات وعلاقتها بالأمن بدأ المواطنون يفقدون الرجاء في
رؤية المفسدين أمام العدالة، ويعتقد المواطن بأن العدالة تحولت إلى
أداة للانتقام من الخصوم السياسيين وان الوزارات والإدارات أصبحت
إقطاعيات يديرها (سراكيل).
* عمان
riadhbahar@yahoo.com |