عقوبات إيران... التآكل من الداخل

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تصاعدت السخونة السياسية حول برنامج إيران النووي مع تزايد العقوبات الدولية على دولة إيران، مما يضعها إمام تحديات كبرى على أكثر من صعيد خاصة في الاونة الأخيرة، كون العقوبات الجديدة تعد من بين أشد الإجراءات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي ضد إيران حتى الآن، وتمثل تغييرا كبيرا في سياسته التي ظلت طويلا تركز على فرض قيود اقتصادية على أفراد وشركات إيرانية محددة، فقد أحدثت هذه العقوبات المتنامية أضرارا كبيرة باقتصاد الإيراني وخصوصا عندما تم إيقاف الصادرات والانتاج النفطي الذي يعتبر اكبر ثروة في البلاد، مما أدى الى انهيار العملة الإيرانية بسبب قلة العملة الصعبة وتباطؤ الاقتصاد وارتفاع البطالة، فضلا تدهور القطاع الصحي مؤخرا، حيث أعطى تدهور قيمة الريال الإيراني وعلامات على اضطرابات مدنية في طهران الأمل لصناع السياسة الغربيين في أن العقوبات الاقتصادية ربما بدأت تكون أكثر إيلاما، في المقابل أنحت إيران باللائمة في تراجع عملتها على ما تقول إنها مؤامرة خارجية،

وعلى ما يبدو بأن منظومة العقوبات المتجددة ستضع إيران لأعوام عديدة أمام صعوبات خطيرة في ظل الحصار الدولي، لكن بموازاة ذلك لاتزال روسيا والصين ترفضان العقوبات على إيران، كما تشكل كل من أفغانستان وتركيا متنفسا لهذه الدولة الآسيوية من خلال التعاملات الاقتصادية لتخفف من وطئ العقوبات الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وعليه فأن المعطيات آنفة الذكر تطرح العديد من التساؤلات والتكهنات حول مستقبل الدولة الإسلامية الإيرانية، لكن في الوقت الحاضر يبقى مصيرها معلقا بين الخروج من عنق الزجاجة بطريقة شبه مستحيلة أو ستواصل مسيرتها نحو حافة الانهيار.

أضرار كبيرة

فقد نقلت صحيفة ايران دايلي عن مسؤولة في القطاع الصحي ان نحو ستة ملايين شخص مصابين بامراض خطيرة، تؤثر فيهم العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على ايران على خلفية برنامجها النووي، وقالت فاطمة هاشمي المسؤولة عن مؤسسة الامراض الخطيرة التي تطاول على قولها نحو ستة ملايين ايراني، ان هذه العقوبات "اثرت في شكل خطير" في استيراد المنتجات الصيدلانية والمعدات الطبية الهادفة الى معالجة الامراض الخطيرة مثل السرطان والتصلب اللوحي والقصور الكلوي، واوضحت انه رغم ان العقوبات الغربية لا تشمل بيع ايران الادوية والمعدات الطبية، فان الحظر المصرفي ساهم في تعقيد عملية استيراد هذه المنتجات وضاعف كلفتها، ما تسبب ب"نقص" في بعض المجالات.

واضافت هاشمي "نشعر بنقص خصوصا في معالجة امراض السرطان والتصلب على انواعه، وايضا التلاسيميا وغسل الكلى"، وهي المرة الاولى يتحدث فيها مسؤول ايراني عن حجم تاثير العقوبات الدولية على القطاع الصحي في بلاده، وحتى الصيف الفائت، اعلن النظام الايراني ان العقوبات لا تؤثر الا في شكل محدود على البلاد، فيما اشارت وسائل الاعلام لماما الى ارتفاع اسعار الادوية، كما نقلت وكالة الانباء الطالبية عن مسؤول في شركة صيدلانية ايرانية هو محمد حسين حريري ان "اسعار الادوية المنتجة محليا ازدادت بنسبة تراوح بين 15 و20 في المئة خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة، فيما ازدادت اسعار الادوية المستوردة بما بين 20 و80 في المئة"، ونبه الى "اننا نواجه خطر ازمة ادوية في المستقبل القريب اذا لم يتصد المسؤولون لهذه المشكلة. بحسب فرانس برس.

وذكرت صحيفة ايران دايلي ان هاشمي وجهت في اب/اغسطس الفائت رسالة الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون طالبة فيها التدخل لدى الدول الغربية لضمان "رفع العقوبات ذات الطبيعة السياسية والتي تؤثر في شكل غير مقبول في المرضى" في ايران.

تظاهرات بسبب العقوبات

فيما تظاهر الف موظف من مجموعة "انتخاب" الصناعية الايرانية امام السفارة الكورية الجنوبية في طهران بعد الغاء شركة "دايوو الكترونيكس" عقد شراء وقع في 2010 بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران، ونظم التظاهرة موظفو الشركة الايرانية الخاصة للمطالبة بتسديد مبلغ بقيمة 53 مليون يورو دفعته مسبقا انتخاب لدايوو في 2011 بحسب ما قال المتحدث باسم المجموعة حميد غزناوي، وكانت انتخاب اشترت الشركة الكورية الجنوبية في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 بقيمة 397 مليون يورو، ودايوو الكترونيكس الفرع السابق لمجموعة دايوو، تخضع لعملية اعادة جدولة الديون منذ افلاس الشركة الام في 1999، وكانت عملية الشراء تمت بعدما شددت سيول في ايلول/سبتمبر 2010 عقوباتها الاقتصادية على ايران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.

وقال غزناوي "عندما ابلغونا بالغاء الاتفاق بسبب العقوبات طلبنا استرجاع المبلغ الذي دفعناه مسبقا. لكنهم يماطلون منذ 2011 ويؤكدون انهم لا يستطيعون تسديد المبلغ بسبب القيود المصرفية"، واكد مسؤول في السفارة الكورية الجنوبية انه سينقل طلب الشركة الى سلطات سيول، واضاف "سنعاود (التظاهر) في حال لم يلب طلبنا نظرا الى ان الموظفين الاربعة الاف (في المجموعة) تأثروا بالغاء العقد"، وتنتج انتخاب التي مقرها في محافظة اصفهان (وسط) ادوات منزلية كهربائية تحمل ماركتي سنوا وهاير.

تعكير الهدوء

من جهته اعلن المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي ان الغربيين يسعون الى "تعكير الهدوء" في ايران بممارسة ضغوط اقتصادية على الجمهورية الاسلامية، وفي كلمة متلفزة مباشرة القاها امام الاف الاشخاص قال خامنئي ان "على مسؤولي الحكومة والبرلمان والقضاء ان يكونوا متيقظين كي لا يتمكن الاعداء (الغربيون) من تعكير الهدوء في البلاد بمؤامراتهم"، واضاف ان "الاعداء سيخفقون في مواجهتهم الاقتصادية ضد الامة الايرانية، كما اخفقوا في المجالات الاخرى".

وقد اعلن آية الله خامنئي ان ايران قادرة على تجاوز العقوبات الاقتصادية "الوحشية" التي تفرضها عليها الدول الغربية بسبب برنامجها النووي، ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن وزير الخارجية الايراني قوله "ايران بلد كبير وبالتالي لا يمكن للعقوبات الدولية ان تؤثر على اقتصادنا"، وبعد ان نفى لفترة طويلة انعكاسات العقوبات الاقتصادية الغربية على ايران، عدل القادة الايرانيون هذا الصيف خطابهم واصبحوا ينددون بانتظام "بحرب اقتصادية" قالوا ان الغرب يشنها على ايران، غير ان كل المسؤولين الايرانيين ما زالوا يكررون ان طهران لن تخضع للعقوبات، ويشتبه الغرب في ان ايران تسعى لحيازة السلاح الذري تحت غطاء برنامج نووي مدني وهو ما تنفيه طهران.

اتفاق الاتحاد الأوروبي

على الصعيد نفسه اتفقت حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على فرض مزيد من العقوبات على قطاعات البنوك والشحن البحري والصناعة الإيرانية مشددة الضغط المالي على طهران لحملها على الدخول في مفاوضات جادة بشأن برنامجها النووي، ويبين قرار وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي تزايد دواعي القلق بشأن نوايا ايران النووية والتهديدات الاسرائيلية بمهاجمة المنشآت النووية الايرانية اذا لم تنجح العقوبات والعمل الدبلوماسي في الوصول الى حل سلمي، وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون انها تأمل ان يقنع تشديد الضغوط على ايران الجمهورية الاسلامية بتقديم تنازلات وان تستأنف المفاوضات "في القريب العاجل"، واضافت اشتون التي تمثل الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في محادثات متقطعة مع إيران "اعتقد جازمة بأن هناك مجالا للمفاوضات. وآمل أن نتمكن من تحقيق تقدم في القريب العاجل."

وتأخر الاتحاد الاوروبي بشكل عام عن الولايات المتحدة في قرارات الحظر التي تشمل قطاعات بأكملها حرصا على عدم تعريض المواطنين الايرانيين للمعاناة نتيجة الاجراءات التي تهدف الى التضييق على حكومتهم، وتقول ايران ان الغرض الوحيد لمشروعها النووي هو توليد الطاقة النووية السلمية ورفضت على مدى ثلاث جولات من المحادثات منذ ابريل نيسان الحد من تخصيب اليورانيوم الا بعد رفع العقوبات الاقتصادية الرئيسية.

لكن حكومات اوروبا والولايات المتحدة التي تشك في استعداد ايران لأي شيء يتجاوز تفويت الوقت عن طريق "محادثات بشان المحادثات" تشدد الضغوط المالية عليها وتتزايد المخاوف بشأن احتمالات اندلاع حرب في الشرق الاوسط، وكان وزير الخارجية الالماني جيدو فسترفيله اكثر تشاؤما من اشتون بشأن إمكان ان يدفع تشديد العقوبات الاقتصادية طهران الى تقديم تنازلات، وقال للصحفيين "ايران لا تزال تناور لكسب الوقت. نحن لا نرى استعدادا كافيا لإجراء محادثات جوهرية بشأن البرنامج النووي"، ودشن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حملة انتخابه لفترة ولاية جديدة بالقول ان اسرائيل لديها "قدرات" جديدة غير محددة للتحرك ضد التهديد النووي الايراني، ووقعت في وقت سابق أعمال شغب في طهران احتجاجا على انهيار الريال الذي فقد نحو ثلثي قيمته مقابل الدولار في الخمسة عشر شهرا الاخيرة مما اجج التضخم الذي يدور حاليا حول 25 في المئة، ومن بين الاجراءات الاوروبية الجديدة حظر التحويلات المالية باستثناء تلك المعنية بالمساعدات الانسانية ومشتريات الأغذية والأدوية ومخصصات التجارة المشروعة، وفي تغيير للسياسة الاوروبية القائمة سيتطلب الحظر من التجار الاوروبيين طلب تصريح من حكوماتهم حتى يمكنهم تمويل اي تعاملات في السلع المسموح بها. وكان النهج الاوروبي السابق هو السماح بالتجارة بشكل عام وحظر منتجات محددة.

وقال مارك دوبوويتز من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن "حظر الاتحاد الاوروبي للتعاملات المالية يحول الاوروبيين الى نهج اكثر كفاءة"، وستتعرض التجارة لمزيد من العراقيل جراء حظر جديد يمنع الحكومات الاوروبية من تقديم ضمانات قصيرة الاجل للتجارة وبوضع قيود اشد على التعاملات مع البنك المركزي الايراني، ومن الاجراءات الجديدة الاخرى فرض حظر على توريد الغاز الايراني الى اوروبا او تقديم اي تمويل او نقل لمبيعات الغاز بالاضافة الى حظر تصدير الجرافيت -المستخدم في صنع الصلب- والمعادن الى الجمهورية الاسلامية، وستمنع الشركات الاوروبية ايضا من توفير سفن تخزين او نقل النفط الخام او المنتجات البتروكيماوية الايرانية ومن دعم صناعة بناء السفن الايرانية.

وتقول الولايات المتحدة وحلفاؤها الاوروبيون ان ايران اهدرت حقها في التخصيب بإخفائها انشطة نووية حساسة عن مفتشي الامم المتحدة وعرقلة تحقيقهم في ابحاث يشتبه في انها تتعلق بصنع قنابل، ويعتقدون ايضا ان رفع العقوبات اولا سيزيل أي حافز يدفع ايران الى فتح مواقعها امام المفتشين والتوصل الى تسوية من خلال التفاوض بجدية، وكان آخر لقاء بين اشتون وكبير المفاوضين النووين الايرانيين سعيد جليلي في سبتمبر أيلول حين اجتمعا في اسطنبول في لقاء وصفه المتحدث باسمها بأنه "مفيد وبناء".

عقوبات إيران تؤثر على شعبها

من جهة أخرى قال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون في تقرير للجمعية العامة للمنظمة الدولية كشف النقاب عنه إن العقوبات الدولية على ايران لها تأثير "كبير" على الشعب الايراني وتضر فيما يبدو بالعمليات الإنسانية في البلاد.

وتراجعت العملة الإيرانية خلال العام الماضي وفقدت ثلث قيمتها خلال الأيام الماضية فقط مما أدى لاندلاع احتجاجات في الشوارع. ويقول مسؤولون أمريكيون وغربيون إن انهيار العملة ناتج عن مزيج من سوء الإدارة للاقتصاد إلى جانب العقوبات، وقال بان في التقرير إن "العقوبات المفروضة على جمهورية إيران الإسلامية لها تأثيرات كبيرة على السكان عموما بما في ذلك تصاعد معدل التضخم وارتفاع أسعار السلع الأولية والطاقة وزيادة معدل البطالة ونقص المواد الضرورية بما في ذلك الدواء"، وتعرضت ايران لأربع جولات من عقوبات مجلس الأمن الدولي بين عامي 2006 و 2010. وقالت الدول الغربية في البداية إن العقوبات ستضر الحكومة وليس الشعب الإيراني لكنها تعترف الآن بتأثيرها على نطاق أوسع، وتدعو بريطانيا وفرنسا وألمانيا لتشديد عقوبات الاتحاد الأوروبي لكن من غير المرجح تشديد عقوبات الأمم المتحدة بسبب رفض روسيا والصين. وتنتقد موسكو على نحو متكرر العقوبات الأحادية من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد طهران، وأيدت روسيا والصين على مضض الجولات الأربع من عقوبات الأمم المتحدة ضد ايران لكنهما عملتا بشدة على تخفيف الاجراءات خلال المفاوضات حول قرارات مجلس الأمن قبل اعتمادها.

وكتب بان جي مون في تقريره بشأن (وضع حقوق الانسان في جمهورية ايران الاسلامية) "تؤثر العقوبات أيضا فيما يبدو على العمليات الانسانية في البلاد"، وأضاف "حتى الشركات التي حصلت على الترخيص اللازم لاستيراد الغذاء والدواء تواجه صعوبات في العثور على بنوك في بلد ثالث لإجراء المعاملات. بحسب رويترز.

وأضاف بان أن عددا من جماعات المساعدات الإيرانية والنشطاء عبروا عن قلقهم من تضافر مشاكل التضخم وزيادة أسعار السلع والعقوبات لتفاقم كل منها الأخرى مما يترتب عليه "آثار واسعة المدى على السكان بشكل عام"، وبدأ الاتحاد الأوروبي مناقشة إمكانية فرض حظر تجاري واسع على إيران يتجاوز القيود المفروضة حاليا والتي تشمل قطاعات الطاقة والتجارة والمال. لكن بعض الدول تخشى أن تؤدي الاجراءات القاسية إلى نتائج عكسية وتحشد الناس وراء القادة الإيرانيين، ولوحت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بإمكانية تخفيف العقوبات عن إيران سريعا إذا عملت مع القوى الكبرى للرد على تساؤلات بشأن برنامجها النووي.

تهديد بقاء النظام

من جانب آخر رأى وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند في مقابلة لصحيفة "الاوبسرفر" ان العقوبات الدولية على المشاريع النووية "الجنونية" لايران يجب ان تهدد بقاء النظام بامل اخضاع طهران، وقال هاموند في الحديث "الشيء الوحيد الذي يمكن ان يزعزع نظام طهران هو اذا رأى او شعر بتهديد على بقائه"، واضاف "اذا ترجم وقع الضغوط الاقتصادية باضطرابات وتظاهرات في شوارع طهران تهدد النظام عندها سيغير موقفه" مؤكدا ان تغيير النظام ليس هدف العقوبات، وتابع ان النظام الايراني "بدأ يتشتت" حول مسألة برنامجه النووي، وكان هاموند يتحدث في اجتماع لوزراء الخارجية الاوروبيين في لوكسمبورغ يتوقع ان تطالب خلاله فرنسا والمانيا وبريطانيا بتشديد العقوبات الاوروبية المفروضة على ايران في مجالي الطاقة والمال، وقال الوزير البريطاني "يمكننا زيادة حجم المعاناة. لا احد يرغب في جعل الشعب الايراني يتألم لكن علينا ان نضع حدا لهذا المشروع الجنوني بانتاج قنبلة نووية"، وخسرت العملة الايرانية في اسبوع 40% من قيمتها امام العملات الاخرى الاساسية بسبب نقص حاد في العملات الاجنبية يحول دون دعم البنك المركزي الايراني للريال، ويعود هذا النقص الى العقوبات الدولية المعززة بعقوبات نفطية ومصرفية اميركية واوروبية، وشهدت طهران تظاهرات تحولت احيانا الى مواجهات مع قوات الامن. بحسب فرانس برس.

ذهب تركيا

على صعيد مختلف صدرت تركيا ما قيمته 1.2 مليار دولار من الذهب إلى إيران خلال العام الذي انتهى في أبريل/ نيسان الماضي، بقفزة بلغت نسبتها 438.2 في المائة عن الكميات التي صدرتها خلال الفترة ذاتها من العام الذي سبقه، لتكون بذلك بمواجهة مع الإدارة الأمريكية، التي شددت على أنها ستعاقب من يساعد الحكومة الإيرانية، وقال أحد المتحدثين باسم وزارة المالية الأمريكية : "بنهاية يوليو/ تموز الماضي، أمر الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بفرض عقوبات على أي جهة تقدم مساعدات لحكومة إيران سواء من خلال تسهيل حصولها على الدولار الأمريكي أو المعادن النفيسة، بما فيها الذهب،" الأمر الذي يضع الحكومة التركية على مفترق طرق مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر أحد الحلفاء المقربين للبلاد، ورفض المتحدث، الذي فضل عدم ذكر اسمه، التعليق على أي تحقيقات أو إجراءات من الممكن أن تكون جارية حاليا بخصوص هذا الموضوع.

وأثار هذا الأمر حفيظة عدد من الأوساط المحلية والعالمية، الأمر الذي استدعى نائب رئيس الوزراء التركي، علي باباكان، إلى تفسير هذا الأمر أمام لجنة برلمانية عقدت في وقت سابق، أكد فيها على أن هذه المبالغ المالية تأتي على خلفية مبادلة النفط الإيراني بالذهب التركي، وفسر باباكان أن إيران لا يمكنها قبول الليرة التركية كعملة لشراء نفطها، ولا يمكنها تحويل العملة إلى الدولار بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، الأمر الذي يضطرها إلى شراء الذهب التركي باستخدام العملة التركية المأخوذة كسعر للنفط ومن ثم تحويل هذه الكميات من الذهب إلى أراضيها. بحسب لـCNN.

وقالت المحللة الاقتصادية من مركز "غلوبال سورس" التركي، أتيلا يسيلادا: "تعتبر تركيا الفجوة الكبيرة والمنفذ الذي تجد فيه إيران متنفسا لها من وطئ العقوبات الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا"، وأضافت المحللة "لم تلتفت إيران إلى الذهب الموجود بالأسواق التركية في السابق، ولكن طردها من منظومة 'سويفت' البنكية العالمية، أجبرها للبحث عن بدائل مقابل بيع نفطها، حيث وجدت الذهب التركي الأمثل في مثل هذه الظروف"، وعلى الجانب الآخر ازدادت التساؤلات والتكهنات حول الطريقة التي تتم فيها نقل هذه الكميات الكبيرة من الذهب الى إيران، الأمر الذي ألقى الضوء على الإمارات العربية المتحدة، حيث أشارت الأرقام الرسمية للحكومة التركية والصادرة عن شهر اغسطس/ آب الماضي، إلى أن دولة الإمارات تمكنت من تصدر قائمة أكثر الدول استيراداً للبضائع التركية لتأخذ بذلك مكان إيران، وبينت هذه الأرقام أن أبرز الصادرات التركية إلى الإمارات كان الذهب، وبقيمة 1.9 مليار دولار خلال شهر أغسطس/ آب فقط، الأمر الذي يمكن ربطه مع كون إمارة دبي تعتبر أكبر البوابات الاقتصادية لإيران.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/كانون الأول/2012 - 19/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م