الانتخابات الكويتية... معركة كسر عظم!

 

شبكة النبأ: انتهت الانتخابات النيابية في دولة الكويت التي شهدت في الفترة السابقة العديد من الأزمات السياسية بسبب الخلاف المتواصل والمستمر بين الحكومة وأطراف المعارضة التي سعت وتسعى الى تصعيد و رفض العديد من القرارات بما فيها قرار الانتخابات الأخيرة التي دعت الى مقاطعتها بسبب اعتراضها على قرار تعديل نظام الدوائر الانتخابية، وتشير بعض النتائج الى ان نسبة المشاركة في هذه الانتخابات كان اقل النسب وهو ما قد يريح أطراف المعارضة ويجعلها أكثر قوة وإصرار على المضي بمطالباتها بحسب بعض المراقبين الذين أكدوا ان الفترة المقبلة ستكون فترة صعبة وخطيرة في تاريخ الكويت، وأظهرت بيانات حكومية أن نسبة المشاركة في انتخابات مجلس الامة بلغت 38.6 في المئة وهي أقل نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات الكويتية التي بدأت في سنة 1962. وطبقا للبيانات التي نشرتها وزارة الإعلام على موقع انتخابات مجلس الأمة 2012 فإن عدد المشاركين في الانتخابات بلغ 163301 ناخب في حين كان عدد الناخبين المقيدين في جداول الانتخابات 422569 ناخبا.

ومثلت المشاركة في هذه الانتخابات تحديا كبيرا للحكومة بسبب الدعوات التي اطلقتها المعارضة لمقاطعة الانتخابات اعتراضا على تعديل نظام الدوائر الانتخابية. ومن المقرر أن تعلن اللجنة العليا للانتخابات عن النتائج الرسمية النهائية لنسب المشاركة في وقت لاحق. وكانت نسب المشاركة تتراوح في الانتخابات السابقة بين 60 و80 في المئة. ويقول المعارضون إن نسبة الإقبال على الاقتراع هذا العام أقل مما أعلنته الحكومة.

وأدلى الكويتيون بأصواتهم في انتخابات مثيرة للانقسام اجريت في ظل قواعد تصويت جديدة اثارت مقاطعة للانتخابات من جانب المعارضة واحتجاجات شعبية. وهذه هي ثاني انتخابات تجرى في الكويت هذا العام حيث انهار عدد من البرلمانات تحت وطأة صراع السلطة بين النواب المنتخبين والحكومة. وخرج عشرات الآلاف من المحتجين في مسيرة بالكويت لحث الناخبين على مقاطعة الانتخابات احتجاجا على تغيير قواعد التصويت التي يقولون إنها ستحول دفة الانتخابات لصالح المرشحين الموالين للحكومة.

واستخدم الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح صلاحياته في أكتوبر تشرين الأول لتقليص عدد النواب الذين يختارهم الناخب من أربعة إلى واحد فقط قائلا إن من شأن هذا التغيير اصلاح نظام معيب وحماية الأمن والاستقرار. وتقول المعارضة ان النظام الجديد سيحول دون فوز مرشيحها بالأغلبية التي حصلوا عليها في الانتخابات السابقة. وفي الماضي كان مرشحو المعارضة يطالبون أنصارهم بالتصويت لصالح حلفائهم. ويقولون إن مثل هذه التحالفات غير الرسمية مسألة ضرورية في بلد يحظر تشكيل الأحزاب السياسية.

وقالت دلال العبود (28 عاما) الموظفة بإحدى الوزارات في مركز تصويت للسيدات بحي راق على اطراف مدينة الكويت "النظام القديم كان غير عادل بالنسبة للمواطنين في بعض مناطق الكويت. اعتقد انه سيكون من الافضل ان يجربوا هذه الطريقة الجديدة وحينها نحكم ما اذا كانت عادلة ام لا."

ويحق لنحو 423 الف كويتي الادلاء بأصواتهم لاختيار اعضاء البرلمان الخمسين. وقال التلفزيون الرسمي ان المسؤولين في مراكز الاقتراع في العديد من المناطق قالوا ان نسبة الاقبال بدت اضعف من المعتاد. وقال وزير الاعلام الشيخ محمد المبارك الصباح انه كانت هناك نسبة اقبال مهمة وايجابية في المنطقة الثانية التي تضم العاصمة ومناطق قريبة منها. ويتوقع ان تهيمن المعارضة على التصويت في المناطق الاكثر فقرا والأبعد عن العاصمة.

وقرب مركز اقتراع في جنوب البلاد حيث شارك مرشحون قبليون بقوة في الانتخابات في الماضي قال احمد العازمي انه لن يصوت لان قبيلته قاطعت الانتخابات. واضاف ان البرلمان الجديد سيستمر شهرا واحدا فقط . وقال ان اي مجلس امة بلا معارضة عدم الجدوى. وبلغت نسبة الإقبال في اخر ثلاثة انتخابات نحو 60 في المئة. ولدى الكويت أكثر النظم السياسية انفتاحا بين دول الخليج العربية ويملك البرلمان الكويت سلطات تشريعية ويتمتع بالقدرة على استجواب الوزراء. ولكن عائلة الصباح التي ينتمي إليها أمير البلاد تتولى المناصب الرئيسية في مجلس الوزراء وللشيخ صباح الكلمة الأخيرة في أمور الدولة.

وقال وزير الداخلية الشيخ احمد الحمود الصباح ان "سمو امير البلاد هو المسؤول عن البلد وهو خير من يعلم بشؤون استقرارها." وأضاف "ان الكويت كانت ولازالت سباقة وستبقى الشعلة في الوطن العربي" فيما يتعلق في شفافية ونزاهة الانتخابات." وقالت الأستاذة الجامعية علياء شعيب ان النساء اللائي حصلن على حق التصويت في 2005 لا يزلن يجدن عملية التصويت تجربة جديدة. واضافت "اعتقد ان من واجبي كامرأة وكمواطنة كويتية ان أدلي بصوتي."

وأضافت المرأة البالغة من العمر 45 عاما "الامر لا يزال جديدا بالنسبة لنا كنساء. انها لمتعة ان انهض وارتدي ملابسي واحصل على اوراق التصويت واصوت. الامر مثير. اعتقد ان على كل شخص ان يصوت ويضع الاشخاص المناسبين في البرلمان. نريد الاشخاص المتعلمين الافضل. نريد اشخاصا لديهم شرعية ويتسمون بالأخلاق." وتوجد 14 مرشحة من بين 302 مرشح. ولم يضم البرلمان الاخير اي نائبات. بحسب رويترز.

وحصل نواب المعارضة على نحو ثلثي عدد المقاعد في مجلس الامة التي يبلغ عددها 50 مقعدا في فبراير شباط وشكلوا كتلة ضغطت على الحكومة مما أجبر وزيرين على الاستقالة. وحل ذلك البرلمان بعد حكم قضائي في يونيو حزيران في احدث مرحلة من مواجهة سياسية عطلت برامج الاستثمار وجمدت الاصلاحات في البلاد.

صعود الشيعة

وحصل الشيعة الذين يشكلون حوالى ثلاثين بالمئة من سكان الكويت البالغ عددهم 1,2 مليون نسمة، على 17 من اصل خمسين مقعدا في مجلس الامة، بحسب النتائج التي اعلنتها اللجنة الانتخابية الوطنية. وقد تمثل الشيعة بتسعة نواب فقط في المجلس الذي انتخب عام 2009، وسبعة في المجلس المنتخب في شباط/فبراير الماضي. وانتخبت ثلاث نساء في البرلمان الجديد بدلا من اربع في المجلس المنتخب في 2009. وتعكس حقيقة ضم المجلس الجديد حوالى ثلاثين من الوجوه الجديدة المقاطعة الواسعة من جانب النواب السابقين الذين يقودون المعارضة.

اما الاسلاميون السنة الذين قاطعوا الانتخابات في شكل كبير ففازوا باربعة مقاعد مقابل 23 مقعدا في المجلس السابق الذي انتخب في شباط/فبراير. وكان شيوخ القبائل الرئيسية دعوا الى المقاطعة على غرار ما فعلته المعارضة الاسلامية والليبرالية والقومية، وذلك اعتراضا على تعديل قانون الانتخابات الذي بات ينص على اختيار الناخب مرشحا واحدا بدلا من اربعة كما كان يجري سابقا.

واشاد المعارضون بالمقاطعة ووصفوا الانتخابات بانها "غير دستورية". وقال النائب السابق المعارض خالد السلطان في ختام اجتماع للمعارضة عقب انتهاء علميات التصويت ان "نسبة المشاركة لم تتجاوز 26,7 في المئة".

وفي المقابل، افادت وزارة الاعلام على موقعها الالكتروني ان نسبة المشاركة بلغت 38,8 في المئة. ولم تصدر اللجنة الوطنية الانتخابية اي بيان حول ذلك.

واعتبرت المعارضة ان دعوتها الى المقاطعة نجحت اذ ان معظم الناخبين لزموا بيوتهم، ووصفت الاقتراع "بغير الدستوري". وقال احمد السعدون احد زعماء المعارضة ان "الانتخابات غير دستورية" في حين دعا نواب معارضون امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الصباح الى الغاء تعديل قانون الانتخابات.

من جهتها، رات اللجنة الشعبية للمقاطعة ان مجلس الامة الجديد "لا يمثل غالبية الشعب الكويتي كما انه فاقد للشرعية الشعبية والسياسية" مشيرة الى ان اي قانون يصدره سيكون غير شرعي.

بدوره، اعتبر المحلل السياسي احمد العجمي ان المجلس الجديد لن يستمر طويلا محذرا من تصاعد التوتر. وقال "اعتقد ان الانتخابات مؤشر على مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي (...) لان المجلس الجديد لا يمثل بشكل صادق الشعب الكويتي". واضاف ان القبائل الرئيسة الثلاث العوازم ومطير والعجمان البالغ تعدادها 400 الف نسمة كانت الخاسر الاكبر مع نائب واحد في المجلس الجديد في حين كان لديها 17 في المجالس السابقة.

ووفقا للقانون، يتعين على الحكومة الحالية تقديم استقالتها من اجل تشكيل اخرى قبل ان يعقد مجلس الامة الجديد جلسته الاولى بحلول اسبوعين.

مظاهرات واحتجاجات

ويذكر ان آلاف المعارضين الكويتيين قد نظموا مظاهرة للاحتجاج على مرسوم أمير دولة الكويت بتعديل قانون الانتخابات وكذلك للمطالبة بمقاطعة الانتخابات. وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية الـ "بي بي سي" إلى أنه شارك في المسيرة أعداد غفيرة من الكويتيين، وعلى عكس المسيرتين السابقتين لم تشهد هذه المسيرة اشتباكات مع رجال الأمن لأن القائمين على المسيرة كانوا قد حصلوا على تصريح مسبق من السلطات الكويتية.

وكانت المعارضة الكويتية دعت إلى المشاركة في المظاهرات، وإلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية. ونظمت المعارضة الكويتية هذه التظاهرات احتجاجاً على التعديلات التي اجريت على قواعد تصويت الناخبين. وقام امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح باستخدام قانون الطورائ في تشرين الاول/اكتوبر لتعديل القانون الانتخابي، وبموجب هذا التعديل، بات على الناخبين اقتراع مرشح واحد بدلاً من اربعة.

 وكانت المعارضة الكويتية حققت فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية الاخيرة التي نظمت في شباط/فبراير الماضي، إلا ان المحكمة الدستورية ألغت هذه الانتخابات في حزيران/يونيو واعادت البرلمان المنتخب في 2009 والذي كان يسيطر عليه الموالون للحكومة. وتحظى المعارضة بتأييد العديد من الشباب الذين ينظمون العديد من التظاهرات الاحتجاجية في البلاد.

ورأى معارضون أن عجلة التصويت سارت ببطء شديد في مقار التصويت عاكسة استجابة كبيرة من جانب الناخبين لحالة المقاطعة التي تعيشها الأغلبية الساحقة من الشعب مع الصناديق الانتخابية للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات في الكويت منذ انتخابات المجلس الوطني عام 1990.

واستغرب النائب السابق مسلم البراك من قيام بعض الأطراف بالاتصال بأفراد الأسرة الحاكمة وطلب الحضور للإدلاء بأصواتهم رغم أحقيتهم بالتصويت حالهم كحال أفراد الشعب، علما بأنهم في السابق لم يكن لهم حضور يذكر. وذكر البراك للجزيرة نت أن المعارضة شكلت مقار في كل دائرة لمتابعة نشاط المقاطعة الشعبية للانتخابات البرلمانية, معتبرا أن المقاطعة نجحت، وهو ما يشعرنا بالفخر للشعب الذي انتصر لدستوره ولكرامته، على حد تعبيره.

ورأى البراك أن الحكومة مارست ضغوطا على أفراد من الحرس الوطني للحضور لمقار الانتخابات لإجبارهم على الحضور والإدلاء بأصواتهم للمساعدة على رفع نسب المشاركة الشعبية، وهو ما يعني تزويرا غير مباشر للنتائج. وأضاف البراك أن الحكومة قادت الحملة الإعلامية التي بدأت منذ شهر ونشطت إلى حد كبير في الآونة الأخيرة لحث المواطنين على التصويت وإقناعهم بالإدلاء بأصواتهم والذهاب لمقار اللجان الانتخابية.

في المقابل قال الناشط السياسي عبد الله زمان إن دعوات نواب المعارضة للمقاطعة قد فشلت بشقيها ترشحا وانتخابا, فعلى مستوى الترشيح كان الإقبال على الترشح كبيرا في هذه الانتخابات حيث بلغ عدد المرشحين أكثر من 300, وعلى مستوى الناخبين كان الحضور لمقار الاقتراع جيدا بعكس ما تروج له قوى المعارضة. وعن توقعاته لنسب الحضور قال زمان إن نسب الحضور ستكون أكثر من 40% من إجمالي عدد الناخبين.

وكان وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود قد أكد في وقت سابق أثناء تفقده لسير العملية الانتخابية في إحدى الدوائر الانتخابية أن الحكومة حريصة في ما يتعلق بنزاهة الانتخابات، وعلى عدم التأثير في نتائجها. وأن النتائج سيعلن عنها فور انتهاء عملية التصويت.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/كانون الأول/2012 - 19/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م