سلفيو تونس... صراعات حامية وعنف مستطير

 

شبكة النبأ: منذ انتهاء الثورة الشعبية تشهد بلاد الياسمين صدامات وصراعات متتالية بين السلفيين والعلمانيين، فقد أدت هذه النزاعات الى موجة كبيرة من التصعيد الأمني والسياسي والاجتماعي، مما اثار جدلا واسعا داخل نسيج المجتمع التونسي خلال الاونة الاخيرة، كما تشير تلك الصدامات إلى تلاشي روح الوطنية الجامعة التي تجلت في الاونة الاولى لثورة الياسمين، وكذلك بروز الجماعات السلفية التي تستغل مناخ الحريات للعبث بالأمن وإشاعة الشغب. ولعل اخطر ما سجل بعد مهاجمة السفارة الامريكية بتونس، مما يزيد من التوتر في تونس مهد الربيع العربي، حيث بات الصراع حول مكانة الدين في المجتمع والسياسة من الموضوعات المثيرة للانقسام بعد الثورة في تونس التي كان يُنظر اليها لعقود على انها أكثر البلدان العربية علمانية.

إذ يرى المحللون بأن موجة العنف الأخيرة في البلاد سببها ثلاثة عوامل اجتماعية وأمنية وإيديولوجية، حيث ان العامل الاجتماعي يتمثل في ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل والمهمشين الذين باتوا مخزونا للسلفيين، والأمني يتمثل في عدم قدرة الحكومة على معالجة الاضطرابات الأمنية خاصة في المناطق الفقيرة، والإيديولوجي يتمثل في عدم توصل السلطات الى تحديد انموذج المجتمع الذي تريده لتونس الجديدة وتذبذبها بين أنموذج إسلام معتدل لديموقراطية حديثة وإسلام محافظ معاد للحداثة، وإلى هذه الأسباب الثلاثة آنفة الذكر، يضيف مهتمون بالشأن التونسي عاملا رابعا هو عدم قدرة المعارضة اليسارية التي تمزقها الانقسامات على الدفاع عن أنموذجها المجتمعي الليبيرالي. وغالبا ما تواجه هذه المعارضة اتهامات عنيفة عند تركيزها على مسائل تتعلق بالهوية والدين، وبحسب بعض المراقبين أن سلفيي تونس استفادوا من حالة عدم الاستقرار الاجتماعي والامني في البلاد، ليلعبوا دورا اكبر في تونس الجديدة وهو ما يزعج النخبة العلمانية التي تخشى من قيامهم بفرض رؤيتهم مما يؤدي في النهاية الى تقويض الديمقراطية الوليدة في البلاد.

التبرؤ من الحكومة

فقد دعا أحد شيوخ التيار السلفي الجهادي، التونسيين الى "التبرؤ" من الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية و"مقاطعتها وعدم المشاركة في أي عمل من أعمالها" وذلك بعد وفاة شابين سلفيين متهمين بمهاجمة السفارة الامريكية بتونس، إثر اضرابهما عن الطعام لأكثر من 50 يوما داخل السجن، كما دعا الى تطبيق احكام الشريعة الاسلامية و"رفض غيرها من الشرائع"، وقال الشيخ خميس الماجري في مؤتمر صحافي بجامع الحرم الجامعي في العاصمة تونس إن بشير القلي (23 عاما) ومحمد البختي (28 عاما) "قتلا ولم يموتا بسبب اضراب الجوع" جراء ما أسماه "إهمال الدولة وتخاذلها عن انقاذهما" خلال فترة اضرابهما عن الطعام داخل سجن المرناقية قرب تونس العاصمة.

واضاف ان وفاتهما ستبقى "وصمة عار في جبين الحكومة والمعارضة والاعلام والحقوقيين والشعب التونسي"، على حد قوله، وذكر خميس الماجري أن الحكومة التي تقودها حركة النهضة قتلت منذ توليها الحكم 11 سلفيا (9 قضوا برصاص الامن، و2 جراء اضراب عن الطعام داخل السجن)، وفي 14 أيلول/سبتمبر 2012 قتل اربعة متظاهرين خلال مواجهات مع مئات من الاسلاميين الذين هاجموا مقر السفارة الامريكية في العاصمة تونس احتجاجا على فيلم مسيء للاسلام انتج في الولايات المتحدة الاميركية، وبعد مهاجمة السفارة، باشرت الشرطة حملة اعتقالات في صفوف السلفيين الجهاديين الذين دخل عشرات منهم في اضرابات عن الطعام داخل السجن للمطالبة باطلاق سراحهم أو تسريع محاكمتهم، ودعا خميس الماجري التونسيين الى "نصرة الاسلام والتحاكم بالشريعة (الاسلامية) التامة ورفض التحاكم بغيرها من الشرائع" معتبرا ان "الشعب ثار استجابة لحركة المجاهدين في العالم"، وتابع أن "الغرب الماكر التف على الثورة وسلم السلطة (في تونس) الى الاخوان المسلمين"، ودعا الماجري الشعب التونسي الى "التبرؤ من الحكومة ومقاطعتها وعدم مشاركتها في اي عمل من اعمالها حتى تتوب الى ربها (..) وتحكم شرع الله"، كما قال، واضاف انه ليس هناك اليوم "مساجين سياسيون" في السجون التونسية باستثناء "السلفيين" مطالبا السلطات باطلاق سراحهم ووقف التتبعات القضائية بحقهم بما في ذلك "أبو عياض" زعيم تنظيم "أنصار الشريعة" السلفي الجهادي المقرب من تنظيم القاعدة، الهارب من الشرطة منذ مهاجة السفارة الامريكية. بحسب فرانس برس.

وفي 16 تشرين اثاني/نوفمبر 2012، أعلنت وزارة العدل في احصائيات تنشر لاول مرة ان القضاء التونسي يلاحق 450 سلفيا في 59 قضية بينها قضية مهاجمة السفارة الاميركية وأوضحت ان 178 من هؤلاء بحالة ايقاف و149 بحالة سراح و123 بحالة فرار، ويلاحق هؤلاء للاشتباه في تورطهم في مواجهات مسلحة جرت مطلع شباط/فبراير 2012 قرب بلدة "بئر علي بن خليفة" بولاية صفاقس (وسط شرق) بين الجيش والامن التونسيين ومجموعة مرتبطة بتنظيم القاعدة، وفي اعمال عنف وتخريب قادها سلفيون يومي 11 و12 حزيران/يونيو 2012 بثمانية ولايات احتجاجا على معرض للفن التشكيلي قالوا انه تضمن لوحات مسيئة للاسلام وفي مهاجمة السفارة الامريكية.

شيطنة" السلفيين

من جهته قال راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة الاسلامي التونسي في مقابلة صحافية انه اذا تمت "شيطنة" السلفيين في تونس فان ذلك سيؤدي الى وصولهم الى الحكم في غضون "عشر او خمس عشرة سنة"، واضاف الغنوشي "يجب تفادي خطاب عدو الداخل". وكان رئيس النهضة تعرض لنقد واسع بعد بث فيديو مقابلة له على الانترنت بدا فيها متصالحا مع قيادات سلفية تونسية، وتابع "اذا مضينا في شيطنة السلفيين فانهم سيكونون في السلطة في غضون عشر الى 15 سنة"، ومضى يقول "ولذلك فاننا نتحدث اليهم باعتبارهم مواطنين وليس باعتبارهم اعداء"، وفي شريط الفيديو الذي حوى مقابلة تمت في شباط/فبراير 2012 لكن تناقلتها مواقع الانترنت بكثرة فجأة قبل ايام، طلب الغنوشي من السلفيين التعقل لتثبيت حكم الاسلاميين في مواجهة العلمانيين الذين قال انهم لا يزالون يتحكمون في وسائل الاعلام ومؤسسات الدولة، وقال الغنوشي في الشريط "صحيح ان الفئات العلمانية في هذه البلاد لم تحصل على الاغلبية" في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وفازت فيها حركة النهضة، لكن "الاعلام والاقتصاد والادارة التونسية بيدهم (..) بيدهم الجيش، الجيش ليس مضمونا، والشرطة ليست مضمونة (..) اركان الدولة ما زالت بيدهم".

وحذر مخاطبيه من السلفيين من سيناريو جزائري في تونس وقال ان "النخبة العلمانية في تونس أقوى منها في الجزائر، والاسلام الجزائري اقوى من الاسلام التونسي ومع ذلك تم التراجع (في الجزائر)"، ومضى يقول "انظروا المؤامرات التي حولنا، كلهم (العلمانيون) يتجمعون (..) ضد الاسلام، ضدنا". بحسب فرانس برس.

 وبعيد بث الفيديو قال حزب النهضة ان ما قاله الغنوشي تم التلاعب به واجتزاؤه وتركيبه لاخراجه من سياقه، وردا على سؤال لوموند عن الموضوع قال الغنوشي "لا شيء (في الفيديو) ضد حقوق الانسان ولا شيء عن دعوة مزعومة لانقلاب او للتراجع بشأن المساواة بين الرجل والمراة"، واضاف متهما "ارادت المعارضة ان تجعل من الامر فضيحة بهدف التاثير على الراي العام التونسي والراي العام الغربي لضرب فكرة التفريق بين اسلام معتدل واسلام متشدد"، وكان بعض احزاب المعارضة التونسية وصف الفيديو بانه "بالغ الخطورة" ويجسد "ازدواجية الخطاب عند النهضة"، ووقع 75 نائبا من المعارضة (من 217) عريضة طالبوا فيها بحل حزب النهضة، وتتهم الحكومة التي تقودها النهضة بالتراخي تجاه السلفيين رغم ان الغنوشي كان وصف السلفيين "الجهاديين" بانهم "خطر" داعيا الى الحزم في مواجهتهم وذلك في خضم الهجوم على السفارة الاميركية بتونس في 14 ايلول/سبتمبر الماضي.           

زعيم انصار الشريعة

من جهة أخرى هاجم ابو عياض زعيم جماعة انصار الشريعة في تونس المقربة من القاعدة الحكومة الاسلامية في البلاد واصفا اياها بانها عميلة للغرب ودعاها الى الافراج فورا عن السلفيين الذين اعتقلوا بعد الهجوم على مقر السفارة الامريكية، وجاء تحدي القيادي سيف الله بن حسين المعروف باسم ابو عياض الذي تلاحقه الحكومة بتهمة التحريض على مهاجمة السفارة الامريكية في وقت تحتفل فيه الحكومة التي تقودها حركة النهضة بالذكرى الاول لوصولها للسلطة بعد احتجاجات شعبية اطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، وهاجم الاف السلفيين السفارة الأمريكية بعد عرض فيلم مسيء للاسلام انتج في الولايات المتحدة مما أدى إلى سقوط اربعة قتلى على الاقل. وبعد الهجوم اعتقلت السلطات 144 شخصا من بينهم ابو ايوب وحسن بن بريك وهما قياديان بارزان في تنظيم انصار الشريعة، وحاصرت قوات الامن مسجدا بوسط العاصمة للقبض على ابو عياض لكنه فر وسط حماية من انصاره، وقال ابو عياض في تسجيل فيديو نشر على مواقع اسلامية "هذه الحكومة المؤقتة ظالمة اثرت الارتماء في احضان الغرب الكافر وخاصة امريكا وفرنسا.. ليست الحكومة التي تحكم بل هي امريكا"، وتقود حركة النهضة الاسلامية مع حزبين علمانيين هما المؤتمر والتكتل الحكومة. بحسب فرانس برس.

وفي التسجيل الذي حمل أعنف هجوم تشنه أنصار الشريعة على الحكومة قال أبو عياض "الحكومة تدعي الانتساب للاسلام وهي ابعد عن الاسلام"، وطالب أبو عياض الحكومة باطلاق سراح المعتقلين السلفيين، وقال "طلبي اليكم تصحيح مواقفكم تجاه شباننا وان تخلوا السجون من شبابنا الذي يعاني ظلمكم وقهركم ليقضوا العيد مع عائلاتهم"، واضاف مهاجما حركة النهضة وتحالفها مع العلمانيين "الله بدأ يريكم بوادر الذلة.. الكل يستغفلكم ويحتقركم وأثبتم انبطاحا عجيبا.. رضختم لخصوكم بنظام رئاسي وليس برلماني مثل كنتم ترغبون"، ووجه ابو عياض سهام نقده الى الرئيس المنصف المرزوقي الذي وصف السلفيين بأنهم جراثيم، وقال المرزوقي ان السلفيين أقلية عددهم لا يتجاوز ثلاثة الاف ووصفهم بالجراثيم، ووصف أبو عياض الرئيس التونسي بأنه "معتوه لا يتحكم في نفسه وهو بيدق يحركة الغرب كما يشاء"، وتعهد بأن لا يحكم تونس علمانيون مسميا حزب نداء تونس العلماني الذي يقوده رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي وقال "هؤلاء حاربوا ويحاربون الشعب في دينه.. لن يحكموننا الا على جثثنا".

مهاجمة السفارة الامريكية

في حين أصدرت محكمة تونسية حكما بالسجن عاما نافذا ضد قيادي في تنظيم سلفي جهادي مقرب من تنظيم القاعدة، بتهمة "التحريض" على مهاجمة السفارة الامريكية في تونس في أيلول/سبتمبر الفائت خلال احتجاجات على فيلم مسيء للاسلام انتج في الولايات المتحدة، وقال المحامي رفيق الغاق ان محكمة تونس الابتدائية قضت بسجن سليم القنطري (31 عاما) المعروف باسم "أبو أيوب" سنة نافذة بموجب الفصلين 50 و51 من المرسوم 115 المتعلق ب"حرية الصحافة والطباعة والنشر" والفصل 70 من "المجلة الجزائية" (الجنائية)، ويعاقب الفصلان 50 و51 من المرسوم 115 المتعلق ب"حرية الصحافة والطباعة والنشر" بالسجن لفترات تتراوح بين سنة و5 سنوات "كل من يحرض مباشرة (..) بواسطة أي وسيلة من وسائل الاعلام السمعي البصري أو الالكتروني" على "ارتكاب جرائم القتل أو الاعتداء على الحرمة الجسدية للانسان (..) أو النهب وذلك إذا لم يكن التحريض متبوعا بمفعول (تنفيذ)"، ويعاقب الفصل 70 من المجلة الجزائية (الجنائية) التونسية كل من "يبدري رأيا لتكوين مؤامرة بقصد ارتكاب أحد الاعتداءات ضد أمن الدولة الداخلي (..) بالسجن مدة عامين"، وفي 17 تشرين الاول/أكتوبر الماضي أعلنت الحكومة التونسية أن الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي تقوده حركة النهضة الاسلامية قرر تطبيق المرسومين 115 و116 اللذين ينظمان قطاع الاعلام وحرية التعبير، وهذا أول حكم قضائي يصدر في تونس في ما بات يعرف بقضية "أحداث السفارة الأمريكية"، وأوضح المحامي ان الحكم على موكله ارتكز أساسا على شريط فيديو نشره أبو أيوب على شبكات التواصل الاجتماعي، وندد فيه بفيلم مسيء للاسلام انتج في الولايات المتحدة. وتضمن الفيديو "تحريضا" على الولايات المتحدة، بحسب مراقبين.

وفي 14 أيلول/سبتمبر 2012 قتل 4 متظاهرين وأصيب العشرات خلال مواجهات عنيفة بين الشرطة ومئات من المحتجين اغلبهم سلفيون، هاجموا السفارة الامريكية احتجاجا على الفيلم الامريكي المسيء للاسلام، واعلن محامون أن السلطات التونسية اعتقلت 87 شخصا يشتبه أنهم شاركوا في مهاجة السفارة في حين يقول شيوخ تيارات سلفية ان عدد المعتقلين بلغ 800، وفي 14 تشرين الاول/أكتوبر طالب السفير الامريكي بتونس جاكوب والس في رسالة نشرتها الصحافة التونسية "الحكومة التونسية بانجاز تحقيقاتها وتقديم الجناة ومدبري هذا الهجوم إلى العدالة". بحسب فرانس برس.

و"أبو أيوب" من اهم قيادات تنظيم "أنصار الشريعة" السلفي الجهادي الذي يتزعمه أبو عياض الهارب من الشرطة منذ مهاجمة السفارة الامريكية بتونس، وقد طالب "أبو عياض" في شريط فيديو نشرته مواقع اسلامية بإطلاق سراح المعتقلين "حتى يشهدوا العيد (عيد الاضحى) مع أهاليهم" متهما الحكومة التي تقودها حركة النهضة بالعمالة للولايات المتحدة، وقاتل "أبو عياض" القوات الأميركية في أفغانستان مع تنظيم القاعدة حيث التقى سنة 2000 في قندهار أسامة بن لادن، واعتقل أبو عياض سنة 2003 في تركيا التي سلمته إلى تونس التي قضت بسجنه لفترات وصلت الى 68 عاما بموجب قانون "مكافحة الارهاب"، بحسب وسائل اعلام تونسية، وفي آذار/مارس 2012 تم الافراج عنه بموجب "عفو تشريعي عام" اصدرته السلطات بعد الاطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

صراع الهوية

على صعيد آخر قال مصدر أمني إن قائدا للشرطة أُصيب في اشتباكات جرت في تونس العاصمة بين باعة خمور وسلفيين يحاولون القيام بدور شرطة موازية في حادث يزيد من التوتر في تونس مهد الربيع العربي، وتقود حركة النهضة الاسلامية الحكومة في تونس بعد ان أطاحت احتجاجات شعبية بالرئيس السابق زين العابدين بن علي العام الماضي، وقال مسؤولو أمن إن سلفيين هاجموا محلات صغيرة لبيع الخمور في منطقة دوار هيشر الفقيرة في ضواحي العاصمة تونس، وقال سامي قناوي عضو نقابة الحرس الوطني ان "الرائد وسام بن سليمان أُصيب أثناء اشتباك بين سلفيين كانوا يهاجمون تجار خمور في منطقة دوار هيشر..احد السلفيين اعتدى على الرائد بسكين على مستوى الرقبة وهو في المستشفي في حالة حرجة"، وقال قناوي انه للمرة الثانية خلال بضعة اسابيع يعتدي سلفيون على رجال أمن مما أصبح يهدد بقيام دولة داخل الدولة، وقال ان السلفيين اتخذوا من جامع النور بدوار هيشر ثكنة عسكرية يجمعون فيها قنابل المولوتوف والسكاكين والهراوات، وهاجم سلفيون الشهر الماضي فندقا في مدينة سيدي بوزيد وهشموا الاثاث احتجاجا على تقديمه للخمور. بحسب رويترز.

وعقب وصولها للسلطة قالت حركة النهضة انها لن تمنع الخمور ولن تفرض الحجاب لكنها تواجه ضغوطا كبيرة من المتشددين الذين يطالبون باقامة دولة اسلامية والعلمانيين الذين يطالبون بالتصدي الحازم لاعتداءات السلفيين على الحرية الفردية.

اعتقال مدح بن لادن

فيما اتهم محام تونسي الشرطة باعتقال سلفي مدح في برنامج تلفزيوني أسامة بن لادن الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة وأيمن الظواهري الرئيس الحالي للتنظيم، وقال عبد الباسط بن مبارك "اختطفت الشرطة بلال الشواشي غداة مشاركته في برنامج حواري بثه تلفزيون التونسية الخاص، واعتبر البعض انه مدح خلاله بن لادن والظواهري"، وأضاف المحامي "النائب العام قال لنا اول الامر انه لا علم له باعتقال الشواشي، ثم أبلغنا ان القضاء اصدر ضده بطاقة جلب للتحقيق معه في هجوم استهدف في 14 أيلول/سبتمبر 2012 مقر السفارة الامريكية في تونس، وباتصالنا بالقاضي المتعهد بقضية السفارة أعلمنا انه لم يصدر بطاقة جلب ضد الشواشي"،

وقد قال بلال الشواشي في برنامج بثه تلفزيون التونسية ان علي العريض وزير الداخلية والقيادي في حركة النهضة الاسلامية الحاكمة "أجرم في حق" التيار السلفي الجهادي في تونس لانه "منذ أن تولى (نهاية 2011) وزارة الداخلية، قتل لنا 9 شهداء (..) وهذا لم يحصل (حتى) في عهد الرئيس (المخلوع زين العابدين) بن علي (..) الذي كنا نعتبره طاغوتا"، وأضاف ان "الشريعة يجب أن تكون المصدر الوحيد في التشريع" ضمن الدستور الجديد الذي يعكف المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) على صياغته، وحذر من أن "كل من يشرع قانونا مخالفا لشرع الله (..) هو طاغوت يجب الكفر به" قائلا ان "التكفير من صلب عقيدة الاسلام". بحسب فرانس برس.

وردا عن سؤال لمقدم البرنامج حول ما إذا كان التيار السلفي الجهادي في تونس سيكفر الحكومة ان لم تعتمد الشريعة الاسلامية مصدرا وحيدا للتشريع، أجاب بلال الشواشي "نحن بإجماع التيار السلفي الجهادي وعلمائه ومنظريه وعلى راسهم الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله، والشيخ أيمن الظواهري حفظه الله، نقول ان هذه البلاد (تونس) أرض دعوة وليست أرض قتال"، ونددت والدة بلال الشواشي باعتقال ابنها ودعت في شريط فيديو بثته صفحات اسلامية على الفيسبوك، "مشائخ" التيار السلفي في تونس الى "التوحد" من أجل "الدفاع عن المظلومين" و"مواجهة العدو الأكبر الجديد الذي خرج لنا" في اشارة على الأرجح الى حركة النهضة.

صفع منقبة

الى ذلك أرجأت محكمة تونسية من جديد الى الثالث من كانون الثاني/يناير 2013 النظر في قضية عميد كلية اتهمته طالبة منقبة بصفعها، كما اعلن محمد هادي لبيدي محامي المدعى عليه، وقال محامي حبيب قزدغلي عميد كلية الاداب والفنون والانسانيات بمنوبة بضاحية العاصمة التونسية انه اوضح للجهتين انه طلب الارجاء "لدراسة عناصر جديدة في الملف"، وتجمع حوالى مئة شخص من ناشطين في حقوق الانسان ومسؤولين سياسيين امام المحكمة للتعبير عن دعمهم للاستاذ الجامعي، وقال قزدغلي قبل بدء الجلسة ان المتظاهرين موجودون هنا "للدفاع عن تونس كما نريدها: حديثة وديموقراطية ومنفتحة ومتسامحة"، وكانت محاكمة قزدغلي ارجئت عدة مرات منذ الصيف. وقد يحكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة "الاعتداء بالعنف دون موجب على الناس حال مباشرته لوظيفته"، وكانت طالبتان منقبتان اقتحمتا في السادس من آذار/مارس 2012 مكتب قزدغلي بدون اذن و"تهجمتا" عليه وبعثرتا اثاث مكتبه وحاولتا اتلاف وثائقه، حسب رواية عميد الكلية، واوضح قزدغلي ان احدى الطالبتين اقامت ضده دعوى قضائية زعمت فيها أنه صفعها، وكانت الطالبة ايمان بروحة احيلت في الثاني من آذار/مارس 2012 على مجلس تأديب الكلية الذي عاقبها بالحرمان من الدراسة ستة اشهر لرفضها الامتثال لقرار المجلس العلمي القاضي بعدم السماح بارتداء النقاب داخل قاعة الدرس، وتشهد كلية الآداب والفنون والانسانيات في منوبة التي تضم 13 الف طالب، نزاعا بين ادارتها والتيار السلفي. وقد بدأ الخلاف بتظاهرة في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 لطلاب وسلفيين للمطالبة بالسماح بحضور المنقبات الدروس، وعطل الاعتصام الذي استمر ثلاثة اشهر وتخللته اعتداءات على موظفي الكلية، الدروس في اكثر من مناسبة في الكلية.

وقال نزار تومي محامي الطالبتين الخميس ان قزدغلي "يتحمل المسؤولية المعنوية لوفاة بختي" لانه اقحم اسمه في حملة اعلامية" ضد السلفيين، وكان قزدغلي طالب بتطبيق الفصل التاسع من من "قانون الوظيفة العمومية" الذي ينص على تكفل الدولة بحماية الموظفين الذين يتعرضون إلى اعتداءات أثناء مباشرتهم لوظائفهم وعلى ملاحقة المعتدين قضائيا، ومثل عميد الكلية امام المحكمة للمرة الاولى في الخامس من تموز/يوليو 2012. لكن المحكمة ارجأت النظر في قضيته الى 25 من تشرين الاول/اكتوبر 2012 اثر طلب المدعي العام محاكمته بموجب الفصل 101 عوضا عن الفصل 319. بحسب فرانس برس.

وقال محامون إنه كان من المفروض محاكمة العميد وفق الفصل 319 من المجلة الجنائية بتهمة "الاعتداء بالعنف الخفيف" على طالبة منقبة وهي تهمة تصل عقوبتها القصوى الى السجن 15 يوما مع النفاذ، من جهته، يعتبر عميد الكلية الدعوى القضائية المرفوعة ضده بانها "حلقة جديدة" من الصراع بين السلفيين وادارة الكلية التي تحظر ارتداء النقاب داخل قاعات الدروس، واعتبر ان القضية تستهدف "الجامعة والحداثة والمعرفة" ومن يقف وراءها "يدافع عن مشروع مجتمعي آخر ... مشروع الفصل بين الذكور والاناث في الجامعة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/كانون الأول/2012 - 18/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م