روسيا... استعادة الأمجاد وتكرار انتكاسة الأجداد

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يطمح الرئيس الروسي بوتين لاستعادة الهيبة الروسية دوليا، وكذلك توسيع نفوذه محليا منذ توليه منصب الرئيس قبل عقد تقريبا، وذلك من خلال تقديمه صورة ستالينية ناعمة جديدة، حيث يرى اغلب المحللين بأن الزعيم الروسي ورجل المخابرات الروسية السابق يغرس احدى قدميه في الماضي السوفيتي لروسيا كما تبديه دلائل عديدة في رغبته بالرجوع للماضي، وتمثلت بالتعديلات التي تم على كل المستويات ابان حكم بوتين وخاصة في الاونة الاخيرة، غير ان هذه التعديلات قد تضع روسيا بمأزق كبير في المستقبل القريب نظرا لانتهاجه السياسية البرجوازية، وكذلك وضع الهدف الرئيسي هو اعادة تسليح الجيش كما كان ابان عهد الاتحاد السوفياتي، مما تسبب بحالة استياء شديدة  وموجة عارمة من الانتقادات والاحتجاجات من جانب النخبة المحكومة وخاصةً من لدن المعارضين لتجاه قيادة بوتين للبلاد، وهذا ما تجلى ايضا بالحركة المعارضة غير المسبوقة، التي برزت في اعقاب الانتخابات التشريعية المثيرة للجدل العام الفائت، في حين يرى محللون سياسيون بأن زيادة هجرة المواهب ورؤوس الموال وتزايد فرض الرقابة، تضع البلاد تحت وطأة الانهيار، خصوصا وان هذه الامور ليست بالشيء الهين في بلد تتركز فيه سلطات هائلة في يد رجل واحد في ظل غياب لخليفة معروف، وبموجب الدستور يستطيع بوتين الضابط السابق في المخابرات السوفيتية الاستمرار في حكم روسيا حتى مايو ايار 2024، وعليه فأن روسيا اليوم باتت تعاني من تدهور سياسية واقتصادية واجتماعية بشكل نسبي وخاصة هذا العام، على الرغم من التقدم تصاعديا في تلك المجالات خلال الاعوام الاولى من فترة حكمه، وتفضي المعطيات انفة الذكر بأن روسيا تحت حكم بوتين هشة أكثر مما تبدو كون قيادة روسيا الحالية تنتهج ايدلوجية سياسية مضطربة تمهد الطريق لانتكاسة جديدة قد تكلف الروس خسائر كبيرة على الأصعدة كافة.

روسيا هشة أكثر مما تبدو

في سياق متصل عندما احتفل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعيد ميلاده الستين الشهر الحالي وضع مجموعة من متسلقي الجبال صورة للزعيم الروسي على قمة جبل ارتفاعه 4150 مترا واصفين إياه بأنه كفيل بتحقيق السعادة وإرساء الاستقرار وأضافوا "وضعنا صورة بوتين على صخرة نعتبرها غير قابلة للكسر وأبدية مثل بوتين"، ولكن مع قرب انتهاء 13 عاما له في حكم روسيا الشاسعة يشعر الروس بالتعاسة بشكل كبير ويتزايد القلق إزاء الاستقرار السياسي والاقتصادي طويل الأمد، ويقول مصرفي كبير في موسكو إن روسيا تصدر ثلاثة أشياء بكميات كبيرة: الموارد الطبيعية ورأس المال والناس، وبالنسبة للأمر الأول فيمكن أن يعتبر صحيا ومستداما في حين أن الأمرين الآخرين يلمحان إلى أن الأثرياء الذين يمثلون أقلية في البلاد والمواطنين العاديين على حد سواء يديرون ظهرهم لروسيا في ظل حكم بوتين، ووفقا لاستطلاع للرأي نشرت نتائجه في سبتمبر أيلول فان نحو ثلث سكان المدن يودون الهجرة من روسيا. وبين الشبان ارتفعت النسبة إلى نحو النصف. وأكثر الأماكن التي يودون الهجرة إليها أوروبا والولايات المتحدة واستراليا ونيوزيلندا، والسبب وراء هجرة المواهب والمال هو تزايد الشعور بين الروس المثقفين بأن بلادهم تسير في الاتجاه الخاطئ ومن غير المرجح أن يحدث أي تغيير، وبدأ الأمر كله بشكل مختلف فقد حل بوتين محل بوريس يلتسن رئيسا لروسيا في 31 ديسمبر كانون الأول عام 1999. وانتعش الأمل خلال سنوات حكمه الأولى إذ حل النظام محل الفوضى أثناء حكم يلتسن ونما الاقتصاد بشكل كبير وارتفع اجمالي الناتج المحلي الروسي نحو عشرة أمثاله أثناء حكم بوتين وأفرزت طفرة استهلاكية طبقة وسطى جديدة، وعزز ظهور مجموعة من الوزراء الاصلاحيين على رأسهم وزير المالية اليكسي كودرين ووزير الاقتصاد جرمان جريف الآمال بحدوث تغيير حقيقي لزيادة الاستثمارات الخاصة وتحديث الصناعة والبنية الأساسية وخفض الاعتماد على صادرات المواد الخام، وفي مارس آذار عام 2012 بدأ بوتين فترة ولاية رئاسية جديدة مدتها ستة أعوام ودعاه أنصاره للاستمرار في السلطة حتى عام 2024 ليصبح حينذاك أطول زعيم للكرملين بقاء في السلطة منذ ستالين، وظاهريا فان جدول أعمال بوتين الاصلاحي مستمر. والرئيس وحكومته مستمران في الحديث عن التطوير وهو مفهوم كان محببا للقياصرة الروس لقرون، وقال بوتين في منتدى اقتصادي رئيسي في روسيا خلال الصيف الحالي إن حكومته ستنفذ برنامجا رئيسيا للتحول من أجل بناء اقتصاد جديد وتوفير أو تحديث 25 مليون فرصة عمل مضيفا أن روسيا ستصدر السلع والخدمات المبتكرة، إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى اتجاه مختلف.. بعد فترة قصيرة تولى فيها ديمتري ميدفيديف الرئاسة من عام 2008 حتى عام 2012 والتي ظل بوتين يتمتع فيها بالسلطة بصفته رئيسا للوزراء بدأت الأوضاع تتغير.

وجرى اعتقال الزعماء المعارضين بتهم تقول منظمات لحماية حقوق الانسان إنها ملفقة وفرضت قيود جديدة على الانترنت وتم الرجوع عن قرار ميدفيدف بإلغاء قوانين السب والقذف، ولم يعد جريف وكودرين في الحكومة وهناك شائعات في موسكو بأن بوتين سيقيل ميدفيديف ذاته قبل نهاية العام، والنمو يمضي قدما إلا أنه في نفس الوقت يوجد في موسكو أكبر عدد من المليارديرات في العالم ويتفشى الفساد وثروة البلاد الكبيرة غير موزعة بشكل عادل، وساعد كودرين في تمويل دراسة لمركز الدراسات الاستراتيجية وتوصلت من خلال المقابلات التي أجرتها في موسكو ومدن أخرى إلى أن الروس لا يرون أن هناك فرصة تذكر لتغيير النخبة الحاكمة عن طريق صناديق الاقتراع، وكثيرون يعتقدون أن من الممكن اندلاع ثورة بل يرونها أمرا مرغوبا فيه، وتراجعت مصداقية ميدفيديف وسط الناخبين بعد أن ابتعد عن السلطة دون تذمر ليفسح الطريق أمام عودة بوتين إلى الكرملين العام الحالي. ويشعر أنصاره باليأس من وجود أي فرصة لتغيير حقيقي في الاقتصاد الذي يسيطر عليه الكرملين بشكل كبير، وتوضح هذا الاتجاه صفقة عملاقة في الآونة الأخيرة. وقالت شركة روزنفت النفطية الروسية التي تسيطر عليها الدولة إنها ستستحوذ على ثالث أكبر شركة منتجة للنفط وهي (تي.إن.كيه-بي بي). وستشتري روزنفت حصة الملاك الحاليين وهم أربعة أثرياء سوفييت وشركة (بي بي) البريطانية لاقامة أكبر شركة نفط مدرجة في العالم. بحسب رويترز.

في الوقت الذي يتراجع فيه انتاج النفط في روسيا وهناك حاجة بشكل كبير إلى استثمارات ضخمة لفتح مجالات جديدة فان الكرملين ينفق 55 مليار دولار نقدا وفي شكل أسهم للسيطرة على شركة نفطية كبيرة من القطاع الخاص، وفي الوقت الذي تتباهى فيه الحكومة يحول أثرياء روسيا مزيدا من الأموال إلى الخارج بسبب ضعف الاستثمارات. ويقدر أندريه كليباش نائب وزير الاقتصاد خروج ما بين 50 و60 مليار دولار من رأس المال الخاص من روسيا هذا العام. ويتكهن بنك أورالسيب في موسكو أن الرقم قد يتجاوز 80 مليار دولار، وقد ابلغ بوتين مجموعة من الاكاديميين والصحفيين على مأدبة عشاء في منزله ان "مشاعره متضاربة" ازاء استحواذ روسنفت على تي.ان.كيه-بي.بي لانه ذلك من شانه تعزيز دور الدولة الاقتصادي، غير ان مراقبي الشؤون الروسية لا يراودهم ادنى شك في ان الصفقة صيغت داخل الكرملين. ويدير روسنفت ايجور سيتشين الحليف القديم المقرب من بوتين وهو من الصقور في الكرملين إذ ابدى دائما تحبيذا لتوسيع نطاق سيطرة الدولة على اصول مهمة، ووصف اللقاء الذي استمر ساعتين مع خبراء روس بمنزله خارج موسكو بانه فرصة للتعرف على احدث اساليب التفكير داخل الكرملين وافكار بوتين خلال ولايته الجديدة. ولكن خلال العشاء فاجأ الرئيس بعض الحاضرين باداء باهت خال من اي مزحات كما عرف عن بوتين وغياب لأي أفكار جديدة، والفساد من أكبر المشاكل في روسيا بالنسبة للمواطن العادي ورجال الاعمال والمستثمرين الاجانب. وانزلقت البلاد إلى المرتبة 143 من بين 182 دولة على مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية وهو نفس ترتيب نيجيريا.

وتجاهل سؤال عن الفساد بتنهيدة تنم عن سأم وسأل الحاضرين ما الجديد الذي يتوقعون ان يقوله بشان هذا القضية الازلية، كما ترددت اقاويل عن صحته. وقد نفى المتحدث الصحفي باسم الرئيس تقريرا أشار لحاجة بوتين لعلاج إصابة في الظهر وبعد ايام نفى من جديد شائعات عن صحة بوتين وقال انه يعمل في المنزل لتجنب ازدحام المرور، ويدير شؤون الكرملين في الوقت الراهن سيرجي ايفانوف ضابط المخابرات السابق ويبلغ من العمر 59 عاما ويحب ان يصف نفسه بانه "محافظ بشأن الامن القومي ولكنه ليبرالي إلى حد بعيد فيما يتعلق بالاقتصاد". وفي السابق شغل ايفانوف منصب وزير الدفاع ورأس مجمعا صناعيا عسكريا، واضحت كلمة "زاستوي" او الجمود بالروسية تتردد على ألسنة كثيرين من سكان موسكو في الوقت الراهن وهو مصطلح استخدم لتوصيف السنوات الاخيرة العجاف من حكم الزعيم السوفيتي ليونيد بريجنيف في السبعينات واوائل الثمانينات ولكنه يستخدم بشكل متزايد مع بوتين حاليا، ورغم وعود الحكومة على مدار سنوات لم تضع روسيا بعد نظاما حديثا لمدخرات معاشات التقاعد ولم تطور اللوائح لاقامة مركز مالي ينافس دبي او تستثمر في البنية التحتية المتهالكة، وتأثرت الميزانية الحكومية الروسية بالفعل بتكلفة زيادة كبيرة لاجور العاملين في القطاع العام قبل الانتخابات وتتوقع احدث ميزانية اعلنتها الحكومة الروسية انفاق 620 مليار دولار على إعادة تسليح الجيش حتى عام 2020 في حين تخفض الانفاق على البنية التحتية والتعليم، وازعجت هذه الاولويات كبار رجال الاعمال الذين يطالبون بالحاح بتحسين شبكة الطرق المتداعية، وفي حين تعهد بوتين مرارا بتقليص اعتماد الاقتصاد على صادرات النفط والغاز ارتفع سعر النفط اللازم لتوفير متطلبات موازنة الحكومة اكثر من المثلين في غضون خمسة اعوام إلى 110 دولارات للبرميل، وعلى صعيد السياسة الخارجية تعثرت خطة ميدفيديف الرامية لاعادة العلاقات مع الولايات المتحدة لمسار بناء أكثر. بل تحدت موسكو الغرب بشأن سوريا ومنحت الاولوية لاقامة مناطق تجارة حرة مع روسيا البيضاء وقازاخستان، ويقول اليكسي بوشكوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الدوما (مجلس النواب) ان "روسيا تريد ان تكون "مركزا مستقلا لاجتذاب الدول المجاورة" ويضيف "ارتكب الغرب خطأ فادحا برغبته ان تتشبه روسيا بالغرب -روسيا تريد ان تكون روسيا"، ومن بين أوضح المؤشرات على الاختلاف بين روسيا والغرب طريقة التعامل مع فرقة بوسي رايوت الغنائية النسائية التي نظمت أغنية احتجاجية في الكاتدرائية الرئيسية بموسكو هذا العام ناشدت فيها السيدة مريم العذراء تخليص روسيا من بوتين.

وحكم على ثلاث عضوات بالفريق بالسجن لمدة عامين - وأطلق سراح إحداهن في وقت لاحق بعد وقف تنفيذ حكم السجن الصادر بحقها - لإدانتهن بتهمة "الشغب الذي تحركه كراهية دينية"، وقال بوتين إن هؤلاء النساء "أخذن ما يستحقنه" بسبب عرضهن الذي ارتقي إلى مستوى الأعمال المبتذلة للجنس الجماعي وهدد الأسس الأخلاقية لروسيا. وثار غضب حكومات غربية وجماعات حقوقية إزاء ما اعتبرتها عقوبة غير مناسبة على الإطلاق.

ورغم ذلك ربما تشير الطريقة الصارمة التي عوملت بها فرقة بوسي رايوت إلى شيء أكبر من مجرد السخط الأخلاقي، فالكثير من المحللين يعتبرون فترات عقوبات السجن الصادرة بحق عضوات الفريق دلالة على شيء أكبر وهو تخوف الكرملين في ظل سخط شعبي متزايد، وبينما تضاءلت الاحتجاجات التي اجتاحت شوارع موسكو في الشتاء الماضي يقول محللون سياسيون إن سكان الحضر المثقفين يشعرون باستياء متزايد تجاه قيادة بوتين، وبعيدا عن فخامة مقر إقامة بوتين في نوفو أوجاريوفو وبواباته المصنوعة من الحديد المشغول التي يعتليها نسر روسي ذو رأسين تقع على شمال موسكو بلدة كراسنوجورسك التي يغلب عليها طابع الرتابة ويسافر معظم سكانها للعمل في مناطق أخرى، وداخل أحد مطاعم ماكدونالدز الصغيرة هناك توجد امرأة دقيقة البنية (30 عاما) استعرضت بحماس توقعاتها لمستقبل روسيا في عهد بوتين بينما كانت عاصفة ثلجية تهب في الخارج، قالت يكاتيرينا ساموتسيفيتش عضوة فريق بوسي رايوت التي أطلق سراحها "النظام نفسه ينهار... إنه يزيد من ممارساته القمعية... وأولئك الذين يتولون السلطة لديهم مخاوف جمة وسلوكهم يزداد وحشية. يمكن أن ينتهي بنا المطاف إلى انهيار تام مثل الاتحاد السوفيتي"، والسؤال هو.. هل ستتحقق رؤية القوة الكبرى المستقرة القوية التي يتوقعها بوتين أم سيتحقق السيناريو المروع الذي تنبأت به عضوة فريق بوسي رايوت؟، لكن في الوقت الحالي يميل الشعب الروسي ونخبته من رجال الأعمال إلى الهجرة في الوقت الذي لا يسير فيه بوتين على خطى النصر.

الجيش الروسي

فقد واصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعزيز سيطرته على قيادة الجيش الروسي ولا سيما بتعيينه قائدا سابقا لحرب الشيشان رئيسا لهيئة الاركان، بعد ثلاثة ايام على اقالة وزير الدفاع الضالع في قضية فساد، ووقع بوتين مرسوما ينص على تعيين الجنرال فاليري غيراسيموف رئيسا لاركان الجيش مكان نيكولاي ماراكوف، وكان غيراسيموف (57 عاما) احد قادة الجيش ال58 في منطقة القوقاز الشمالي العسكرية خلال حرب الشيشان الثانية في مطلع القرن الحالي. وكان يتولى اخيرا قيادة قوات منطقة الوسط العسكرية، واقترح وزير الدفاع الجديد سيرغي شويغو وزير الحالات الطارئة السابق والمقرب من الكرملين اسم غيراسيموف. وعين شويغو مكان سرديوكوف الذي اقيل على خلفية فضيحة فساد كبيرة.

من جهة اخرى، عين بوتين الجنرال اركادي باخين الذي خدم هو الاخر طيلة حربي الشيشان، نائبا اول لرئيس الوزراء لشؤون الدفاع، وصرح شويغو ان غيراسيموف "عسكري ملتزم تماما"، وشدد على "خبرته الواسعة" سواء في قيادة الاركان او في "ساحة المعركة"، وعلى الفور، اعطى بوتين تعليماته لرئيس هيئة الاركان الجديد، وصرح بوتين ان "احدى المهام الرئيسية ستكون بالطبع اعادة تسليح الجيش والاسطول، لكن الامر لا يقتصر على ذلك. هناك مهام اخرى، مثل تحسين الهيكليات وادارة القوات"، ومنذ عودته الى الكرملين في ايار/مايو لولاية رئاسية ثالثة بعد ان تولى رئاسة الحكومة لاربع سنوات، حدد بوتين لادارته هدف اعادة تسلح "لا سابق لها" مع تخصيص اكثر من 550 مليار يورو لصناعة الدفاع في السنوات العشر المقبلة، واضاف بوتين "امل ان تتمكن مع وزير الدفاع من تاسيس شراكة جيدة ومستقرة مع ابرز المؤسسات الصناعية في مجال الدفاع".

وشهدت العلاقات بين المجمع العسكري الصناعي وبين وزارة الدفاع تدهورا ملحوظا تحت ادارة سرديوكوف الذي تبنى مبدا اعلن قبل سنوات ويقوم على ان يكون الجيش اقل عديدا واكثر احترافا وتطورا، وندد الوزير مرات عدة بالمخصصات الكبيرة التي تستفيد منها المؤسسات الروسية وانتقد انتاجها الذي لم يعد مواكبا للعصر، ولم يتردد في شراء معدات من الخارج على غرار سفن ميسترال الحربية الفرنسية في العام 2011. بحسب فرانس برس.

وعلق المحلل المستقل الكسندر غولتس بالقول ان تصريحات بوتين "تلميح واضح الى السبب الحقيقي وراء اقالة سرديوكوف". واضاف "في هذه القضية انتصر اللوبي العسكري الصناعي"، ويشاطره الراي بافل فلغنهاور المتخصص في المجال العسكري في صحيفة "نوفويا غازيتا" المعارضة، وقال فلغنهاور ان التعديلات التي ستتم "على كل المستويات" في وزارة الدفاع، ستضع "حدا للاصلاحات وستشكل عودة للجذور السوفياتية"، واضاف ان "الهدف الرئيسي هو اعادة تسليح الجيش كما كان ابان عهد الاتحاد السوفياتي. البلاد كلها كانت تعمل لتلك الغاية، وهذه مسالة عزيزة على بوتين: انه يريد اعادة احياء روسيا من خلال اعادة تسليح جيشها"، واقال بوتين سرديوكوف رسميا "لافساح المجال امام تحقيق موضوعي" حول عملية احتيال مفترضة لبيع املاك عامة لقاء عشرات ملايين اليورو من قبل شركة تابعة لوزارة الدفاع، ولم تستبعد لجنة التحقيق ان تقوم باستجواب سرديوكوف حول الموضوع.

تظاهرات غير مسبوقة

فيما تظاهر الاف القوميين الروس في وسط موسكو في عطلة "يوم الوحدة الوطنية" محتفلين باليوم الذي أنشأه الرئيس فلاديمير بوتين بالمطالبة بنهاية لحكمه والتعبير عن عدائهم للاقليات العرقية، وانشأ بوتين هذه المناسبة في عام 2005 لتحل محل الاحتفال السنوي الذي كان يقام في العهد السوفيتي للاحتفال بذكرى الثورة البلشفية. لكن دعاة للحقوق المدنية يقولون ان مغازلة بوتين نفسه للقومية العرقية ادت إلى تزايد عنف اليمين المتطرف وانها من بين الأسباب التي سمحت بهيمنة المتطرفين على يوم الوحدة الوطنية، وردد المتظاهرون واغلبهم شبان ذوو شعر قصير ويرتدون سترات جلدية سوداء "روسيا بلا بوتين" وشعارات معادية للمهاجرين وكانوا يحملون صورا دينية للكنيسة الارثوذكسية الروسية ويلوحون باعلام الامبراطورية الروسية ويهتفون "روسيا للروس"، وقالت الشرطة ان 6000 شخص تجمعوا للمشاركة في المظاهرة وهي أول مسيرة لليمين المتطرف بتصريح رسمي في قلب موسكو، وعبر كثير من المتظاهرين عن عدائهم للمهاجرين من الاقاليم التي تقطنها اغلبية مسلمة في جنوب روسيا نفسها واجزاء اخرى من الاتحاد السوفيتي السابق مطالبين روسيا بتشديد اجراءات منح التأشيرة ودعم القيود المحلية على الهجرة الداخلية. بحسب رويترز.

وقال ايجور وهو محتج رفض الافصاح عن اسمه الكامل واخفى وجهه وراء قناع طبي متحدثا الى رويترز "كل الوظائف تذهب للوافدين الجدد لذا اعتقد ان هدف هذه المسيرة هو منح الوظائف الروسية للروس"، واختير هذا اليوم ليكون مناسبة وطنية ليوافق ذكرى انتفاضة موسكو ضد الاحتلال البولندي الليتواني قبل 400 عام، واحتفل بوتين بالمناسبة مع ممثلي زعماء الكنيسة الارثوذكسية وممثلي الديانات الثلاث الاخرى التي يعتبرها الكرملين ذات وجود تقليدي في روسيا وهي الاسلام واليهودية والبوذية.

صحة بوتين

الى ذلك قال مسؤول ان قمة لزعماء دول الاتحاد السوفيتي السابق كان مقررا عقدها اوائل نوفمبر تشرين الثاني تأجلت وسط شائعات عن معاناة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مشكلة صحية في الظهر، وكانت اللجنة التنفيذية لكومنولث الدول المستقلة وهو تجمع فضفاض أنشيء بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1991 قالت في وقت سابق الشهر الحالي إن من المقرر عقد القمة في تركمانستان في الثاني من نوفمبر تشرين الثاني، وقالت فيرا ياكوبوفسكايا المتحدثة باسم كومنولث الدول المستقلة إنه "يتم التأكيد على المواعيد (الجديدة). يجري الاتفاق عليها بين جميع الرؤساء." وامتنعت عن توضيح اي اسباب للتأجيل، ونفى الكرملين ما تردد عن تأجيل رحلات خارجية لبوتين بعد ان قالت مصادر حكومية إنه يعاني من مشاكل في الظهر قد تستلزم اجراء جراحة، وقالت المصادر ان جدول أعمال الزعيم الروسي أخلي من اي أنشطة في اوائل نوفمبر تشرين الثاني بما في ذلك تاجيل رحلة الى الهند كانت متوقعة قريبا حتى ديسمبر كانون الاول، وشوهد بوتين الحائز على الحزام الأسود في الجودو والذي اشتهر بقيامه باعمال مثيرة تظهر قوته البدنية على مدى حوالي 13 عاما في السلطة وهو يعرج لأول مرة خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لاسيا والمحيط الهادي (ابيك) في اقصى شرق روسيا. بحسب رويترز.

وقال المتحدث باسم بوتين حينها ان الرئيس الروسي اصيب بشد عضلي، وظهر في فيلم وثائقي أذيع مؤخرا وهو يمارس السباحة لمسافات طويلة ويتدرب في صالة ألعاب رياضية ويأكل بيض السمان النيء والجبن على الإفطار.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/كانون الأول/2012 - 16/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م