التدخين... أرقام وحقائق ونصائح

 

شبكة النبأ: تعد ظاهرة التدخين من أقدم الظواهر الخطرة وأكثرها انتشارا في المجتمع وخصوصا بين فئة الشباب المراهق الذي اعتاد التقليد بحسب بعض المتخصصين، الذين أكدوا على ان ضعف التوجيه والاشاد والرقابة سواء من الأهل او الحكومة قد أسهم بارتفاع أعداد المدخنين الأمر الذي سينعكس سلبا على صحة المدخن وباقي المجتمع، وفي هذا الشأن فقد حذّرت دراسة نشرتها المجلة الطبية البريطانية «ذي لانسيت»، من هول الاستهلاك العالمي للتبغ، بعدما بات التدخين من العادات المترسخة في البلدان النامية. ولفتت الدراسة التي شملت 16 بلداً يبلغ عدد سكانها مجتمعةً أكثر من ثلاثة بلايين نسمة، إلى ازدياد نسبة التدخين في أوساط النساء. وبينت أن 48,6 في المئة من الرجال يستهلكون التبغ، فيما وصلت نسبة النساء المدخنات إلى 11,3 في المئة.

وقدر عدد مستهلكي التبغ في هذه البلدان بـ852 مليون شخص، 661 مليوناً منهم من مدخني السجائر أو الشيشة، و247 مليوناً من مستخدمي التبغ مضغاً أو شماً. وشملت الدراسة المعنونة «غلوبال أدلت توباكو سورفاي» (جي أي تي إس) أشخاصاً تخطوا الخامسة عشرة في 16 بلداً، هي بنغلادش والبرازيل والصين ومصر والهند والمكسيك والفيليبين وبولندا وبريطانيا وروسيا وتايلاند وتركيا وأوكرانيا وأوروغواي وفيتنام والولايات المتحدة، وذلك بين عامي 2008 و 2010. وتضم الصين أكبر عدد من مستهلكي التبغ مع 301 مليون شخص، تليها الهند مع 275 مليون مستهلك، وفق الدراسة التي أشرف عليها غاري جيوفينو من جامعة بافالو في ولاية نيويورك.

ويدخّن أكثر مستخدمي التبغ السجائر المصنعة (64 في المئة)، علماً أن استهلاك منتجات التبغ من دون دخان شائع جداً في الهند (206 ملايين مستخدم) وبنغلادش. ولفت القيمون على الدراسة إلى أن نحو 52 في المئة من سرطانات الفم في الهند ناجمة عن منتجات التبغ من دون دخان. وندّد المختصون في الصحة العامة بقلة الاستثمارات المخصصة لمكافحة التدخين في غالبية هذه البلدان. وجاء في مقال مختص أنه من أصل 9100 دولار أميركي يقتطع من الضرائب على منتجات التبغ، يستثمر دولار واحد لا غير في مكافحة التدخين في البلدان المنخفضة الدخل.

ولا شك في أن الرجال هم من كبار المدخنين، غير أن نسبة المدخنات تختلف اختلافاً كبيراً بين مصر (0,5 في المئة) وبولندا (24,4 في المئة)، وتصل مثلاً إلى 21 في المئة في بريطانيا، و16 في المئة في الولايات المتحدة. ويثير ازدياد نسبة التدخين بين النساء قلقاً لدى القيمين على هذه الدراسة. وترتفع نسبة الوفيات الناجمة عن التدخين في البلدان الغنية حيث تصل إلى 18 في المئة، مقابل 11 في المئة في البلدان المتوسطة الدخل و4 في المئة في البلدان المنخفضة الدخل. لكن هذه المعادلة قد تنقلب، وفق الدراسة التي أشارت إلى ارتفاع نسبة التدخين في البلدان المنخفضة أو المتوسطة الدخل، وانخفاضها في البلدان الغنية. بحسب فرنس برس.

وأكدت منظمة الصحة العالمية أن التدخين يودي بحياة ستة ملايين شخص في السنة. وإذا استمر الارتفاع على هذا المنوال، فقد يتسبب التدخين ببليون حالة وفاة سابقة لأوانها في القرن الحادي والعشرين، وفق القيمين على هذه الدراسة الذين استندوا إلى تقديرات منظمة الصحة

العالمية.

عدسة العين

في السياق ذاته وجد علماء صينيون دليلاً على أن التدخين يزيد خطر الإصابة بمرض إعتام عدسة العين، الذي يعرف أيضاً باسم «الساد» أو «المياه البيضاء»، وهو سبب رئيس للعمى وفقدان البصر في العالم. وأجرى الدكتور خوان يي، من معهد طب العيون في جامعة «تشجيانغ» في الصين وزملاؤه تحليلاً لدراسات عدة أجريت في إفريقيا وآسيا وأستراليا وأوروبا وأميركا الشمالية، لمقارنة نسبة انتشار مرض إعتام عدسة العين المرتبط بالتقدم في العمر عند الأفراد الذين يدخنون السجائر وعند الذين لم يدخنوا قط.

وقال يي في بيان «على الرغم من أنه من الممكن معالجة إعتام عدسة العين جراحياً لاستعادة البصر، فإن كثيراً من الناس مازالوا يشكون من العمى بسببه، نظراً لعدم كفاية الخدمات الجراحية ومصروفات الجراحة العالية». ووجد الباحثون أن كل فرد سبق ان دخن يوماً يواجه خطراً متزايداً بالإصابة بمرض إعتام عدسة العين، وأن النسبة ترتفع أكثر في أوساط من يدخنون حالياً.

وأضاف ان «تحديد العوامل التي قد تتسبب في المعاناة من إعتام عدسة العين يساعد في اتخاذ تدابير وقائية وتقليل الأعباء المالية والسريرية الناجمة عن هذا المرض». يشار إلى أن مرض إعتام عدسة العين هو مرض غير معد يصيب عدسة العين فيعتمها ويفقدها شفافيتها، ما يسبب ضعفاً في البصر دون ألم، ويشكو المصاب من تحسس شديد للإنارة القوية مع ضعف في النظر ليلاً.

المدخنون أكثر تغيبا

على صعيد متصل أظهرت دراسة بريطانية أن المدخنين يتغيبون عن العمل في المتوسط يومين أو ثلاثة كل عام أكثر من غير المدخنين مما كلف بريطانيا وحدها 1.4 مليار جنيه استرليني (2.25 مليار دولار) العام الماضي. وحلل التقرير الذي نشر في دورية الإدمان 29 دراسة منفصلة أجريت خلال الفترة من عام 1960 حتى عام 2011 في اوروبا واستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة واليابان شمل ما يزيد عن 71 الف عامل في القطاعين العام والخاص.

وسأل الباحثون العمال عن عاداتهم الحالية والسابقة في التدخين واستخدموا دراسات او سجلات طبية أو ملفات الموظفين لمتابعة مدى تكرار تغيبهم خلال متوسط عامين. وقالت جو ليوناردي بي من جامعة نوتينجهام في بريطانيا وزملاؤها إن المدخنين الحاليين من المرجح ان يتغيبوا عن العمل بنسبة 33 في المئة أكثر من غير المدخنين وتغيبوا في المتوسط 2.7 يوم إضافي كل عام.

وتوصل الباحثون إلى أنه ما زال من المرجح أن يتغيب المدخنون الحاليون عن العمل أكثر من المدخنين السابقين بنسبة 19 في المئة لذلك فإن تشجيع المدخنين على الإقلاع عن التدخين من الممكن ان يساعد على القضاء على بعض الاتجاهات في إهدار العمل. وكتبت ليوناردي بي وزملاؤها في الدراسة ان "الإقلاع عن التدخين يحد فيما يبدو من التغيب ويؤدي إلى توفير التكلفة بالنسبة لأرباب العمل."

كما تقول ليوناردي بي وزملاؤها إن مبلغ 1.4 مليار جنيه استرليني وهي قيمة الخسائر في بريطانيا بسبب التغيب لأسباب متعلقة بالتدخين هي واحدة فقط من تكلفة التدخين في مكان العمل. في حين تشمل تقديرات أخرى فقد في الإنتاج بسبب استراحة الموظفين للتدخين وتكلفة السجائر وما يرتبط بالتدخين من خسائر بسبب الحرائق. وقال دوجلاس ليفي وهو باحث في مجال الصحة العامة من كلية الطب بهارفارد في بوسطن والذي لم يشارك في الدراسة "من الواضح أن أهم رسالة لصحة أي فرد هي الإقلاع عن التدخين لكني أعتقد أن الرسالة منتشرة في كل مكان." ومضى يقول إنه يعتقد أن الدراسة "تشير بالفعل لفكرة أن هذا لا يؤثر على الفرد فحسب وإنما يؤثر على الاقتصاد أيضا." بحسب رويترز.

كما أظهر بحث ليفي نفسه أن الأطفال الذين يعيشون مع مدخنين أكثر ترجيحا للتغيب عن المدرسة. وهناك صلة بين التدخين السلبي ومجموعة من المتاعب الصحية من الربو إلى الأزمات القلبية لذلك فإن الموظفين المدخنين ربما يتعين عليهم التغيب عن العمل أكثر للبقاء في المنزل مع أفراد مرضى في أسرهم. وقال ليفي إن النتيجة الأهم هي أنه بعد الإقلاع عن التدخين يقل معدل التغيب مما يعزز فكرة الشركات التي تمول دورات للإقلاع عن التدخين وغيرها من البرامج الصحية في أماكن العمل.

الأطفال وسجائر النعناع

من جانب أخر أظهرت دراسة أمريكية شملت عشرات الالاف من التلاميذ ان الاطفال الذين يجربون تدخين سجائر النعناع هم أكثر احتمالا لان يصبحوا مدخنين منتظمين مقارنة بأقرانهم الذين يبدؤون بتدخين الأنواع المعتادة. ووجد الباحثون الذين نشرت نتائج دراستهم في دورية (الادمان) ان الاطفال الذين يجربون تدخين سجائر النعناع أكثر احتمالا بنسبة 80 في المئة لان يصبحوا مدخنين منتظمين خلال السنوات القليلة التالية مقارنة مع الذين يجربون تدخين السجائر العادية.

ويضاف النعناع الى السجائر لإعطائها نكهة نعناع "منعشة" ويقول منتقدون ان النعناع يجعل السجائر سائغة بدرجة أكبر للمدخنين الجدد - وكثيرون منهم أطفال - وقد تشجع بشكل خاص على الادمان. وقال جيمس نانميكر من معهد ابحاث آر.تي.آي الدولي في نورث كارولاينا الذي قاد الدراسة "هذه الدراسة تقدم أدلة اضافية على ان سجائر النعناع عامل خطورة محتمل لان يصبح الأطفال مدخنين بالغين منتظمين." غير أنه حذر من ان النتائج لا تثبت ان سجائر النعناع نفسها هي السبب نظرا لمحدودية الدراسة. بحسب رويترز.

وغطت الدراسة عمليات مسح على مدى ثلاث سنوات شملت أكثر من 47 الف تلميذ من المدارس الاعدادية والثانوية. وشمل هؤلاء 1800 طفل بدأوا التدخين اثناء عام المسح الاول أو الثاني اختار ثلثهم تدخين سجائر النعاع. وبحلول العام الثالث من المسح أقلع أكثر من نصف الذين شاركوا في تلك التجارب عن التدخين. وظل الثلث من المدخنين غير منتظمين وأصبح 15 في المئة مدخنين منتظمين. وخلصت الدراسة الى ان احتمالات ان يصبح التلاميذ من المدخنين المنتظمين كانت أعلى بنسبة 80 في المئة بين الاطفال الذين بدأوا بتدخين سجائر النعناع. وأخذ في الاعتبار عوامل السن والجنس والعرق للأطفال الذين شملتهم الدراسة.

تطبيقات للهواتف الذكية

الى جانب ذلك حذر باحثون من أن مصنعي التبغ يلجئون إلى تطبيقات خاصة بالهواتف الذكية بهدف ترويج منتجاتهم، خصوصا في أوساط الأطفال الذين يستخدم عدد كبير منهم هذه التكنولوجيا. وأظهرت دراسة نشرتها مجلة "توباكو كونترول" أن الباحثين رصدوا 107 تطبيقات مؤيدة للتبغ في متجر "آب ستور" التابع لشركة "آبل" وفي متجر "أندرويد ماركت". ويسمح بعض هذه التطبيقات للمستخدم بمحاكاة عملية التدخين أو بتجميع نقاط من خلال شراء سجائر من نوع "مارلبورو". وتقدم تطبيقات أخرى صورا لماركات مختلفة من السجائر يمكن أن يستخدمها الفرد كخلفية لهاتفه الذكي. بحسب فرنس برس.

وقال معدو الدراسة إن هذه التطبيقات "تنتهك المادة 13 من اتفاقية منظمة الصحة العالمية التي تحظر اعلانات التبغ وترويجه في وسائل الإعلام كلها". ومن بين 107 تطبيقات، وجد الباحثون 42 تطبيقا في متجر "أندرويد ماركت"، علما أن 6 ملايين شخص قاموا بتحميل هذه التطبيقات. وفي العام 2011، بلغ عدد مستخدمي الهواتف المحمولة 6 مليارات، أي أكثر بمرتين ونصف المرة من عدد مستخدمي الانترنت. وأوضح معدو الدراسة أن "الشباب هم الأكثر تأثرا (بهذه التطبيقات) نظرا إلى شعبية الهواتف الذكية في أوساط هذه الفئة العمرية وجاذبية التطبيقات"، داعين متاجر "آب ستور" إلى فرض رقابة أكبر على محتوياتها.

السجائر الالكترونية

على صعيد متصل أظهرت نتائج دراسة جديدة ان السجائر الالكترونية وهي خيار شائع بشكل متزايد بين المدخنين الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين لا تمثل فيما يبدو خطرا على القلب. وقال باحثون يونانيون ان السجائر الالكترونية وهي لفافات معدنية تعمل بالبطارية تحول سائلا مضافا اليه نكهة النيكوتين الى دخان لم يكن لها اي اثار سلبية على وظائف القلب في دراستهم السريرية المحدودة.

وقال الدكتور كونستانتينوس فارسالينوس من مركز اوناسيس لجراحة القلب إن "استخدام السجائر الالكترونية ليست عادة حميدة لكنها بديل أكثر آمانا لسجائر التبغ." وفحص فارسالينوس وفريقه وظائف القلب في 20 مدخنا شابا قبل وبعد تدخين سيجارة من التبغ مقارنة مع 22 مستخدم للسيجارة الالكترونية قبل وبعد استعمالهم الأداة الالكترونية لمدة سبع دقائق. بحسب رويترز.

وبينما عانى مدخنو سجائر التبغ اختلالات واضحة في وظائف القلب من بينها ارتفاع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب فان مستخدمي السجائر الالكترونية لم يطرأ عليهم سوى ارتفاع طفيف في الضغط. والدراسة السريرية اليونانية هي الأولى في العالم التي تبحث اثار السجائر الالكترونية على القلب. واظهرت دراسة محدودة أخرى اجريت في اليونان ايضا في وقت سابق هذا العام أن السجائر الالكترونية لها تأثير طفيف على وظائف الرئة.

التدريبات البدنية

من جهة أخرى قالت دراسة بريطانية ان المدخنين الذين يحاولون تقليص هذه العادة او الاقلاع عنها ربما يفضل لهم ممارسة الهرولة في المرة القادمة عندما يتغلب عليهم الحنين الى التدخين. وجمع الباحثون بيانات من 19 تجربة سريرية ووجدوا ان القيام بنوبة من التدريبات البدنية يساعد بشكل عام الاشخاص الذين يأملون بالإقلاع عن التدخين على الحد من شوقهم للنيكوتين على الرغم من عدم وضوح ما اذا كان ذلك ترجم الى فرصة اكبر للإقلاع عن التدخين.

وقال ادريان تيلور وهو استاذ في علم النفس للتدريبات والصحة في جامعة اكسيتر في بريطانيا والذي رأس هذه الدراسة "بالتأكيد التدريبات لها فوائد مؤقتة وبذلك يمكن التوصية بها بقوة." ونشرت نتائج الدراسة في دورية الإدمان. وفي التجارب التي استخدمت من اجل هذه الدراسة وزع المدخنون بشكل عشوائي اما للقيام بتدريبات أغلبها المشي السريع او ركوب دراجات او القيام بنوع ما من النشاط السلبي مثل مشاهدة شريط مصور او مجرد الجلوس فقط . بحسب رويترز.

وبشكل عام وجد فريق تيلور ان الناس قالوا ان رغبتهم في التدخين قلت بعد القيام بتدريبات اكثر من ذي قبل. ولا يعرف السبب بشكل واضح. وقال تيلور ان من المحتمل ان التدريبات تلهي الشخص عن التفكير في التدخين وان وجود الانسان في حالة نشاط ربما يعزز الحالة المزاجية له ومن ثم لا يشعر بحاجة كبيرة لتحسين إحساسه من خلال التدخين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 27/تشرين الثاني/2012 - 12/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م