الاقتصاد العربي... مشاكل مزمنة تفاقمت بعد ثورات الربيع

 

شبكة النبأ: يعتبر الجانب الاقتصادي أهم عنصر من عناصر بناء الدولة فهو شريان الحياة الذي يمكن من خلاله إدارة وتسير باقي الأمور التي ستساعد في تطور جميع المؤسسات ، ويرى بعض المراقبين ان الاقتصاد العربي بشكل عام وخصوصا اقتصاد بلدان الربيع العربي لايزال يشكل مصدر قلق لدى الكثير لكونه اقتصاد فتي ومرهق بسبب كثرة الديون الخارجية وسياسات الأنظمة السابقة التي سعت الى قتل هذا المرد المهم وتسخيره لمصالحهم الخاصة، هذا بالإضافة حالة عدم الاستقرار الأمني والاضطرابات المستمرة التي أعقبت ثورات التغير والتي أثرت سلبا على المسيرة الاقتصادية في تلك البلدان، حيث تشير بعض التقارير الى ان الخسائر ثورات الربيع الاقتصادية تقدر باكثر75 مليار دولار أغلبها كان في مصر وتونس وليبيا والتي نجمت عن توقف الأنشطة الاقتصادية والسياحية والاستثمارية وغيرها، لكنهم أكدوا أيضا على وجود تعافي بطيء لهذا الاقتصاد مطالبين في الوقت ذاته بإعداد قوانين خاصة لفتح أبواب الاستثمارات الخارجية وتسيل مهام المستثمرين و لمحاربة الفساد وبناء سوق عربي موحد على غرار الأسواق العالمية الأخرى هذا بالإضافة الى إنشاء بنك عربي خاص قادر على معالجة مثل هكذا أزمات اقتصادية لتلافي الاعتماد على الديون و المساعدات الأجنبية التي قد تعطى بعد التوقيع على معاهدات خاصة قد تضر بسياسة الدولة وتدفعها الى تطبيق قوانين جديدة تضر بالفقراء والمحتاجين .

وفي هذا الشأن فقد توقع صندوق النقد الدولي في تقرير خاص أن تشهد معظم الاقتصادات التي أضيرت جراء انتفاضات الربيع العربي تعافيا بطيئا مع مكابدتها تضخما مرتفعا وبطالة متزايدة بسبب ضعف الأوضاع العالمية. وقال الصندوق في توقعاته نصف السنوية للشرق الأوسط وشمال افريقيا إن عودة الاستقرار السياسي جزئيا سيتيح نموا أسرع إلى حد ما لكل من مصر والأردن والمغرب وتونس واليمن في عام 2013. لكنه تابع أن ضعف الطلب في أوروبا ومناطق أخرى سيؤثر على دول الربيع العربي التي تنكمش صادرات العديد منها ولم يصل التراجع لمداه بعد. وجاء في التقرير "من المتوقع أن يستمر النمو أقل من الاتجاهات طويلة الأمد وينتظر أن ترتفع نسبة البطالة بسبب استمرار ضعف الطلب الخارجي وأسعار الغذاء والوقود المرتفعة والتوترات الإقليمية وضبابية السياسات."

وأقر مسعود أحمد مدير إدارة الصندوق للشرق الأوسط وآسيا الوسطى بأن الصندوق وغيره من المؤسسات التي أعلنت توقعات قللت من شأن المصاعب التي تواجه دول الربيع العربي وقال إن التوقعات السابقة كانت تشير لبدء تعاف في العام الجاري ولكن هذا لم يتحقق. وصرح في مؤتمر صحفي "توقف الانكماش ولكن لدينا معدلات نمو تجاري بصعوبة نمو السكان وبالتأكيد أقل كثيرا من المستوى اللازم لخفض معدل البطالة."

وتوقع الصندوق أن ينمو الناتج المجلي الإجمالي في الدول الخمس بنسبة 3.6 بالمئة في العام المقبل ارتفاعا من توقعاته للعام الجاري عند اثنين بالمئة ومن 1.2 بالمئة في 2011. وفي عام 2010 السابق على اندلاع الانتفاضات بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 4.7 بالمئة. ونتيجة ضعف الطلب العالمي سيسجل ميزان المعاملات الجارية في تلك الدول تحسنا طفيفا فحسب في العام المقبل وتوقع الصندوق أن تصل نسبة العجز إلى 4.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 5.4 بالمئة في العام الجاري.

ولمح الصندوق إلى أنه يتعين على بعض الدول دراسة السماح بمرونة أكبر في أسعار الصرف ما يعني خفض قيمة عملاتها من أجل تحفيز الصادرات دون أن يحدد أسماء الدول التي يعنيها. ويعتقد محللون أن الصندوق ربما يحث مصر على السماح بانخفاض قيمة عملتها في المحادثات الجارية الآن بشأن قرض بقيمة 4.8 مليار دولار يقدمه الصندوق للقاهرة. لكن أحمد لم يحدد الدول التي يري الصندوق أن عليها خفض قيمة عملاتها

وقد يؤجج ضعف العملات نسبة التضخم التي يتوقع الصندوق أن ترتفع إلى 8.6 بالمئة العام المقبل وهو أعلى مستوى منذ 2008 مقارنة مع 7.8 بالمئة هذا العام. ويتوقع صندوق النقد أن ترتفع نسبة التضخم في مصر والمغرب في خضم محاولات البلدين خفض العجز الكبير في الميزانية من خلال تقليص دعم الغذاء والوقود. ودفعت التوترات السياسية دول الربيع العربي لمحاولة تحقيق السلم الاجتماعي بزيادة الإنفاق على الرعاية الاجتماعية مثل الدعم. وتوقع الصندوق أن ينكمش العجز المجمع لميزانيات الدول الخمس بشكل طفيف العام المقبل إلى ثمانية بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي من 9.1 بالمئة.

وأبدى أحمد قلقه لعدم أخذ الدول قرارات صعبة لخفض العجز في ميزانياتها. وقال "بعض الدول تمول الانفاق الحالي وأغلبه على هيئة دعم بخفض مخصصات الاستثمار ما يعد مقامرة بمستقبل الاقتصاد." وتمثل ليبيا التي أطاحت في العام الماضي بزعيمها معمر القذافي استثناء لافتا من نموذج النمو البطيء بفضل ثروتها النفطية. وبدأ انتاج النفط يعود لمستوياته قبل الاقتتال في البلاد بوتيرة أسرع من المتوقع. وانكمش الناتج المحلي الإجمالي في ليبيا بنسبة 60 بالمئة في العام الماضي لكن الصندوق يتوقع ـن ينمو بنسبة 122 بالمئة العام الجاري و17 بالمئة في 2013 وسبعة بالمئة سنويا في المتوسط بين عامي 2014 و2017 بافتراض تحسن أوضاع الأمن داخل البلاد. بحسب رويترز.

وتوقع الصندوق أن تسجل ليبيا فائضا كبيرا في الميزانية يصل إلى 19 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في 2012 وفائضا في ميزان المعاملات الجارية بنسبة 22 بالمئة. وقال الصندوق إن نسبة التضخم في ليبيا قفزت إلى 16 بالمئة في العام الماضي نتيحة ما أصاب المصانع وشبكة النقل من أضرار بسبب المعارك لكن من المرجح أن تنخفض النسبة إلى عشرة بالمئة العام الجاري مع عودة أنشطة الشركات إلى طبيعتها تدريجيا ثم تنخفض إلى واحد بالمئة فقط في العام المقبل.

شركات رواد اعمال

من جانب أخر انتظر رائد الاعمال الاردني مجيد قاسم ثلاث سنوات كاملة حتى تمكن من الحصول على تمويل خارجي لشركته الناشئة (دي وان جي دوت كوم) وهي منصة للإعلام الاجتماعي ونشر المحتوى العربي على الانترنت. وحالفه النجاح بعد أشهر من اندلاع انتفاضات الربيع العربي. ويقول قاسم (40 عاما) ان حجم المشاهدات على الموقع تجاوز 35 مليون صفحة شهريا وأن نمو حركة الزائرين ازداد بفضل نقاشات الكترونية لطائفة من القضايا السياسية والاجتماعية.

ومثل كثير من رواد الاعمال في العالم العربي يؤمن قاسم بأن الاضطرابات السياسية والاقتصادية في المنطقة كانت عاملا مساعدا لإعماله وليس العكس لانها خلقت طلبا جديدا على منتجاته وأقنعت المستثمرين بالبحث عن فرص جديدة وجعلت الحكومات أكثر تعاطفا مع احتياجات الشركات الناشئة. ويقول قاسم "تاريخيا كان المستثمرون يستهدفون الشركات الراسخة التي تنطوي على مخاطرة منخفضة وعوائد مرتفعة. الان بعد الربيع العربي أصبح المستثمرون يضخون نفس رؤوس الاموال في عدة شركات أصغر حجما مراهنين على قدرة عدد منها على احراز نجاح ملموس." وأضاف "نرى رؤوس أموال غير مسبوقة يضخها مستثمرون وحكومات وصناديق تنموية لتأسيس الشركات الناشئة والصغيرة."

ولم تتبدد حتى الان الاثار الاقتصادية السلبية التي سببها الربيع العربي اذ لا تزال مصر وتونس تكافحان موجات الاضطرابات العمالية مع سعيهما لإعادة بناء قطاع السياحة وجذب المستثمرين الاجانب مجددا. ولا تزال ليبيا تتعافى من حرب أهلية بينما تلقي اضطرابات طائفية بظلال على اقتصاد البحرين. وفي بلاد كالأردن عززت الحكومات مستويات الانفاق لتحاول شراء السلم الاجتماعي لكن ذلك أضر بماليتها العامة.

غير أن مسؤولين ورجال أعمال يقولون ان احدى النتائج الايجابية لهذه الاضطرابات هي تحسن المناخ لريادة الاعمال. ففي السابق لم تشجع السلطات في بعض الاحيان الشركات الناشئة لانها كانت تعتبرها خطرا على مجموعات صغيرة من رجال الاعمال المتعاونين مع الانظمة المستبدة. لكن هذه الشركات أصبحت الان محل ترحيب أكبر باعتبارها أداة لتوفير فرص العمل. ويقول عارف نقفي الرئيس التنفيذي لمجموعة أبراج كابيتال أكبر شركة استثمار مباشر في الشرق الاوسط وتدير استثمارات تزيد قيمتها عن ستة مليارات دولار ان أحد التغييرات الكبيرة في العقلية الاقتصادية بالمنطقة منذ الربيع العربي هو ادراك أن الشركات الاصغر حجما وليس الكبرى المرتبطة بالدولة هي التي ستكون محرك النمو لانها قد توفر مزيدا من فرص العمل.

ويقول نقفي انه من أشد المؤمنين بأن الربيع العربي يشبه حركة احتلوا وول ستريت والشغب في شوارع لندن والشغب المرتبط بالغذاء في مومباي أكثر مما يشبه التغيير السياسي. وأضاف "محمد البوعزيزي لم يكن يبعث رسالة سياسية حين أضرم النار في نفسه. انما أراد فرصة عمل. أراد العيش والبقاء" في اشارة الى بائع الخضراوات التونسي الذي انتحر في ديسمبر كانون الاول 2010 وأوقد شرارة انتفاضات في أنحاء المنطقة.

وطالما شكلت صعوبة الاقتراض من البنوك العربية الراغبة في تجنب المخاطر والتي تركز غالبا على خدمة العملاء الكبار تحديا رئيسيا أمام تأسيس الشركات بالمنطقة. وزادت جهات مانحة أجنبية مثل الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وغيرها من المنظمات المقرضة متعددة الاطراف جهودها لسد هذه الفجوة منذ العام الماضي.

وقال مؤيد مخلوف المدير الاقليمي لمؤسسة التمويل الدولية احدى وحدات البنك الدولي ان المؤسسة استثمرت 2.2 مليار دولار في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا منذ يناير كانون الثاني 2011 ما جعلها مصدرا كبيرا لرؤوس الاموال للشركات الخاصة. وأضاف "في عام 2005 كنا نعمل في حدود 300 مليون دولار في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا. والان نخصص أكثر من ملياري دولار سنويا" معظمها استثمارات في الشركات الصغيرة والمتوسطة مضيفا أن المؤسسة ترى فرصا استثمارية في لبنان والاردن ومصر والعراق وتونس والمغرب.

وبينما أيدت حكومات دول عربية مستوردة للنفط تعاني شح السيولة فكرة تأسيس الشركات الصغيرة لم يكن لديها غالبا الموارد التي تمكنها من تمويل هذه الشركات. ومع انشغال برلمانات هذه الدول بالتغيرات السياسية تباطأت في ادخال تعديلات قانونية من شأنها مساعدة الشركات الناشئة مثل إصلاح الضرائب وقوانين العمل.

أما حكومات الخليج الثرية التي ترى في البطالة مصدرا محتملا للاضطرابات الاجتماعية فتولي اهتماما أكبر لتمويل الشركات الصغيرة. وفي العام الماضي بدأ صندوق التنمية الصناعية السعودي التابع للحكومة في ضمان ما يصل الى 80 في المئة من قروض البنوك التجارية الممنوحة للشركات الصغيرة وكان في السابق يضمن 50 في المئة منها فقط. ويقول رجال أعمال ان تزايد الدعم الحكومي يشجع بدوره مزيدا من مستثمري القطاع الخاص في الشرق الاوسط على دراسة تمويل الشركات الناشئة.

واستثمرت أبراج في 13 شركة صغيرة ومتوسطة منذ 2009 من خلال صندوق (ريادة لتطوير المؤسسات) التابع لها والبالغ رأسماله 650 مليون دولار. وتقول أبراج ان الصندوق درس أكثر من 400 شركة بحثا عن فرص استثمارية محتملة خلال 2011 وهذا أربعة أمثال عدد الشركات التي درسها خلال 2010. وقال فادي غندور المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة أرامكس للخدمات اللوجستية المدرجة بسوق دبي المالي "يجري تأسيس صناديق كبيرة للاستثمار في المشاريع المناسبة. وأصبح المستثمرون أكثر ايمانا بالقيمة الاقتصادية والاجتماعية والمالية المتوفرة في دعم الشركات الناشئة." وأسس غندور بالتعاون مع عارف نقفي صندوقا في عام 2010 لدعم الشركات الناشئة بالشرق الاوسط. واستثمر الصندوق في أكثر من 40 شركة حتى الان.

ويعتقد بعض رواد الاعمال أن الربيع العربي يخلق لهم فرصا من خلال اعادة تركيز اهتمام الحكومات على مستوى المعيشة والرخاء الاجتماعي للشعوب. وأسس اثنان من رواد الاعمال شركة أجريسل في دبي في وقت سابق من العام الجاري. وتتخصص الشركة في تكنولوجيا لزراعة بدون تربة وموفرة للمياه تقول انها صالحة للاستخدام في الاراضي القاحلة بما فيها الصحاري والمناطق الحضرية.

ويقول كونال ودواني أحد المؤسسين ان الشركة ستقدم هذه التكنولوجيا للحكومات العربية التي أصبحت بفضل الاضطرابات السياسية أكثر حساسية لمخاطر ارتفاع أسعار الغذاء وندرة المياه وانتشار الفقر. وأضاف "على خلفية الاعداد الكبيرة من الشبان والانتفاضات الشعبية وفي ظل تحديات الامن الغذائي وندرة المياه في المدى المتوسط ستستفيد المنطقة من قدرتنا على مساعدة الحكومات الجديدة على مواجهة هذه المشكلات."

ويقول مؤسسا أجريسل انهما حصلا على التمويل المبدئي للشركة من أسرهم وأصدقائهم لكنهما حصلا في الفترة الاخيرة على تمويل من أحد بنوك دبي. ويعد ودواني رائد أعمال مخضرما شارك في تأسيس خدمة معلومات اقليمية تستهدف مجتمع الاعمال قبل عقد من الزمان وزميله يلمان خان هو مصرفي سابق. وترى شركات أخرى أنها سوف تستفيد لان الحكومات لم تعد تمثل عائقا. ويقول رضا شرف الدين مؤسس شركة يونيمد وهي مجموعة من المعامل الصيدلانية في تونس ان الثورة التونسية رفعت أيدي رجال أعمال كانوا مقربين من الرئيس السابق زين العابدين بن علي عن الاقتصاد. بحسب رويترز.

ويقول شرف الدين "بعد أن أصبحت قواعد اللعبة واضحة بشكل عام أصبح الكل سواء والفرص متساوية" مضيفا أن الصفقات والعطاءات المرتبطة بالحكومة أصبحت أكثر شفافية. وقال ان ذلك أسهم جزئيا في نمو ايرادات شركته بمعدل في خانة العشرات العام الماضي. وحصلت الشركة على استثمار جديد من أبراج كابيتال وشركة بروباركو الاستثمارية في ابريل نيسان 2011 لدعم توسعاتها.

تنسيق امني واقتصادي

في السياق ذاته اتفقت تونس وليبيا ومصر التي تعرف ببلدان الربيع العربي على تعزيز النشاط الاقتصادي التنسيق الامني بينها لمكافحة الارهاب وتهريب الاسلحة على الحدود في ظل استمرار الاوضاع الامنية الهشة عقب ثورات شعبية اطاحت بثلاثة من اقدم الرؤساء في المنطقة. واطاحت احتجاجات شعبية العام الماضي بالرئيس السابق زين العابدين بن علي بعد ثلاثة وعشرين عاما من الحكم قبل ان تنتقل شرارة الاحتجاجات الى مصر وليبيا في اطار ما اصبح يعرف بالربيع العربي. وبينما فر بن علي مع عائلته الى السعودية تم احتجاز الرئيس المصري حسني مبارك رهن المحاكمة وقتل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي في مسقط رأسه سرت بعد أشهر من القتال.

واجتمع بالعاصمة التونسية وزراء خارجية تونس ومصر وليبيا وقالوا ان هذا الاجتماع يهدف الى تنسيق المواقف في القضايا السياسية والاقتصادية والامنية لكنهم شددوا على ان هذا الاجتماع ليس محورا وهو مفتوح لدول الجوار الأخرى. وهذا اول اجتماع ثلاثي مشترك بين وزراء خارجية مصر وليبيا وتونس عقب الثورات. وقال رفيق عبد السلام وزير الخارجية التونسية في مؤتمر صحفي مشترك "التعاون الامني شغل حيزا هاما من اهتمامنا من بلدان الربيع العربي ونحن متفقون على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الارهاب على الحدود ووقف تهريب الاسلحة فالظروف في ليبيا مثلا تقتضي منا مزيد من اليقظة." واضاف انه العلاقات الامنية مترابطة واهتزاز اي بلد يعني عدم استقرار ايضا في البلدان المجاورة.

من جهته قال محمد كامل عمرو وزير الخارجية المصري "تحدثنا على كيفية التعاون في خصوص امن الحدود وهذا يتطلب جهدا اضافيا من دولنا ولكن من باقي دول الجوار ايضا." وتسعى بلدان الربيع العربي الى التعافي من ازماتها الامنية والاقتصادية التي خلفتها الانتفاضات معتمدة في ذلك على رفع التبادل التجاري وزيادة التنسيق الامني بينها على الحدود. ومنذ الاطاحة بنظام معمر القذافي تكافح تونس ومصر لضبط حدودها مع ليبيا لوقف تدفق الاسلحة من ليبيا بعد انتشارها بشكل واسع اثر الثورة الليبية. وكانت تونس أعلنت عن تفكيك تنظيم ارهابي تدرب في ليبيا اثناء الثورة يسعى الى اقامة امارة اسلامية في تونس.

كما اتفق الوزراء على ضرورة رفع التبادل التجاري بينها. وقالوا ان الارقام الاقتصادية لا تعبر عن تطلعات بلدان وشعوب الثورات العربية. وقال الوزير الليبي عاشور بن خيام "ليبيا اقرت هذا العام ميزانية بنحو 55 مليار دولار وهي الاضخم في تاريخ ليبيا ونأمل ان تساهم في تفعيل الاقتصاد وانعاش العلاقات مع جيراننا باتجاه رفع المبادلات والنهوض بالتشغيل."

وتأمل مصر وتونس ان توفر السوق المالية ملجأ لليد العاملة في ظل ارتفاع معدلات البطالة عقب الثورات في البلدين. وقال بيان مشترك اصدره الوزراء الثلاثة انه تم الاتفاق على اهمية تكريس مبدأ التشاور السياسي المنتظم وتنسيق المواقف الديلوماسية بينها والعمل على تنشيط التعاون الاقتصادي بما يعزز التجارة البينية ويشجع حركة رؤوس الاموال واليد العاملة دعما لاقتصاديات البلدان الثلاثة واقامة علاقات شراكة. بحسب رويترز.

وقال البيان ان الاتفاق جاء استجابة لقيم الحرية والديمقراطية والكرامة ومبادئ ثورات التغيير التي اطلقها الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا وايمانا بان الثورات اتاحت فرصا تاريخية للإصلاح السياسي الجدي وارساء نظم ديمقراطية ملتزمة في البلدان الثلاثة باولويات شعوبها. وقال وزير الخارجية الليبي ان البلدان الثلاثة اتفقت على تفعيل التعاون القضائي في ما يتعلق بتسليم المطلوبين للعدالة وان الدول المجاورة لليبيا ملتزمة تماما بان لا تكون اراضيها منطلقا لاعمال عدائية ضد ليبيا من قبل فلول النظام السابق. وتطالب ليبيا دول الجوار بتسليم المسؤولين السابقين في النظام الليبي. وتسجن تونس رئيس الوزراء السابق البغدادي المحمودي ورفضت تسليمه لحين ضمان محاكمة عادلة له في ليبيا.

استثمارات في دول الربيع

من جانب أخر أعلن رئيس البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية توماس ميرو ان البنك يتمتع بالقدرة على ان يستثمر في فترة لاحقة ما يصل الى 2,5 مليار يورو سنويا في اربع "ديموقراطيات عربية ناشئة". وانشىء البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية في 1991 لتشجيع عملية انتقال دول الكتلة الشرقية الى اقتصاد السوق بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وكان اعلن في كانون الثاني/يناير نيته توسيع عملياته الى الدول العربية من دون اعطاء اي رقم حول مبالغ الاستثمارات التي ينوي القيام بها.

وقال ميرو في مداخلة امام لندن سكول اوف ايكونوميكس "لقد شجعنا شركاؤنا على توسيع عملياتنا في منطقة جنوب وشرق المتوسط من طريق اضافة مصر وتونس والاردن والمغرب الى الدول ال29 التي نستثمر فيها حاليا". واوضح "سنحاول خصوصا تطوير القطاع الخاص في الديموقراطيات العربية الناشئة". وقال ايضا "عبر مجمل دول جنوب وشرق المتوسط، لدينا القدرة على ان نستثمر في وقت لاحق نحو 2,5 مليار يورو سنويا". بحسب فرنس برس.

وتابع ميرو "لسنا وحدنا في القيام بهذه الاستثمارات. فكل يورو نستثمره في مشروع، يجذب في المعدل اكثر من اثنين من اموال القطاع الخاص". و"بالتالي، فان 2,5 مليار يورو (من البنك الاوروبي لإعادة الاعمار والتنمية) قد تعني 7 او 8 مليارات يورو من الاستثمارات" في الإجمال.

وتابع رئيس البنك الاوروبي لإعادة الاعمار والتنمية "انها اموال يمكن ان تحقق فارقا حقيقيا، لكن يتعين ان نكون واضحين ان هذا الرقم لا يعني سوى مبلغ صغير من المبالغ الضخمة الضرورية لتحديث الاقتصاديات وادخالها في الشبكة العالمية" للاستثمار.

في السياق ذاته تعهدت دول صناعية وأخرى منتجة للنفط بتقديم 165 مليون دولار لصندوق أنشأه البنك الدولي لدعم التحول الاقتصادي في البلدان التي شهدت انتفاضات الربيع العربي العام الماضي. وجاءت هذه التعهدات بمبادرة من شراكة دوفيل التي تشكلت بعدما أنهت الثورات في تونس ومصر وليبيا عقودا من الحكم الاستبدادي. وتضم الشراكة مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى بالإضافة إلى البلدان المنتجة للنفط في الشرق الأوسط ومن بينها السعودية والكويت. بحسب رويترز.

وتهدف التعهدات التي أعلنت لتقديم منح للحوكمة الاقتصادية والتجارة والاستثمار والتنمية الشاملة وخلق فرص العمل. وتأمل الدول أن تجمع إجمالا 250 مليون دولار للصندوق. وتعهدت الولايات المتحدة بتقديم 50 مليون دولار بينما تعهدت كل من السعودية وبريطانيا بمبلغ 25 مليون دولار وستساهم اليابان بمبلغ 12 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/تشرين الثاني/2012 - 30/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م