حكام وملوك... اسرار ومتعلقات

 

شبكة النبأ: قد تختلف حياة الرؤساء والملوك والساسة الكبار عن حياة عامة الناس والفقراء بفضل بعض القوانين الوضعية التي تعطيهم الكثير من الامتيازات الخاصة وتميزهم عن باقي أفراد الشعب، لكنهم متساوين أمام عدالة السماء وخصوصا في الموت الذي تتعد أسبابة وتتنوع وهو ما قد يثير الشكوك أحيانا خصوصا في ما يتعلق بحياة بعض الشخصيات المملوءة بالإسرار والغرائب، وفيما يخص عالم الموت وأسراره المتعلقة بحياة الرؤساء والملوك وعلية القوم فقد عبر ابن الرئيس التركي الراحل تورجوت أوزال عن اعتقاده بأن تحليل رفات والده الذي أخرج تركيا من الحكم العسكري في ثمانينات القرن الماضي سيكشف عن وفاته مسموما داعيا إلى إجراء تحقيق شامل بشأن ما وصفه "بالسنوات المظلمة" قبل عقدين عند وفاته. جاءت تصريحات أحمد أوزال عقب تقرير نشرته إحدى الصحف يفيد بأنه تم اكتشاف مستويات عالية من السم من خلال عملية التحليل التي أجريت عقب استخراج رفات والده بناء على طلب ممثلي الادعاء المعنيين بالتحقيق في شبهات جنائية لوفاته. ونفت سلطات الطب الشرعي التقرير الإعلامي.

وكان أوزال توفى إثر إصابته بأزمة قلبية أثناء توليه منصبه في أبريل نيسان عام 1993 عن عمر يناهز 65 عاما. غير أن أسرته تعتقد أنه وقع ضحية مؤامرة. وقال أحمد أوزال عضو البرلمان السابق "رغم مرور 19 عاما يستطيعون اكتشاف المواد السامة بفضل التطورات التكنولوجية والتحقيق الدقيق...أعتقد أنه سيتم اكتشافها." بحسب رويترز.

وأضاف "أنا متأكد بنسبة 100 بالمئة من أن وفاته لم تكن طبيعية. وإذا ثبت ذلك بالفعل سينبغي على تركيا حينها إجراء تحقيق شامل في السنوات المظلمة" مشيرا إلى أن الصحفي البارز أوجور مومجو لقي حتفه في انفجار سيارة في نفس العام الذي توفى فيه والده.

ميليس يدخل التاريخ

في السياق ذاته شهدت اثيوبيا عبر تاريخها وفاة الكثير من قادتها بشكل غامض يبقى طي الكتمان لسنوات في بعض الاحيان. لكن هذا البلد الواقع في القرن الافريقي لم يعتد تشييع هؤلاء القادة في جنازات وطنية كما جرى دفن رئيس الوزراء ميليس زيناوي. وحين توفي احد اشهر اباطرة اثيوبيا مينيليك الثاني العام 1913 ظلت وفاته سرا حتى العام 2016 حين اعلن مسؤولون انه قضى في نوبة صحية قبل سنوات.

اخر امبراطور اثيوبي "ملك الملوك" هيلا سيلاسي توفي رسميا العام 1975 بصورة طبيعية لكن العديدين ما زالوا حتى اليوم على قناعة بان نظام الديكتاتور منغيستو هيلي مريام الذي كان اطاحه قبل ذلك بسنة هو الذي اغتاله. وتوفي رئيس الوزراء الاثيوبي ميليس زيناوي الذي تولى قيادة بلاده على مدى عشرين عاما، اثر اصابته بمرض لم تكشف طبيعته بعدما غاب شهرين عن الساحة السياسية.

ويرى محللون ان السرية التي تحيط في غالب الاحيان بوفاة القادة الاثيوبيين يمكن تبريرها جزئيا بعزم السلطة على ضمان الخلافة في ظروف من الاستقرار. وقالت استيل سوهييه من جامعة جنيف التي لها كتاب حول مينيليك الثاني "انهم يخشون في حال اعلان الوفاة ان يتسبب الامر بكثير من المشكلات لان العديدين يمكن ان يطالبوا بالعرش". واضافت ان "اخفاء وفاة زعيم هو طريقة لكسب الوقت من اجل التحضير للخلافة". وفي حال ميليس فقد اعلنت الحكومة الاثيوبية وفاته في مستشفى في بروكسل. غير ان التكتم لفترة طويلة عن مرضه يغذي الشكوك حول نوايا السلطة. ويبقى السؤال مطروحا عما اذا كانوا ارادوا ان يضمنوا توحيد صوت الطبقة الحاكمة قبل اصدار اي اعلان.

وتشير ميشيلا رونغ التي صدرت لها مؤلفات حول القرن الافريقي ان هذا الميل الى السرية شائع في افريقيا عند وفاة قائد كبير. وتقول ان "النخبة الحاكمة تدفعها الرغبة في الحفاظ على الوضع القائم المؤاتي لها"، مضيفة "انها تبحث عن الاستقرار". وتقارن سوهييه بين وفاة ميليس ووفاة مينيليك الثاني الذي اثارت خلافته معركة داخل العائلة المالكة. فتشير الى ان الحكومة التي اقرت بان رئيس الوزراء كان مريضا منذ عام لم تكشف عن اسم خلفه هيلي مريام ديليسين الا بعد وفاته.

وينص الدستور الاثيوبي على ان يحل نائب رئيس الوزراء محل رئيس الوزراء حين يغيب غير انه لا يلحظ اي شيء في حال الوفاة. وجنازة لميليس تكون الاولى التي تنظم لزعيم اثيوبي منذ اكثر من ثمانين سنة، حيث تعود اخر جنازة وطنية الى العام 1930 وقد اقيمت للامبراطورة زيديتو. وقال باتريك غيلكيس الذي صدر له كتاب حول النظام الاقطاعي الاثيوبي القديم "انها اول مرة خلال 82 عاما يتسنى فيها لاثيوبيا ان تعبر عن رأيها في قائدها". ولم يحظ هيلا سيلاسي بجنازة وطنية وقد دفن تحت حمامات القصر الرئاسي قبل نبش جثته ودفنها بشكل لائق العام 1992.

ويروي الصحافي الاثيوبي تسيغايي تاديسي البالغ من العمر اليوم 78 عاما ان العديدين من سكان العاصمة اديس ابابا كانوا "حزينين جدا" بعد وفاته. ولم يسمح منغيستو آنذاك بإقامة جنازة وطنية. وان كان ميليس سمح العام 1992 في وقت كان وصل الى السلطة للتو بإقامة تكريم ارثوذكسي لذكرى هيلا سيلاسي في كنيسة الثالوث الاقدس في اديس ابابا حيث دفن منذ ذلك الحين، الا انه لم يقبل يوما بجنازة وطنية معتبرا ان الحصيلة الاجتماعية للامبراطور السابق كارثية. بحسب فرنس برس.

ودفن ميليس في كنيسة الثالوث الاقدس التي يرقد فيها البطاركة الارثوذكس وكبار الوطنيين الذين سقطوا من اجل البلاد، ويرى المحللون في ذلك اشارة الى ان السلطات تريد ان تجعل منه بطلا. وان كان رئيس الوزراء اتهم مرارا بارتكاب انتهاكات فاضحة لحقوق الانسان وفرض قيود على الصحافة والمعارضة، الا انه كان في نظر البعض قائدا رؤيويا ستذكره البلاد لمكافحته الفقر. وقالت رونغ ان "الاشادة بالقادة ولزوم الصمت عن اخطائهم الجلية هو امر نصادفه في كل انحاء العالم".

وفاة دوم مينتوف

من جانب أخر قالت حكومة مالطا إن رئيس الوزراء الاشتراكي الأسبق دوم مينتوف الذي تصدر الساحة السياسية لأكثر من 50 عاما توفي في مقر إقامته قرب العاصمة فاليتا عن 96 عاما. وأشرف مينتوف المعروف بأسلوبه الذي ينزع إلى المواجهة وخطبه الحماسية على إغلاق القاعدة العسكرية لبريطانيا في الجزيرة عام 1979 لينتهي ارتباط عسكري دام 200 عام. وقال الزعيم الحالي لحزب العمال جوزيف مسقط إن جميع المالطيين تيتموا بعد وفاة مينتوف. تولى مينتوف رئاسة الوزراء بين عامي 1956 و 1958 وبين عامي 1971 و 1984 عندما سلم مقاليد الحكم لكارمينو ميفسود بونيسي. وكان عضوا في البرلمان لأكثر من 50 عاما وتسيد الساحة السياسية في مالطا قبل وبعد استقلالها عن بريطانيا. بحسب رويترز.

ولد مينتوف لأب عمل طباخا في البحرية الملكية البريطانية وتزوج من بريطانية لكنه من الناحية السياسية كان يتطلع إلى الشرق وشكل في مرحلة من المراحل روابط قوية مع الصين الشيوعية. وكان مينتوف قريبا أيضا من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي وروج لسياسة عدم الانحياز والحياد تجاه القوى العظمى وفي كثير من الأحيان اثار غضب الغرب. وظل الرئيس السابق لحزب العمال يتمتع بنفوذ قوي بعد تقاعده واسقط حكومة العمال في عام 1998 بعد خلاف بينه وبين الزعيم الفريد سانت آنذاك. وعمل جاهدا أيضا على انضمام مالطا إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2004 لكن دون جدوى.

كاسترو و فراش الموت

على صعيد متصل دحض الزعيم الكوبي السابق فيدل كاسترو تقارير أفادت بأنه مات أو انه يرقد على فراش الموت وذلك في مقال نشر له في الصحافة الحكومية بكوبا. واتهم كاسترو وكالات أنباء وأعداء كوبا بنشر "سخافات" عنه خاصة ما جاء في تقرير لصحيفة اسبانية بأنه أصيب بجلطة كبيرة وبأنه ليس في وعيه الكامل. وكتب كاسترو قائلا "يا طيور الشؤم! لا أتذكر حتى ما هو الصداع." وأرفق المقال الذي نشر في صحيفة (جرانما) الناطقة باسم الحزب الشيوعي الكوبي بصور لكاسترو وهو يسير في يوم مشمس في مكان بدا وكأنه مزرعة.

وظهر كاسترو في الصور مرتديا قبعة من القش وقميصا أحمر وقد سار متكئا على عصا وأمسك بعدد صحيفة جرانما. وقال كاسترو إن الصور "إثبات على أنهم كاذبون." وانتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي في الأسابيع القليلة الأخيرة شائعات بشأن كاسترو الذي يبلغ من العمر 86 عاما والذي تتدهور صحته منذ عدة سنوات.

وحكم كاسترو كوبا 49 عاما قبل أن يستقيل عام 2008 معللا قراره بالسن والوهن. وخلفه شقيقه الأصغر راؤول في رئاسة كوبا. وأعلن على مدونات وعلى موقع تويتر للتدوين المصغر أن كاسترو توفى أو أوشك على الموت وذلك بعد غيابه عن الظهور في العلن لفترة طويلة وبدون تفسير.

ولم يكتب كاسترو أيا من أعمدة الرأي التي تنشر له تحت عنوان "تأملات" منذ يوم 19 يونيو حزيران ولم يظهر في العلن منذ مارس آذار. لكن كاسترو قال إنه قرر التوقف عن كتابة الأعمدة لسبب عملي. وقال "توقفت عن نشر تأملات لان بالتأكيد دوري ليس ان احتل صفحات صحفنا المخصصة لعمل اخر تحتاج إليه البلد." بحسب رويترز.

وبالنسبة لما يفعله في يومه كتب كاسترو قائلا "أحب أن أكتب وأكتب. أحب أن أدرس وأدرس." واستغل كاسترو المقال أيضا للدفاع عن دوره في أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 عندما أصبح العالم على شفا حرب نووية في مثل هذا الشهر قبل 50 عاما حين اكتشفت الولايات المتحدة أن الاتحاد السوفيتي السابق نشر صواريخ نووية في كوبا. وقال كاسترو إن كوبا رأت ان الصواريخ ضرورية لوقف غزو أمريكي للجزيرة الواقعة على بعد 145 كيلومترا فقط عن فلوريدا وإنها لا تشعر بالندم لقرارها. وأضاف "تصرفنا لا يوجد ما يعيبه من الناحية الاخلاقية. لن نعتذر أبدا لأي شخص عما فعلناه."

سرطان البروستاتا

الى جانب ذلك قال انجلينو جارسون نائب الرئيس الكولومبي إنه مُصاب بسرطان البروستاتا وإنه سيحتاج نحو 40 جلسة للعلاج بالإشعاع بعد أسبوعين من إجراء جراحة للرئيس لإزالة ورم سرطاني. ويعاني جارسون (65 عاما) من مشاكل صحية منذ توليه منصبه عام 2010 بما في ذلك أزمة قلبية بعد أيام من أدائه اليمين الدستورية ونزيف في المخ في وقت سابق من العام الجاري مما أدخله في غيبوبة لفترة قصيرة.

وقال جارسون في بيان "أعاني من ورم سرطاني صغير في البروستاتا ليس من النوع الخطير والذي سيكون في وقت قصير سببا في موتي." وذكر الزعيم النقابي السابق إنه سيخضع لتسعة وثلاثين جلسة علاج بالإشعاع. وفي وقت سابق أُجريت جراحة للرئيس خوان مانويل سانتوس لإزالة ورم سرطاني في البروستاتا وقال إنه "شفي تماما". بحسب رويترز.

وكان جارسون زعيما نقابيا لزمن طويل وحاكما إقليميا خلال عهد الرئيس السابق الفارو أوريبي قبل تعيينه ممثلا لكولومبيا في الأمم المتحدة. وترك جارسون فيما يبدو الاحتمال قائما لترك منصبه ومهمته في الاساس هي تولي مهام الرئاسة في حالة عجز الزعيم الحالي عن مباشرة مهام منصبه. وقال "لابد أن أترك في يد الدستور والقانون كل شيء مرتبط بحاضر ومستقبل نائب رئيس كولومبيا."

محبو ديانا

من جهة أخرى وبعد 15 عاما على وفاة "أميرة القلوب" إثر حادث في نفق باريسي، لا تزال الأميرة ديانا "خالدة الذكر"، على حد قول البريطانيين والكنديين والفرنسيين الذين أتوا إلى باريس لتكريمها بالقرب من موقع الحادث الذي أودى بحياتها. وتوافد العشرات من المعجبين إلى نصب شعلة الحرية الذي شيده محبو الأميرة التي فارقت الحياة في 31 آب/أغسطس 1997، على بعد بضعة أمتار من نفق جسر ألما. وهم احتفوا جميعهم بذكرى "سيدة أنيقة وكريمة"، مستذكرين النشاطات التي كانوا يقومون بها عندما علموا بوفاتها.

استفاد روبي تينجز وزوجته تيريزا وهما من جنوب إفريقيا من يومهما الأخير في باريس لتكريم ديانا. وقال رجل الأعمال البالغ من العمر 53 عاما إن "وفاتها شكلت صدمة ... وأنا أتذكر تلك الليلة بتفاصيلها. فهاري وويليام ولدا الأميرة كانا في سن أولادي، وقد أيقظت زوجتي وتعذر علينا النوم مجددا. أخذت منا باكرا جدا". واصطحبت الفرنسية سيلفيا فريكو ابنتها ايفا البالغة من العمر ثمانية أعوام إلى النصب التذكاري، وأخبرت هذه الام التي غالبا ما تتحدث عن "اميرة القلوب" مع ابنتها "كانت سيدة جميلة وأنيقة. فبعد 15 عاما على الحادثة، لا أزال أتذكر اليوم الذي علمت فيه بوفاتها. كنت قد استيقظت للتو خلال عطلة نهاية الأسبوع. ولم أتقبل على الفور خسارة هذه الامرأة الكريمة". وقد انتهزت مجموعة من الكنديين أتوا من تورونتو توقف رحلتهم في باريس قبل الإقلاع إلى هولندا "لتكريم هذه السيدة الرائعة".

وقالت جوسلين كلوت التي خلدت هذه الذكرى بصورة لأفراد عائلتها الخمسة عشر أمام شعلة تمثال الحرية "أتذكر يوم زفافها وأعمالها الإنسانية وكل الجهود التي كانت تبذلها ليحظى ولداها بحياة طبيعية". ويستعرض البولندي باويل كورناتوفسكي الذكريات عينها، فديانا كانت بالنسبة إليه "شخصية عملت جاهدة في سبيل الإنسانية والاولاد".

حتى أن البعض يعتبر أن عقارب الساعة توقفت في العام 1997. فجيرارد غيي الذي يأتي كل عام من أورليان يعتبر أن "ديانا هي مصدر وحي للجميع. وهي تمدني بالقوة وتعزيني". وأخبر هذا الرجل الذي يبلغ 65 عاما أنه سيظل هذه السنة "خمس ساعات على الاقل إلى جانبها". واحتفاء بهذه الذكرى، كتب جيرارد غيي شعرا لأميرة القلوب وضعه إلى جانب الأزهار الذابلة والصور والشموع. بحسب فرنس برس.

ولم تغب هذه المناسبة عن بال الشباب الذين أتوا إلى فرنسا للاحتفاء بها، حتى لو لم يكن بعضهم قد ولد في العام 1997. فماكسيم كييميل وصديقته بولين لاريس قدما من تولوز. وقالت الشابة العشرينية التي تعرفت على حياة أميرة ويلز من خلال التلفاز "كنت في الرابعة من العمر عندما توفيت ديانا، ولن أنسى يوما ردة فعل أمي التي بدأت بالصريخ والبكاء عندما علمت بالفاجعة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 11/تشرين الثاني/2012 - 26/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م