ليبيا بعد القذافي... دولة هشة وصراع إثبات الوجود

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: بعد عام على تحرر ليبيا من حكم معمر القذافي، لا تزال هذه الدولة العربية تعاني من مشاكل عديدة على المستويات كافة، أبرزها شيوع الفوضى وانعدام الأمن بسبب انقسام قادتها الجدد وصراع الميليشيات المسلحة، مما يثير قلق المستثمرين الأجانب ويعكر صفو مستقبل البلاد المنتجة للنفط.

إذ تعيش لبيبا اليوم نزاعات وتحديات جديدة تلوح بآفاق سياسية مضطربة، نتيجة لصراع إثبات الوجود، مما قد يفاقم من هشاشة الدولة، ويعرقل التطور السياسي، خصوصا بعد الأحداث الأخيرة اثر الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي الذي قتل خلاله السفير الأميركي، كما تشكل الميليشيات الإسلامية جبهة جيدة للصراع الداخلي هناك، ويمثل سيطرة الميليشيات الكثيرة على مناطق ليبيا التحدي الابرز للحكومة الليبية الفتية، وقد احيت ليبيا الذكرى الاولى لاعلان التحرير التام للبلاد من نظام القدافي، حيث اختلفت مشاعر الليبيين بين التفاؤل والاستياء، إذ لا يزال أغلب الليبيين سعداء لرحيل القذافي وقد عبر كثيرون عن تفاؤل حذر بشأن مستقبل بلادهم، في حين ينتشر الاستياء في أنحاء ليبيا بسبب انتشار السلاح وانعدام الأمن، في حين مازالت المخاوف الأمنية تدفع المستثمرين الأجانب للحذر من العمل في ليبيا على الرغم من الفرص الهائلة والثروة النفطية الكبيرة المتوفرة لسداد تكاليف احتياجات إعادة الإعمار الملحة، بينما تسعى ليبيا اليوم جاهدة الى ايجاد أيديولوجيا سياسية جديدة توحد جميع الكيانات، كي تنفض عن كاهلها تركة خلفها حكم القذافي الذي دام 42 عاما، وكذلك لكي تستوعب ما ترتب على التغيير السياسي في الآونة الاخيرة.

ذكرى تحرير ليبيا

فقد احيت ليبيا الذكرى الاولى لاعلان "التحرير التام" للبلاد من نظام معمر القذافي، فيما تستمر الاشتباكات في مدينة بني وليد التي تتهم بحماية انصار الدكتاتور الراحل، وكانت السلطات الانتقالية الليبية اعلنت في 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011 من مدينة بنغازي (شرق) مهد الثورة الليبية، وبعد ثلاثة ايام من القبض على القذافي وقتله، "تحرير" ليبيا بالكامل، وقد جابت سيارات مزدانة بالعلم الليبي شوارع العاصمة مطلقة العنان للاناشيد الوطنية والنشيد الرسمي، متسببة بازمة سير خانقة، وتم للمناسبة تعزيز الاجراءات الامنية في العاصمة حيث نصبت عشرات من نقاط المراقبة، وفي مدينة بنغازي، تجمع المئات امام فندق تيبستي احتفالا بالمناسبة وكذلك للمطالبة بان تصبح المدينة التي لطالما اهملت في عهد القذافي، عاصمة اقتصادية للبلاد، وافسدت الاحتفال المعارك الدامية في مدينة بني وليد التي كانت من آخر معاقل انصار القذافي اثناء نزاع 2011 والتي يتهمها البعض بانها لا تزال تؤوي انصارا للزعيم الراحل ملاحقين من القضاء، وفي خطاب بثه التلفزيون الحكومي، اكد المقريف ان هذه العمليات لا تستهدف المدينة ولا سكانها وانما "المجرمين الذين يحتجزون المدينة وسكانها رهائن"، مؤكدا ضرورة الوصول الى "مصالحة وطنية عامة" وتفعيل القضاء خلال الفترة الانتقالية.

وقد تصاعدت اعمدة الدخان فوق بني وليد، مع سماع اصوات اطلاق نار وانفجارات في الجبهة الشمالية الغربية للمدينة، واضاف المراسل ان العشرات من العاملين الاجانب، من الافارقة والاسيويي، يواصلون الفرار من المدينة سيرا، وقالت وكالت الانباء الليبية ان القوات المواليدة للحكومة دخلت الى بين وليد وحررت 22 شخصا كانوا محتجزين في المدينة، واعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر انها بدأت بتوزيع المساعدات على الاف الاشخاص الذين فروا من بني وليد الليبية بسبب المعارك مؤكدة ان الذين ما زالوا في المدينة يواجهون اخطارا. وقال اشفق محمد خان، رئيس وفد اللجنة الدولية للصليب الاحمر في ليبيا، "نحن قلقون جدا من تداعيات العنف على مجمل المدنيين الذين ما زالوا في بني وليد".

ويعتبر الثوار الذين قاتلوا نظام القذافي ان بني وليد المدينة التي يقطنها مئة الف نسمة وتقع على بعد 185 كلم جنوب شرقي العاصمة "لم يتم تحريرها" ويدعون الى "تطهيرها" من المجرمين الذين تحصنوا داخلها، بحسب قولهم، وحاولت السلطات مرارا تهدئة هؤلاء "الثوار" لكن بعد تعدد الحوادث اضطرت للخضوع لضغوط الثوار السابقين المنظمين في مجموعات مسلحة تملك اسلحة ثقيلة، وتم بالتالي منح غطاء "شرعي" للهجوم على بني وليد بقرار من السلطات الانتقالية وذلك بعد مقتل احد ثوار مصراتة السابقين تم خطفه في بني وليد وتوفي بعيد الافراج عنه بتدخل من طرابلس، واججت وفاة هذا الاخير التوتر بين المدينتين الجارتين اللتين اختارتا صفين متعارضين ابان نزاع 2011، واذن المؤتمر الوطني العام (اعلى سلطة في البلاد) نهاية ايلول/سبتمبر لوزارتي الدفاع والداخلية بتوقيف المسؤولين عن الخطف وآخرين ملاحقين من القضاء، ومنذ ذلك التاريخ خضعت بني وليد لحصار مليشيات الثوار السابقين خصوصا من مصراتة تحت راية الجيش الوطني الذي يجري تشكيله. بحسب فرانس برس.

وقالت كلاوديا غازيني المحللة في مجموعة الازمات الدولية لليبيا "منذ الاعلان الرسمي لنهاية المعارك، اصبحت ليبيا فريسة النزاعات الداخلية"، وتضيف "تصرفت السلطات المركزية اساسا، تصرف المتفرج، تاركة امر الامن لمجموعات مسلحة (ثوار سابقين) تتمتع باستقلالية كبيرة وهي +تحت سلطة الدولة+ بصفة شكلية فقط"، ولتبرير الهجوم كان محمد المقريف رئيس المؤتمر العام اكد ان بني وليد "غدت ملجأ لاعداد كبيرة من الخارجين عن القانون والمعادين جهارا للثورة". واشار الى "عدم استكمال عملية التحرير بشكل حاسم في جميع المناطق"، واوقعت معارك بني وليد عشرات القتلى والجرحى في الايام الاخيرة ما تسبب في هجرة مئات من الاسر التي تقطنها، وتنذر اعمال العنف هذه بتاجيج الصراع القبلي والمناطقي وحذر بعض المراقبين من احتمال نشوب حرب اهلية في ليبيا، ويتهم سكان بني وليد "مليشيات مصراتة الخارجة عن القانون" بالسعي الى تدمير المدينة وطرد سكانها بسبب خصومات تاريخية يعيدها بعضهم الى بداية القرن العشرين ايام الاستعمار الايطالي، ويقولون ان السلطات ليست لها اي سلطة على هذه المليشيات.

عودة الحياة ببطء

فيما استغلت مئات السيارات التي تحمل أسرا ليبية توقف القتال بعد عطلة عيد الأضحى للعودة إلى منازلهم بعد رفع الحصار عن بلدة بني وليد التي كانت معقلا للزعيم الراحل معمر القذافي، وقد توجه عدد مماثل من السيارات تقل الأسر ذاتها إلى الاتجاه الآخر. فرت الأسر التي حملت معها أمتعتها من الهجمات التي شنها أفراد ميليشيات متحالفين مع الحكومة قالوا إنهم كانوا يحاولون بسط السيطرة على مدينة ما زالت مناهضة للانتفاضة الليبية، سيطر مقاتلون على البلدة وسط مشاهد تعمها الفوضى والانتقام والتي أظهرت ضعف سيطرة الحكومة الجديدة على الميليشيات التي تعلن ولاءها لها لكنها تتصرف من تلقاء نفسها بصورة كبيرة، كان عباس علي (25 عاما) يقود السيارة ومعه أسرته عائدا للمنزل بعد اضطرارهم لمغادرة بني وليد عندما سقطت قذيفة مورتر على منزله مما أدى إلى إصابة شقيقته، وقال وهو ينظر إلى صف طويل من السيارات "ليس لدي فكرة عما ينتظرني عندما أعود للمنزل، دخلت قوات موالية للحكومة إلى بني وليد بعد مقتل عمران شعبان وذلك بعد شهرين من احتجازه في البلدة. وشعبان هو المقاتل الذي عثر على الزعيم الراحل معمر القذافي مختبئا في أنبوب للصرف في سرت بعد أسابيع من سيطرة المقاتلين على طرابلس، وقررت الميليشيات وأغلبها من مدينة مصراتة التي حاصرتها القوات الموالية للقذافي شهورا خلال صراع العام الماضي البحث عن المشتبه بهم في خطف شعبان وتعذيبه وأمهل المؤتمر الوطني العام بني وليد مدة محددة لتسليمهم، وأحجم سكان بني وليد عن تسليم المطلوب القبض عليهم والمتهمين بتعذيب شعبان إلى ميليشيات غير نظامية في الوقت الذي ما زال فيه القضاء في وضع غير مستقر، وأبرزت هذه الأزمة عجز الحكومة عن إخضاع العديد من الميليشيات التي أطاحت بالقذافي بشكل كامل لسيطرتها. وستكون المصالحة بين بلدتين متناحرتين مثل بني وليد وهي من آخر الأماكن التي سقطت في يد مقاتلي المعارضة في صراع العام الماضي ومصراتة إحدى التحديات الرئيسية التي تواجه حكومة رئيس الوزراء الجديد علي زيدان.

ظلت بني وليد الواقعة على بعد 170 كيلومترا إلى الجنوب الشرقي من طرابلس تتعرض للقصف لأيام مما أجبر الآلاف على الفرار وأسفر عن إصابة المئات وسقوط أكثر من 20 قتيلا، وفي مطلع الأسبوع ساد الهدوء بني وليد ببطء وبدأت تتعافى من آثار الأزمة. فتحت المتاجر والمخابز أبوابها وأقامت الشرطة نقاط تفتيش. وبدأ عمال الكهرباء إصلاح خطوط الكهرباء التي سقطت جراء القصف وقال السكان إن إمدادات الماء والكهرباء عادت للمدينة التي يسكنها 70 ألف نسمة، خلت الشوارع من الميليشيات التي كانت قبل عدة أيام فقط تمنع الوصول إلى المدينة وأصبح الوجود الأمني في الطرق يقتصر على الشرطة والجيش التابعين للحكومة، بدا ملحوظا بعض مظاهر الدمار من القتال مع تهشم زجاج واجهات المتاجر ووجود مبان تكسوها آثار الرصاص، وتم إخفاء رسوم مناهضة لبني وليد رسمتها ميليشيات مصراتة خلال السيطرة على المدينة بالطلاء. بحسب رويترز.

وساد الهدوء المخيف مستشفى بني وليد العام مع عدم وجود مرضى وعدد محدود جدا من الأطباء، وقال أحمد الجدك مدير المستشفى إن المستشفى أعيد فتحه رسميا قبل أسبوع لكن عودة العاملين كانت بطيئة، وأضاف "تضرر جزء من المستشفى بسبب فوضى القتال والنهب... بل انهم سرقوا الدواء. الوضع سيء حقا"، وخزانات الأدوية خالية وإلى جوارها مقاعد متهشمة وجهاز تلفزيون متعطل، عاد بعض السكان لمنازلهم التي لم يتعرفوا عليها بسبب الدمار، دخلت مطايرة مبروك بحرص منزلها للمرة الأولى منذ الفرار من بني وليد الشهر الماضي فرارا من القتال، وفي حين أن بعض الغرف ظلت كما هي في منزلها فإن غرفة المعيشة وغرف النوم كانتا رأسا على عقب وكانت الأرائك والوسائد والمقاعد مقلوبة. وفتحت الخزانات وتم إفراغها على عجل وتناثرت محتوياتها على الأرض. وانسكبت أطعمة على الأرضية قرب برطمانات متهمشة للطماطم والزيتون، قالت الأرملة التي تبلغ من العمر 48 عاما "فررت من القصف وذهبت للنوم في العراء في واد مجاور قبل أن أفر إلى طرابلس"، ومضت تقول "لو كنت أعلم أن هذا سيحدث لمنزلي لم أكن لأغادره قط. كنت سأبقى وأمنع هؤلاء الناس من أن يفعلوا به هكذا"، وفي مكان مجاور قال رجل الأعمال حسين عبد الرحمن البالغ من العمر 64 عاما إنه عاد إلى بني وليد قبل أسبوع ليجد منزله وقد أحرق تماما، وظلت رائحة خفيفة من الدخان تعبيء المنزل المؤلف من عدة غرف. كسا اللون الأسود بسبب الحريق الجدران والأسقف تماما وكانت النوافذ بدون زجاج وانصهرت فواصل الأبواب مما جعلها تسقط، وتساءل وهو يهز رأسه قائلا "ما الذي فعلناه لنستحق كل هذا؟"، وقال عبد الرحمن إنه يعتقد أنه يتعرض للعقاب لتحدثه بعد أن خطفت ميليشيات ابنه في وقت سابق من العام الحالي، ومضى يقول "يريدون أن ينتقموا منا في هذه المدينة ولن يرتاحوا إلا عندما يشعرون بأنهم انتقموا"، وينتمي الكثير من سكان بني وليد لقبيلة ورفلة ذات النفوذ والتي كان أغلبها موالية للقذافي.

ويخشى سكان البلدة التي ظلت لفترة طويلة منعزلة عن سائر أجزاء ليبيا من الانتقام ويتساءلون عن المصير الذي ينتظرهم في عهد ما بعد القذافي، واصطفت خارج المستشفى سيارات الهلال الأحمر لتسليم مواد غذائية للعاملين في المستشفى. لكن مالك عمر أحد العاملين في الهلال الأحمر قال أن إحدى مهامهم الرئيسية في بني وليد هي البحث عن جثث تركت لتتعفن في أنحاء المدينة.

تناحر الميليشيات

على الصعيد نفسه تبادلت ميليشيات ليبية متناحرة إطلاق النار والقذائف الصاروخية في العاصمة طرابلس وأضرموا النيران في مبنى مخابرات سابق في واحدة من أسوأ صور التدهور الامني بالعاصمة منذ سقوط معمر القذافي، وأصيب خمسة اشخاص على الأقل في الاشتباكات واخترقت رصاصة طائشة مستشفى في وسط المدينة حيث هرع السكان إلى تسليح أنفسهم قائلين انهم اتصلوا بالشرطة لكن أحدا لم يأت للمساندة. وبعد مرور أكثر من 12 ساعة تحرك الجيش لاستعادة النظام، ويسلط العنف الضوء على التحديات التي تواجه الحكومة الليبية الجديدة في السيطرة على ميليشيات اكتسبت قوة خلال الصراع الذي أنهى 42 عاما من حكم القذافي العام الماضي وتوحيد بلد يموج بالانقسامات القبلية والاقليمية والطائفية، وقال شهود عيان إن النيران اشتعلت بعد ظهر في مقر اللجنة الأمنية العليا التي تشكلت العام الماضي لمحاولة تنظيم الجماعات المسلحة. وتعرض متجر للأدوات الرياضية يساعد في تمويل إحدى الميليشيات للنهب، وقال سكان بحي سيدي خليفة بجنوب طرابلس إن الاشتباكات اندلعت حين دب شجار بين وحدتين من الميليشيات تعملان بتفويض من اللجنة الأمنية العليا بشأن عضو محتجز من احدى الوحدتين، والوحدتان تابعتان للجنة الأمنية العليا وهي هيئة شاملة لجماعات مسلحة مختلفة رفضت الانضمام للشرطة أو الجيش قائلة انها لا تزال تدار بواسطة موالين للقذافي، ودوت أصوات إطلاق النار في الحي فيما اضطر مدنيون لإغلاق شارع الزاوية حيث احتدم القتال لمنع السيارات من دخول موقع الاشتباكات. وهرع كثير من المدنيين إلى منازلهم لإحضار أسلحتهم الشخصية، وقال مقيم يدعى خالد محمد "طلبنا الشرطة في ساعة مبكرة لمساعدتنا في وقف اطلاق النار لكن لم يأت أحد"، وأثارت رصاصة أطلقت من مبنى قريب حالة من الذعر في مستشفى طرابلس المركزي وركض الاطباء والممرضات للاحتماء، وقال طبيب يدعى خالد بن نور إن المستشفى استقبل خمس حالات إصابة من الاشتباكات، وأضاف "عندنا مرضى وهم لا يراعون هذا الشيء"، وأضاف انه يتعين على هذه الميليشيات توفير الهدوء للأطباء حتى يتمكنوا من أداء واجبهم، وقال بعض المقاتلين ان الاشتباكات دارت بسبب احتجاز عضو بإحدى الجماعتين في حين قال اخرون ان مقر اللجنة الامنية العليا وهو مبنى سابق للمخابرات احتلته ميليشيا تدعى وحدة الدعم رقم 8 ويقودها محمد الورفلي، وأطلقت ميليشيا منافسة تتبع ايضا اللجنة الأمنية العليا النار على المبنى من مكتب بريد سابق، وقال عضو بالميليشيا يدعى محمد الحمرازي الذي اتهم جماعة الورفلي بخرق لوائح اللجنة الأمنية العليا إن الورفلي ومجموعته احتلوا مبنى اللجنة الأمنية العليا ورفضوا الخروج منه، وقال اخرون إن مجموعة من الميليشيا جاءت لتحرير عضو تحتجزه جماعة الورفلي في مبنى اللجنة الأمنية العليا. بحسب رويترز.

ويسلط تضارب الأنباء عن سبب الهجوم الضوء على حالة الفوضى الخطيرة التي تحكم عمل الميليشيات شبه الرسمية في ليبيا التي تمتلك الكثير من القوة ولها ولاءات لا تتفق بالضرورة مع ولاءات الحكومة، ودخلت قوة من نحو 200 جندي من الجيش الوطني الليبي في نهاية المطاف مبنى اللجنة الأمنية العليا الذي احتلته ميليشيا الورفلي ونجحت في السيطرة عليه، واللجنة الأمنية العليا تديرها وتمولها وزارة الداخلية وهي تفوق الشرطة الرسمية تسليحا. ووعدت الوزارة مرارا بنزع سلاح الميليشيات لكنها لم تفعل ذلك حتى الان مما اثار استياء الكثير من الليبيين، وقال مقيم يدعى خالد أحمد "يجب على الحكومة ان تجد حلا لهذه الفوضى الامنية"، وأضاف "مر عامان منذ الثورة وما زال الامن غائبا. يجب ان يجدوا حلا وإلا فسوف نخرج للشوارع مجددا."

وبصرف النظر عن استنزاف الأموال العامة فقد اصبحت اللجنة الأمنية العليا مشكلة امنية. وشارك اعضاء من اللجنة الامنية العليا في عمليات خطف وترهيب في انحاء البلاد، وعلى بعد كيلومترين فقط من ساحة المعركة كان اعضاء المؤتمر الوطني العام يناقشون ما اذا كان يتعين نقل مقرهم إلى مدينة اخرى بسبب الهجمات المتكررة على المبنى.

وتصدت قوات الأمن لمحتجين أمام مبنى المؤتمر الوطني اثناء اداء الحكومة الجديدة برئاسة رئيس الوزراء علي زيدان اليمين الدستورية بعد أول انتخابات حرة تشهدها ليبيا في يوليو تموز. وقال محتجون ان بعض الوزراء الجدد كانت لهم صلات بنظام القذافي، واندلعت اعمال عنف ايضا خارج العاصمة. فقد انفجرت سيارة ملغومة امام مركز للشرطة في مدينة بنغازي مما ادى إلى اصابة ثلاثة من رجال الشرطة في احدث سلسلة من الهجمات ضد مسؤولي الامن في ثاني اكبر مدينة في ليبيا، وتفحمت واجهة مركز شرطة الحدائق بوسط بنغازي. ودمر مدخل المركز بشكل كامل وتناثر الزجاج في الشارع وقام رجال الاطفاء باخماد النار التي اشتعلت في سيارة للشرطة، وكان ثلاثة رجال شرطة يتلقون اسعافات اولية من اصابات بسيطة امام المركز. وقال مسؤولون في مكان الهجوم انه لم يسقط قتلى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/تشرين الثاني/2012 - 23/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م