
شبكة النبأ: منعطف خطير وحساس تشهده
الساحة اللبنانية التي تعاني الكثير من المشاكل والخلافات السياسية
والطائفية، ويرى بعض المراقبين الصراع المسلح في سوريا قد اثر وبشكل
مباشر على الجانب الأمني في لبنان واسهم أيضا بتطور رقعة الخلاف وأتساع
أعمال العنف خصوصا بعد موجة الاغتيالات المتكررة التي شهدتها البلاد
والتي كان أخرها اغتيال المسؤول الأمني الكبير اللواء وسام الحسن،
الأمر الذي دفع قادة المعارضة المتمثلة بقوى 14 اذار المدعومة من قبل
بعض الأطراف الخليجية للمطالبة بإسقاط الحكومة اللبنانية وتأجيج الشارع
ضدها وهو ما أسهم بحدوث بعض المواجهات المسلحة التي سقط فيها العديد من
الأبرياء بين قتيل وجريح، تلك الأحداث وبحسب بعض المتخصصين ربما ستعيد
شبح الاقتتال الطائفي الذي تسعى إسرائيل بتعاون مع بعض العملاء الى
إثارته في سبيل القضاء او إضعاف أطراف المقاومة في لبنان. وفي هذا
الشأن فقد شهدت بيروت مواجهات بين الجيش اللبناني ومسلحين، في حين
بقيت المعارضة على موقفها الداعي لإسقاط الحكومة وشهدت الساحة
اللبنانية تحركا دبلوماسيا دوليا في اتجاه لبنان ركز على اهمية
"استمرارية العمل الحكومي والمؤسسات" من اجل حفظ الاستقرار في لبنان.
وسجل ظهور مسلح في عدد من مناطق غرب بيروت القريبة من الطريق
الجديدة، معقل سعد الحريري، ابرز زعماء المعارضة، وقام مسلحون مقنعون
بقطع عدد من الطرق بالعوائق وحاويات النفايات والحجارة ومنعوا السيارات
من المرور. واوضح مصدر امني ان الظهور المسلح والحوادث الامنية
المتفرقة التي تحصل في عدد من المناطق السنية ناتجة عن "ردود فعل تقوم
بها مجموعات تحظى بغطاء سياسي معين" بعد مقتل رئيس فرع المعلومات في
قوى الامن الداخلي الضابط السني وسام الحسن.
واكدت قيادة الجيش على ان "الامن خط احمر فعلا لا قولا"، داعية "المواطنين
على تنوع انتماءاتهم الى التحلي بأعلى درجات المسؤولية الوطنية في هذا
الظرف العصيب، وعدم ترك الانفعالات تتحكم بالوضع والمبادرة الى اخلاء
الشوارع وفتح الطرق التي لا تزال مقطوعة". وقالت ان الجيش سيتخذ "تدابير
حازمة، لا سيما في المناطق التي تشهد احتكاكات طائفية ومذهبية متصاعدة،
وذلك منعا لتحويل لبنان مجددا الى ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية".
وكان تشييع الحسن تحول الى تظاهرة شعبية صاخبة طالبت باسقاط
الحكومة، وانتهت بمحاولة متظاهرين اقتحام السراي الحكومي. وكان ميقاتي
رد على مطلب المعارضة بالقول انه ليس متمسكا بمنصبه، لكنه علق اي قرار
حول الاستقالة على مشاورات وطنية يجريها رئيس الجمهورية ومشيرا الى ان
الرئيس ميشال سليمان حذره من الفراغ في حال تخليه عن رئاسة الحكومة.
دبلوماسيا شددت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون من
بيروت على دعم الاتحاد لاستقرار لبنان وتجنب الفراغ فيه. ونقلت اشتون
الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان خلال لقائها به "دعم الاتحاد الاوروبي
للبنان وسيادته واستقلاله واستقراره وتجنب الفراغ"، بحسب ما نقلت
الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية. واضافت ان اشتون اكدت على "الوحدة
الوطنية ودعم جهود الرئيس سليمان على صعيد الحوار". وتأتي زيارة وزيرة
الخارجية الاوروبية غداة تأكيد سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في
مجلس الامن الدولي وممثل الامين العام للامم المتحدة في لبنان دعمهم
للاستقرار واستمرار العمل الحكومي، وذلك على اثر لقائهم رئيس
الجمهورية.
امنيا فان مناطق غرب العاصمة بدأت باستعادة حياتها الطبيعية مع
تنفيذ الجيش انتشارا واسعا لا سيما في منطقتي قصقص وشاتيلا ذات
الغالبية السنية في غرب بيروت، التي سقط فيها قتيل جراء اشتباكات بين
الجيش ومسلحين. وأفادت بعض المصادر ان استمرار عمليات القنص بين منطقتي
التبانة ذات الغالبية السنية وجبل محسن ذات الغالبية العلوية في طرابلس
كبرى مدن شمال لبنان، ادى وحسب مصدر امني الى مقتل امرأة علوية من جبل
محسن، في حين توفي رجل آخر من المنطقة نفسها متأثرا بجراح أصيب بها.
وبذلك ارتفع عدد الضحايا منذ اندلاع اشتباكات متقطعة بين المنطقتين
الى 11 قتيلا و39 جريحا، آخرهم شاب من جبل محسن اصيب برصاص قنص من باب
التبانة، بحسب مصدر امني. ويشار الى ان الجيش عزز انتشاره في المدينة
حيث يسير دوريات بشكل منتظم، لا سيما في شارع سوريا الفاصل بين
المنطقتين. من جهته افاد الجيش اللبناني في بيان انه اوقف "نحو 100 شخص
بينهم 34 شخصا من التابعية السورية واربعة اشخاص من التابعية
الفلسطينية، وضبطت في حوزتهم كمية من الاسلحة الحربية والذخائر
والاعتدة العسكرية"، خلال عمليات "دهم لاماكن المسلحين في بيروت
وطرابلس حتى عودة الهدوء التام الى المدينتين". واشار بيان الجيش الى
ان 15 عسكريا بينهم ضابطان اصيبا بجروح جراء الخطة الامنية "التي
وضعتها القيادة لقمع المظاهر المسلحة، والتصدي لاطلاق النار واعمال
الشغب والاعتداء على ممتلكات المواطنين".
سياسيا اتخذت المعارضة اللبنانية قرارا بمقاطعة جلسات مجلس النواب
التي تشارك فيها الحكومة، بحسب ما افاد نائب معارض. وتأتي هذه الخطوة
مع مطالبة المعارضة حكومة ميقاتي التي تضم اكثرية من حزب الله وحلفائه
المقربين من دمشق، بالاستقالة. وقال النائب احمد فتفت ان المعارضة
المؤلفة من قوى 14 آذار المناهضة لسوريا قررت "مقاطعة كل جلسة (نيابية)
تشارك فيها الحكومة الى حين سقوطها"، مؤكدا ان القرار "لا يعني مقاطعة
البرلمان". لكنه اوضح ان المقاطعة ستشمل ايضا جلسات اللجان النيابية
المتخصصة "في حال شارك فيها وزراء من الحكومة".
وكانت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية افادت ان جلسة اللجان
المشتركة لمتابعة دراسة مشروع قانون الانتخابات النيابية المقررة في
2013، لم تعقد "بسبب غياب نواب الرابع عشر من آذار".
وقال فتفت المنتمي الى تيار المستقبل بزعامة رئيس الوزراء السني
السابق سعد الحريري، ان المقاطعة منسقة بين كل مكونات 14 آذار. واعلنت
كتلة المستقبل النيابية في ختام اجتماع عقدته انها "لن تشارك في اية
نشاطات او جلسات حوارية او اجتماعات نيابية او سياسية تتصل بالحكومة
والمسؤولين فيها حتى استقالة هذه الحكومة".
وكان تكتل "القوات اللبنانية" المسيحي المعارض بزعامة سمير جعجع،
اعلن بعد اجتماع عقده "رفضه الجلوس الى اي طاولة حوار"، وان نوابه
سيتعاطون "مع اي اجتماع نيابي على هذا الأساس". من جهة ثانية اكد نائب
لبناني معارض لدمشق انه تلقى مع عدد اخر من نواب المعارضة تهديدات من
خلال رسائل نصية قصيرة مصدرها رقم هاتف سوري، قبل اغتيال الحسن. وقال
النائب عمار حوري المنتمي الى تيار المستقبل "تلقينا عشية التفجير
رسالة نصية من رقم هاتف سوري" تتضمن تهديدا بالقتل. بحسب فرنس برس.
وسبقت هذه الرسالة اغتيال رئيس فرع المعلومات العميد وسام الحسن في
تفجير استهدف سيارته. وبعد الانفجار، تلقى النواب نفسهم رسالة اخرى
تقول "مبروك. بلش (ابتدأ) العد العكسي. واحد من عشرة" في تلميح الى
امكانية استهداف تسعة اشخاص آخرين.
تشكيل حكومة جديدة
في السياق ذاته يجري الرئيس اللبناني ميشال سليمان مشاورات مع ابرز
القادة السياسيين في البلاد للبحث في احتمال تشكيل حكومة جديدة بعد
الازمة التي تلت اغتيال مسؤول امني كبير حملت المعارضة مسؤوليته
للحكومة مطالبة باستقالتها. واضيف الى سلسلة مواقف غربية نبهت من حصول
فراغ في لبنان قد يؤدي الى زعزعة استقرار البلد الصغير ذي التركيبة
السياسية والطائفية الهشة، تحذير وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري
كلينتون من فراغ تستفيد منه سوريا.
وقال مصدر في رئاسة الجمهورية ان سليمان "يطرح خلال مشاوراته مع
الشخصيات السياسية عقد جلسة حوار وطني للتفاهم على شكل حكومة جديدة
تخرج لبنان من المأزق الحالي. عندها تقدم الحكومة استقالتها ويتم تشكيل
حكومة جديدة". والتقى سليمان النائب محمد رعد، رئيس الكتلة النيابية
لحزب الله الذي يشكل مع حلفائه الاكثرية في الحكومة الحالية. ولم يعلق
الحزب حتى الآن على المطالبة باستقالة الحكومة. وقال المصدر الرئاسي ان
رعد ابلغ سليمان استعداد الحزب للحوار، من دون اي تفصيل اضافي. وقال
النائب ابراهيم كنعان من كتلة التغيير والاصلاح برئاسة النائب المسيحي
ميشال عون، ابرز حلفاء حزب الله، "نحن منفتحون في المبدأ على الكلام
والنقاش حول كل المواضيع، لكننا ضد عزل المؤسسات وتعطيلها".
واضاف "بطبيعة الحال، الرئيس هو من يحدد جدول اعمال الحوار"، متابعا
"لسنا رافضين لاي نقاش سياسي لمصلحة البلاد ضمن اطار مؤسساتي سليم
واحترام الدستور والقوانين والاصول الديموقراطية، والا ما البديل عن
الحوار؟ المقاطعة وزعزعة الامن و(...)؟ هذه لا يمكن ان توصل الى شيء".
واعلنت المعارضة مقاطعة العمل الحكومي وعمل اللجان النيابية وجلسات
البرلمان التي تشارك فيها الحكومة، واي حوار قبل سقوط الحكومة.
وقال المصدر الرئاسي ان رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، القيادي
في المعارضة، ابلغ سليمان ان تيار المستقبل الذي ينتمي اليه السنيورة
ويتراسه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، سيقاطع جلسة الحوار حول
الموضوع الحكومي، ولن يشارك في اي حوار ما لم تستقل الحكومة الحالية
برئاسة نجيب ميقاتي. سوريا. بحسب فرنس برس.
ونفى السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي ان تكون لسوريا
علاقة باغتيال وسام الحسن، متهما اسرائيل و"قوى تكفيرية" بذلك. وقال
علي لصحافيين اثر اجتماعه مع وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور، ان
"سوريا مصلحتها استقرار لبنان، وتدين كل الاغتيالات"، معتبرا ان
اتهامها بالعملية "كلام مؤسف". واضاف ان "سوريا لا علاقة لها بهذا
الحادث الاجرامي". وقال ردا على سؤال، ان "اسرائيل هي المستفيدة" من
زعزعة الامن في لبنان. وعما اذا كان يتهم اسرائيل بعملية التفجير التي
وقعت وقتل فيها الحسن مع شخصين آخرين، قال "نحن نتهم أيضا بعض القوى
التكفيرية التي لا ترى بعيون صحيحة، وترى في الفوضى مصلحة لها". |