مضى عيد للموت.. وبانتظار آخر !

زاهر الزبيدي

لم يختلف هذا العيد عن الأعياد السابقة.. فقد كان الموت قريباً جداً من المناطق المأهولة بكثافة، حيث سُجلت العديد من حالات الخرق الأمني ونحن بانتظار أن يظهر أحدهم ليخبرنا عن نجاح الخطة الأمنية للعيد!، بعدما أعلنت القاعدة تبنيها للعمليات "الغزوات" في عيد الأضحى المبارك والتي أطاحت بالعشرات من ابناء شعبنا بين شهيد وجريح.

لقد كان "غزوتي" مدينة الصدر والكاظمية أكثرها جرأة فالكاظمية المدينة المقدسة المحصنة يتم اختراق حصونها للمرة الثانية خلال أقل من شهر حيث يبدو أن ثغرة قاتلة في تلك الحصون اتاحت الفرصة لدخول ادوات الموت الى داخل المدينة ولتعيث بأمنها، إن استهداف الكاظمية له معنى مهم آخر وهو أن استهدفت الكاظمية يعني أن جميع المناطق الأخرى في بغداد مستهدفه لكونها تصبح عارية من الحماية إذا ما قورنت بحماية الكاظمية وباستثناء المنطقة الخضراء طبعاً.. ومع التنويع في استخدام أدوات الموت التي تمتلكها القاعدة فأن بغداد بأكملها قد يشملها الموت وفي كل الأيام لتبطل مفعول الخطط الأمنية الموضوعة لحماية أهلها، فقد دخلت قذائف الهاون مجدداً في معادلة القتل المبرمج مع وسائل الموت الاعتيادية عبوات ولواصق.

إضافة الى ان الخرق قد تم في وضع استنفار أمني مهم خلال فترة عيد الأضحى المبارك والذي أصبح عيداً نضحي به بأبنائنا وعوائلنا إكراماً لعيون السياسيون فما لا يقل عن 44 شهيداً و150 جريحاً قد ذهبوا أضحية للخطة الأمنية التي طبقت في العيد ولا نعلم كم عددهم سيكون بلا خطط أمنية؟.

هناك خلل ما على الجميع تداركه وتأشيره بحكمة وإلا فأننا أمام سلسلة هجمات كبيرة متلاحقة تقف امامها قواتنا عاجزة عن درء الخطر عن ارواحنا مما يتركنا في حيرة من أمرنا في كيفية حماية اسرنا من تلك الهجمات، فالأموال موجودة والرجال موجودون فأين يكمن الخلل في تلك الخروقات؟

الخلل يكمن في اننا لا زلنا لغاية يومنا هذا نتعامل مع تلك الهجمات بصورة تقليدية بحتة لا تتناسب وقدرة التخطيط الدقيقة المتوفرة لدى الجانب المقابل، فعلى سبيل المثال ألا يفكر البعض منا عن السبب في عدم وجود كاميرات مراقبة للمناطق المهمة من المدن وخاصة تلك التي تحتوي على كثافة سكانية كبيرة، كاميرات ذات دقة عالية وموزعة بشكل أمني وفني يوفر للراصد إمكانية رصد التحركات المريبة، فحتى لو انفجرت سيارة ملغومة، على سبيل المثال، فإن تلك الكاميرات سوف توفر لنا معلومات مهمة عن خط سير تلك العبوات ومكان تصنيعها وقد تساعد، بصورة كبيرة، على إكتشاف الجناة، فالكاميرات، لو أحسن استخدامها، وانتقاء أكثرها دقة، ستوفر لنا مؤشرات كبيرة حتى عن حركة الأفراد فلوكانت هناك كاميرات في مدينة الكاظمية غير منظومة المراقبة الموجودة في الوقت الحاضر.. لكنا قد عرفنا من وضع العبوة في باب الدروازة ومن أي طريق دخل المنطق وعلى اي نقاط تفتيش مرَّ، بل حتى ومن أي مكان من خارج المدينة قد أتى...

 الكاميرا من أهم اسلحة المعارك مع الإرهاب غير التقليدية والعالم بأكمله يعتمد عليها، ولكننا في العراق لا زلنا غير ابهين بها بالمرة، فهي كالكرة كل يوم ملعب أحدهم فهي مرة عند الحكومة ومرة على طاولة البرلمان ومرة عند المحافظة حيث أشارت الأخبار الى عزم العراق على ‏التعاقد مع احدى الشركات (((الصينية))) المعروفة بمجال ‏تصنيع ونصب كاميرات ‏المراقبة.، ونتساءل هنا لماذا الصينية بالذات ألا توجد شركات يابانية أو امريكية أو انكليزية.. أم أن الصينية يسهل التعامل معها وهي ليست الأولى في هذا المضمار !

نحن بحاجة الى مزيداً من الحكمة التعامل مع الأحداث الأمنية وإلا فأن عيداً يمضي ونبقى بانتظار آخر مع مراجيح الموت !

zzubaidi@gmail.com

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 31/تشرين الأول/2012 - 15/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م