أوباما ورمني... أجندات متباعدة وفرص متقاربة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية يزداد السباق الى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض احتداما، مما أدى إلى طرح سيناريوهات كثيرة متباينة على المشهد السياسي الأمريكي مؤخرا، فما زالت أتون الحرب المشتعلة بين مرشح الحزب الجمهوري ميت رومني، ومرشح الحزب الديمقراطي باراك اوباما مستعرة، بفضل شراسة الهجمات الحادة المتبادلة بينهما، وتزايد حملات الضغط والتضليل في عملية تعبئة الناخبين، والذي حصل فعليا في قلب المعركة بما يعرف بالتصويت المبكر، مما يمكن أن تكون هذه الانتخابات واحدة من أكثر انتخابات الرئاسة احتداما في التاريخ الأمريكي، فلم تعد كلمات المرشحين تخلو من الدعوة الى التصويت الفوري، كون فرص المرشحين في الفوز شديدة التقارب، وعلى الرغم من صعود رومني في الآونة الأخيرة وسلوكه طريق الفوز للبيت الأبيض، إلا ان التقدم ما زال لأوباما، ويتضح من المعركة الانتخابية بأن الغريمين يسعيان لحسم المنافسة في مناظرتهما الأخيرة، فهما يتبادلان الانتقادات والاتهامات بحدة حول كيفية ادارة الولايات المتحدة، وخصوصا القضايا الاساسية الساخنة كالسياسات الخارجية والاقتصاد والصحة وملف الشرق الاوسط، فيما يرى المرشح الديمقراطي بأن حسابات منافسه اقرب للخيال وربما تغير مسار أمريكا نحو الاتجاه العكسي، وعليه  تبدو الانتخابات المحتدمة في ذروتها قبل ايام من بدئها، وبالتالي يبقى الحسم مبهما حتى اللحظة الراهنة.

الأصوات المبكرة

فقد واصل باراك اوباما وميت رومني دعوة انصارهما الى التصويت المبكر مع اقتراب الموعد الرسمي لانتخابات الرئاسة الاميركية، الا ان وصول الاعصار ساندي المتوقع الى سواحل الاطلسي، الشديد الكثافة السكانية، قد يحد من تنقل الناخبين.

وقد ادلى اكثر من 10,5 ملايين ناخب حتى الان باصواتهم مسبقا، عبر البريد او شخصيا، وفقا لاحصاء اجراه معهد "مشروع الانتخابات" التابع لجامعة جورج ميسون القريبة من واشنطن، وقبل ايام قليلة من موعد الانتخابات في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، يواصل المرشحان جولاتهما المحمومة. وقد وصل اوباما الى ولاية نيو هامشير، التي فاز بها عام 2008 وان كان يواجه فيها هذه المرة منافسه حامية مع المرشح الجمهوري. ورغم انها لا تملك سوى اربعة ناخبين كبار فان هذه الولاية الصغيرة في الشمال الشرقي يمكن ان يكون لها وزنا حاسما في انتخابات تبدو فيها فرص المرشحين شديدة التقارب.

من جانبه وصل ميت رومني الى بينساكولا في ولاية فلوريدا، في الجنوب الشرقي، وهي اكبر الولايات الرئيسية العشر مع 29 ناخبا كبيرا، وهي تشهد ايضا اشد منافسة مع ولاية اوهايو (شمال)، وتفتح مكاتب التصويت في فلوريدا كما كشفت المتحدثة باسم اوباما، جنيفر بساكي التي قالت للصحافيين في طائرة الرئاسة ايرفورس وان اثناء توجهها الى نيو هامشير "نحن على اقتناع باننا قادرين على الفوز بها".

الا ان الاعصار ساندي، الذي قد يضرب الساحل الاطلسي، يمكن ان يعيق التصويت المبكر بعد ان عرقل بالفعل جدول تحركات المرشح الجمهوري ونائب الرئيس الديموقراطي جو بايدن اللذين الغى كل منهما رحلته المقررة اليوم الى فيرجينيا بيتش في ولاية فيرجينيا (شرق)، من جانبه قدم اوباما موعد سفره الى فلوريدا ليكون هناك وليبدا منها جولة جديدة في الولايات الرئيسية مع الرئيس الاسبق بيل كلينتون، وقد جرى اطلاع اوباما على حالة الاستعدادات مع اقتراب ساندي الذي خلف بالفعل 40 قتيلا في منطقة الكاريبي كما اشار مساعد المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست الذي اضاف ان "ذلك يظهر من جديد مدى حرص الرئيس على اعطاء الاولوية لمسؤولياته كقائد عام وزعيم للبلاد مع الاستمرار في العمل كمرشح لاعادة انتخابه"، ورفضت بساكي التعليق على امكانية ان يؤثر الاعصار على التصويت المبكر لكنها اشادت بقوة "التنظيم الميداني" للحملة الديمقراطية.

ويرى البروفيسور مايكل ماكدونالد انه يمكن ايضا تحطيم الرقم القياسي للاصوات المبكرة الذي سجل قبل اربع سنوات وبلغ 41 مليون صوت (30% من اجمالي الاصوات). وخاصة بفضل المتطوعين والعاملين باجر الذين يضاعفون الاتصالات الهاتفية والزيارات للناخبين لتذكيرهم بعناوين ومواعيد مكاتب الاقتراع، وفي هذا المجال اثبت باراك اوباما تفوقه عام 2008 لكن يبدو ان الجمهوريين بداوا يعوضون تاخرهم.

وقامت حملة اوباما بالاتصال بنحو 40% من ناخبي الولايات الرئيسية الثماني فيما اتصلت حملة رومني بنحو 35% منهم وفقا لاستطلاع اجرته واشنطن بوست وايه.بي.سي نيوز ونشرت نتائجه، وفي الوقت الحالي يتقدم المرشح الجمهوري بفارق ضئيل يقل عن نقطة على اوباما في استطلاعات الراي الوطنية وفقا لموقع ريلكليربوليتيكس. الا ان الرئيس الحالي يملك تقدما في معظم الولايات الرئيسية. بحسب فرانس برس.

وفي نيو هامشير سيزور اوباما من جديد مدينة ناشوا، التي تكتسي اهمية رمزيه في مسيرته، فهذه المدينة هي التي القى فيها الرئيس الحالي خطابه الشهير "يس، وي كان" (نعم، نستطيع) بعد هزيمته في الولاية امام هيلاري كلينتون في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح الحزب الديموقراطي عام 2008. وهذه المرة ايضا يتوقع ان يدعو الى التعبئة، وكان اوباما قال في كليفلاند "ليس عليكم الانتظار للتصويت، انا في حاجة الى ان تصوتوا مبكرا"، وامام ثمانية الاف شخص تجمعوا الجمعة في نورث كانتون في جو شديد البرودة ذكر بول ريان، مرشح رومني لمنصب نائب الرئيس، سكان اوهايو بانهم "مركز الاختيار من اجل مستقبل هذا البلد"، وقال ريان"اننا نطلب منكم الدعم. نحن في حاجة الى ان تتحدثوا الى الناس الذين صوتوا لاوباما في المرة الاخيرة".

وفي اوهايو، فتحت مكاتب التصويت منذ 2 تشرين الاول/اكتوبر الحالي. وتسمح واشنطن و31 ولاية اخرى من الولايات الخمسين بالتصويت المبكر منذ اليوم ومن بينها ولايات حاسمة مثل فلوريدا، وكارولينا الشمالية (شرق) ووسكونسن (شمال) وايوا (وسط) وكولورادو ونيفادا (غرب)، وتسمح باقي الولايات بالتصويت عبر البريد ولا يشترط بعضها اي مبرر للتغيب.

حملات الضغط والتضليل

ففي فلوريدا وفرجينيا وانديانا تلقى ناخبون أمريكيون اتصالات هاتفية أبلغتهم بمعلومة خاطئة بأنه ليس من الضروري التوجه شخصيا للاقتراع يوم الانتخابات وأنه يمكنهم التصويت بالهاتف، وفي أوهايو وويسكونسن انتشرت لافتات في أحياء أغلب ساكنيها من أصحاب الدخل المنخفض والأقليات عليها صور لسجناء وراء القضبان محذرة من العقوبة على أي تلاعب في الأصوات في محاولة تقول جماعات لحقوق الإنسان إنها تهدف إلى ترويع الناخبين من الأقليات المختلفة، وفي أنحاء البلاد هناك بعض أرباب العمل مثل ديفيد وتشارلز كوتش وهما اخوان من المليارديرات ساهما في تمويل جماعة "أمريكيون من أجل الرخاء" المحافظة واللذين يدفعان العاملين لديهما للتصويت لصالح الجمهوري ميت رومني في انتخابات الرئاسة القادمة، وقبل اسبوعين مما يمكن أن تكون واحدة من أكثر انتخابات الرئاسة احتداما في التاريخ الأمريكي أصبحت محاولات التضليل أو الترويع أو الضغط على الناخبين نمطا بارزا بشكل متزايد في المشهد السياسي. ويقول محللون إن هذه الأساليب التي كانت تظهر عادة خلال الأيام القليلة السابقة ليوم الانتخابات بدأت تظهر بالفعل.

وكان الديمقراطيون الأكثر شكوى من تلك الأساليب. لكن الجمهوريين أيضا كان لهم نصيب من الشكاوى التي تركزت بصورة كبيرة على ثمانية أو أكثر من الولايات المتأرجحة والتي من المرجح أن تحسم السباق بين رومني والرئيس الديمقراطي باراك أوباما، وكان كيرتس كيليان وهو جمهوري من سان اوجوستين في فلوريدا من بين من اشتكوا في ثلاث ولايات تحدثوا عن تلقي مكالمات شجعتهم على التصويت بالهاتف حتى لا يذهبوا للانتخابات.

وقال كيليان إنه تلقى مكالمة من رجل قال إنه موظف في إدارة الانتخابات بفلوريدا. وأضاف كيليان أنه رفض عرض المتصل الإدلاء بصوته بالهاتف ثم أبلغ عن المكالمة مسؤولي انتخابات محليين، ومضى يقول "أنا أعرف أنه ليس هناك شيء يدعى التصويت بالهاتف." وتابع قوله "بالنسبة لبعض الذين لا يمكنهم الخروج بسهولة" مثل كبار السن أو الناخبين ذوي الإعاقة "فربما يصدقون هذه الحيلة.. وسيكون هذا ملائما بالنسبة لهم. بمجرد أن تظن أنك أدليت بصوتك لن تذهب للانتخابات. سوف يلغى صوتي"، ووردت بلاغات عديدة في هذا الصدد في فرجينيا كما أجرت السلطات في انديانا تحقيقا تركز على شركة تدعى (فوت يو.اس.إيه). وليس من الواضح الجهة التي تقف وراء المجموعة وحثت السلطات الناخبين الذين يتلقون مكالمة من هذه الشركة على تجاهلها. بحسب رويترز.

ويشعر أعضاء ديمقراطيون في الكونجرس ونشطاء ديمقراطيون في ويسكونسن وأوهايو -وهما من أكثر الولايات المتأرجحة التي تدور حولها منافسة شديدة لأنهما من المرجح أن تحسما السباق للبيت الأبيض- بالاستياء بسبب عشرات اللافتات التي ظهرت في الأسابيع القليلة الماضية وتحذر من التلاعب في الأصوات، ووضعت هذه اللافتات في أحياء أغلب سكانها من السود ومن ذوي الدخول المنخفضة. وقال زعماء في تلك المجتمعات إن هذه اللافتات تستهدف السود وذوي الأصول اللاتينية والفقراء وكذلك المدانين السابقين وهي فئات تميل في العادة للتصويت للحزب الديمقراطي، وقال كاميلو فيلا (24 عاما) الذي مارس حق التصويت مبكرا لصالح أوباما ويعيش في منطقة كليفلاند "هناك جهود مكثفة لإبعاد فئات بعينها عن الانتخابات... هذا وضع مقلق للغاية"، وفي الوقت ذاته يضغط بعض أرباب العمل على موظفيهم لدعم مرشح بعينه في انتخابات الرئاسة وانتخابات أخرى، ويستغل هؤلاء فيما يبدو حكما للمحكمة العليا صدر عام 2010 أبطل قوانين كانت تحظر على أرباب العمل التعبير بشكل مباشر عن آرائهم السياسية مع موظفيهم.

وأرسلت عدة شركات خطابات تحث عامليها على التصويت لصالح رومني. وتعرض الاخوان كوتش -اللذان دفعا ملايين الدولارات لدعم رومني وجمهوريين آخرين- للانتقاد لإرسالهما "رسائل معلومات للناخبين" إلى 45 ألف موظف في شركة جورجيا باسيفيك التي يديرانها يحثان فيها الموظفين على انتخاب رومني، واتهم بعض الديمقراطيين شركة جورجيا باسيفيك بأنها تعمد الى اجبار العاملين فيها على انتخاب المرشح الجمهوري.

معارك الخيول والحراب

وفي المناظرة الثالثة والاخيرة قبل اسبوعين من انتخابات الرئاسة الأمريكية كانت عبارة "الخيول والحراب" هي العبارة اللافتة للنظر حين استخدمها الرئيس الأمريكي الديمقراطي باراك أوباما ليبرز ان أفكار السياسة الخارجية لمنافسه الجمهوري ميت رومني قد عفا عليها الزمن، وطوال حملته الانتخابية ركز رومني هجومه على السياسة العسكرية لأوباما واتهم الرئيس الديمقراطي بتقتير الانفاق على الجيش مشيرا إلى ان البحرية الأمريكية تملك الان عددا أقل من السفن مما كانت تملكه في عشرينيات القرن الماضي، وكرر رومني حاكم ماساتشوستس السابق نفس النقطة خلال المناظرة الرئاسية الثالثة والاخيرة مساء الاثنين وسارع أوباما بالانقضاض عليه.

وقال أوباما "ذكرت البحرية على سبيل المثال وانه لدينا الان سفنا أقل مما كنا نملك عام 1916 ... حسنا سيدي الحاكم لدينا الان أيضا خيولا وحرابا أقل لان طبيعة الجيش تغيرت"، واستطرد أوباما ساخرا "لدينا الان أشياء تسمى حاملات طائرات التي تهبط عليها الطائرات. ولدينا تلك السفن التي تغوص تحت الماء.. غواصات نووية"، ولم يكتف أوباما بهذا القدر بل استعان في تشبيهاته بلعبة الكترونية للاطفال اسمها (بارجة) وقال "المسألة ليست لعبة بارجة نحصي فيها عدد السفن."

وقوة البحرية الأمريكية لها أهمية خاصة لولاية فرجينيا التي تجري بها بعض العمليات الكبرى لبناء السفن واصلاحها وهي من الولايات المتأرجحة التي قد تحسم السباق على البيت الابيض في انتخابات السادس من نوفمبر تشرين الثاني، ويوجد في فرجينيا في منطقة هامبتون رودز أكبر تجمع للقواعد والمنشآت العسكرية مقارنة بأي منطقة حضرية في العالم، وتمسك رومني بموقفه المطالب بزيادة عدد السفن وقال "البحرية تقول انها بحاجة الى 313 سفينة للقيام بمهامها"، وأنتشرت على الفور عبارة أوباما "الخيول والحراب" على مواقع التواصل الاجتماعي وظهرت بقوة على تويتر وبسرعة عجيبة ظهر الاسم المستعار "الخيول والحراب"، واستحدث موقع على الانترنت تظهر به صور لأوباما وهو يقول "لدينا أيضا رماح وسهام ومجانيق أقل" وصور لرومني وهو يمتطي حصانا ويحمل بندقية وحربة.

وهاجم أوباما السياسة الخارجية لرومني لكن أيا منهما لم يتمكن من توجيه الضربة القاضية للاخر ولم تحدث في المناظرة التي جرت بينهما في جامعة لين في بوكا راتون زلات لسانية رغم اشتباكهما حول إسرائيل وإيران وروسيا، وفي الفرصة الاخيرة للرجلين لاجتذاب ملايين الناخبين الذين شاهدوا المناظرة علي شاشات التلفزيون اتخذ أوباما موقف الهجوم من البداية. وانتقد منافسه الجمهوري لمقترحاته بشأن الشرق الاوسط وسخر وقال إن رومني يريد ان يعيد الولايات المتحدة إلى موقف الحرب الباردة الذي نبذته منذ فترة طويلة.

وقال أوباما ايضا إن المرشح الرئاسي الجمهوري باعلانه ان روسيا "خصم جيوسياسي" للولايات المتحدة يريد أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، واضاف قائلا "الحرب الباردة انتهت قبل 20 عاما" موجها حديثه إلى رومني بينما كانا يجلسان إلى طاولة نصف دائرية امام بوب شيفر الذي أدار المناظرة. وقال أوباما "فيما يتعلق بسياستك الخارجية.. يبدو انك تريد أن تستورد السياسات الخارجية لعقد الثمانينات"، وقال رومني إن سياسات أوباما تجاه الشرق الاوسط وشمال افريقيا لا تمنع اعادة ظهور التهديد الذي تشكله القاعدة في المنطقة.

ورد عليه أوباما قائلا "الهجوم علي ليس برنامجا سياسيا يمكننا من التعامل مع تحديات الشرق الاوسط"، واتفق المرشحان على انه ينبغي للولايات المتحدة ان تدافع عن إسرائيل الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الاوسط إذا هاجمتها ايران لكن رومني قال انه سيشدد العقوبات التي تؤثر بالفعل على الاقتصاد الإيراني، وأعاد المرشح الجمهوري -الذي جعل من وعده اعادة بناء الاقتصاد الأمريكي الضعيف القضية المحورية طوال الحملة الانتخابية- مرارا المناقشة الي المسائل الاقتصادية قائلا ان الامن القومي للولايات المتحدة يعتمد على اقتصاد قوي. بحسب فرانس برس.

لكن أوباما رد عليه بقوة قائلا ان خطة رومني الاقتصادية ترتكز إلى تخفيضات في الضرائب لم يكن لها تأثيرها المرغوب في السابق. واضاف أن رومني لن يكون بمقدوره موازنة الميزانية وزيادة الانفاق العسكري بمثل هذه الخطة، وقبل المناظرة أظهرت معظم استطلاعات الرأي تعادل كفتي المرشحين مع حصول كل منهما على نسبة تأييد قدرها 46 بالمئة، وجاء أوباما إلى المناظرة وهو يتمتع بميزة قيادة الامن القومي والشؤون الخارجية للولايات المتحدة على مدى الاعوام الثلاثة والنصف الماضية. وينسب اليه الفضل ايضا في انهاء حرب العراق وقتل اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في 2011، لكن رومني كان لديه فرص كثيرة لتحويل دفة المناقشة إلى الاقتصاد الأمريكي الضعيف وهو موضوع يرى الناخبون انه يحظى فيه بمصداقية أكبر، وبعد المناظرة أظهر استطلاعان للرأي أن أوباما تفوق على رومني في المناظرة الثالثة والاخيرة التي استمرت 90 دقيقة قبل اسبوعين من انتخابات الرئاسة. وسجل أوباما عددا من النقاط كان كافيا لاعلانه الفائز في استطلاعات الرأي الاولى، واشار استطلاع لمحطة تلفزيون (سي.بي.اس نيوز) إلى أن 53 بالمئة عبروا عن اعتقادهم بأن أوباما هو الفائز في المناظرة بينما اعطى 23 بالمئة الفوز لرومني وقال 24 بالمئة انهما خرجا متعادلين، وأظهر استطلاع لشبكة تلفزيون (سي.إن.إن) أن اوباما فاز على رومني بفارق 48 الي 40 بالمئة.

ملف الشرق الاوسط

الى ذلك قال خبراء انهم يتوقعون ان يواصل الرئيس الاميركي باراك اوباما البرغماتي في الشؤون الدولية، في حال اعادة انتخابه، "الحرب السرية" ضد تنظيم القاعدة ويختار الدبلوماسية في مواضيع اخرى لاسيما مع ملف الشرق الاوسط الساخن، وفي حين سيواجه خصمه الجمهوري ميت رومني في اخر مناظرة مخصصة للسياسة الخارجية، اكد المتحدث باسمه بن لابولت ان "الرئيس وفى بكلامه (...) لانهاء الحرب في العراق بشكل مسؤول والتصدي للقاعدة ووضعنا على طريق انهاء الحرب في افغانستان واعادة ارساء تحالفاتنا في العالم اجمع".

لكن سنوات حكمه الاربع طبعت بالفشل في الملف الاسرائيلي الفلسطيني، وادارة اتسمت احيانا بقصر النظر في تطورات فوضوية ل"الربيع العربي" وانتكاسات في هدف التعامل مع ملفي ايران وكوريا الشمالية، وكل ذلك في ظل علاقات صعبة مع موسكو وبكين.

الى ذلك قال مساعد وزير الخارجية السابق كارل اندرفيرث ان اوباما لم يستقبل اي شخصية اجنبية في البيت الابيض منذ منتصف حزيران/يونيو كما تغيب عن اي اجتماع ثنائي رسمي في الامم المتحدة في اواخر ايلول/سبتمبر، ادراكا منه لخطورة رهان الانتخابات، واضاف هذا الدبلوماسي ان اوباما يعلم ان الاميركيين لن يحسموا رأيهم على اساس "حصيلته في السياسة الخارجية" حتى وان كانت "ضخمة".

واعتبر اندرفيرث الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ان اوباما سيكون اثناء ولاية ثانية "اكثر تنبها لما يمكن ان تحمله اليد الممدودة (الى اعداء الولايات المتحدة)، بعد ولاية اولى لم تتحقق خلالها بعض آماله"، وتابع "لكن لا اعتقد انه تخلى عن هذه الفكرة، اعتقد ايضا انه يقر بان الربيع العربي في وقت دقيق وانه سيتوجب عليه مزيدا من الانخراط"، وعلى هذا الاساس يفترض ان يعود الرئيس للتركيز على "خيبة الامل الكبيرة في ولايته الاولى"، السلام بين اسرائيل والفلسطينيين، "الذي له مضاعفات على المنطقة برمتها" برأي اندرفيرث، مع مسالة نتائج الانتخابات في اسرائيل في 22 كانون الثاني/يناير المقبل.

وهذا الملف مرتبط ايضا بايران وبرنامجها النووي الذي اكد اوباما بالرغم من انتقادات ميت رومني ان استراتيجته التي تقوم على الجمع بين الدبلوماسية والعقوبات تنتج مفاعيلها حتى رغم عدم استبعاد اللجوء الى تحرك عسكري كخيار اخير. بحسب فرانس برس.

وامام التهديد المتغير الشكل للتطرف الاسلامي، واصل اوباما باتقان "الحرب السرية" للطائرات بدون طيار التي شنت في ظل حكم سلفه جورج بوش، أكان في باكستان او اليمن او الصومال واعطى ضوءه الاخضر لعملية الكومندوس الذي قتل اسامة بن لادن، وترى لورا بلامنفيلد الخبيرة في مجموعة الابحاث "جرمان مارشال فاند" في واشنطن، انه لا يوجد اي داع للتخلي عن هذه الاستراتيجية في ولاية ثانية، وقالت "ان حصيلة اوباما بعد اربع سنوات لا توازي النوايا، لكنها كانت فعالة جدا، ورائعة بطريقة ما ان نظرنا اليها من وجهة نظر اميركية (...) انه حائز على جائزة نوبل السلام مع قائمته الخاصة للرجال الواجب اسقاطهم"، واعتبر جاستن فاييس من مؤسسة بروكينغز في واشنطن "ان اوباما لا ينتمي الى مدرسة فكر معين (...) انه برغماتي فعلا"، "لكن ذلك لا يمنع بان يكون لديه رؤية" كما قال صاحب كتاب "باراك اوباما وسياسته الخارجية". ويعتقد انه اذا انخرط اوباما في الشرق الاوسط سيكون مضطرا ومرغما بعد ان سعى جاهدا للانعتاق من ارث التدخل لسنوات بوش، واضاف فاييس ان الرئيس الديمقراطي يعتبر ان "في السنوات الثماني السابقة تورطت اميركا (...) واخفقت امام تنامي قوة البلدان الناشئة ومنها الصين" من هنا رغبته في اعادة توجيه الجهود الدبلوماسية والعسكرية الاميركية نحو آسيا-المحيط الهادىء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/تشرين الأول/2012 - 14/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م