النسيان حيلة المتنكرين وداء المساكين

كاظم العبودي

قام أبو علي باصطحاب زوجته إلى احد الأطباء في مدينة الناصرية هي واثنين من أبنائها، حصلوا على دور بعيد فقال لها "أبو علي " سأذهب للسوق وأعود، ابقي هنا.

أكمل أبو علي عمله " التسوق " وذهب إلى أهله الذين يبعدون أكثر من 20 كم عن المدينة، استقبله أطفاله الباقين كعادتهم يركضون، أين أمنا يا أبي ؟ أين أخوتنا يا أبي ؟،

ضرب أبو علي بيده قد نسيتها عند الطبيب. فرجع مسرعاً إلى زوجته لان الليل داهمه وقد لا تكفيها نقودها.

هكذا يروي ابو علي هذه الحكاية وكثير من الحكايات المماثلة مدللا على عادة أو مرض النسيان الذي ابتلي به.

أبو علي ببساطته وعفويته يسرد تلك الحكايات لذلك تجد مجلسه ضاحكاً مبتسما سواء كان ضيفاً أو مضيفاً حتى من يلقي عليه التحية في الشارع او في السوق أو في القرية تجد الابتسامة على محياه. ابو علي نموذج للإنسان الذي يصاب بداء النسيان أو يبتلى به.

لكن هناك نموذج من البشر بعكس حالة أبي علي عبر افتعاله النسيان ويتناسى كثير من الأمور، وذلك لعدة دوافع:

أولا التاريخ الأسود اذ يحاول الإنسان نسيان تاريخه وماضيه لوجود فتره زمنية معيبة في تاريخه وارتكابه أفعالا مشينه وخير مثال على ذلك هو البعث وأزلامه في الوقت الحالي.

ثانيا النظرة الدونية للمجتمع في حال كشف الإنسان بيئته وحالة في السباق أمثال ذلك أبناء العشائر وأبناء الاقضية والنواحي الذين يعيشون في المدن حالياً فهناك انتقاص أو استهانة من ساكني المدينة بساكني الأرياف والقصبات "احنه ولد ولاية " أو" ولد مدينة "دون التعريف بماهية المدينة ولنا مقال في هذا الموضوع إن شاء الله وكم أذهلني وأعجبني عندما تحدى ذلك الرجل الشاعر الشجاع الوضع وصرح على المنصة وأمام الملأ "آنا ابن الهور آنا ابن الحَمار ".

ثالثا الفرق في الحالة المادية والمكانة الاجتماعية أو المنصب الذي يتمتع به الان عن السابق فهو الان في حال يحسد عليها بعد ان كان في حالة يرثى لها وان كانت هذه الفقرة تدرج ضمن التاريخ لكنني أحببت ان وردها منفصلة لكثرة تكرارها و قرب المسافة الزمنية بحيث لم تصل الى مسمى التاريخ وإنما هي معروفة للجميع.

هذه الأسباب وغيرها الكثير تجعل الإنسان يتنكر لبلدة و إخوته وأصحابه وأصدقائه ويتناسهم،

وهذا خلل نفسي " سايكلوجي "في بنيته النفسية لأنه مصاب بحالتين ام التكبر او النقص لا مفر من الاثنين أعاذنا وإياكم منهما.

من هنا يتبين ان النسيان حلية المتنكرين وداء للمساكين.

 

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/تشرين الأول/2012 - 14/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م