كيف نصنع الفارق في حياتنا؟

الطموح الخلاب والارادة القوية

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: لم يكن بلال، سائق سيارة الاجرة الذي استوقفته صدفة في احدى امسيات بغداد، الا واحدا من ملايين العراقيين الذين يتذمرون من اوضاع البلد ومن هذا التغيير الجديد.. في اول ازدحام عند سيطرة عسكرية اخذ يترحم على صدام حسين، وبدأ بعقد مقارنات بين الان والزمن السابق، حيث لا احد يتعرض لك من قريب او بعيد طالما كنت تسير مجاورا لحائط منزلك او المنازل التي تمر بها في طريق ذهابك وايابك..

تحدث عن الامان والامن في ذلك الزمن، وكان يتلفت نحوي وهو يتحدث، كان يخشى ان اقوم برد فعل غير متوقع تجاهه، تركته ياخذ راحته في الكلام الذي اسمع الكثير منه كل يوم، كان تذمره ينطلق من مقارنة ساذجة وبسيطة، لم تكن لدينا مشاكل مع النظام السابق، وكان والدي واعمامي ضباط مخابرات في تلك الايام، وكانت كلمتنا هي العليا، لكن الاوضاع تغيرت الان، لا نملك سكنا او وظيفة او غيرها من مصادر الدخل الحكومي.

حسنا بلال، جميع ما نعانيه هو من زرع تلك الفترة السابقة، نحن الحاصدون للبذور التي زرعها صدام حسين في التربة العراقية، اجتماعا وثقافة واقتصادا وسياسة، نحن وريثوا حروب صدام العبثية ومغامراته العسكرية، نحن ورثة سنوات الحصار الخانقة، ونحن نتاج عقود حكمه الطويلة.

اقتنع بلال بما شرحته له، وتساءل وهو الذي لا يحمل اي مؤهل دراسي، كيف استطيع تغيير حياتي، وهي بهذا الشكل لا تلبي اي طموح لدي، وسابقى كل عمري اما سائقا على سيارات الاخرين او عاملا بسيطا او غيرها من مهن لا تستطيع ان تواكب كل التغييرات في طرق العيش والحياة.

بلال يشعر بوطأة ما يعانيه، وهو يطرح تساؤلات حول ذلك ويطمح الى التغيير فعلا، لكنه لا يعرف من اين يبدأ، وهو يخاف من المغامرة او المجازفة في الدخول الى وضع لم يجربه. حدثته عن احد الاصدقاء والذي زاول الكثير من الاعمال البسيطة، لكنه بالمقابل عارك زمانه لينهي دراسته الجامعية متفوقا ثم يحصل على الماجستير والدكتوراه وهو الان استاذ جامعي وباحث معروف له عدة كتب منشورة.

ثم حدثته عن صديق اخر عاش ظروفا صعبة هو الاخر ، لكنه حفر بالصخر واخذ بالتقدم في دراسته الجامعية ليحصل على الماجستير ويعد للدكتوراه الان رغم انه لا يعمل ضمن اختصاصه.

كان بلال متفاعلا مع ما اقوله له، وكان يخطط لدخول عدد من الدورات، من قبيل تعلم اللغة التركية، او دورات فنية عن التصوير او المونتاج الفني. اخبرته بان عليه ان يضع طموحا معينا لتحقيقه ثم بارادته يستطيع تحقيق ذلك الطموح.

كثيرا ما تصادفنا مثل هذه الحالات في الحياة، وكثيرا ما نسمع من يعيشها يندب حظه او يلعن الزمن على ما وصلت اليه احواله المتردية.. نحن ننسى دائما ان طموحاتنا واحلامنا لا يمكن لها ان تتحقق بمجرد الحلم او بمجرد ظروف وقتية حسنة قد لا تستمر لفترات طويلة.

وكثيرا ما ننسى ان تلك الاحلام والطموحات حتى لو توفرت لها الظروف الجيدة فاننا قد لا نستطيع تحقيقها بدون ان نمتلك الارادة لذلك.

لا احد منا يمتلك مصباح علاء الدين او عصا موسى او حتى العصا السحرية لهاري بوتر وغيره من قصص الخيال والاساطير، يجب ان تعود انفسنا ان لا نقول اننا لا نقدر على شيء حتى نحاول، ولا نقول لا نعرفه حتى نتعلم، ولا نقول عن هذا الشيء انه مستحيل التحقق قبل ان نجرب.

ان المحاولة والتعلم من تجارب الحياة وتجارب الاخرين، وتجربة جميع الاشياء الجديدة والمفيدة هي اولى الخطوات لطريق النجاح في تحقيق الاحلام والطموحات مهما بدت بعيدة ونائية ومستحيلة التحقيق قبل الخطوة الاولى.

هناك عدة قيود نتوهم انها تستطيع ان تاسرنا الى الابد دون ان نتحرر منها، فقيود اليأس والإحباط، وقيود الجمود والسكون، وقيود الكسل والعجز، وقيود الخوف وعدم الثقة ، وقيود احتكار الرأي وعدم تقبل اراء الأخرين ، هي مجموعة من القيود المترابطة كما السلسلة لكننا بما نمتلك من طموح وارادة نستطيع كسرها جميعها والتحرر منها.

ولتذكر:

* ليس هنآك شخص عظيم يشكو من نقص الفرص .

* عندما يتوقف عطاؤك تتوقف حياتك .

* الشيء الأساسي في هذا العالم ليس إلى أي مكان قد وصلت الآن ولكن في أي اتجاه تتقدم.

 * البعض منا لديه مدارج يقلع منها الى النجاح لكن , ان كنت ممن لا يملكون هذه المدارج فابدء بتشييدها بنفسك.

واختم بقول للامام علي عليه السلام: (ميدانكم الاول انفسكم فان قدرتم عليه كنتم على غيره اقدر وان عجزتم عنه كنتم عن غيره اعجز).

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 15/تشرين الأول/2012 - 28/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م