تهاوي الريال... سيناريو الاطاحة بالرئيس الايراني احمد نجاد

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يرى معظم المراقبين للشؤون الداخلية في ايران ان الرئيس احمدي نجاد بات على شفى جرف هار مع دنو نهايته السياسية في تلك الدولة، سيما بعد استفحال ما بات يعرف بأزمة الريال وتهاويه المستمر مقابل العملات الصعبة كالدولار وسواه.

فعلى الرغم من اختلاف اقطاب السلطة في ايران حول اسباب ازمة الريال المتصاعدة هناك، الا ان هناك شبه اجماع داخل طهران على ان نجاد يتحمل وزر تلك الازمة، متهمين اياه بفشل سياسته الاقتصادية وادارته لهذا المرفق الخطير.

وأدت العقوبات الاقتصادية الغربية على إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل إلى تقويض الريال، الا ان البعض يؤكد على ان الجمهورية الاسلامية كانت ولا تزال قادرة على مقاومة العقوبات وتأمين تجارتها الداخلية والخارجية، نظرا لكونها تتمتع بخزين نقدي يكيفها لعدة سنوات أخر.

وسرت مؤخرا بعض الشائعات في الاوساط الرسمية والشعبية داخل ايران تشير الى ان الاحداث الاقتصادية الاخيرة ما هي الا مزلاجة للاطاحة بالرئيس الايراني قبل نهاية ولايته عام 2013، مصحوبة ببعض الاشارات الى ان من يقف وراء السيناريو الحاصل هو من يتربع على قمة هرم السلطة!

وقف إصلاح الدعم

اذ أفادت وسائل إعلام إيرانية أن البرلمان الإيراني وافق على بحث تعليق خطط لمزيد من إصلاح دعم الغذاء والوقود في البلاد وعزا النواب ذلك للتداعيات الاقتصادية لتهاوي الريال.

وإصلاح الدعم محور أساسي للسياسات الاقتصادية للرئيس محمود أحمدي نجاد ولذلك يوجه تصويت البرلمان ضربة سياسية للرئيس في وقت يواجه فيه سخطا شعبيا متزايدا بسبب الهبوط الحاد في قيمة الريال.

وقالت وكالة أنباء العمال الإيرانية إن 179 من 240 نائبا صوتوا بالموافقة على بحث تعليق المرحلة الثانية من إصلاح الدعم. ولم توضح الوكالة متى سيتخذ القرار. وتهدف عملية الإصلاح إلى تخفيف الضغط على المالية العامة للدولة بخفض دعم أسعار السلع الغذائية والوقود بعشرات المليارات من الدولارات وتعويض تداعيات ذلك على المواطنين الأشد فقرا بمنح نقدية مباشرة.

ونقلت وكالة الأنباء البرلمانية الإيرانية عن غلام رضا مصباحي رئيس لجنة الخطة والموازنة في البرلمان والذي أعد مشروع القانون قوله "في ظل ارتفاع التضخم واضطراب سوق العملة فإنه يجب وقف المرحلة الثانية من هذا القانون."

وأعلنت الحكومة المرحلة الأولى من إصلاح الدعم أواخر 2010 ووصفها الرئيس أحمدي نجاد حينئذ بأنها "أكبر خطة اقتصادية في خمسين عاما." لكن منتقدين في الداخل من بينهم كثير من أعضاء البرلمان قالوا إن الاصلاحات ساهمت في ارتفاع حاد للتضخم الذي تقدره الحكومة بنحو 25 بالمئة وإن أحمدي نجاد يستخدمها لخدمة مصالحه السياسية لأنه يستطيع التحكم في مدفوعات الرفاه الاجتماعي بمقتضى البرنامج.

ويعطي التصويت علامة جديدة على أن العقوبات الغربية المفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي بدأت تؤثر بشكل كبير على اقتصاد البلاد. ومؤخرا اشتبكت قوات الشرطة في طهران مع محتجين غاضبين من انهيار الريال الذي فقد ثلث قيمته أمام الدولار على مدى عشرة أيام حيث قلصت العقوبات قدرة البلاد على تدبير النقد الأجنبي مقابل صادراتها النفطية. بحسب رويترز.

وتنتهي فترة رئاسة أحمدي نجاد في منتصف 2013 لكن بعض المحللين يعتقدون أن الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي يمكن أن يطيح به قبل ذلك إذا استمر تصاعد الاستياء الشعبي.

وقال جعفر قادري المتحدث باسم لجنة برلمانية شكلت لدعم منتجي السلع لوكالة الأنباء البرلمانية إن اللجنة ستستدعي محافظ البنك المركزي محمود بهمني ووزيري الصناعة والنفط لاستجوابهم في أزمة الريال. ويريد أعضاء البرلمان أيضا استدعاء أحمدي نجاد لسؤاله عن أزمة الريال لكن طلبهم يتطلب موافقة مجلس إشرافي للبرلمان.

وأشار أحمدي نجاد في كلمة له إلى أزمة العملة لكنه لم يقدم حلولا لها. وتحاول الحكومة دعم الريال من خلال الضغط على المتعاملين لتداوله عند مستويات معينة والقبض على تجار العملة الذين تلقي عليهم باللوم في المضاربة ضد العملة.

سوق طهران

من جهتهم قال تجار إن سوق طهران الكبير أعيد فتحه تحت إشراف دقيق للشرطة بعد أيام من إغلاقه بسبب اشتباكات بين شرطة مكافحة الشغب ومحتجين يحملون الحكومة مسؤولية انهيار العملة الإيرانية. وقال تجار في السوق -وهو احد مناطق التسوق الرئيسية في العاصمة- إن الغموض الذي يكتنف مسألة ما إذا كانت السلطات تستطيع تحقيق استقرار العملة تجعل من الصعب وضع خطط للاستثمار.

وقال صاحب متجر في سوق طهران "الانشغال بالغد هو الشيء الذي يسيطر على عقل كل تاجر." وطلب عدم نشر اسمه بسبب الحساسية السياسية للتحدث الي وسائل إعلام أجنبية. بحسب رويترز.

وأطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع قبل ايام واشتبكت مع محتجين واعتقلت تجار عملة في سوق طهران ومحيطه. وانحى أحمدي نجاد باللائمة على مضاربين في انحدار الريال الذي يقوض مستويات المعيشة ويدمر الوظائف في القطاع الزراعي.

ومشاركة سوق طهران في الاحتجاجات مسألة لها مغزي سياسي لأن التجار من المنطقة كانوا مؤيدين رئيسيين للثورة الإسلامية التي شهدتها ايران في 1979. وقال بعض التجار إنهم أغلقوا متاجرهم في إطار الاحتجاجات بينما قال آخرون إنهم أغلقوها حرصا على سلامتهم.

وبعد الاحتجاجات توقفت معظم تداولات الريال في السوق الحرة بطهران ودبي -وهي مركز رئيسي للاعمال التجارية مع ايران- مع خوف التجار من أن تستهدفهم الشرطة لإعلانهم أسعارا لا ترضى عنها الحكومة وبسبب المخاطر المالية الكبيرة للتداول في ظل مثل هذه التقلبات الشديدة للعملة.

وحاولت السلطات استئناف التداول بإملاء سعر صرف. ونقلت وكالة انباء مهر عن احد تجار العملة قوله ان الرابطة الايرانية للصرافة -وهي هيئة مرخصة من الدولة- أصدرت تعليمات الي اعضائها لبيع العملة الامريكية بسعر قدره 28500 ريال مقابل الدولار. وهذا سعر مرتفع كثيرا عن المستوى القياسي المنخفض البالغ 37500 ريال الذي سجلت العملة الايرانية في منتصف الاسبوع قبل الماضي.

ويعتقد بعض المحللين أنه على الرغم من العقوبات التي قلصت ايرادات صادرات النفط الإيرانية فان الحكومة لا يزال لديها ما يكفي من العملة الأجنبية لضخ دولارات في السوق وأن تنظم تعافيا قويا للريال إذا اختارت ذلك.

وطبقا لصندوق النقد الدولي فإن اجمالي حجم الاحتياطيات الرسمية من النقد الأجنبي لدى إيران بلغ في نهاية العام الماضي 106 مليارات دولار. ويقدر محللون أن تكون الاحتياطيات تراجعت الآن بضع عشرات من مليارات الدولارات لكن ذلك لا يزال يسمح لإيران بدفع قيمة وارداتها من البضائع لمدة عام تقريبا.

ولا يزال البنك المركزي الإيراني غير مستعد إلى الآن لطرح كميات كبيرة من الدولارات في السوق لدعم الريال. وتلجأ السلطات بدلا من ذلك إلى تقنين توزيع العملة الصعبة من خلال القنوات الرسمية مثل مركز الصرافة الجديد الذي أقامته الشهر الماضي لتوفير العملة الصعبة لمستوردي بعض السلع الأساسية.

وقال وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا إن المجتمع الدولي سيفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران إذا لم تقدم طهران حلولا لتهدئة المخاوف بشأن برنامجها النووي.

وقال بانيتا في مؤتمر صحفي مشترك في ليما مع وزير الدفاع البيروفي إن العقوبات الحالية "لها تأثير كبير على الاقتصاد في إيران كما يتضح من بعض المظاهرات التي حدثت في الأيام القليلة الماضية." وأضاف قائلا "الولايات المتحدة ستستمر في العمل مع دول أخرى في المجتمع الدولي لبحث ما إذا كانت هناك حاجة الي اتخاذ خطوات اضافية."

مؤامرة العملة

في سياق متصل قال مستشار لعلي خامنئي الزعيم الأعلى الإيراني إن بلاده ستتغلب على "المؤامرة" على اسواق الصرف الأجنبي والذهب. ونقلت وكالة فارس الايرانية للأنباء شبه الرسمية عن غلام علي حداد عادل مستشار خامئني قوله "تتغلب ايران على الحرب النفسية والمؤامرة التي احضرها العدو لسوق الصرف والذهب وهذه الحرب تتقلب باستمرار." واضاف "القوى المتغطرسة بطريقتها الساذجة تعتقد أن الأمة الايرانية مستعدة للتخلي عن الثورة الاسلامية بالضغط الاقتصادي لكننا نبني قوة ايران الاقتصادية."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/تشرين الأول/2012 - 26/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م