السطو في وضح النهار.. ارهاب جديد!

زاهر الزبيدي

السطو في وضح النهار، ليست بأخر الظواهر المؤلمة التي أقضت مضاجع أرباب الأسر العراقية.. فقد انتشرت ومنذ فترة طويلة جرائم التسليب وسرقة السيارات والسطو على المنازل بوضح النهار.. فقبل أيام سطا أحدهم على أحد المنازل في احد الأزقة ظنناً منه بأن لا أحد فيه، لكنه فوجئ بوجود امرأة كان صراخها كفيلاً بهروبه.. وقبلها تمت سرقة منزل أخر في ذات الزقاق وبعدها حدث أن إحدى ربات المنازل قد وجدت شخصاً ملثماً يجول في حديقة المنزل وكان لصراخها أيضاً سبباً في هروبه.. فإلى متى تظل نسائنا تصرخ وتصرخ..

لقد استدعى الأمر أن يجتمع الرجال في ذلك الزقاق ليدلي كل منهم بدلوه في الأمر حيث كان الحديث يدور على محاور عده، كان أهمها ماهو دور القوات الأمنية في هذا الموضوع؟ وما هو دور السيطرات الأمنية الموجودة قرب تلك المناطق الموبوءة بتلك الحالة؟.. وما هو دوهم كأرباب أسر في تحصين منازلهم بكل الوسائل الدفاعية المناسبة؟

أسلاك شائكة ومتاريس وكاميرات تصوير وتبديل الأقفال بأقفال إلكترونية واجراس انذار وكيف سيعملون عمل الاستخبارات في تقصي حقائق السيارات التي تمر في بعض الأزقة والبحث عن من يكشف لهم أمر السيارات التي تصول وتجول بغير ارقام أغلبها سيارات تكسي تمرق كالبرق في الساعة الثانية بعد منتصف الليل ذهاباً وإياباً كانت أهم المواضيع التي طرحها رجال المنطقة وكأنهم قد دخلوا الحرب !.. حيث كان أخرها كيفية القيام بمناورات بالذخيرة الحية ! ولكن من أين لهم بالسلاح والعتاد وقد تم تفتيش المنطقة أكثر من مرة ولم تجد القوات الأمنية أي سلاح فقد أعترف الجميع بأن لا سلاح لديهم سوى سكين المطبخ ! لذلك اقترحوا أن يتم الاستعانة بالألعاب النارية والمفرقعات "الجراّقي" لأحداث نوع من أصوات الطلقات النارية فهذا ما كان يفعله الجميع بعد 2003 عندما كان السطو والنهب والعصابات تزخر بها المناطق وإيحائاً منهم بأن أهل المنطقة مسلحون وجاهزون للرد على الهجمات.

محنة كبيرة يمر بها رجال المناطق التي ابتليت بتلك الظاهرة غير الغريبة ولكنها تصطدم بالواقع الذي يطرحه الكثير، في بعض الأحيان، عن استقرار الوضع الأمني ولكونهم، الرجال، مسؤولون بالدرجة الأساس عن حماية أسرهم فقد أبدوا عجزهم.

 كانت النتيجة النهائية للقاءهم بأن " يتوحدوا" في المواجهة لتلك الجرائم "فالعزة بالكثرة" احياناً ولكن الحاجة لدور مميز وكبير للقوات الأمنية مهم جداً في تلك الحالة ولكن أين قواتنا الأمنية من تلك الجرائم التي تقع، والحمد لله لغاية الآن لم تسفر عن حالات قتل، في تلك المنطقة على أقل تقدير، لكنها في تطور مستمر كماً ونوعاً حالها حال العمليات الإرهابية التي تتنوع ونسمع عنها في نشرات أخبارنا ونغفل عن الحالات التي تتمثل بالسطو المسلح وغير المسلح التي تتكاثر بسرعة في مناطقنا الداخلية.

الكثير من أصابع الاتهام تشير الى "مناطق الحواسم" التي ظهرت بعد 2003 والتي سيطرة على معظم مناطق بغداد وأصبحت ظاهرة غريبة ومؤلمة فأي منطقة من تلك المناطق "الحواسم" حالما تكتب على جدرانها شعارات دينية وتسمي نفسها بأحد أسماء آل البيت الأطهار (ع) تصبح في منأى من أن تطالبها الجهات الرسمية بالمغادرة، لقد ضمت تلك المناطق في ما بينها عشرات الشباب الذين تحطمهم البطالة وتنهش في احشائه شياطين الفقر والمواد المخدرة.. فليس لديهم ما يخسروه، لا بيت ولا عائلة وقبلها لا تربية ولا وازع ديني ولا اخلاقي، لذلك تراهم مرشحون دائماً للقيام بتلك العمليات بحثاً عن ما يسدون به رمق عطشهم لمنكر ما أو لحبوب الهلوسة، ولا تخلو منطقة من مناطق بغداد منهم.. والكل يجمع على أن لأبناء تلك المناطق دوراً كبيراً في تلك العمليات.

لقد كان المفرح في تجمع أولئك الرجال في تلك المنطقة هو أن " السطو " قد وحدهم فتبادلوا ارقام الهواتف ودفعتهم تلك الجرائم الى أن يشدوا عزمهم على مكافحتها بتوحدهم إلا إنهم لن يستطيعوا مطلقاً أن يقومون بأي أجراء من قبلهم دون دعم حكومي على الرغم من كل استعدادهم للتعاون مع الجهات الأمنية للحفاظ على عوائل واسرهم واعراضهم، ولكوننا نعيش في مجتمع عشائري بحت.. فيوم ما سيظهر أن ذلك السارق من أبناء العشائر لندخل في مطالبات عشائرية تستنزف معها كل رواتبهم وقد يبيعوا بيوتهم من أجلها..

وعلى الرغم من أنهم يؤمنون أن الأمن مسؤولية تضامنية بين أبناء الشعب والقوات الأمنية على إختلافها، فهم لغاية اليوم لم يروا أي دوريات للشرطة أو الجيش تجوب المناطق في الفترات التي نعتقد بأن ذروة تلك العمليات تجري خلالها إلا في حالات التفتيش، حتى تم نزع جميع السلاح،.. فماذا لو قامت وحدات الجيش بالتنسيق مع الشرطة في دوريات داخل المناطق لتعطي انطباعاً مزدوجا للعوائل بتواجدهم المستمر بينهم وتعطيهم نوعاً من التفاؤل بالأمن وهي قادرة، بأذن الله، على أن تخلصهم من تلك الشرذمة التي أبتلوا بها، وللعناصر المخربة بأن يد القانون تجوس بين بيوتهم، فالمعادلة حتى يومنا هذا الآن ناقصة ومؤلمة (إرهاب + سطو + فقر + بطالة لاتساوي مستوى الأمن الحالي).

اليوم نحن بحاجة الى خطة عمل واضحة المعالم تستند الى الحقائق الموضوعية الخاصة بنسب تلك الجرائم.. تقتضي التنويع في مصادر المراقبة والتواصل مع المختارين وايجاد نظام معلوماتي دقيق لكل المناطق بما فيها مناطق "الحواسم" والتحقق من شخصياتهم وسوابقهم الجرمية وايجاد نوع المراقبة المناسبة لهم.. فنحن إذا ما تمت المصادقة على قانون العفو العام سنكون أمام مد كبير، لا سامح الله، من الجرائم المنظمة، تلك التي ستضيف عبئاً كبيراً على المناطق السكنية، نتمنى ان تكون الدوائر الأمنية قادرة على استيعابه بكفاءة بالغة يعينهم بذلك ابناء شعبهم الصابر.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 10/تشرين الأول/2012 - 23/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م