شبكة النبأ: تعتبر البدانة أحدى أهم
المشاكل التي يعاني منها الكثير من البشر في مختلف أنحاء العالم بحسب
بعض المتخصصين الذين أكدوا على ازدياد أعداد الأشخاص الذين يعانون من
السمنة التي تختلف أسبابها من شخص الى أخر، وأصحاب الوزن الزائد هم
أكثر عرضة للإصابة بالعديد المشاكل الصحية والنفسية والأمراض الخطيرة
التي تهدد حياتهم. وفي هذا الشأن فقد وضع قادة سابقون في الجيش
الامريكي أيديهم على السبب المستتر الذي يهدد سعيهم للحصول على قوة
قتالية يتمتع أفرادها بالرشاقة والخفة. انها ماكينات بيع الحلوى
والمشروبات الغازية في المدارس الأمريكية. وفي تقرير خاص قال 300 ضابط
امريكي متقاعد ان الاطفال في سن التعليم يلتهمون 400 مليار سعر حراري
زائد في السنة وهو ما يعادل 2 مليار قالب حلوى من ماكينات بيع الاطعمة
والكافيتيريات التي يجب ان تكون بعيدة عن متناول أيديهم.
وتترجم هذه السعرات الحرارية الاضافية الناجمة عن تناول الحلوى
والمشروبات الغازية والسكرية الى نحو 130 سعرا حراريا في اليوم الواحد
وهو ما يؤدي الى اكتساب مزيد من الوزن على مدار العام الدراسي. وقال
الجنرالات الامريكيون في تقريرهم "السعرات الحرارية الزائدة تتراكم"
ودعوا الى فرض قواعد صارمة على معايير بيع الاطعمة في المدارس. بحسب
رويترز.
وكتب الضباط المتقاعدون الذين ينتمون الى جماعة غير ربحية تركز على
قضايا الشباب في تقريرهم "رغم ان تقييد بيع الاطعمة غير الصحية ليس حلا
في حد ذاته لوباء السمنة لدى الاطفال الا انه جزء من الحل." وعبر خبراء
عسكريون أمريكيون عن قلقهم من ان ارتفاع عدد من يعانون من السمنة بين
الشبان يصعب من مهمتهم لتجنيد أفراد أصحاء. وتظهر احصاءات الحكومة
الامريكية ان عدد من يعانون من زيادة في الوزن او من السمنة آخذ في
الزيادة وان ثلث الاطفال والمراهقين الامريكيين يعانون من زيادة في
الوزن.
الوزن الزائد
من جهة أخرى ذكرت صحيفة ألمانية أن أكثر من 50٪ من الألمان يعانون
البدانة. وأضافت صحيفة زاربروكر تسايتونج الألمانية استناداً إلى رد
الحكومة الألمانية على طلب إحاطة من الكتلة البرلمانية لحزب اليسار أن
نحو 67٪ من الرجال في ألمانيا و53٪ من النساء يعانون حالياً البدانة أو
السمنة المفرطة. ووفقاً للبيانات، فإن أكثر المتضررين من ذلك الأجيال
الشابة في الفئة العمرية من 25 حتى 29 عاماً، حيث تبلغ نسبة الرجال
الذين يعانون البدانة بينهم نحو 47٪، ونحو 40٪ بالنسبة للنساء. وجاء في
رد الحكومة الألمانية على طلب الإحاطة أن تدني المستوى الاجتماعي يعزز
من بدانة الأفراد. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وأشارت البيانات إلى ارتفاع كبير في نسبة الأطفال والشباب الذين
يعانون اضطرابات الغذاء، حيث يعاني 21.9٪ من الذين تراوح أعمارهم بين
11 و17 عاماً من أعراض السمنة المفرطة أو إدمان النحافة، وتبلغ النسبة
بين الإناث 28.9٪ مقابل 15.2 بين الذكور. ووفقاً لتقرير الصحيفة، تشعر
50٪ من الفتيات بالبدانة، رغم أن وزنهن طبيعي. وأضاف التقرير أن
اضطرابات الغذاء «من الأمراض التي يتم التقليل من شأنها في الغالب».
وحمّل التقرير الإعلام جزءاً من المسؤولية في الترويج لنموذج جمالي
معين.
وفي البرازيل حيث يبجل السكان الجسد إلى حد الهوس أحيانا، تتفاقم
مشكلة الوزن الزائد التي باتت تطال اليوم نصف السكان. وعلى شواطئ ريو،
يستعرض أصحاب العضلات والبطون المنتفخة أجسامهم بكل ديموقراطية في بلد
يرتكز طبقه التقليدي على الأرز والفاصولياء السوداء. لكن البدناء بدأوا
يفوقون أصحاب الأجسام الرشيقة والمسمرة عددا. فنظرا إلى ضيق الوقت
والانظمة الغذائية غير المتوازنة والرخيصة والخمول المتزايد، تدفع
البرازيل التي أخرجت 30 مليون شخص من الفقر في السنوات الأخيرة ثمن
نموها السريع غاليا.
فنحو نصف سكان البرازيل البالغ عددهم 191 مليون نسمة يعاني وزنا
زائدا و16% منهم مصاب بالبدانة، بحسب ما أظهر تقرير نشرته وزارة الصحة.
وهذا يعني أن عدد الذين يعانون وزنا زائدا ارتفع خمس نقاط في غضون خمس
سنوات فقط، وكذلك الأمر بالنسبة إلى عدد البدناء. وقد حذر الوزير
ألكسندر باديلها مؤخرا، قائلا "آن الأوان لقلب المعادلة كي لا نصبح مثل
الولايات المتحدة حيث تطال البدانة 35,7% من البالغين".
وتقول سولانج دي غونسالفس (38 عاما) التي تزن 123 كيلوغراما و هي
واحدة من ثلاثين مليون بدين في البرازيل "البرازيليون لا يتناولون
طعاما صحيا. يمكنهم أن يأكلوا الخضار لكنهم يفضلون النشويات والدهون".
وتعاني سولانج البدانة منذ صغرها، فضلا عن ارتفاع ضغط الدم والسكري وهي
تقر بأن حياتها ليست سهلة، فتقول بحسرة "يحدقون بي في الشارع ولا أجد
ملابس تناسب مقاسي. وفي إحدى المرات، علقت داخل باب الحافلة". وتحسد
سولانج عارضي الأزياء والممثلين الذين يتصدرون أغلفة المجلات أو يمثلون
في المسلسلات التلفزيونية. فهم يتمتعون بأجسام رائعة. وبعد اثنتي عشرة
سنة من الانتظار، خضعت سولانج لجراحة لتصغير المعدة في تموز/يوليو تكفل
بها نظام الصحة العامة. وتشرح قائلة "أنا سعيدة، فقد خسرت 15 كيلوغراما
من أصل 50 كيلوغراما أود فقدانها". بحسب فرنس برس.
وبفضل هذه الجراحة التي تصغر حجم المعدة بشكل ملحوظ، يستطيع البدناء
فقدان 80% من وزنهم الزائد. لكن على المريض أن يستشير طوال حياته
الجراح، فضلا عن اختصاصي في الغدد الصماء واختصاصي في علم النفس
واختصاصي في التغذية. ويشرح أوكتافيو فالكاو وهو جراح متخصص في هذا
النوع من العمليات الذي شهد طفرة بنسبة 275% في البرازيل بين العامين
2003 و2010 "يمكن سر العلاج في اتباع حمية غذائية. الجراحة هي وسيلة
لمساعدة المريض، لكن إذا توقف عن الحمية فسيستعيد الوزن".
أخطار البدانة
ولا تشكل زيادة الوزن فقط ضررا لمحيط الخصر وهيئة الانسان، بل إنها
تسبب ضررا على وظائف الدماغ، خاصة بعد أن تحدث باحثون عن العلاقة بين
البدانة وتدهور اداء المستوى الفكري. ولم يصل الخبراء بعد الى حد تأكيد
أسباب حدوث الظاهرة، لكنهم قالوا إنه من المرجح ان يكون حدوث تغيرات في
عملية الآيض (التمثيل الغذائي) مثل ارتفاع نسبة السكر في الدم وزيادة
الكوليسترول أحد العوامل التي تساهم في ذلك.
وذكر علماء بالفعل أن البدانة ربما تكون عاملا خطيرا في الإصابة
بمرض الخرف (او تدهور الوظائف العقلية). أجريت دراسة عصبية شملت ما
يزيد على 6000 بريطاني تراوحت اعمارهم بين 35 و 55 عاما على مدى عشر
سنوات واعتمدت على اجراء اختبارات للذاكرة والمهارات المعرفية الاخرى
ثلاث مرات خلال فترة السنوات العشرة.
واظهرت الدراسة ان اولئك الذي يعانون من البدانة وتغييرات غير صحية
في نظام الآيض هم الفئة الأسرع للإصابة بتدهور في الاداء المعرفي حسبما
أوضحت الاختبارات مقارنة باخرين شملتهم الدراسة. ويشدد الخبراء على
أنهم ركزوا في دراستهم على الوظائف المعرفية دون التركيز على دراسة
الاصابة بالخرف، ويقولون إن الحدود الفاصلة بين الشيخوخة العادية
والضعف الادراكي المعتدل والاصابة بالخرف غير واضحة المعالم، وليس كل
اعتلال عقلي يؤدي الى الاصابة بالخرف.
واجريت الدراسة على مجموعة واحدة من موظفي الحكومة، الامر الذي يعني
ان النتائج قد لا تنطبق بوجه عام على باقي السكان. واضاف الخبراء ان
ثمة حاجة تدعو الى اجراء "مزيد من الابحاث لدراسة اثر العوامل الوراثية
وايضا الاخذ في الاعتبار طول فترة بدانة الاشخاص ومنذ متى يعانون من
عوامل تغيرات الايض، فضلا عن دراسة نتائج اختبارات القدرات المعرفية
للبالغين على نحو يتيح لنا فهم الصلة الرابطة بين البدانة والوظائف
المعرفية كالتفكير والاستدلال والذاكرة".
وتقول شيرلي كريمر من ركز ابحاث الزهايمر ببريطانيا :"لا نعرف حتى
الان وجه الصلة بين البدانة وخلل وظائف عملية الآيض وحدوث تراجع في
اداء الدماغ، لكن ارتفاع نسبة البدانة يجعل من الاهمية بمكان التعمق في
اجراء دراسة تكشف عن هذه الصلة". واضافت انه في الوقت الذي تركز فيه
الدراسة في حد ذاتها على التدهور المعرفي "يشير بحث سابق الى ان النظام
الغذائي الصحي والمواظبة على اداء التمارين الرياضية والعزوف عن
التدخين والتحكم في ضغط الدم والكوليسترول في منتصف العمر يساعد ايضا
في درء الاصابة بالخرف". وأكدت كريمر ان ارتفاع أعداد المصابين بالخرف
ليقترب من مليون حالة "تخلق لدينا الوعي بأهمية الصحة العامة خلال
مراحل العمر المختلفة".
من جانب اخر أفادت نتائج دراسة طبية دولية بان من يعانون من زيادة
الوزن أكثر عرضة للاصابة بزوائد القولون عمن هم اقل وزنا وزوائد
القولون من المؤشرات الاولية للاصابة بالسرطان. وكانت دراسات سابقة قد
ربطت بين السمنة والاصابة بسرطان القولون وهي النتيجة التي اعترف بها
المعهد القومي الامريكي لعلاج السرطان. الا ان هذه الدراسة الحديثة
التي أوردتها النشرة الامريكية للأمراض الباطنة هي اول اشارة الى ان
البدناء هم الأكثر عرضة للاصابة بزوائد القولون.
وقال هوتان اشرفيان من امبريال كوليدج بلندن الذي شارك في الدراسة
"نظرا لوجود علاقة معروفة بين السمنة والسرطان فثمة احتمال منطقي لتوقع
وجود رابطة بين البدانة والاعراض السابقة للإصابة بالسرطان الا وهي
زوائد القولون." وقام اشرفيان وزملاؤه بتحليل بيانات مستقاة من 23
دراسة تضمنت أكثر من 100 ألف شخص عبر الولايات المتحدة وآسيا واوروبا
للبحث في العلاقة بين هذه الزوائد ومؤشر كتلة الجسم الذي يقيس الوزن
منسوبا الى طول القامة.
والتزمت جميع هذه الدراسات بالمعايير العامة التي وضعتها منظمة
الصحة العالمية والتي اوضحت ان الاشخاص من ذوي مؤشر كتلة الجسم 25 فما
فوق يعانون من زيادة في الوزن ومن هم أكثر من 30 بانهم بدناء. وفي معظم
هذه الدراسات تم رصد هذه الزوائد خلال اجراءات التشخيص بمنظار القولون
فيما اعتمدت دراستان رئيسيتان على الاستبيانات الشخصية.
وتوصل الباحثون اجمالا الى ان 22 في المئة من البدناء او من يعانون
من زيادة الوزن لديهم زوائد قولونية بالمقارنة بنسبة 19 للاشخاص من ذوي
الوزن الطبيعي. ويزيد خطر الاصابة بزوائد القولون مع زيادة مؤشر كتلة
الجسم. وقال اشرفيان الذي أوصى هو وزملاؤه من يعانون من السمنة او
زيادة الوزن باجراء فحص روتيني للقولون للاطمئنان الى خلوهم من الاصابة
بالسرطان "تشير النتائج الى ان السمنة ربما تؤثر على (الاصابة بالسرطان)
بصورة مبكرة اكثر مما كان يعتقد." بحسب رويتررز.
ولم توضح نتائج هذه الدراسات ما اذا كانت السمنة في حد ذاتها تؤدي
الى ظهور الزوائد القولونية لكن اذا كان الوضع كذلك فربما يمثل ذلك
انباء غير سارة للعالم الذي يعاني من انتشار البدانة بصورة متزايدة.
وتقول احصاءات منظمة الصحة العالمية ان نحو 500 مليون شخص في العالم
يعانون من البدانة. واضافت الاحصاءات ان زوائد القولون تسببت في وفاة
أكثر من نصف مليون شخص في شتى ارجاء العالم عام 2008 .
المؤمنون بالحظ أكثر عرضة للسمنة
على صعيد متصل أفادت دراسة أسترالية، بأن الأشخاص الذين يؤمنون
بالحظ أكثر عرضة للسمنة من نظرائهم الذين لا يؤمنون به. وقالت الأستاذة
ديبورا كوب-كلارك، مديرة معهد ملبورن لبحوث الاقتصاد والاجتماع
التطبيقية، إن الأشخاص الذين يؤمنون بالحظ، يكونون عادةً أكثر سمنة من
الأشخاص الذين لا يؤمنون به. وأضافت أن الذين يؤمنون بأنهم قادرون على
تغيير حياتهم من خلال أعمالهم يتناولون طعاماً صحياً، ويمارسون
التمارين الرياضية أكثر، ويقللون من التدخين، ولا يسرفون في تناول
الكحول. واستنتجت كوب-كلارك، أن «دراستنا تظهر ارتباطاً مباشراً بين
شخصية الإنسان ونمط حياته الصحي».
وأضافت أن «سياسة الرد الأساسية على وباء السمنة كانت ترتكز إلى
توفير المعلومات المتعلّقة به»، غير أنها أشارت إلى أن «المعلومات لا
تكفي وحدها لتغيير عادات الأكل لدى الأشخاص». وأوضحت أن «فهم الدوافع
النفسية لأنماط الأكل لدى الأشخاص وعاداتهم الرياضية يعدّ أمراً أساسياً
لفهم أسباب السمنة».
ولفتت كوب-كلارك، إلى أن نتائج الدراسة أظهرت أيضاً أن الرجال
والنساء تختلف وجهات نظرهم المتعلّقة بفوائد نمط الحياة الصحي. وأشارت
إلى أن الرجال أرادوا الحصول على نتائج جسدية من خياراتهم الصحية، في
حين أن النساء كنّ يشعرن بالمتعة من عيش نمط هذه الحياة الصحي يومياً.
وأوضحت كوب-كلارك، أن «ما يفيد النساء قد لا يفيد الرجال»، لافتة إلى
أن «المبادرات السياسسة التي تراعي أهداف الجنسين قد تكون مفيدة في
الترويج لأنماط الحياة الصحية».
من جانب أخر ذكر باحثون إسبان وأميركيون، أن النساء اللواتي يقرأن
المعلومات على أغلفة الأطعمة، أنحف بأربعة كيلوغرامات من نظيراتهنّ
اللواتي لا يقمن بذلك. ونقلت دورية «أغريكالتشير إيكونوميكس» عن
الكاتبة الأساسية ماريا لوريرو، من جامعة سانتياغو دي كومبوستيلا
الإسبانية، قولها إن «النساء اللواتي يقرأن المعلومات على أغلفة
الأطعمة أنحف بأربعة كيلوغرامات من نظيراتهنّ اللواتي لا يقرأن هذه
المعلومات». بحسب يونايتد برس.
وقام الباحثون في الدراسة من جامعة سانتياغو دي كومبوستيلا، وجامعتي
تينيسي وأركنساس الأميركيتين، بالاطلاع على الإحصاء الصحي السنوي الذي
يجريه المركز الوطني الأميركي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، ويشمل
الإحصاء 25 ألفا و640 ملاحظة على صعيد عادات الأكل، والصحة، والتسوق.
واستنتجت الدراسة أن النساء أكثر قراءة للمعلومات على أغلفة الأطعمة من
الرجال، كما وجدن أن المدخّنين لا يولون أهمية كبيرة لهذه المعلومات.
مجالات استثماريا
الى جانب ذلك قال بنك اوف امريكا ميريل لينش ان مكافحة البدانة
ستمثل مجالا استثماريا رئيسيا على مدى الاعوام الخمسة والعشرين الي
الخمسين القادمة وحدد البنك 50 شركة في مجالات شتى من الرعاية الصحية
والادوية الى الاغذية والرياضة يمكنها الاستفادة من هذه النزعة. وقالت
منظمة الصحة العالمية ان حجم البدانة على مستوى العالم تضاعف الى اكثر
من المثلين منذ 1980 ليتجاوز 500 مليون شخص ولا يزال مستمرا في الزيادة.
والتكاليف المرتبطة بالبدانة على الصحة العامة والاقتصاد آخذة في
التزايد. وقالت دراسة مولتها مراكز مكافحة الامراض والسيطرة عليها ان
حوالي ثلث الامريكيين البالغين بدناء وان ثلثا اخر لديهم زيادة في
الوزن.
وقال ساربجيت ناهال وهو محلل استراتيجي للاسهم في قسم البحوث
العالمية ببنك اوف امريكا ميريل لينش "قد تكون البدانة اكثر التحديات
الصحية الملحة التي تواجه العالم اليوم وستشكل جهود التعامل معها طريقة
تفكير واضعي السياسات ومجالس الادارات في جميع انحاء العالم."
وفي قطاع الاغذية صنف التقرير 20 شركة على اساس كيف يمكنهم الوصول
الى سوق عالمي "للصحة والعافية" يقدر بحوالي 663 مليار دولار امريكي
وكيفية استعدادها للاستجابة للضغط المتزايد لتقليل مستويات السكر
والدهون في المنتجات الغذائية. وقال التقرير ان "قطاع الرياضة هو
اللعبة الطويلة الاجل لكننا نعتقد ان الترويج للنشاط البدني سيصبح
اولوية رئيسية للمزيد من السياسات الصحية الحكومية". بحسب رويترز.
وتضاعفت نسبة الامريكيين الذين يعانون البدانة ثلاث مرات منذ 1960
لتصل الى 34 بالمئة فيما ارتفعت البدانة المفرطة او "المرضية" بمقدار
ستة اضعاف الى ستة بالمئة. كما ارتفعت الاعباء المالية الناتجة عن
البدانة حيث تتسبب في اضافة 190 مليار دولار سنويا الى تكاليف الرعاية
الصحية او خمس الانفاق الصحي الاجمالي.
في السياق ذاته أظهرت آخر الإحصاءات الصحية ارتفاعا مطردا في نسبة
انتشار البدانة (السمنة) بين المواطنين الكويتيين الى حد شكل معه علاج
هذه الظاهرة والامراض المصاحبة لها عامل ضغط اضافي على الدخل الشهري
للمواطنين. ووفقا لارقام غير رسمية فقد تخطت تكلفة علاج ظاهرة البدانة
ما نسبته ال10 في المئة من الدخل الشهري لمن يعانون هذه الظاهرة وهو ما
أجمع عليه عدد من هؤلاء في لقاءات متفرقة مع وكالة الابناء الكويتية
(كونا) حيث يخصصون نسبة ليست بيسيرة من رواتبهم الشهرية لعلاجها سواء
لناحية اشتراكهم في أندية صحية ورياضية أو لجهة اتباعهم برامج غذائية
محددة.
وبالمقابل يساهم موضوع علاج البدانة في توسيع نشاط كثير من المؤسسات
والمراكز الصحية والاندية و حتى لناحية افتتاح خدمات مصرفية خاصة في
البنوك لعلاج هذه الظاهرة. وشكلت الاحصاءات الصحية الرسمية وغير
الرسمية في المجمل مثار قلق بالنسبة للمواطن العادي خصوصا أن بعض تلك
الاحصاءات أفادت بأن نحو 88 في المئة من الكويتيين يعانون مشكلة الوزن
الزائد.
وعززت تلك العوامل مجتمعة مفاهيم وقائية جديدة حيال هذه الظاهرة
كانتشار النوادي والمطاعم و زيادة الاهتمام بمتابعة آخر المعلومات
الصحية فضلا عن برامج خفض الوزن وطرق التغذية المرتبطة بكل نوع من
التدريبات الرياضية ليشكل كل ذلك في نهاية الشهر تكلفة لا بأس بها تضاف
الى المصاريف الشهرية.
ونتيجة لذلك تحولت ظاهرة مكافحة البدانة والمشكلات الصحية المرتبطة
بها الى عامل ضغط مادي واقتصادي وتكلفة اضافية مباشرة و غير مباشرة على
الافراد والدولة على حد السواء. وتتضمن التكاليف الطبية المباشرة
العلاج الوقائي والخدمات المتعلقة بعلاج البدانة بينما تشمل التكاليف
غير المباشرة الخسائر الناجمة عن غياب الموظفين عن الشركات والمؤسسسات
ما يساهم تاليا في انخفاض انتاجيتهم سنويا بسبب المرض الناتج عن
البدانة لاسيما ان الكويت تصنف ثالثا بمرض السكري وأن تسعة من عشرة
اشخاص يعانون البدانة.
وبدأت تظهر على الساحة المحلية ثقافة مجتمعية مرتبطة بمشكلات السمنة
والامراض الخطيرة المصاحبة لها في موازاة حركة اقبال كثيفة ومكلفة على
النوادي الصحية و شركات الوجبات الصحية التي تتميز بسعرات حرارية
منخفضة.
وقالت مسؤولة التسويق في احدى شركات ايصال الوجبات قليلة السعرات
الحرارية ناهد الشريف انها لاحظت هذا التوجه "حيث كان هناك قبل أربع
سنوات نحو300 مشترك في خدمات الشركة يحصلون على الوجبات فيما تخطى هذا
الرقم حاليا ال2000 شخص اضافة الى بعض المستشفيات التي تعتبر الشركة
مسؤولة عن تزويدها بالوجبات الصحية منخفضة السعرات الحرارية". وأضافت
الشريف ان هذا النوع من الاعمال من أكثر المشاريع ربحية في السوق
المحلي بسبب الطلب الكبير على منتجاتها متوقعة ازدياد انتشار هذه
الشركات خلال الفترة المقبلة.
من جانبه قال مالك أحد الاندية الصحية للرجال ان مشروعه انطلق في
بداياته على شكل فرع واحد يضم مجموعة من المدربين المحترفين الا أن
الاقبال الكبير من الشباب على النادي "دفعنا للتوسع وافتتاح فروع جديدة
ليتم افتتاح فرعين آخرين بعد ثلاث سنوات على تدشين المشروع". وأضاف ان
استمرار الطلب والاقبال الكبير على النادي "يدفعنا بالطبع للتفكير
بافتتاح فروع أخرى" معتبرا أسعار الخدمات التي يقدمها النادي "معقولة
جدا" حيث تقدر بنحو 40 دينارا كويتيا شهريا "ما شكل حافزا رئيسيا
لزيادة الاقبال على هذا المشروع".
من جهته قال فهد عبدالمحسن (موظف في وزارة الداخلية) انه ينفق 60
دينارا من راتبه البالغ 1200 دينار على اشتراك في ناد صحي وينفق 60
دينارا أخرى على المكملات الغذائية و 250 دينارا على المطاعم الصحية
مصنفا النادي الصحي وكل ما يتعلق به من نظام غذائي بأنها "أولويات
شهرية". بدورها قالت روان خالد (موظفة في بنك محلي) ان النوادي الصحية
النسائية "أغلى من نظيراتها للرجال حيث يبلغ الاشتراك الشهري 150
دينارا في وقت تكلف شركات الوجبات قليلة السعرات الحرارية 200 دينار
شهريا" مضيفة ان راتبها الشهري يبلغ 900 دينار لتشكل مصروفاتها الشهرية
على مكافحة البدانة ما نسبته 40 بالمئة من دخلها الشهري "وهي تكلفة
باهظة بالنسبة لذوي الدخل المتوسط". |