ايران تحاصر الشبكة العنكبوتية وتقطع اوصالها!

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: بدأت السلطات الإيرانية بتشديد الخناق على الانترنت في الآونة الأخيرة بشكل غير مسبوق، إذ عمدت الى حجب خدمة جوجل العالمية، وعزمت على تجهيز شبكة إنترنت محلية بديلة لمواطنيها، وقد حجبت هذه السلطات عددا كبيرا من المواقع الإعلامية الأجنبية، وابرز مواقع التواصل الاجتماعية الفيسبوك واليوتيوب، في اطار الرقابة المشددة على الشبكة العنكبوتية، لكن هناك عددا كبيرا من مستخدمي الانترنت في ايران، وجدوا بديلا للالتفاف على الحظر باستخدام برنامج "في بي ان" او "الشبكة الخاصة المفترضة" الذي يحظر بيعه في ايران، في المقابل تريد ايران احكام قبضتها على الانترنت لمنع الالتفاف على الرقابة، وهذا بدوره يؤجج صراع الحريات هناك، باعتبارها خطوة تمنع الوصول الى الحريات الأساسية مثل التعبير والصحافة والتواصل الاجتماعي والحصول على المعلومات، بينما تعد إيران هذه قيود بما فيها انحسار الخصوصيات، ضمن اطار التحصين الأمن الإلكتروني للدولة، خصوصا بعد أن تعرض برنامجها النووي في عام 2010 لهجوم بفيروس ستكس نت، الذي تسبب في تعطيل أجهزة الطرد المركزي بمنشأة تخصيب اليورانيوم الرئيسية لديها، ناهيك عن الدور الكبير الذي لعبه الانترنت في الاحتجاجات الشعبية التي هزت البلاد بعد اعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد في العام 2009، ومنذ ذلك الحين بدأت حريات الانترنت في إيران تتضاءل بشكل متزايد، تخوفا من تظاهرات المعارضة، خصوصا وان إيران تعد واحدة من أكثر الدول حجبا للمواقع الإلكترونية في العالم، ومن اكثر بلدان الشرق الأوسط استخداما له، أي حوالي نصف سكانها البالغ 75 مليون نسمة، إذ تمنع المواطنين العاديين من زيارة عدد هائل من المواقع لكونها ضارة أو إجرامية، حسب وصف الجهات الرسمية، وعليه فأن حرية الانترنت في إيران، أصبحت مثيرة للقلق والجدل، كونها تتأرجح مابين حفظ الامن القومي وقمع الحريات.

شبكة إنترنت محلية بديلة

فقد تعتزم إيران تحويل مواطنيها الى شبكة محلية لخدمات الانترنت في خطوة وصفها مسؤولون بأنها محاولة لتحسين الأمن الإلكتروني لكن إيرانيين كثيرين يخشون أن تكون مجرد طريقة جديدة لمنعهم من الدخول إلى الشبكة العالمية، جاء الإعلان عن الشبكة الجديدة على لسان نائب وزير الاتصالات في الوقت الذي قال فيه التلفزيون الرسمي إنه سيتم حجب محرك البحث جوجل وخدمة البريد الإلكتروني التابعة له "في غضون بضع ساعات"، وقال مسؤول طلب الاكتفاء بذكر اسمه الثاني خرم أبادي "سيتم حجب جوجل وجي ميل في جميع أنحاء البلاد حتى إشعار آخر"، وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية إن حجب جوجل مرتبط بنشر الفيلم المسيء للإسلام على موقع يوتيوب والذي أثار غضبا في أرجاء العالم الإسلامي. ولم يصدر أي تأكيد رسمي، وإيران واحدة من أكثر الدول حجبا للمواقع الإلكترونية في العالم حيث تمنع المواطنين العاديين من زيارة عدد هائل من المواقع لكونها -طبقا للرواية الرسمية- ضارة أو إجرامية، ويعتقد العديد من الإيرانيين أن حجب مواقع إلكترونية مثل فيسبوك ويوتيوب يرجع إلى استخدامها في احتجاجات مناوئة للحكومة بعد فوز الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بفترة ولاية جديدة في انتخابات عام 2009، ومن المعتاد أيضا إغلاق المواقع الإلكترونية التي تحتوي على آراء تعتبر مناهضة للحكومة، وعادة ما يتغلب الإيرانيون على حجب الحكومة للمواقع الإلكترونية باستخدام برامج الشبكات الخاصة الافتراضية (في.بي.إن) التي تجعل من الصعب الوصول الى جهاز الكمبيوتر متلقي الخدمة، غير أن المسؤولين تحدثوا كثيرا عن إنشاء نظام إنترنت إيراني سيكون معزولا إلى حد كبير عن شبكة الانترنت العالمية، ونقلت وكالة أنباء مهر الإيرانية عن علي حكيم جوادي نائب وزير الاتصالات قوله "في الأيام الأخيرة تم ربط جميع الهيئات والمكاتب الحكومية... بشبكة المعلومات الوطنية"، وأضاف أن المرحلة الثانية ستتمثل في توصيل أجهزة المواطنين العاديين بالشبكة الوطنية.

وقالت وسائل إعلام إيرانية إن النظام المحلي سيطبق بالكامل بحلول مارس آذار 2013 ولكن لم يتضح ما إذا كان الدخول على الشبكة العالمية سيحجب بمجرد تشغيل الشبكة الإيرانية، وحتى مع استخدام برامج الشبكات الخاصة الافتراضية واجه كثير من الإيرانيين مشكلات كبيرة في الدخول على مواقع البريد الإلكتروني ومواقع الشبكات الاجتماعية في فبراير شباط الماضي قبل الانتخابات البرلمانية، وعززت إيران الأمن الإلكتروني بعد أن تعرض برنامجها النووي في عام 2010 لهجوم بفيروس ستكس نت الذي تسبب في تعطيل أجهزة الطرد المركزي بمنشأة تخصيب اليورانيوم الرئيسية لديها، واتهمت طهران الولايات المتحدة وإسرائيل بنشر الفيروس ستكس نت. ويشتبه الغرب في أن البرنامج النووي الإيراني يهدف إلى تصنيع قنبلة، وكانت السلطات الإيرانية قالت في أبريل نيسان إنه تم اكتشاف فيروس إلكتروني داخل أنظمة التحكم في جزيرة خرج التي تتعامل مع معظم صادرات النفط الخام الإيراني لكنها استمرت في عملها، وقال وزير الاتصالات الإيراني رضا تقي بور إن بلاده تحتاج إلى تطوير شبكة خاصة بها لضمان أمن المعلومات، وأضاف الوزير "السيطرة على الإنترنت يجب ألا تكون في يد دولة أو دولتين"، وتابع "في القضايا الكبرى وأثناء الأزمات على وجه الخصوص لا يمكن للمرء أن يثق في هذه الشبكة على الإطلاق" في إشارة إلى الشبكة العالمية، كانت إيران هددت في مايو أيار برفع دعوى قضائية ضد جوجل بسبب قرارها بحذف وصف "الخليج الفارسي" من خدمة الخرائط التي يقدمها محرك البحث وترك الخليج بدون اسم.

حجب بريد غوغل

فيما حجبت السلطات الايرانية الدخول الى بريد غوغل (جيميل) الآمن نسبيا  في اطار خطوات تتخذها الجمهورية الاسلامية لاقامة شبكة انترنت داخلية في ايران معزولة عن الانترنت العالمية، كما تم تقييد الدخول الى النسخة غير الامنة من موقع غوغل للبحث، بحسب ما اكتشف المستخدمون في ايران، وتم الاعلان عن الحجب بواسطة رسائل نصية هاتفية تحمل اشعارا اصدره عبد الصمد خورامابادي مستشار مكتب الادعاء العام الايراني وامين مجموعة رسمية هدفها رصد المحتوى الالكتروني غير القانوني، وجاء في الاشعار انه "نظرا للمطالب الشعبية المتكررة، سيتم حجب غوغل وجيميل في انحاء البلاد حتى اشعار اخر"، ولم يتحدث موقع غوغل عن حجب خدماته. بحسب فرانس برس.

غير ان العديد من سكان طهران صرحوا انهم لم يتمكنوا من الوصول الى بريد جيميل الا عند استخدامهم برنامج الشبكة الافتراضية الخاصة الذي يستخدمه الخبراء في الكمبيوتر للالتفاف على الرقابة على الانترنت، وتعمل ايران على اطلاق انترنت وطنية تقول انها ستكون نظيفة من اي محتوى غير اسلامي. ويقول مسؤولون انها ستكون اسرع واكثر امانا، رغم ان مراقبة بيانات المستخدمين ستكون اسهل.

الحرب الالكترونية أخطر من الحرب الفعلية

من جهته قال قائد في الحرس الثوري الإيراني إن إيران مستعدة للدفاع عن نفسها في حالة حدوث "حرب الكترونية" يمكن أن تسبب ضررا أكبر من المواجهة العسكرية الفعلية، وأحكمت الجمهورية الإسلامية من الأمن الالكتروني منذ إصابة أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في 2010 بفيروس ستكسنت الذي تعتقد إن مصدره اسرائيل أو الولايات المتحدة، وقالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية نقلا عن عبد الله اراكي نائب قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني قوله "سلحنا أنفسنا بأدوات جديدة لأن الحرب الالكترونية أكثر خطورة من الحرب الفعلية"، وهددت اسرائيل بقصف مواقع نووية إيرانية إذا أخفقت جهود دبلوماسية في وقف النشاط النووي الذي تعتقد أن هدفه هو الحصول على قدرة لصنع أسلحة نووية وهو ما تنفيه طهران، ويتشكك الكثير من المحللين في أن تتمكن الغارات الجوية من تدمير المشاريع النووية الإيرانية تماما ويرون أن الهجمات الالكترونية مثل ستكتسنت ربما تكون أكثر فاعلية، ورصدت ايران فيروس كمبيوتر في ابريل نيسان داخل أنظمة التحكم في جزيرة خارج التي تتعامل مع الأغلبية العظمى من صادرات النفط الخام لكن مرفأ النفط ظل يعمل. بحسب رويترز.

هجمات إلكترونية على بنوك أمريكية

من جانب أخر قالت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية إن إيران نفت شن هجمات إلكترونية على بنوك أمريكية عقب تقرير نشرته رويترز يفيد بأن ثلاثة من أكبر البنوك الأمريكية تعرضت لهجمات متكررة خلال العام المنصرم، وكانت مصادر مطلعة قالت إن الهجمات التي استهدفت المواقع الإلكترونية والشبكات الخاصة بكل من بنك أوف أمريكا وجيه.بي مورجان تشيس آند كو وسيتي جروب بدأت في أواخر عام 2011 وتصاعدت العام الجاري، وقال رئيس منظمة الدفاع المدني الإيرانية غلام رضا جلالي لوكالة فارس لدى سؤاله حول التقرير "نعلن رسميا أننا لم نشن أي هجمات"، وأشارت رويترز في تقريرها إلى أن منفذي الهجمات استهدفوا البنوك الثلاثة ردا على تطبيقها عقوبات اقتصادية فرضها الغرب على إيران بسبب برنامجها النووي، واتهم برلماني إيراني بارز المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتسريب معلومات سرية حول الأنشطة النووية الإيرانية إلى إسرائيل، وعززت إيران قدراتها الإلكترونية بعد أن تعرض برنامجها النووي في عام 2010 لهجوم بفيروس ستكس نت الذي تسبب في تعطيل أجهزة الطرد المركزي بمنشأة التخصيب الرئيسية لديهان واتهمت طهران الولايات المتحدة وإسرائيل بنشر الفيروس ستكس نت. بحسب رويترز.

وكان وزير الاستخبارات الإيراني حيدر مصلحي قال في يونيو حزيران إن بلاده كشفت عن خطة لشن "هجوم إلكتروني كبير" ضد منشآتها النووية ونسبتها إلى الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا، وذكر جلالي أن ستكس نت استخدم ضد إيران لتعطيل الأنشطة النووية في البلاد، ونقلت وكالة فارس عن جلالي قوله "لكننا نرى أن أنشطتنا مستمرة بنجاح... أنظمتنا النووية باتت محصنة الآن ضد مثل هذه الأفعال، ويقول خبراء أمنيون إن القدرات الإلكترونية الإيرانية لا ترقى إلى مستوى تطور قدرات الصين أو روسيا أو الولايات المتحدة أو أي من حلفائها الغربيين.

منع الالتفاف على الرقابة

على الصعيد نفسه نقلت وسائل اعلام ايرانية عن قائد "شرطة الانترنت" الايرانية كمال غضنفر ان ايران ستعطل الوصول الى الخدمة الافتراضية الخاصة (في بي ان) التي تتيح لملايين الايرانيين الالتفاف على الرقابة التي يفرضها النظام على شبكة الانترنت، وبحسب المسؤول فان "ما بين 20 و30 بالمئة من مستخدمي الانترنت الايرانيين يلجأون الى خدمة في بي ان" التي تتيح لهم الوصول الى شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك ويوتيوب وتويتر وآلاف المواقع الاجنبية التي عطلتها السلطات وضمنها مواقع عدة تابعة للمعارضة او وسائل اعلام غربية، واضاف انه "تم تشكيل لجنة (داخل شرطة الانترنت) لتعطيل كل وصلات في بي ان غير الشرعية" موضحا ان "بعض المستخدمين مثل البنوك والوزارات ومنظمات الدولة او شركات الطيران" يمكنها الاستمرار في استخدام في بي ان في انشطتها، وتمنع السلطات بانتظام الوصول الى الانترنت من خلال تقليصها او قطعها خصوصا في فترات التوتر السياسي، وكان هذا الاجراء اثار موجة احتجاجات في الاوساط الاقتصادية وحتى داخل النظام، عندما تم من دون سابق انذار قطع خدمة في بي ان مرتين في شباط/فبراير لايام عدة، واكد مسؤول قطاع التكنولوجيا في البرلمان رضا باكري اصل حينها ان العديد من الشركات والادارات تستخدم هذه الخدمة التي تتيح امانا اعلى لمبادلاتها على مستوى المعلومات. بحسب فرانس برس.

ورد على وزير الاتصالات رضا تاغيبور الذي قال ان استخدام في بي ان "جريمة"، قائلا "في بي ان ليس ممنوعا ولا يوجد اي فصل في القانون يحظره"، وايران التي تضم 37 مليون مستخدم للانترنت من 75 مليون نسمة، هي اكثر بلدان الشرق الاوسط ارتباطا بشبكة الانترنت التي كانت اضطلعت بدور كبير اثر الانتخاب المثير للجدل لمحمود احمدي نجاد رئيسا في 2009، ويتهم النظام الايراني الغربيين باستخدام الانترنت لشن "حرب غير معلنة" تستهدف زعزعته، واعلنت السلطات انها ستبدأ في صيف 2012 بتقديم خدمة "انترنت ايرانية" لتعويض مواقع البحث الاجنبية.

الفيسبوك نعمة

على صعيد أخر اعلن الرئيس الايراني الاسبق اكبر هاشمي رفسنجاني الذي نشرت الصحف اقواله، ان الفيسبوك "نعمة" تساعد الناس على التصدي للاستبداد والقمع، وقال رفسنجاني الذي نشرت اقواله وكالة ايسنا ثم اعادت نشرها بضع صحف ومواقع على الانترنت، "نرى ان صفحة انترنت ... يمكن ان تؤثر على ملايين الاشخاص ... او شريط فيديو تم تصويره بهاتف نقال ... يمكن ان يشاهده العالم اجمع"، واضاف رفسنجاني الذي يرأس مجلس تشخيص مصلحة النظام، وهي اعلى هيئة تحكيم سياسي في ايران، "هذه نعمة في رأيي". بحسب فرانس برس.

واعلن رفسنجاني الذي تولى الرئاسة من 1989 الى 1997 "اذا ما حاولنا وقف (تقنية الالتفاف على الحظر)، ستبصر 10 تقنيات اخرى النور بدلا منها. لا يمكننا ان نقف في وجه الباحثين عن المعلومات"، واضاف "لولا الشبكات الاجتماعية لتعرضت الحركات المناهضة للاستبداد والقمع للخطر.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 29/أيلول/2012 - 12/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م