إسرائيل وإيران وحتمية الحرب

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تصاعدت لهجة المعارك الكلامية في أتون الحرب الوشيكة بين إسرائيل وإيران بشدة مفرطة، حيثي تواصل إسرائيل هجومها في الآونة الأخيرة على نطاق غير مسبوق، من خلال دعوة القوى العالمية لان تضع خطا أحمر واضحا، يظهر عزمها على كبح البرنامج النووي الايراني، وإلا فأن خيار الحرب لا مفر منه، فالمقابل فأن إيران لا تقل حدة في ردها على الطرف الاخر، إذ يؤكد الطرفان بأن الحرب بينهما حتمية، وهذا يعني وقوع الحرب بينهما، بات قاب قوسين او ادنى من الحدوث، حيث تحرص اسرائيل على منع ايران من امتلاك القدرة على صنع اسلحة نووية، وليس مجرد منعها من صنع قنبلة فعلية، كما تخشى من ان الوقت قد ينفد، مما يعني امتلاك إيران لسلاح نووي يصبح خطرا كبيرا عليها، ولذا فانها تهدد منذ فترة طويلة بشن هجوم وقائي عليها، غير انها تنتظر دعم الولايات المتحدة لشن الهجوم، بينما تضغط امريكا على حليفتها الدائمة اسرائيل، لتأجيل عزمها بضرب ايران واستبعاد خيار الحرب، لأن عواقب هذه الحرب ستكون وخيمة جدا على جميع الاطراف وخاصة اسرائيل، مما زاد من حدة التوتر بين الحليفتين، بسبب الخلاف بين وجهتي نظر أمريكا وإسرائيل حول ضرب ايران، لذا تسعى اسرائيل لاستخدام ورقة ضغط على امريكا، من خلال مس وتر حساس لدى الولايات المتحدة، حيث ربطت اسرائيل بين التظاهرات العنيفة التي عمت العالم الاسلامي احتجاجا على الفيلم المسيء للاسلام والتشدد الايراني، لكي تتخذ الولايات المتحدة موقفا اكثر تشددا من البرنامج النووي الايراني، في المقابل رفضت واشنطن فكرة وضع خطوط حمراء لايران من قبل وتضغط على الحكومة الاسرائيلية لاعطاء الدبلوماسية والعقوبات التي فرضت على الجمهورية الاسلامية وقتا لكبح البرنامج النووي الايراني بالطرق السلمية.

لكن اسرائيل مازالت تلمح بأنها يمكن أن توجه ضربة ناجحة لايران دون مساعدة الولايات المتحدة، مما يزيد من هذه الاختلافات الحديث العلني غير المسبوق بين الحلفين، وعلى الرغم من أن هناك افتراضات واسعة بأن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية إلا أن القوات الإسرائيلية مجهزة لخوض حروب الحدود فقط، ويرى العديد من الخبراء بأن مدى الضرر الذي يمكن أن تلحقه القوات الإسرائيلية بالمنشآت النووية الإيرانية البعيدة والمحصنة والتي تقع في أماكن متفرقة، لا يعادل حجم الخسائر التي قد تلحق بها، في حين عبر الكثير من القادة الاسرائيلين عن رفضهم فكرة مهاجمة ايران في الوقت الحالي، محذرين من نتائج سلبية في حال حدوث الحرب، وتواجه الحكومة الإسرائيلية معارضة في الداخل لشن أي هجوم منفرد بدون دعم أمريكي، وعليه فأن كل هذه المعطيات انفة الذكر تطرح عدة تساؤلات، فهل ستعتمد إسرائيل على عنصر المفاجأة في هذه الحرب؟ وهل بإمكانها مهاجمة ايران من دون اذن ام مساعدة امريكا؟، وهل هناك فرص لحل آخر؟؟.

صنع قنبلة نووية

فقد حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن إيران توشك على امتلاك القدرة على صنع قنبلة نووية في غضون ستة او سبعة اشهر فقط مما يعزز مطالبته للرئيس الأمريكي باراك أوباما بوضع "خط أحمر" لطهران وسط أسوأ خلاف إسرائيلي أمريكي منذ عشرات السنين، وفي محاولة لتوصيل رسالته مباشرة للرأي العام الأمريكي تحدث نتنياهو عبر شاشات التلفزيون قائلا إنه بحلول منتصف عام 2013 ستكون ايران قد امتلكت 90 بالمئة من المادة التي تحتاجها لصنع سلاح نووي، وحث من جديد الولايات المتحدة على توضيح الحدود التي يتعين على طهران الا تتجاوزها اذا كانت تريد تفادي عمل عسكري وهو امر يرفض أوباما ان يفعله.

وفي مقابلة مع قناة (إن.بي.سي) الأمريكية قال نتنياهو "عليك ان تضع هذا الخط الاحمر أمامهم (إيران) الآن قبل فوات الأوان" مضيفا أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تقلل فرص مهاجمة المواقع النووية الإيرانية.

وتزامن الخلاف العلني غير المعتاد بين الولايات المتحدة وحليفتها التقليدية اسرائيل مع قرار اوباما بعدم لقاء نتنياهو في وقت لاحق وهو يكشف اتساع هوة الخلاف بين البلدين ويزيد الضغوط على الرئيس الامريكي في المرحلة الاخيرة من الانتخابات الرئاسية.

ويقول مسؤولون امريكيون كبار ان ايران لم تتخذ قرارا بعد بشأن الخطوة الاخيرة لتجميع مكونات قنبلة نووية ويبدون ثقة كبيرة في ان ايران ما زالت تحتاج إلى سنة على الاقل كي يصبح لديها المقدرة على صنع قنبلة نووية وستحتاج بعد ذلك لوقت اخر لتجهيز رأس حربية لوضعها على صاروخ. ويتناقض هذا مع الجدول الزمني الذي حدده نتنياهو على الرغم من عدم وصوله الى حد القول بان ايران قررت صنع سلاح نووي.

ولم يظهر نتنياهو اي مؤشر على تراجعه عن حملة الضغط التي يقوم بها وساوى بين خطر امتلاك ايران لسلاح نووي والغضب الاسلامي الذي اثار هجمات على سفارات امريكية في انحاء العالم الاسلامي، وتساءل نتنياهو في المقابلة التي اجرتها معه قناة ان.بي.سي في نداء عاطفي واضح للامريكيين الذين ما زالوا يترنحون من اثر الاحتجاجات الغاضبة التي اثارها الفيلم المسييء للنبي محمد "انه نفس التعصب الديني الذي ترونه يقتحم سفاراتكم اليوم. هل تريدون لهؤلاء المتعصبين ان يمتلكوا اسلحة نووية؟"، ولكن لم توجه اتهامات لايران بالضلوع في اشعال العنف الذي اجتاح عواصم في الشرق الاوسط وافريقيا .

وجادل نتنياهو الذي كان يتحدث عبر القمر الصناعي من القدس بان هناك حاجة إلى انذار امريكي موثوق فيه لكبح جماح ايران التي تنفي سعيها لامتلاك قنبلة نووية.

وقال "انهم في المنطقة الحمراء" وذلك في تشبيه بكرة القدم الامريكية عندما يصل اللاعب إلى منطقة يوشك فيها على تسجيل هدف. وقال "لا يمكنكم ان تسمحوا لهم بعبور خط الهدف ."

وهدد محمد الجعفري قائد قوات الحرس الثوري الايراني بالرد على اي هجوم اسرائيلي قائلا ان القواعد الامريكية في المنطقة ستضرب وسيتم وقف التجارة عبر مضيق هرمز وهو نقطة عبور مهمة للنفط، وقال "لن يبقى شيء من اسرائيل."

ولم تقدم سوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة في الامم المتحدة ما يشير الى ان الرئيس الامريكي - الذي طلب من نتنياهو عدم شن اي هجوم على المواقع النووية الايرانية ومنح العقوبات والسبل الدبلوماسية فرصتها كي تأتي بنتيجة - ينوي تخفيف مقاومته لفكرة الخطوط الحمراء.

وقالت رايس "لن نستبعد اي خيار من الطاولة لضمان عدم حصول ايران على سلاح نووي بما في ذلك الخيار العسكري". مؤكدة موقف اوباما منذ فترة طويلة ولكنها اصرت على "انهم لم يصلوا إلى هذه النقطة بعد".

واوضح زعماء اسرائيل الذين يعتبرون تقدم البرنامج النووي الايراني خطرا محدقا باسرائيل انهم يتحركون في اطار اضيق بكثير من الولايات المتحدة القوة العظمى التي تمتلك ترسانة عسكرية تقليدية هائلة.

وسئل نتنياهو عما اذا كانت اسرائيل اقرب إلى التصرف بمفردها فقال "نحن دائما نحتفظ بحق التصرف. لكنني اعتقد اننا اذا تمكنا من تنسيق موقف موحد معا فسوف نزيد من فرص الا يضطر أينا للتصرف."

وواجه اوباما - الذي يخوض في نوفمبر تشرين الثاني الانتخابات الرئاسية سعيا لفترة رئاسية ثانية - انتقادات من منافسه الجمهوري ميت رومني الذي قال ان الرئيس صارم جدا مع اسرائيل ولكنه ليس صارما بما يكفي مع ايران.

واثارت لهجة نتنياهو الحادة في الاونة الاخيرة تكهنات باحتمال ان تهاجم اسرائيل ايران قبل الانتخابات الامريكية على اساس ان اوباما سيقدم العون العسكري ولن يخاطر بخسارة اصوات الناخبين المناصرين لاسرائيل. بحسب رويترز.

واثار نتنياهو انتقادات في الداخل بسبب المبالغة في موقفه . وهو يواجه انقسامات في الرأي العام الاسرائيلي وداخل حكومته مما يجعل من الصعب شن اسرائيل هجوما في اي وقت قريب.

وقال نتنياهو انه يقدر تأكيدات اوباما بعدم السماح لايران بامتلاك سلاح نووي. لكن نتنياهو الذي اثار اصراره على فكرة فرض خط احمر غضب المسؤولين الامريكيين اوضح ان هذه التاكيدات غير كافية، وقال "اعتقد ان خطا احمر في هذه الحالة سيعمل على خفض فرص الحاجة إلى عمل عسكري."

وفي اكثر تصريحاته تحديدا بشأن ايران وبرنامجها النووي قال نتنياهو لقناة سي.ان.ان "انهم يمضون بسرعة كبيرة نحو استكمال تخصيب اليورانيوم الذي يحتاجونه لصنع قنبلة نووية. في ستة اشهر او نحو ذلك سيكونون قد اتموا 90 في المئة من المطلوب."

ويبدو انه كان يشير إلى تخصيب ايران لليورانيوم إلى نسبة 20 في المئة وهو مستوى تقول انها تحتاجه لصنع النظائر المشعة للاغراض الطبية لكنه ايضا أقرب إلى المستوى العسكري. ويقول تقرير اصدره مفتشو الامم المتحدة في اغسطس اب ان ايران تملك مخزونا من اليورانيوم المخصب إلى مستوى 20 في المئة يصل إلى 91.4 كيلوجرام.

ويقول خبراء ان الحد الادنى اللازم للتخصيب لصنع قنبلة يتراوح بين 200 و250 كيلوجراما تقريبا .ويحتمل ان تصل ايران الى هذا الحد قريبا بانتاج نحو 15 كيلوجراما شهريا وهو معدل يمكن ان يزيد اذا قامت ايران بتشغيل وحدات الطرد المركزي الجديدة لديها.

ولم يكرر نتنياهو تصريحاته الحادة التي قال فيها ان الولايات المتحدة فقدت أي "حق معنوي " لمنع اسرائيل لأنها رفضت وضع قيود امريكية صارمة على طهران.

وجاء ذلك بعد الإعلان عن ان اوباما لن يلتقي مع نتنياهو خلال زيارته للولايات المتحدة هذا الشهر لالقاء كلمة امام الامم المتحدة فيما اعتبر على نطاق واسع بانه تجاهل.

الضغط على أمريكا

فيما قال دان ميريدور نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي للشؤون النووية والمخابرات إن على الولايات المتحدة ألا تنتظر حتى تقرر ايران انتاج سلاح نووي بل يجب عليها ان تفكر قبل ذلك في عمل عسكري ضد الجمهورية الاسلامية.

وقال ميردور في مقابلة اذاعية "متى تحين المرحلة التي يجب ايقافه (البرنامج النووي الايراني) عندها؟ هل تحين عندما يتم تركيب القنبلة على مقدمة صاروخ لتكون جاهزة للاطلاق؟"، ولمح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو - الذي يرى ان طهران تمثل خطرا داهما على بلاده - الى انه قد يلجأ الى الحرب اذا لم تحدد واشنطن والقوى العالمية الاخرى مهلة لايران للحد من برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

ويرفض الرئيس الامريكي باراك اوباما ضغوط نتنياهو الامر الذي احدث صدعا في العلاقات بين الحليفين رغم اتفاقهما على ان ايران لم تتخذ بعد الخطوات النهائية لتنقية اليورانيوم الى الدرجة التي يصلح عندها للاستخدامات العسكرية وتصنيع رأس حربي.

وتنفي طهران سعيها لانتاج قنبلة قائلة ان مشروعاتها النووية مخصصة للطاقة السلمية والاغراض الطبية. واثبتت المحادثات الدبلوماسية بينها وبين القوى العالمية فشلها حتى الان.

وأشاد ميريدور متحدثا في راديو اسرائيل بإدارة اوباما لتشديدها على انها لن تسمح لايران بالحصول على اسلحة نووية. لكنه قال انه ينبغي التأكيد على مظاهر العزم هذه.

وقال ان ايران يمكنها ان تصل الى مرحلة التطور النووي الذي يتيح لها صنع رأس حربي خلال سنوات قليلة وفي غفلة من العالم.

واضاف "هذا يستلزم توضيحا ..في رأيي.. يظهر ان ايران مسلحة تسليحا نوويا على الرغم من انها لم تتخذ قرارا بشأن انتاج اسلحة نووية سواء كان هذا القرار خلال ايام او اسابيع."

ويوضح الاسرائيليون انهم يتوقعون ان تغلق نافذة الفرصة لضرب ايران مع تحصينها وحماية منشآتها. بحسب رويترز.

وفي الوقت الذي لم يعلنوا فيه صراحة عن الموعد الذي سيعتبرون فيه ان ايران اقتربت بما يكفي من بلوغ العتبة النووية لتبرير الحرب يقول المسؤولون الاسرائيليون انهم يتابعون وتيرة تحصين منشآتها وتخصيبها لليورانيوم لمستوى نقاوة يبلغ 20 في المئة وهو ما يقل قليلا عن المستوى اللازم لصنع وقود انتاج القنابل وتصنيعها لاجهزة الطرد المركزي اللازمة للتخصيب.

وكان وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك اتهم ايران في مايو ايار بانتهاج استراتيجية تمكنها من صنع قنبلة خلال 60 يوما، وترفض اسرائيل تأكيد او نفي قدراتها النووية التي يعتقد على نطاق واسع انها تشمل الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط.

تعصب القادة الايرانيين

من جهته جدد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو هجومه على البرنامج النووي الايراني، معتبرا ان قادة الجمهورية الاسلامية الايرانية يقودهم "تعصب اعمى"، وذلك في مقابلة مع شبكة ان بي سي الاميركية، وقال نتانياهو "منذ نشوء الاسلحة النووية، هناك دول امتلكت هذه الاسلحة وتقوم دائما باحتساب حذر للاكلاف والفوائد. لكن ايران تقودها حكومة ذات تعصب اعمى"، واضاف "ان تعصبهم يتقدم على بقائهم. لديهم انتحاريون في كل انحاء البلاد. لن اعول على عقلانيتهم"، معتبرا انه لا يمكن السيطرة على ايران كما كان ممكنا السيطرة على الاتحاد السوفياتي ابان الحرب الباردة. بحسب فرانس برس.

وربط نتانياهو بين التظاهرات العنيفة التي عمت العالم الاسلامي احتجاجا على الفيلم المسيء للاسلام والتشدد الايراني وقال "انه التعصب نفسه الذي يحرق سفاراتكم اليوم. هل تريدون ان يمتلك هؤلاء المتعصبون اسلحة نووية؟"، ونفى نتانياهو اتهامه بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الاميركية عبر الضغط على الرئيس باراك اوباما ليتخذ موقفا اكثر تشددا من البرنامج النووي الايراني، وقال ان "الموضوع الذي يوجهني ليس الانتخابات في الولايات المتحدة الاميركية بل اجهزة الطرد المركزي في ايران".

توجيه ضربة لإيران دون مساعدة أمريكية

في حين استشهد وزير اسرائيلي بضربة جوية سرية شنتها بلاده عام 2007 على منشأة سورية قيل إنها مفاعل نووي ملمحا إلى ان اسرائيل يمكن أن توجه ضربة ناجحة لايران دون مساعدة الولايات المتحدة، ولم تعترف اسرائيل رسميا قط بقصف موقع دير الزور ولم تكشف عما تم تدميره حتى لا تجر سوريا الى حرب ثأرية وذلك حسبما قال رئيس الولايات المتحدة حين ذاك جورج بوش الذي وصف في مذكراته الموقع بأنه كان مفاعلا جديدا وفرت كوريا الشمالية المواد المستخدمة فيه، وقال بوش انه رفض ان تشن الولايات المتحدة الغارة كما طلبت اسرائيل في باديء الامر وعادت هذه الرواية الى السطح مجددا على صفحات مجلة نيويوركر. ومس التقرير وترا حساسا نظرا للتوترات القائمة بين الحليفين حول تلميحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه قد يتحدى واشنطن ويقوم بعملية مماثلة ضد البرنامج النووي الايراني المثير للجدل.

وقال جلعاد إردان وزير البيئة الاسرائيلي لراديو اسرائيل "وفقا لما تردد في ذلك الحين أيضا لم يكن الرئيس بوش متحمسا للهجوم ولم يوافق على مشاركة الولايات المتحدة. وعلى كل حال اتخذت الخطوة الصحيحة."

وكان إردان وهو عضو مؤثر في حزب ليكود اليميني الحاكم يرد على سؤال عما اذا كان بوسع اسرائيل ان تتحمل عواقب تعميق خلافها مع الولايات المتحدة التي رفضت مطلب نتنياهو بوضع "خطر احمر واضح" يمكن في حال تجاوزه اللجوء الى القوة مع ايران.

وأوضحت حكومة نتنياهو استعدادها لشن هجوم منفرد على ايران اذا اقتضت الضرورة رغم انقسام الرأي العام الاسرائيلي بشأن هذا الامر ورغم المطالب الغربية باعطاء الدبلوماسية فسحة من الوقت. وتنفي ايران سعيها لامتلاك اسلحة نووية كما فعلت سوريا عام 2007.

وقالت المجلة ان هناك اختلافات جمة بين الموقع السوري الوحيد والمكشوف الذي قصفته اسرائيل في جارتها سوريا وبين المنشآت الإيرانية المتعددة البعيدة شديدة التحصين.

ومما يزيد من هذه الاختلافات الحديث العلني غير المسبوق عن احتمال ان تشن اسرائيل حربا على ايران والذي يتعارض مع ما حدث في سوريا عام 2007 ومع الضربة الاسرائيلية المفاجئة لمفاعل نووي في العراق عام 1981. بحسب رويترز.

ويؤكد المسؤولون الإسرائيليون انهم يمتلكون الوسائل التقنية لمباغتة ايران وان تكتمهم فيما يتعلق بدير الزور يهدف في جانب منه للحفاظ على مثل هذه الاسرار، وغضبوا من تصريحات صدرت من داخل ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما شككت في قدرة اسرائيل على احداث اضرار ملموسة في ايران وردوا بالحديث عن مهام سابقة في العراق وسوريا.

وكتب عاموس يادلين -وكان من بين الطيارين الذين شاركوا في عملية قصف المفاعل العراقي عام 1981 وقاد الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية خلال هجوم دير الزور- في مقال للرأي في نيويورك تايمز في فبراير شباط "الخطأ حينها مثلما هو الحال الان هو التقليل من شأن براعة اسرائيل العسكرية."

حزب الله

في المقابل قال أحد مساعدي الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إن التهديدات العسكرية الإسرائيلية "وضعت المواطن الإسرائيلي على بعد خطوة واحدة من القبر" وإن جماعة حزب الله اللبنانية مستعدة للرد، وذكرت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء أن يحيى رحيم صفوي المستشار العسكري لخامنئي وصف تهديدات إسرائيل المتزايدة بضرب المنشآت النووية الإيرانية بأنها "حمقاء"، وقال "إن وقاحة وحماقة المسؤولين الإسرائيليين في تهديد الجمهورية الإسلامية وضعت المواطن الإسرائيلي على بعد خطوة واحدة من القبر، وأضاف صفوي القائد السابق للحرس الثوري الإيراني "إذا أقدم النظام الإسرائيلي يوما على فعل شيء ضدنا فسترد جماعات المقاومة وبخاصة حزب الله... بسهولة أكبر، وزادت تلميحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأسابيع الأخيرة إلى احتمال توجيه ضربة إسرائيلية لإيران وانتقد موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يقول إنه يجب منح العقوبات والدبلوماسية متسعا من الوقت. بحسب رويترز.

وزاد ذلك من التكهنات بأن إسرائيل قد تهاجم إيران قبل الانتخابات الأمريكية في نوفمبر تشرين الثاني، وقال حزب الله إن أي هجوم على إيران سيقابل بضربات ضد أهداف إسرائيلية وأمريكية بالمنطقة حتى وإن لم تلعب القوات الأمريكية دورا فيه، وقال السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله في مقابلة تلفزيونية أذيعت إنه تم اتخاذ قرار بالرد وإن الرد سيكون قويا جدا.

وضع خط أحمر لإيران

الى ذلك أبدى نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي لشئون المخابرات والطاقة الذرية دان مريدور معارضته لدعوة بنيامين نتنياهو إلى وضع "خط أحمر" لإيران تواجه بعده هجوما عسكريا يستهدف منشآتها النووية، وفي مقابلة إذاعية بدا مريدور مؤيدا للولايات المتحدة في رفض طلب نتنياهو المتكرر بإعطاء إيران إنذارا أخيرا وإلا ستشن إسرائيل بمفردها هجمات على الجمهورية الإسلامية، وتبرز تصريحات مريدور الجدل المحتدم داخل الدائرة المقربة من رئيس الوزراء بشأن احتمال تفاقم الخلاف مع واشنطن في حالة شن حرب تظهر استطلاعات الرأي أن معظم الإسرائيليين يعارضونها بمن فيهم العديد من الشخصيات الأمنية البارزة، ولدى سؤاله عن الوقت المتبقي قبل استخدام القوة ضد إيران قال مريدور - وهو واحد من عدة نواب لنتنياهو يشكلون نواة مجلسه الأمني - لإذاعة الجيش الإسرائيلي "لا أريد أن أضع لنفسي أي خطوط حمراء أو تحديد مواعيد نهائية، ودعا إلى تشديد العقوبات الدولية على طهران "كي تعي أن الثمن الذي تدفعه يزداد وأن السبيل الوحيد للتخلص من ذلك هو وقف السباق (النووي) أو التوصل إلى اتفاق أو تفاهم دولي لإنهاء الخلاف، "دائما ما تنظرون في خيارات أخرى عندما تنفد جميع السبل الأخرى. وأعتقد أنه يتعين علينا الآن مواصلة الضغط، ويعكس ذلك موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يسعى للفوز بفترة ولاية ثانية في منصبه في انتخابات نوفبر تشرين الثاني حيث دافع عن الاستمرار في تبني دبلوماسية "العصا والجزرة" مع إيران بينما نفى اتهامات منافسه الجمهوري ميت رومني بأنه يتهاون بشأن أمن إسرائيل. وتنفي إيران السعي لتصنيع أسلحة نووية. بحسب رويترز.

ولم يصدر مكتب نتنياهو أي تعليق فوري على مقابلة مريدور التي جاءت عقب مخاوف مماثلة أعرب عنها وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك حيث أعلن أن نتنياهو يقوض العلاقات مع الولايات المتحدة، ورغم أن مريدور لم يذكر نتنياهو بالاسم إلا أنه انتقد ما وصفها "بالثرثرة المفرطة التي شهدتها الأشهر الأخيرة" في إسرائيل بشأن مواجهة عدوها اللدود وكيفية ذلك، وتحدث مريدور عن أهمية المساعدات الدبلوماسية والدفاعية الأمريكية وتبنى موقفا أكثر اعتدالا بشأن تسلح إيران بسلاح نووي مقارنة بتلك التي تبناها نتنياهو الذي شبه هذا الاحتمال بأنه محرقة "هولوكوست" ثانية، وقال مريدور وهو عضو محنك بحزب ليكود اليميني الحاكم "لا أريد أن أتحدث بلغة التشاؤم... بلغة الهولوكوست، وأضاف "أعتقد أننا أقوياء وسنتغلب على أي تحديات غير أن هذا تحد خطير، وفي تصريحات ربما تستهدف الإشارة الى احتمال شن هجوم منفرد على إيران أشاد نتنياهو بالجيش الإسرائيلي أثناء اجتماع مع قيادته العليا، وقال "من حين لآخر كان الأمر يستلزم إجراء عمليات ونفذت بنجاح باهر، وأضاف نتنياهو "يجب أن يعرف مواطنو إسرائيل ما أعرفه - أن هناك أحدا نعتمد عليه. هناك أحد جاهز للعمل."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/أيلول/2012 - 7/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م