مشكلة البطالة في عمان... يفاقمها الانتقائيون

 

شبكة النبأ: ابتسم حارث محسن لدى خروجه مسرعا من باب بنك بعد أن حصل على ورقة بالموافقة على قرض حكومي بقيمة 50 ألف دولار ليبدأ مشروعه الخاص فرحا بأنه لم يعد يحتاج للاعتماد على إعانات البطالة، ومحسن (23 عاما) واحد من 1500 شاب عماني تمت الموافقة على صرف قروض منخفضة الفائدة لهم منذ يناير كانون الثاني الماضي بموجب خطة الحكومة لتشجيع المشروعات الخاصة، وقال محسن الذي يريد فتح شركة سياحة في مدينة عبري في شمال شرق البلاد "كنت أبحث عن وظيفة على مدى عام حتى سألتني وزارة القوى العاملة ما إذا كنت أريد بدء مشروع في مسقط رأسي." وأضاف "هذه فرصة لأكون أنا رب عملي الخاص، وفي أواخر العام الماضي أمر السلطان قابوس بن سعيد الذي يحكم البلاد منذ 42 عاما بزيادة الأموال المتاحة للبرنامج إلى أربعة أمثالها لتبلغ 60 مليون ريال (156 مليون دولار) سنويا كأحد الإجراءات المتخذة للحد من البطالة. بحسب رويترز.

ويقدم البرنامج قروضا بفائدة سنوية اثنين بالمئة وفترة سماح مدتها عام لسداد الائتمان الذي تزيد قيمته على خمسة آلاف ريال. ولا تدفع فائدة على القروض الأقل من ذلك، وأفادت تقديرات صندوق النقد الدولي أن معدل البطالة بين العمانيين زاد عن 24 بالمئة في 2010 استنادا إلى أحدث إحصاء سكاني غير ان الصندوق أقر بأن الرقم ربما يشمل أشخاصا لا يبحثون بجدية عن عمل. ولا تصدر الحكومة بيانات عن البطالة، والاستقرار السياسي في عمان -التي شهدت احتجاجات متفرقة منذ فبراير شباط 2011 تطالب بوظائف وبمكافحة الفساد- مهم بالنسبة للمنطقة لأن السلطنة المنتجة للنفط تطل على مضيق هرمز الذي تمر منه خمس تجارة النفط العالمية، ولتهدئة المحتجين وفرت الحكومة 44 الف وظيفة حكومية جديدة في 2011 ورفعت الحد الأدنى لأجور العمانيين في القطاع الخاص وبدأت في صرف إعانات بطالة جديدة.

لكن معدل نمو عند نحو ثلاثة بالمئة سنويا للعمانيين البالغ عددهم نحو مليوني نسمة يعمق مشكلة البطالة. ورغم النمو القوي لإجمالي عدد الوظائف المتاحة تذهب أغلب الوظائف الجديدة في القطاع الخاص لنحو مليون أجنبي يعملون بالسلطنة، وفي الشهر الماضي قال مسؤول بوزارة المالية لرويترز إن عمان التي تتمتع بفائض كبير في الميزانية من إيرادات النفط خصصت مليار دولار إضافية لخلق فرص عمل جديدة خلال 12 شهرا. 

غير ان استراتيجية تعتمد على وظائف القطاع العام قد لا تكون مناسبة على المدى الطويل. فاحتياطيات عمان النفطية المؤكدة من المتوقع أن تدوم 17 عاما أخرى فقط بمعدل إنتاج عام 2011 وفقا لإحصاءات شركة بي.بي لشهر يونيو حزيران، وقال صندوق النقد في تقريره في ديسمبر كانون الأول إن عمان يتعين أن توفر نحو 45 ألف فرصة عمل جديدة سنويا أي مثلي الرقم المتحقق في خمس سنوات حتى 2010 إذا كانت الحكومة تريد خفض البطالة، لذلك تركز الحكومة على دعم المشروعات الخاصة الجديدة مثل مشروع محسن، لكن نسبة محدودة جدا من العمانيين هي فقط التي تسعى لبدء مشروعات خاصة مستقلة وبالتالي فإن أغلب العمانيين في القطاع الخاص يجب أن يعملوا كموظفين.

لكن بالرغم من معدل النمو العماني القوي البالغ 5.5 بالمئة تحجم الكثير من الشركات عن توظيف العمانيين وتعزو ذلك إلى قلة تدريبهم وتعليمهم وارتفاع مستوى توقعاتهم للأجور، ويقول أحمد سليم المستشار بشركة التوظيف كابيتال مانباور إن القطاع الخاص قدم 20 بالمئة فقط من 50 ألف وظيفة جديدة ولم يقدمها إلا لأن الحكومة أجبرته على ذلك، وقال خالد الخماسي (21 عاما) الذي يبحث عن عمل منذ أن أنهى دراسته الثانوية في يونيو حزيران الماضي "اريد عملا لكن الأماكن الثلاثة التي توجهت إليها تريد شهادة لا أملكها، وأضاف "لا يمكن ان نصبح كلنا رجال أعمال... أعلم أنني سأخسر المال لو غامرت، ويقول صندوق النقد الدولي إن خفض البطالة يتطلب تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط فضلا عن تحسين التعليم والتدريب إذ ان قطاع النفط والصناعات كثيفة الطاقة لا توفر فرص عمل كثيرة.

وبعد استحداث إعانة بطالة جديدة أصبح أمام بعض العمانيين سبيل للهروب من القطاع الخاص. فكثير منهم يجدون وظائفه غير جذابة بسبب العمل الشاق والساعات الطويلة وانخفاض الأجور والمزايا مقارنة بالقطاع العام، وقال خريج مدرسة عمره 24 عاما طلب عدم نشر اسمه "كنت أعمل نادلا 12 ساعة يوميا مقابل 290 ريالا في الشهر، "لماذا أفعل ذلك إذا كنت أحصل على إعانة بطالة قدرها 150 ريالا في الشهر؟".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/أيلول/2012 - 5/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م