باسيلي نيقولا... هل ينجو منتج الفيلم المسيء من فعلته؟

 

شبكة النبأ: لا تزال تداعيات انتاج الفيلم المسيء للاسلام تتسع في اكثر من دولة، على الرغم من الهدوء النسبي الذي اعقب موجة الاحتجاجات العنيف التي اجتاحت دول العالم العربي والاسلامي قبل ايام، فيما تتابع واشنطن بحزن ممزوج بالغضب قضية الفيلم ومن يقف وراءه، سيما انها كانت الخاسر الاكبر في هذا الشأن، وتعرض ممثلياتها الدبلوماسية لاعتداءات عنيفة تسبب في سقوط عدد من القتلى والجرحى الى جانب خسائر مادية كبيرة.

واستدعت الشرطة الأمريكية رجلا من كاليفورنيا - على صلة بفيلم مسيء للإسلام نشر على موقع يوتيوب وأثار احتجاجات عنيفة في العالم الإسلامي - يوم السبت لاستجوابه بشأن انتهاكات محتملة لشروط مراقبته القضائية.

ويحظر على نيقولا باسيلي نيقولا (55 عاما) استخدام شبكة الإنترنت بدون موافقة ضابط المراقبة المسؤول عنه وهو شرط لإطلاق سراحه من السجن بعد إدانته في قضية احتيال مصرفي عام 2010.

وقال ستيف وايتمور المتحدث باسم قائد شرطة لوس أنجليس إن نيقولا غادر منزله طوعا لحضور التحقيق في مركز للشرطة بحي سيريتوس في لوس أنجليس. وأضاف "سيقابله ضباط اتحاديون معنيون بالمراقبة... لم توضع الأصفاد في يديه... الأمر كله طوعي" مضيفا ان نيقولا ليس رهن الاعتقال ولكن لن يعود لمنزله على الفور.

ونفي نيقولا صلته بالفيلم في محادثة هاتفية مع قس في الكنيسة القبطية التي ينتمي إليها. وغادر منزله بصحبة العديد من ضباط الشرطة وقد غطى وجهه بوشاح وقبعة ونظارة شمسية واستقل سيارة كانت تنتظره.

وتبلغ مدة الفيلم 13 دقيقة وهو ناطق باللغة الانجليزية وتم تصويره في كاليفونيا. ونشر الفيلم على الانترنت بأسماء متعددة من بينها "براءة المسلمين" ويصور النبي محمد في مشاهد مسيئة.

وأثار الفيلم احتجاجات عنيفة استهدفت القنصلية الأمريكية في بنغازي مما أسفر عن مقتل السفير الأمريكي وثلاثة من مواطنيه يوم الثلاثاء الماضي. وامتدت الاحتجاجات لدول اخرى في العالم الإسلامي.

ويقول مسؤولون أمريكيون إنهم يعتقدون أن متشددين استغلوا الاحتجاجات ستارا لشن هجوم مسلح على المقر الدبلوماسي. وأشار مسؤولون أمريكيون إلى أن السلطات لا تحقق في مشروع الفيلم نفسه وإنه حتى وان كان مؤججا للمشاعر أو أدى إلى العنف فإن مجرد إنتاجه لا يمكن أن يعتبر جريمة في الولايات المتحدة التي تتبنى قوانين تكفل حرية التعبير.

ولم يرد محام عن نيقولا على الاتصالات الهاتفية كما لم يتسن على الفور الحصول على تعليق من ممثل لمكتب المراقبة القضائية الأمريكي حول استجواب الشرطة لنيقولا.

وأشارت مستندات قانونية إلى أن نيقولا أقر بذنبه في جريمة احتيال عام 2010 وحكم عليه بالسجن 21 شهرا أعقبها وضعه تحت المراقبة لمدة خمسة أعوام. وأفرج عن نيقولا في يونيو حزيران من العام الماضي فيما تم تصوير جزء على الأقل من الفيلم في وقت لاحق من صيف نفس العام.

غير أن شروط الإفراج عن نيقولا تتضمن بنودا سلوكية تمنعه من تصفح الانترنت أو استخدام أسماء مستعارة دون موافقة ضابط المراقبة المسؤول عنه. وقال مسؤول بارز في الشرطة بواشنطن إن التحقيق في خرق شروط الإفراج يتعلق بهذين الشرطين أو أحدهما وتبين مستندات قانونية أن أي خرق قد يقود لإيداعه السجن مرة أخرى. بحسب رويترز.

وأفاد مصدر مطلع على القضية إن مكتب المراقبة ينظر على وجه التحديد في احتمال تورط نيقولا في إنتاج الفيلم منتهكا بذلك شروط إطلاق سراحه. وقال أحد العاملين بالفيلم في مقابلة مع رويترز إنه حضر تصوير مشاهد في منزل نيقولا بمنطقة سيريتوس. وأضاف الرجل الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب تتعلق بسلامته إنه تم إبلاغه في ذلك الوقت بأن هذا هو منزل المنتج سام باسيلي. وتابع أنه تنامى إلى مسامعه أن ميزانية الفيلم تقل من مئة ألف دولار وأن الرجل الذي عرفه باسم باسيلي هو المسؤول عن هذه الأموال. وقال الرجل لرويترز "قال إنه جمعها (الأموال) بنفسه". وأضاف أن أبلغ بأن أحداث الفيلم الذي شارك فيه تحت اسم "محارب الصحراء" تدور حول عصر قديم في مصر منذ آلاف السنوات ويتناول أحوال النساء في ذلك الوقت ولم يبلغه أحد بأن الفيلم يدور حول النبي محمد.

وقال إن بعض المشاهد صورت في مقر منظمة (ميديا فور كرايست) التي تبث برامج تلفزيونية فضائية وتسعى للوصول إلى الجماهير في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقال إن أشخاصا من المنظمة كانوا حاضرين أثناء التصوير.

لا علاقة للولايات المتحدة به وافكر ببثه كاملا

فيما قال رجل ادعى انه صاحب فيلم "براءة المسلمين" ان لا علاقة للولايات المتحدة بالفيلم، مضيفا انه "غير نادم" ويفكر ببثه كاملا. وجاءت تصريحات الرجل في مقابلة اجرتها اذاعة "راديو سوا" الممولة اميركيا والتي قالت انه مصري وان مصادر اكدت لها انه نيكولا باسيلي نيكولا. وقال ان "اميركا لا علاقة لها بالفيلم لا من قريب ولا من بعيد".

وعبر الرجل للاذاعة عن حزنه لمقتل السفير الاميركي لدى ليبيا كريس ستيفنز وزملاء له. واعتبر ان "امريكا تعرضت للظلم في هذا الموضوع (...) اشعر بالحزن على مقتل السفير لكني لست نادما" لبث الفيلم. واضاف ان "الفيلم ملكي انا ومدته حوالى ساعتين وكل ما وضعته على الانترنت 14 دقيقة فقط وافكر حاليا في وضعه كاملا ولم يحرفه احد"، مشيرا الى انه لم يتوقع ان يثير الفيلم كل ردود الفعل القوية هذه.

ودعا المسلمين الى "مشاهدة الفيلم كاملا قبل ان يصدروا احكامكم"، مضيفا "قرأت القرآن وقرات بالاضافة الى ذلك اكثر من ثلاثة آلاف كتاب اسلامي ومنها اخذت كل ما جاء في الفيلم".

ولم يفصح الرجل عن هويته الحقيقة الا ان الاذاعة اكدت انه "منتج الفيلم ومخرجه ايضا". وكان الغموض يلف هوية مخرج الفيلم بعدما عرف عن نفسه اولا باسم سام باسيل وبانه اميركي اسرائيلي تلقى دعما ماليا من يهود، حسب تقارير صحافية.

لكن تقارير اعلامية اميركية اشارت لاحقا الى ان المخرج قبطي من كاليفورنيا محكوم عليه بجرائم مالية ويقيم خارج لوس انجليس وان اسم سام باسيل ليس حقيقيا.

الدستور يحمي صاحب الفيلم المسيء للاسلام

الى ذلك بينما تتضاعف التظاهرات المعادية للاميركيين، لا تستطيع الولايات المتحدة اطلاق ملاحقات ضد الذين يدلون بتصريحات مهينة او تشهيرية كما فعل صاحب فيلم "براءة المسلمين" بسبب الحريات التي يضمنها الدستور.

وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون "اعلم انه سيكون من الصعب بالنسبة للبعض فهم لماذا لا تستطيع الولايات المتحدة منع هذا النوع من اشرطة الفيديو الجديرة بالعقاب". وتابعت "لكن اريد ان اؤكد انه امر مستحيل مع التكنولوجيا الحديثة. مع ذلك فان بلادنا تملك تقليدا عريقا من حرية التعبير تكرست في دستورنا وقوانيننا. لا نستطيع منع مواطنين من التعبير عن وجهات نظرهم حتى وان كان ذلك لا يروق لنا".

وهكذا وان تسبب فيلم "براءة المسلمين"، من انتاج هاو مع دبلجة سوقية، بطريقة غير مباشرة بمقتل اشخاص عدة بينهم السفير الاميركي في ليبيا، فان السلطات الاميركية لا تستطيع ملاحقة صاحبه او منتجه.

وفي هذا السياق اوضح يوجين فولوك الاستاذ في جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس ان التعديل الاول للدستور الاميركي يحمي حرية التعبير لجميع المواطنين. وقال "ان ذلك يصح بالنسبة لسلمان رشدي، ويصح لمنتجي مسلسل ساوث بارك ويصح لاولئك الناس"، مضيفا "حتى الدفاع عن العنف امر محمي. وفي هذه الحالة ليست المسالة متعلقة بالعنف بل انها تحريف وانتقاد للدين".

واكد المحامي اندي كونتيجوليا "انه امر يحميه تماما التعديل الاول". وقال هذا الاخصائي في التعديل الاول للدستور لوكالة فرانس برس "لا اعتقد انه يمكن ملاحقته من الحكومة الاميركية.. الا اذا كان هناك قانون فدرالي لا اعرفه يسمح بملاحقته لكلمات بذيئة"، او التحريض على الشغب.

واعلنت السلطات الاميركية انها "تنظر مجددا في بنود الحرية المشروطة لنيكولا باسيلي نيكولا الذي حكم بالسجن ل21 شهرا في 2010 لاحتيال مصرفي. واكد المحامي كونتيجوليا "ان كل شيء مرهون ببنود وشروط حريته المشروطة"، "فان كان منع على سبيل المثال من استخدام حاسوب ونشر فيلمه على يوتيوب، يمكن ان يكون هناك انتهاك". واضاف انه يمكن ملاحقة نيكولا من قبل الممثلين الذين يؤكدون انه خدعهم من خلال دبلجة الحوارات واخفاء هدف الفيلم. وهنا ايضا كل شيء "مرهون بما قيل لهم وبطبيعة العقد" الذي يمكن ان يصبح باطلا بسبب انتهاك حريتهم الخاصة او علمهم باستخدام صورتهم.

الفيلم المثير

وتظهر لقطات من عمل من انتاج هواة يصور النبي محمد على أنه زير نساء ومثلي ويقر الاعتداء على الأطفال. وسبق ان أثارت رسوم كاريكاتيرية وأشكال أخرى للتصوير اعتبرت مهينة احتجاجات وقوبلت بالادانة من المسؤولين والدعاة والمسلمين العاديين وكثير من المسيحيين في الشرق الاوسط.

ووصف القس الامريكي تيري جونز الذي أغضب كثيرا من المسلمين بتهديده عام 2010 بحرق مصاحف الفيلم بأنه فيلم "ساخر" عن حياة النبي محمد. وأضاف انه عرض مقطعا ترويجيا للفيلم بعدما نظم "محاكمة" رمزية للنبي.

وكان موقعه على الانترنت (ستاند اب امريكا ناو. اورج) قد أشار الى "اليوم الدولي لمحاكمة محمد" قبل تنظيمه يوم 11 سبتمبر ايلول في ذكرى الهجمات التي شنها تنظيم القاعدة على الولايات المتحدة عام 2001. وادان الازهر وهو أرفع المؤسسات الدينية مكانة في مصر ذلك الحدث في بيان قبل الاحتجاجات.

واصدرت الكنيسة الارثوذكسية المصرية بيانا ادان بعض المسيحيين في المهجر الذين قال انهم "مولوا انتاج فيلم يسيء للنبي محمد". وكانت السفارة الامريكية في القاهرة هدفا ايضا لمظاهرة يوم الثلاثاء.

وكانت لقطات من الفيلم المسمى "براءة المسلمين" وأطلقت عليه اسماء اخرى على بعض المواقع متداولة على الانترنت لأسابيع قبل الاحتجاجات. وربطت دعوات بعض الناشطين إلى الاحتجاج في مصر بين جونز والفيلم. وقالت وسائل اعلام امريكية ان الفيلم من انتاج مقاول عقارات امريكي اسرائيلي. وتظهر روابط على الانترنت انه من انتاج سام باسيلي وهو اسم يمكن ان تكون له اصول مصرية.

وحسب اللقطات يظهر الجزء الاول من الفيلم الذي تدور أحداثه في العصر الحديث مسيحيا مصريا يفر من جماهير مسلمة غاضبة. واتخذت الشرطة المصرية موقف المتفرج والجمهور الغاضب يحطم عيادة يعمل بها طبيب مسيحي.

ويظهر الطبيب بعد ذلك وهو يتحدث الى ابنته عما يصنع "ارهابيا إسلاميا". وتنتقل اللقطات بعد ذلك الى مشاهد تاريخية من عصر النبي وفي اغلبها تم تركيب خلفية صحراوية لتحركات الممثلين.

ويشار الى النبي على انه "لقيط" ويظهر على انه زير نساء كما يصور على انه مثلي جنسيا. ويظهر في احدى اللقطات يقوم بفعل جنسي فيما يبدو مع احدى زوجاته ثم مع نساء اخريات في وقت لاحق.

وفي مشهد آخر يعرض قس مسيحي وضع نص ديني اعتمادا على ايات من التوراة ومن العهد الجديد لصياغتها فيما يصفه بأنه "ايات كاذبة" في اشارة فيما يبدو الى اصل القرآن.

وفي مشاهد اخرى يصور النبي على انه قائد دموي يشجع اتباعه على نهب الاماكن التي يهاجمونها ويقول انهم يمكنهم استخدام الاطفال بأي طريقة يريدونها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17/أيلول/2012 - 29/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م