كانت مبادرة الرئيس طالباني؛ قبل اشهر؛ لعقد اللقاء الوطني جادة
ومشجعة لحلحة دوامة الازمة السياسية حينما تضمنت جلوس كافة الاطراف من
داخل الحكومة والبرلمان ومن خارجه على طاولة حوار مشتركة.
ومع مرور الوقت وتصاعد اجواء الازمة، تمكن اللاعبين "الكبار"؛
الممسكين بزمام الامور في الكتل السياسية؛ من امتصاص تلك الدعوة
واختزالها في انفسهم وكياناتهم واستحوذوا على تلابيب الازمة واحكموا
اجنحتها وتبادلوا الادوار بشكل محترف تمكن من سحب البساط من القوى غير
المشاركة ليس على المستوى الوطني فحسب بل في داخل الكيانات السياسية
ذاتها، وخير دليل على ذلك اجتماع الائتلاف الوطني الذي انعقد يوم
الاربعاء 11/7 والذي اثار الدهشة في بيانه؛ او مستوى حضوره؛ حينما اعلن
انه تم بمشاركة كافة مكوناته، بينما لم يتعدى مستوى الحضور كتله التي
تسمى "رئيسية" لا لشيء فقط لانها احرزت نقاطا برلمانية تحت خيمة قانون
انتخابي اعرج حرم الكثير من شركائهم في القائمة حقوق التمثيل ومنحها
لهم.. وقد تناسى من كتب البيان ايضا بان الائتلاف الوطني مكون من اكثر
من عشرين كيان وتكتل وتشكيل سياسي.
ان ممارسة النخبة للسلطة في العراق وفقا لمعيار النجاح بالانتخابات
هو دليل للنظرة القاصرة التي لا تعرف سوى لغة الارقام او العتبة
الانتخابية.. من اين جاءت وكيف جاءت؟
فالائتلاف الوطني كان يراد منه بزوغ كيان مؤسسي يرعى كافة المستويات
ويستوعب كافة القوى والتيارات بصورة دائمية لا موسمية؛ لا ان يختزل
بقوى او يعقد اجتماعات مسائية لا يعلم بها الا ذوي الحظوظ البرلمانية،
لتصدر عنه بيانات موجهة اصلا الى قوى سياسية حليفة.
ما هكذا يجب ان يكون الائتلاف الوطني وريث الائتلاف الموحد الذي قاد
العراق في اصعب مراحله على مر التأريخ، وخرج به سالما واوصله قريبا
معافى من بر الامان، لكن ما هذا الائتلاف الذي اردناه والذي نريد، وما
هذا الائتلاف الذي ينتظر جمهوره مواقفه وهو الذي لم يجتمع منذ بداية
العام الحالي.. الا مرتين.
ان الائتلاف اليوم على اعتاب مرحلة ومهام جسيمة منتظرة، فاما
الصراحة مع جمهوره الذي نساه او تناساه مع تلاطم امواج الازمات او في
تشكيل التحالفات؛ باعتباره طريق خروج من وضعه الحالي قد يصنع الامل من
جديد بخطوات ثابتة تعيد التوازن له امام جمهوره اولا؛ ومكوناته ثانيا؛
وحلفائه وخصومه على حد سواء ثالثا؛.. او لململة اوضاعه والنظر الى
جمهوره ومكوناته واطرافه والدخول بثقله باعتباره جزءا من الحل في خارطة
الازمة السياسية الحالية.. وليس طرفا او سببا او جزءا من المشكلة
والازمة الخطيرة المتوالدة. |