التطرف وغطاء الحرية المزيَّفة

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: الغرب يقود العالم الآن، هذا ما يعلنه الغرب نفسه ويتفق عليه كثيرون من اصقاع الارض كافة، وهذا ايضا ما تؤكده الوقائع، الغرب يتبجح كثيرا بأنه صانع حضارة العصر التي نقلت الانسان من الارض الى الفضاء ومن عصور التخلف الى عصر السرعة، لا احد يريد أن يلغي دور الغرب وأفضاله على الانسانية في مجال التقانة والتكنولوجيا والطب والزراعة وتطوير العلوم وما الى ذلك.

ولكن هذا لا يعني ابدا، أن تنمو مخالب (غربية/ امريكية/ اسرائيلية) طويلة بشعة تحت غطاء الحرية لتسيء الى الآخرين ومقدساتهم، لأن حضارة الغرب تدّعي التحرر، وتضع الحرية معيارا للحراك البشري الفكري والعملي، لكن هذا المبدأ اللامع لا يبيح للغرب أن يسيء لاعتقادات الآخرين ومقدساتهم وانماط حياتهم وافكارهم وثقافاتهم!!!، ولكن هذا ما يحدث الآن تحت غطاء الحرية، على الرغم من انه غاية في التطرف المرفوض كليّاً.

الاساءات الغربية للاسلام والمسلمين ليست جديدة ولا هي وليدة الراهن، كما انها تتعدد وتتنوع، ويبرع في صياغتها مفكرون (غربيون) متطرفون فقدوا قدرتهم على التوازن والنظر الى حرية الدين والمعتقين بروح وعين وعقل متبصّر، وآخر هذه الاساءات الفلم المسيء للاسلام والمسلمين والذي اثار اضطربات كبيرة في العالم عموما وبين المسلمين خصوصا، بعد مقتل السفير الامريكي وآخرين من السلك الدبلوماسي في السفارة الامريكية في ليبيا، بالاضافة الى الاحتجاجات في مصر لتمتد الى عموم الدول الاسلامية.

من الواضح هنا ان هذا الفلم يمثل خطوة مبيّتة ومعد لها اعدادا مقصودا لاثارة المسلمين، من خلال الاساءة للمقدس الاسلامي، لاسيما اذا عرفنا ان التمويل والتمثيل والترويج للفلم يكاد يكون اسرائيلي مئة بالمئة، بالاضافة الى مساعدة القس الامريكي تيري جونز المعروف بتطرفه ضد الاسلام، وهناك ايضا مشاركة 100 ممثل يهودي وعدد من الاقباط، في محاولة واضحة لاستفزاز العالم الاسلامي.

وقد اشار نقاد ومحللون الى المضمون المتهافت لهذا الفلم ونزعته الواضحة للاستفزاز الخالي من البراهين والادلة الامر الذي يؤكد ان الهدف منه مبيّت ويهدف الى الاساءة قبل اي شيء آخر، يقول الكاتب مازن الشريف عن هذا الفلم: (لقد شاهدت الفلم المسيء لنبينا عليه الصلاة والسلام، من باب النظر التحليلي والنقدي، ودون كبير غوص في المفاهيم الفنية وعلم التحليل السينمائي الذي يمكن إن نبحر فيه حين نشاهد افلام عباقرة السينما الامريكية من امثال Michael Bay، Steven Spielberg، James Cameron ضمن قضايا تهم الإنسان عامة وفيها من الرقي والخيال والإبداع، فان سطحية هذا الفلم وتفاهته تجعلنا في غنى عن كثير كلام، وقد تكفينا شهادة النجمة العالمية انجلينا جولي التي سارعت بالرد وهي تلبس الحجاب وبينت تفاهة هذا الفلم ووقاحته ودعت المسلمين للدفاع عن دينهم. من الجانب العلمي البحت، والأمانة التاريخية، فإن هذا الفلم فيه الكثير من الكذب والتزييف، لأنه يطرح أمورا لم يثبت لأي مؤرخ منصف أو صاحب عقل علمي أنها صحيحة، ولكنها أغراض الحقد وأمراض القلوب والأنفس. وإن الحياء من سيد الوجود تمنعني من مناقشتها، كما أن عدميتها وخطاها الجلي لكل عاقل يجعل الكلام عنها غير ذي جدوى).

لقد بات من الواضح ان الحرية لا تغطي الاهداف الملفعة بالاساءات، فالحرية مفهوم وسلوك نقي واضح انساني صرف، ولا يمكن ان تكون عاملا مساعدا على التطرف كما يحاول صانعو ومنتجو ومروجو هذا الفلم ان يفعلوا، لذا فإننا في الوقت الذي ندين هذا الفلم ومضمونه ومن يقف وراءه، فإننا نطالب المعنيين حكومات ومنظمات مدنية غربية وسواها، أن لا يسمحوا باستغلال الحرية كمعبر للاساءة للاسلام او لسواه، ولا يسمحوا ان تكون الحرية غطاء ومبرر لتمرير التطرف وانعاشه والترويج له بصيغ فنية او فكرية او غيرها.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/أيلول/2012 - 27/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م