الحروب الأمريكية وفقدان الشرعية!

 

شبكة النبأ: تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية خلال حروبها على أسلوب فن الحساب العسكرية بالتميز اللوجستي المحترف والمغطى بالقوة الناعمة، لتكون الغموض الاستراتيجي باعتباره أهم مفتاح  لأبواب الحروب الأمريكية، فعلى الرغم من التغيرات التي طرأت على وجه كينونتها السياسية خارجيا تجاه العالم، وخاصةً منطقة الشرق الأوسط بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، إلا أن هذه السياسة بدأت تتحدد وترسم قبل ذلك بعقود، لتعيد نسيم الحرب الباردة لها من جديد، خصوصا وان أمريكا تمتلك مهارة صناعة العدو المفترض، وهو أسلوب تعوّد عليه العالم من قبل الولايات المتحدة، ممثلا بصناعة العدو، وزداد وضحا بعد بصناعة حروب الأخيرة المنتجة من مخلفات 11 سبتمبر أيلول 2001، والتي كانت ذريعة الحرب على الإرهاب المستدامة، كلها ممارسات منوعة ومتعدد الأوجه والأشكال تستعرض ادوارا مختلفة من التجنيد والتنشئة السياسية بإستراتيجية تدريجية مرنة تسعى من خلالها الى ترسيخ وتنمية الأجندة السياسية التي اتبعتها في اغلب حروبها، فهي مازالت تواصِل منهجها القسري في تحديد وجهات العالم الجديد وخاصة في مناطق النزاع المتخلفة والمضطربة، كاستخدام عمليات الإعدام التعسفية والمخلفات الأسلحة المحظورة ،التي تسبب انواع عديدة من الأمراض مثل السرطانات، ناهيك عن وعاهات المستدامة وغيرها الكثير الكثير من جرائم بشاعة وانتهاكات مروعة لحقوق الانسان، في المقابل تنج عن مخلفات هذه الحروب خسائر بشرية مادية للدولة نفسها وبالتالي تحمل أعباء كبيرة قد تهديد بانهيار الاقتصاد، لكن يبقى أهم أجندة تلك السياسية وهذه الحروب هو إشاعة ثقافة الهيمنة وأمركة العالم وبتالي تعكس وطأة الجرم وانتهاك الحقوق الإنسانية وسبب رئيسة لغلب الأزمات العالمية.

الإعدامات التعسفية

فقد ابدى المقرر الخاص للامم المتحدة حول الاعدامات التعسفية، من دون محاكمات او اعتباطية في مناطق النزاع، "قلقه" حيال عمليات اعدام متعمدة تنفذها الولايات المتحدة، وذلك في وثيقة سلمها الى مجلس حقوق الانسان المجتمع في جنيف، وقال المقرر كريستوف هينز ان "ممارسات الاعدامات الموجهة" هذه "مصدر قلق" و"يمكن ان تخلق سوابق خطيرة"، متحدثا خصوصا عن حالات في العراق، افغانستان، باكستان، اليمن والصومال، كما تطرق الى حالات مداهمات ليلية ينفذها عسكريون اميركيون في افغانستان بهدف القبض على مقاتلين لطالبان، الا انها انتهت غالبا باعدامات تعسفية. بحسب فرانس برس.

واضاف هينز "في شباط/فبراير 2011، "اشار تقرير الى سقوط 600 قتيل في ثلاثة اشهر نتيجة هذه المداهمات"، كما سقط عدد مماثل من القتلى خلال الغارات الجوية والقصف الذي تشنه الطائرات من دون طيار. وفي هذا الاطار، ادى هجوم صاروخي في ابين جنوب اليمن في كانون الاول/ديسمبر 2009 الى سقوط 41 قتيلا بينهم 14 امرأة و21 طفلا. واضاف المقرر انه تم تثبيت استخدام اسلحة اميركية في هذا الهجوم الا ان وزارة الدفاع لم تعلق على هذه العملية، ولفت هينز الى ان "على الحكومة الاميركية توضيح الاجراءات القائمة للتأكد من ان كل الهجمات المحددة الاهداف تتماشى مع القانون الانساني الدولي وحقوق الانسان"، كما يتعين على الحكومة الاميركية الاعلان عن التدابير التي تنوي اتخاذها لتفادي هكذا ممارسات وعن تلك التي تطبقها حاليا في اطلاق تحقيقات علنية، بعد الاتهامات بانتهاكات لحقوق الانسان.

الحرية الدائمة

فيما وصلت حصيلة قتلى الجيش الأمريكي خلال عملية "الحرية الدائمة" التي أطلقها الرئيس السابق، جورج بوش، رداً على هجمات "الحادي عشر من سبتمبر"، إلى عتبة ألفي قتيل، وذلك بعد إعلان هوية أحد قتلى جنود القوات الدولية العاملة في أفغانستان، والذي اتضح أنه أمريكي سقط في جنوبي البلاد، وبحسب المعلومات الرسمية، فقد اتضح أن القتيل هو الجندي تايلر بوين، من ولاية مينيسوتا، ومعه ارتفعت حصيلة الخسائر البشرية الأمريكية إلى ألفين خلال هذه العملية التي بدأت عام 2001. بحسب السي ان ان.

وقد بدأت "الحرية الدائمة" بالتدخل العسكري في أفغانستان للإطاحة بحكم حركة طالبان التي كانت توفر ملاذا آمناً لتنظيم القاعدة الذي نفذ هجمات سبتمبر، غير أن العملية لم تقتصر على أفغانستان فحسب، بل امتدت لتشمل ساحات قتال أخرى في دول أخرى قريبة وبعيدة، ومن بين إجمالي عدد القتلى، فقد سقط 1884 منهم في أفغانستان، التي مازالت القوات الأمريكية والدولية تواجه فيها حركة طالبان ومجموعات مسلحة أخرى، غير أن العملية شهدت مقتل آخرين في دول بينها باكستان وأوزباكستان وخليج غوانتانامو في كوبا وجيبوتي وإريتريا وأثيوبيا والأردن وكينيا وقرغيزستان والفلبين وجزر سيشل والسودان وطاجاكستان وتركيا واليمن.

امن الولايات المتحدة

من جهة أخرى ذكر برلمانيون في ختام جلسة استماع مغلقة ان المسؤولين الرئيسيين عن الدفاع في الولايات المتحدة يعتبرون ان التسريبات الاخيرة لمعلومات سرية في الصحف ادت الى "اضرار" بامن العمليات، وخلال الجلسة التي عقدت امام لجنة الدفاع التي تتمتع بنفوذ كبير في مجلس النواب، عرض وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا واعلى مسؤول عسكري اميركي الجنرال مارتن ديمبسي الاجراءات التي اتخذتها وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) لمنع كشف مثل هذه المعلومات، وقال رئيس اللجنة الجمهوري بوك ماكيون في ختام الجلسة لصحافيين "لم يدخلا في التفاصيل لكنهما متفقان على ان الامر سبب اضرارا"، واضاف "اكدا لنا انهما اتخذا اجراءات للحد من هذه التسريبات لانها يمكن ان تضر بشكل خطير بالاشخاص المشاركين في العمليات"، وفتحت وزارة العدل تحقيقين جزائيين الشهر الماضي بعدما اثارت التسريبات استياء شديدا في الكونغرس. بحسب فرانس برس.

وعبر البرلمانيون عن غضبهم من كشف صحيفة نيويورك تايمز معلومات تفيد ان الرئيس باراك اوباما مسؤول عن زيادة الهجمات المعلوماتية على البرنامج النووي الايراني بعد اكتشاف الفيروس ستاكسنت في 2010، وتتعلق تسريبات اخرى بالهجمات بالطائرات بدون طيار في اليمن والقرن الافريقي، والمح بعض الجمهوريين الى ان البيت الابيض كشف هذه المعلومات للصحف عمدا لتعزيز موقع اوباما كقائد اعلى في اوج الحملة الانتخابية، وقال ماكيون وآدم سميث العضو الديموقراطي الرئيسي في اللجنة ان اكثر من اربعة ملايين اميركي معتمدون للاطلاع على الاسرار الدفاعية ومنع تسرب المعلومات الحساسة وهم في عصر التقنيات الرقمية.

انفاق دفاعي

من جانبه وافق مجلس النواب الامريكي على إنفاق دفاعي قدره 606 مليارات دولار للسنة القادمة وذلك بعد مناقشات استمرت يومين تسابق فيها مشرعون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري على إدانة الحرب الدائرة في افغانستان قائلين انها هدر للارواح والاموال، ووافق المجلس الذي يهيمن عليه الجمهوريون على مشروع قانون مخصصات الدفاع بأغلبية في اقتراع باغلبية 326 صوتا ضد 90، ويتضمن المشروع ميزانية اساسية لوزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) قدرها 524 مليار دولار اضافة الي 83 مليار دولار للانفاق على الحرب في افغانستان وعمليات اخرى في الخارج، ويغطي المشروع السنة المالية 2013 التي تبدأ في اكتوبر تشرين الاول وسيتعين التوفيق بينه وبين النسخة التي سيوافق عليها مجلس الشيوخ قبل ان يمكن ارساله الي الرئيس باراك اوباما لتوقيعه. بحسب رويترز

غزو الحلفاء

من جهته شارك السفير الامريكي لدى فرنسا تشارلز ريفكين في قفز جماعي بالمظلة على ساحل نورماندي احتفالا بالذكرى 68 لغزو الحلفاء للبر الرئيسي لاوروبا في الحرب العالمية الثانية، وقال تلفزيون فرانس 3 انه اقتداء بجنود سلاح المظلات في قوات الحلفاء الذين قفزوا على نورماندي التي كانت تحتلها المانيا قبل ساعات من الهجوم البحري على الشواطىء قفز ريفكين على الرغم من الرياح القوية التي تسببت في جروح طفيفه لستة من المظليين المصاحبين له، وقال ريفكين لتلفزيون تي.اف1 بعد الهبوط "كانت فرنسا حليفتنا منذ البداية والدليل هنا في الميدان". وشارك حوالي 100 مظلي من امريكيا وفرنسا والمانيا في القفز، وبدأ الاف من جنود سلاح المظلات الامريكيين ومن الحلفاء الهجوم على الدفاعات الساحلية الالمانية بقفزة ليلية خطيرة خلف خطوط العضو في وقت مبكر في 6 يونيو حزيران 1944. بحسب رويترز.

سفينة حربية امريكية تاريخية

على الصعيد نفسه قامت السفينة الحربية الامريكية ايوا التي خدمت خلال الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة برحلة قصيرة اخيرة لمرساها الدائم في ميناء لوس انجليس حيث ستفتتح كمتحف بحري الشهر المقبل، وكان رئيس بلدية لوس انجليس انطونيو فيلارايجوسا وقدامى افراد البحرية الامريكية الذين عملوا على تلك السفينة التي اخرجت من الخدمة في عام 1990 من بين المئات الذين وجهت لهم دعوات للمشاركة في الرحلة الاخيرة، ودشنت السفينة ايوا عام 1943. وحملت الرئيس الامريكي فرانكلين روزفلت عبر المحيط الاطلسي لعقد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل والزعيم السوفيتي جوزيف ستالين اثناء الحرب العالمية الثانية، وقامت ايوا في وقت لاحق خلال الحرب بقصف المرابط في المحيط الهاديء قبل نزول قوات الحلفاء وشاركت في استسلام اليابانيين في خليج طوكيو في عام 1945. بحسب رويترز.

وخلال الحرب الكورية في الخمسينات قامت بعمليات قصف، وبعد اخراجها من الخدمة عام 1958 اعيدت للخدمة مرة اخرى عام 1984 اثناء السنوات الاخيرة من الحرب الباردة، وقطرت ايوا من مرسى مؤقت في الميناء الخارجي عبر القناة الرئيسية بالميناء، ووسط تهليل المتفرجين وصلت السفينة الى مرساها الدائم وستفتتح كمتحف بحري في السابع من يوليو تموز.

طيارو f-22 الأكثر تذمرا

كما أكدت معلومات صادرة عن القوات الجوية الأمريكية بأن الطيارين الذين يقودون مقاتلات F-22، التي تعتبر الأحدث في أسطول الولايات المتحدة الجوي العسكري أبلغوا عن حالات نقص في الأوكسجين داخل قمرة القيادة أكثر بعشر مرات من طياري سائر المقاتلات، وقال السيناتور مارك وارنر إن الأرقام التي بحوزة القوات الجوية الأمريكية تظهر بأن الطيارين أبلغوا بما معدله 26.4 حالة نقص أوكسجين خلال مائة ألف ساعة تحليق، وهو رقم ضئيل للغاية، إلا أنه يفوق بكثير ما جرى الإبلاغ عنه في مقاتلات أخرى مثل A-10 وF-15E وF-16، وأضاف وارنر، ومعه زميله في الكونغرس أدم كنزنغر، إن هذه التقارير "مثيرة للقلق،" وأكدا على الحاجة للتوسع في التحقيق، من جانبه، أوضح كنزنغر، الذي كان طياراً عسكرياً قبل أن يتحول إلى السياسة، أن ظاهرة نقص الأوكسجين بالغة الخطورة، إذ أنها تجعل تمنع الطيار من التفكير السليم واتخاذ القرارات المناسبة أثناء التحليق، وأشارت مصادر عسكرية أن القوات الجوية تحاول دراسة أسباب الظاهرة، ويدور التركيز حالياً على بحث تأثير بعض القطع المستخدمة في سترة الطيران، والتي تعمل من أجل تخفيف تأثيرات التبدل السريع للجاذبية على الطيارين، وإن كانت البحث ما زال بمراحله الأولية، وسط شكوك تحوم حول دور عوامل أخرى في الظاهرة.

وكان ليون بانيتا، وزير الدفاع الأمريكي، قد قرر منتصف مايو/أيار الماضي حظر طيران جميع المقاتلات من طراز  F-22 خارج المناطق التي يمكنها فيها القيام بعمليات هبوط اضطرارية، وذلك في حالة إصابة الطيّار "بعوارض صحية غير متوقعة،" وفقاً لجورج ليتل، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع بنتاغون، ووفقاً لليتل، فإن القوات الجوية تعمل بشكل متسارع على تزويد طائرات F 22 بنظام أوكسجين أوتوماتيكي احتياطي. بحسب السي ان ان.

مشيراً إلى أن الوزير الأمريكي طالب بتقرير شهري عن التطور في بحث أسباب نقص الأوكسجين بقمرة قيادة الطائرات، وكانت شركة لوكهيد مارتن قد أطلقت حملة إعلامية مضادة بمواجهة الطيارين الذين رفضوا التحليق بطائرة F-22 التي تصنعها، محتجين بوجود مشاكل في قمرة القيادة تتسبب بنقص الأوكسجين، وقامت الشركة بنشر حملة ضد الطيارين عبر موقع تويتر، لردع النقد المتزايد من قبل الرأي العام لطائرات الشركة، وقالت قيادة عمليات القتال الجوي الأمريكية إن هناك ما يقارب 12 حالة متعلقة بنقص الأوكسجين للطيارين، ولكنها أضافت بأن القوات الجوية لم تتمكن إلى الآن من تحديد سبب معين لتلك الحالات، في حين لوح عدد من الطيارين برفض قيادة طائراتF-22 حتى تحل المشكلة، ودافعت لوكهيد مارتن عن أسطول طائراتها وامتدحته، وذلك بعد أن بث برنامج "60 دقيقة" فقرة عن مشاكل طائرات F-22 تضمنت لقاء بعض الطيارين الممتنعين عن التحليق بها، وكانت الطائرات قد أوقفت عن الطيران لإجراء بعض الفحوصات عليها، ولكنها سرعان ما عادت للتحليق في سبتمبر/أيلول 2011، وفي بداية 2011، لم يسمح للطائرة بالطيران فوق 25 ألف قدم بعد حادث تحطم في نوفمبر/تشرين الثاني 2010. ووفقا للجنرال مايك هوستج، القائد في القوات الجوية، فإن التحليق فوق هذا العلو قد يتسبب بإغماء الطيار لنقص الأوكسجين.

السلاح الجوي الاميركي

على صعيد ذو صلة اطلقت قوات الجو الاميركية صاروخ "أطلس 5" الى الفضاء من قاعدة كاب كانافيرال (فلوريدا)، يحمل قمرا صناعيا عسكريا جديدا، هو على الارجح قمر للاتصالات، بحسب ما أعلنت قيادة الفضاء في قوات الجو الاميركية، واطلق الصاروخ "اطلس 5" حاملا القمر "ان آر او ال 38"، لمكتب الاستطلاع القومي (ان آر او)، وكالة المعلومات الاميركية المكلفة ادارة الاقمار العسكرية، لم يحدد نوع القمر الذي يحمله الصاروخ بحسب موقع "ناسا سبايس فلايت.كوم" المتخصص، ولكنه قمر جديد للاتصالات والقمر العسكري الثامن عشر من هذا النوع، وعملية اطلاق هذا القمر هي الثانية من أربع عمليات اطلاق مقررة خلال هذه السنة لمكتب الاستطلاع القومي. بحسب فرانس برس.

مكتب الجنرال ماك آرثر في اليابان

في سياق متصل الطاولة نفسها وكذلك المقعد والكراسي..لا تنقص الا قامة الجنرال دوغلاس ماك آرثر المهيبة فبعد اكثر من 60 عاما على رحيل قائد القوات الحليفة في اليابان لا يزال الديكور في غرفته على حاله، من السابع عشر الى الثاني والعشرين من تموز/يوليو، سيتمكن بضع مئات من الاشخاص مكتب الجنرال الذي احتلته القوات الاميركية مباشرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واستسلام اليابان في اب/اغسطس 1945، وقد سيطر الاميركيون يومها على مقر شركة التأمين داي ايشي سيمي، وهو مبنى مقابل للقصر الامبراطوري. واقام في هذا المبنى وتحديدا في غرفة المدير العام في الطابق السادس الجنرال الاميركي ماك آرثر، وما زالت الغرفة تحتفظ بجوها القديم، خشب باركيه قاتم، وجدران مغطاة بالخشب، نوافذ كبيرة ذات ستائر شفافة، وهو جو ابعد ما يكون عن الجو الياباني، وعلى الجدران ايضا لوحة تصور باخرة، اما طاولة العمل التي اختارها الجنرال، فلم تكن ذات أدراج كي لا تتكدس الملفات فيها، بل على العكس من ذلك، حتى يجري البت فيها في اليوم نفسهن هكذا كانت فلسفة الجنرال ماك آرثر، بحسب ما يقول عنه المؤرخون، كما ينقل عنه انه لم يكن يغير مقعده، اشرف الجنرال ماك ارثر على احتلال اليابان من العام 1945 وحتى العام 1951 بعدما قاد قوات الحلفاء في المحيط الهادئ خلال الحرب العالمية الثانية وحتى استسلام اليابان، وعمل على تسريح الجيوش اليابانية ووضع البلاد على طريق التنمية الاقتصادية والانتقال الديموقراطي، وتقول شركة التأمين التي كان مبناها مقرا لماك آرثر "هنا في هذا المكتب جرت التغيرات المختلفة التي عاشتها اليابان بعد الحرب، مثل صياغة الدستور الجديد"، وبحسب هذا الدستور، تعهدت اليابان بعدم بناء ترسانة عسكرية هجومية والا تلجأ الى القوة كوسيلة لحل الخلافات الدولية. بحسب فرانس برس.

وأقرت اصلاحات هامة ايضا في زمن ماك ارثر، في مجال اعادة توزيع الاراضي، والتعليم، والعمل، والصحة العامة، وحقوق المراة، ويقول المتحدث باسم شركة التأمين داي ايشي "قبل ان اعمل هنا، لم أكن اعلم ان هذا المكتب كان يشغله ماك آرثر"، ويضيف "كل الذين وظفوا في الوقت نفسه معي اكتشفوا هذا المكان لدى وصولهم"، وتذكر كتب التاريخ هذا المكان، كما انها تظهر صورا للجنرال الاميركي يخرج من المبنى، واليابانيون الذين ولدوا قبل الحرب الثانية او اثناءها او بعدها مباشرة يتذكرون هذا المكان جيدا، ويحتفظون ايضا بذكريات لذاك الرجل الاميركي الذي حط في بلادهم في اب/اغسطس من العام 1945، والتقى الامبراطور هيروهيتو، ثم غادر في نيسان/ابريل من العام 1951 وسط تصفيق اليابانيين الممتنين لبلاده، حافظت شركة التأمين اليابانية على مكتب ماك آرثر كما هو، وفتحته امام الجمهور على مدى سنوات، لكنها اضطرت الى الكف عن ذلك بسبب الاجراءات الامنية الخاصة التي فرضتها السلطات بعد هجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر، وتصادف في هذا العام 2012 الذكرى الستون لاستعادة اليابان سيادتها، واستعادة شركة التأمين اليابانية لمبناها، اضافة الى الذكرى العاشرة بعد المئة لتأسيس هذه الشركة. ولذلك فهي تخرج عن القاعدة، وتفتح ابوابها اسبوعا واحدا فقط لاستقبال ما لا يزيد عن مئتي شخص يوميا يرغبون بمعاينة هذا المقر التاريخي.

فيتنام والولايات

قرب القاعدة الاميركية السابقة في دتلتغ ما زال يقيم اطفال مشوهون واجداد يعانون من السرطان من ضمن العواقب السامة لحرب فيتنام. لكن بعد عقود من الانتظار بدأت اخيرا عمليات تنظيف آثار العامل البرتقالي، ورش الاميركيون حوالى 80 مليون ليتر من هذا المركب الذي يضم الديوكسين على الادغال جنوب فيتنام لتدمير الغابة والزراعات التي استخدمتها القوات الفيتنامية الشيوعية، وتم مزج الكثير من المواد وتخزينها وتحميلها في الطائرات في دنانغ، ففي عملية التنظيف التاريخية الاميركية الفيتنامية،إذ سيتم تسخين التربة الى درجات حرارة مرتفعة الى حد يحول الديوكسين الى مركبات غير مؤذية، وقال نائب وزير الدفاع الفيتنامي نغويان تشي فين في حفل الافتتاح "ما زالت هناك آثار خطيرة لديوكسين العامل البرتقالي".

وفيما يرفض الاميركيون "ربط" التعرض للمادة والامراض فان سكان محيط القاعدة الجوية مقتنعون بذلك، ولم تعد نغويان ثي بين البالغ 78 عاما تؤمن بان الخطايا المرتكبة في حياة سابقة هي اسباب اصابة ثلاثة من اولادها الخمسة بالاعاقة الجسدية والعقلية، وقالت "قالوا لي ان السبب قد يكون العامل البرتقالي" وذلك في منزلها الصغير في دنانغ فينل كانت بناتها البالغات يحبين حولها كالاطفال، واضافت "اثناء الحرب كنا نقطن بمحاذاة المدرجات. في بعض الليالي اضطررنا الى تغطية افواهنا بسبب رائحة غريبة"، وتعتبر قاعدة دنانغ التي منع دخولها ومحيطها قبل خمسة اعوام فحسب احد المواقع الثلاثة الاكثر تلوثا في البلاد حيث تبلغ التركزات السامة فيها 400 ضعف للمعايير المقبولة بحسب دراسات اخيرة، وكانت انتيجة اصابات بالسرطان وبتشوهات خلقية وامراض اخرى مرتبطة بالديوكسين بنسب اعلى بكثير من المعدل الوطني، بحسب جمعيات الضحايا. وما زالت الآثار بارزة، وقال رئيس جمعية ضحايا العامل البرتقالي/الديوكسين الفيتناميين (فافا) نغويان فان رين "ما زلنا نجد فتيانا تطالهم الامراض"، واعتبرت هانون ان ثلاثة ملايين شخص تعرضوا للمادة وان مليونا منهم ما زالوا يعانون من اثاره، لكن الضحايا الفيتناميين فشلوا في الحصول على تعويضات مالية من الاميركيين. بحسب فرانس برس.

وفيما حصل قدامى الجنود الاميركيين على مليارات الدولارات تعويضا عن امراض مرتبطة بالعامل البرتقالي لكن الحكومة الاميركية وصانعي المركبات الكيميائية لم يقروا قط بمسؤوليتهم، وقال المتحدث باسم السفارة الاميركية في فيتنام كريستوفر هودجنز ان الرابط في فيتنام بين التعرض للمادة والامراض "غير مؤكد"، لكن منذ 1989 قدمت واشنطن 54 مليون دولار لمساعدة الفيتناميين المعوقين "ايا كان السبب" وخصصت حوالى 20 مليون لتنظيف قاعدة دنانغ ومشاريع متعلقة بالتعوق الجسدي عام 2012 على ما افاد السفير فرانس برس، ويبدأ مشروع دنانغ الذي تبلغ قيمته الاجمالية 43 مليون دولار فيما يحاول العدوان السابقان اعادة توثيق علاقاتهما في مواجهة الطموحات في جنوب بحر الصين، لكن مسؤول جمعية فافا في دنانغ نغويان ثي هيان اكد ان "هذا التنظيف يحصل متأخرا لان التلوث طال الكثير من الاشخاص"، اما نغويان ثي لو (38 عاما)، فقد اقام قرب القاعدة طوال 13 عاما وابنته البالغة 11 عاما التي تعاني من تعوق عقلي وتشوهات في الوجه، وقال لفرانس برس "قال لي الاطباء انها ولدت على هذا الشكل فحسب". واضاف "انا لا افهم. الحياة صعبة جدا مع طفلة في هذا الوضع".

برنامج تليفزيوني أمريكي عن الحروب

الى ذلك بدأ تسعة من الفائزين بجائزة نوبل للسلام حملة احتجاج على برنامج تليفزيوني أمريكي جديد يرونه تمجيدا للحروب، في حين يرى منتجو البرنامج أنه يلقى الضوء على تضحيات القوات المسلحة الأمريكية والمخاطر التي تتعرض لها، وفي رسالة موجهة إلى القائمين على برنامج " النجوم يحصلون على رتب عسكرية"، قال تسعة من حاملي جائزة نوبل إن " البرنامج يمجد الحرب والعنف المسلح"، ومن بين الموقعين على الرسالة القس ديزموند توتو الجنوب أفريقي الشهير، والمحامية الإيرانية شيرين عبادي، وطالبت الرسالة إدارة شبكة إن بي سي بوقف بث البرنامج ، الذي من المقرر أن تذاع الحلقة الاولى منه، ويشترك في تقديم البرنامج الجنرال المتقاعد ويزلي كلارك، قائد حلف شمال الأطلسي السابق والمرشح السابق لرئاسة الولايات المتحدة وتود بيلين، زوج سارة بيلين، المرشحة لمنصب نائب الرئيسي الأمريكي في الانتخابات السابقة. ويشارك فيه عدد من رجال الجيش السابقين ونجوم الفن والرياضة من بينهم الملاكمة ليلى علي، ابنة الملاكم الشهير محمد على كلاي والبطل الأولمبي الأمريكي السابق بيكابو ستريت والممثل دان كين. بحب البي بي سي.

وفي بيان رسمي، قالت شبكة إن بي سي إن البرنامج عبارة عن " مسابقة مفعمة بالأحداث والإثارة تحيي الرجال والسيدات الذين يخدمون في القوات المسلحة والأجهزة التي تأتي في طليعة مواجهة الأخطار"، غير أن رسالة الاحتجاج ترد على البيان قائلة" اعتقادنا هو أن هذا البرنامج لا يحيي أحدا ويواصل ويوسع نطاق تقليد مذموم يمجد الحرب والعنف المسلح"، وأشارت الرسالة إلى أنه ليس في مثل هذا البرنامج أي امتاع أو ترفيه للمشاهد، في الوقت نفسه، تجمع حوالي مائة متظاهر في نيويورك الاثنين للتعبير عن الاحتجاج على البرنامج الذي يتضمن تدريبات شبه عسكرية، وقال المحتجون إنه ليس من قبيل الذوق أن يبث مثل هذا البرنامج بينما لا تزال القوات الأمريكية تقاتل في أفغانستان وغيرها، وقالت سارة فورو، عضو منظمة " لترفع أسر العسكريين أصواتهم" ، أنها " كأم عاد ابنها من حربين حقيقيتين في العراق وأفغانستان وآثار الحرب ظاهرة على جسده وقلبه ، أجد هذا (البرنامج)، مسيئا للغاية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/أيلول/2012 - 25/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م