حين صدور حكم الإعدام على الدكتاتور صدام حسين وصف القرار بأنه
سياسي وهو قرار إيراني نُفذ بأيادي عراقية، وراحت وسائل الإعلام
الطائفية تطبل وتزمر لتغيير الحقيقة، وتركوا كل جرائم المجرم ولم
يلتفتوا الى ضحاياه وقالوا أعدم يوم العيد، وكأن حرمة العيد تمنع
الإقتصاص ممن سرق فرح العيد، وقالوا أيضاً أن إعدام الدكتاتور أفشل
المصالحة الوطنية وكان أحد المعترضين هو السيد طارق الهاشمي فمن على
قناة الحوار قال: كان على الحكومة العراقية مقايضة حياة صدام بمزيد من
المصالحة، ( لأن صدام سُني).
بهذا المنطق يتحدث اليوم المعترضين على قرار المحكمة الجنائية
العليا بحق الهاشمي، متناسين أن المجرم يجب أن ينال عقابه وأن لا يكافئ
على فعلته بالعفو عنه، فهل من المنطق أن يطلق سراح صدام حسين مقابل أن
تتم المصالحة مع المجرمين، وإذا أنصفنا المجرم فمن للضحية؟، وإذا كان
القرار كما يصفه المعترضون بأنه سياسي كان الأجدر بهؤلاء أن يقدموا
دليلاً على دحض الإتهامات الموجه للهاشمي، وإثبات العكس وليطلعوا الشعب
العراقي على تسييس المحكمة، وسيجدوا كل الشعب العراقي يقف الى جانب
الهاشمي، لكن هؤلاء تعوَّدوا على هذه الكليشة الجاهزة حينما يصدر أي
قرار من المحكمة بما لا تهوى أنفسهم فيصفوه بالسياسي، كان قرار إعدام
صدام، ومداهمة بيت عدنان الدليمي، وإدانة محمد الدايني، والحكم على
وزير الثقافة السابق الهاشمي كل هذه القرارات سياسية إيرانية تنفذ
بأيدي عراقية، مع العلم أن المحكمة الجنائية ذاتها التي أصدرت قرارات
إطلاق سراح بعض زبانية الدكتاتور السابق، ولم نسمع هؤلاء يتحدثون عن
المصالحة الوطنية وجهودها، والغريب في الأمر أن المصالحة عند البعض
مربوطة بالمجرمين وكأن من يريد أن يحكم العراق عليه أن يصالح المجرمين
ليتقي شرهم، هذه هي المعادلة والقسمة الضيزى.
لذا لم تنقطع رسائل المجرمين الى الضحايا من خلال ارسال مزيد من
صُنَّاع الموت من الارهابيين، ليقولوا أن ثمن إعدام المجرمين باهض
ومكلف وأن إعدامهم لن يذهب سدى، وهذا ما أكدته تفجيرات الأمس التي أودت
بحياة العشرات من العراقيين، فهذه الرسائل تريد أن ترسخ سياسة الأمر
الواقع، فواحد من المجرمين يعادل المئات من الأبرياء.
ومع كل هذا يخرج علينا من تخلى عن الحياء ويقول: قرار الحكومة مضر
بالمصالحة الوطنية.
أقول لهؤلاء ماذنب الشعب المسكين بالصراع السياسي بينكم؟، وهل الشعب
العراقي متخاصم مع بعضه البعض أم أنتم المتخاصمون؟ وما ذنب النساء
والأطفال ليرملوا وييتموا بسبب نزاعاتكم، قليلاً من الخجل أيها السادة،
أبعدوا الشعب العراقي عن مصالحكم ومماحكاتكم، واعتقدوا أن الشعب متصالح
مع بعضه والخلاف بينكم، وهذه ليست مصالحة وطنية كما تروِّجون بل مصالحة
سياسية مصلحية بين الشركاء، أنتم تتصارعون من أجل الكراسي والمناصب،
تتسابقون على تعيين ذويكم وأقاربكم في الداخل والخارج، و تتنازعون من
أجل إمتيازاتكم وهذا من حقكم مجازاً ولكن ليس من حقكم ان تزجوا بالناس
في أتون حربكم. ولا تستغفلوا المساكين باسم المصالحة الوطنية. فالوطن
هو الخاسر الأكبر والوطنية هي الكذبة الكبرى.
يرجى فتح الرابط لمشاهدة تصريح الهاشمي
http://www.youtube.com/watch?v=3PT4ik-1WSI |