الازمة السورية... اتفاق دولي مفقود

 

شبكة النبأ: يرى الكثير من المراقبين ضرورة وجود اتفاق دولي موحد يهدف الى ايقاف حالة العنف والاقتتال الداخلي في سوريا المستمر منذ اكثر من سنة ويؤكدون على ضرورة ايجاد خطط بديلة لدعم جهود السلام المعلنة التي يقوم بها المبعوث الجديد للامم المتحدة الاخضر الابراهيمي وايقاف كل اشكال الدعم المعلن وغير المعلن من قبل بعض الدول العربية والاقليمية التي سعت الى تغير النظام السوري في سبيل تأمين مصالحها الخاصة وايجاد حلفاء جدد من خلال تسهيل مهام الجماعات المسلحة التي تفتقر الى وحدة القرار وهو ما تسبب بتدمير سوريا والحاق الضرر بدول الجوار التي بدأت تعاني من استمرار تلك الازمة، وفي هذا الشأن قال مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الجديد للأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية إن المساعي الدبلوماسية لإنهاء الصراع في سوريا "شبه مستحيلة" والمجهودات التي تبذل حاليا غير كافية لإنهاء القتال. وقال الإبراهيمي وهو جزائري لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) "أعلم مدى صعوبة المهمة.. وكيف أنها شبه مستحيلة. لا يمكنني القول إنها مستحيلة بل هي شبه مستحيلة." وأضاف "نحن لا نفعل الكثير. وهذا في حد ذاته عبء كبير."

وحل الإبراهيمي محل كوفي عنان كمبعوث خاص مشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية للشأن السوري في نهاية أغسطس آب. وقدم عنان المبعوث السابق استقالته بعد أن ألقى باللوم على "الاتهامات والإهانات" المتبادلة بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في إعاقة جهود التوصل إلى انفراجة في الازمة السورية. وسقط نحو 20 ألف قتيل خلال الانتفاضة المستمرة منذ 17 شهرا ضد الرئيس السوري بشار الأسد. بحسب رويترز.

وقال الإبراهيمي إنه "قلق من عبء المسؤولية" الملقاة على كاهله وإنه يدرك أن المجهودات المبذولة غير كافية لإنهاء العنف من خلال الدبلوماسية. وقال "الناس يقولون فعلا 'الناس يموتون وماذا تفعلون أنتم؟' ونحن لا نفعل الكثير. هذا في حد ذاته عبء كبير." وأضاف الإبراهيمي إنه يشعر وكأنه يقف أمام "جدار من الطوب" باحثا عن شقوق ربما تسفر عن وجود حل. وتابع "أتولى هذه المهمة وعيناي مفتوحتان مع عدم وجود أي أوهام." واضاف وزير الخارجية الجزائري السابق ان تنسيق المعالجة الدولية للمسألة في سوريا "لا بد منه وملح جدا"، موضحا انه سيتوجه خلال ايام الى دمشق. وقال الابراهيمي في خطاب امام ممثلي الدول ال193 الاعضاء في الجمعية العامة في نيويورك ان "حصيلة القتلى تثير الذهول والدمار يقترب من نسب كارثية ومعاناة الشعب هائلة".

توقف دعم المسلحين

في السياق ذاته قالت سوريا إن المبعوث الجديد للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الأخضر الإبراهيمي لن يحقق تقدما إلا إذا توقفت الدول الأخرى عن دعم الجماعات المسلحة وأعلنت بدلا من ذلك دعمها لخطة مدعومة من الأمم المتحدة. وقال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي في مؤتمر صحفي بدمشق "ما يجري على الأرض في سوريا هو مؤامرة وعناصرها واضحة وظاهرة ومتوفرة وهي ليست جديدة."

وأضاف "أنا أعتقد أن شرط نجاح الأخضر الإبراهيمي في مهمته يتوقف على قيام دول محددة.. قطر والسعودية وتركيا بالالتزام علنا بنجاح الخطة.. خطة النقاط الستة.. والتوقف فورا عن إرسال السلاح وإغلاق حدودها في وجه المقاتلين وإغلاق معسكرات التدريب والإيواء." وتابع "الكرة ليست في الملعب السوري.. الكرة في ملعب السعودية وقطر وتركيا والدول الأوروبية والولايات المتحدة." وتتهم سوريا منذ فترة طويلة المملكة العربية السعودية وقطر بدعم الجماعات المسلحة وتقول إن تركيا المجاورة تسمح للمقاتلين بتلقي تدريبات على أراضيها.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون أمام الجمعية العامة للمنظمة الدولية إن الصراع في سوريا اتخذ منعطفا وحشيا مع تزويد دول لطرفي الصراع بالأسلحة مما يزيد المعاناة ويهدد "بعواقب غير مرغوب فيها مع احتدام المعارك واتساعها". وقال بان "اتخذ هذا الصراع منعطفا وحشيا بشكل واضح. استمرار عسكرة الصراع أمر مأساوي بشدة وخطير للغاية." واضاف قوله "من يزودون أيا من الطرفين بالأسلحة يسهمون في زيادة المعاناة وزيادة خطر حدوث عواقب غير مرغوب فيها مع احتدام المعارك واتساعها."

وقال بان "الصراع يحتدم. كلما طال أمده زادت صعوبة احتوائه وصعوبة التوصل لحل سياسي وصعوبة إعادة بناء البلاد والاقتصاد." وقال بان "كم طفل سيحضر جنازة والديه وكم من الآباء سينتحبون في جنازات أطفالهم قبل اتفاق كل الأطراف على إنهاء العنف والدمار؟" واضاف "طال انتظار الشعب السوري. والآن تبتلع المحركات المعقدة للصراع المنطقة برمتها." وقال بان إن الوضع الإنساني "خطير ويتدهور" وإن نقص التمويل قيد استجابة المساعدات الدولية. وأضاف أن خطة الاستجابة الإنسانية التي تبلغ قيمتها 180 مليون دولار جرى تمويل نصفها فقط.

وتعهد الرئيس السوري بالسماح للصليب الأحمر بتوسيع عملياته الإنسانية. وقالت الأمم المتحدة إنه تم تسجيل أكثر من 250 الف لاجيء سوري في العراق والأردن ولبنان وتركيا في حين نزح قرابة 1.2 مليون شخص داخل البلاد. وقال بان "الاحتياجات الأشد إلحاحا هي المياه والمرافق الصحية والملاجيء وأشياء ضرورية مثل الأغطية ومستلزمات النظافة وكذلك المساعدات الطبية العاجلة."وحثت تركيا الأمم المتحدة مرارا على حماية النازحين داخل سوريا لكن إنشاء منطقة عازلة للنازحين سيكون صعبا لأن ذلك يحتاج قرارا من مجلس الأمن الدولي لإنشاء منطقة حظر جوي وهو ما سترفضه روسيا والصين وفق ما ذكره دبلوماسيون. بحسب رويترز.

وقال سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إن دمشق منفتحة وملتزمة تماما تجاه مهمة الابراهيمي في جهوده لوضع نهاية للعنف والتوصل إلى حل سياسي بقيادة سورية للأزمة. ودعا الجعفري كل الدول الأعضاء لاسيما تلك التي لها نفوذ مباشر على من وصفها بالأطراف الرافضة للحوار السياسي ووقف العنف إلى السير على نهج حكومة سوريا ومد يد العون بجدية للابراهيمي. وكانت إيران قالت إنها ستشكل فريقا مع دول أخرى من حركة عدم الانحياز للبحث عن حلول للأزمة في حين قالت الولايات المتحدة إنها ستلجأ إلى بدائل مثل تجمع "أصدقاء سوريا" الذي يضم حلفاء للضغط على الأسد بعد فشل مجلس الأمن في التحرك.

المناطق الامنة لن تنجح

على صعيد متصل قالت صحيفة الشعب الصينية الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني الحاكم ان اقتراح تركيا باقامة "منطقة (سورية) امنة" تحت حماية اجنبية للمدنيين الفارين من العنف المتزايد هناك لن يساعد في حل الازمة الانسانية المتفاقمة في هذا البلد. وادانت الصين مرارا اي خطة تلمح الى تدخل خارجي في الازمة السورية او تقترح "تغيير النظام." واستخدمت الصين وروسيا حق النقض(الفيتو) ضد مشروعات قرارات في مجلس الامن الدولي كانت تهدف الى الضغط على الرئيس السوري بشار الاسد.

وتخشى تركيا من حدوث تدفق كبير للاجئين مماثل لهروب نصف مليون كردي عراقي الى تركيا بعد حرب الخليج عام 1991. ولكن صحيفة الشعب قالت ان مسألة المناطق الامنة لن تنجح. وقالت "مساهمات الدول المجاورة لسوريا لرعاية اللاجئين بشكل ملائم تستحق الدعم ويمكن تفهم طرحها افكارا لتخفيف الضغط عن نفسها.

"ولكن اقامة مناطق امنة في سوريا ليست سياسة جيدة. وكما ذكر بوضوح انطونيو جوتيريس رئيس المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان الدروس المستفادة من التاريخ تثبت ان ما يسمى بالمناطق الامنة لا مكن ان توفر حماية حقيقية للاجئين." وأيدت فرنسا دعوة تركيا لاقامة منطقة امنة وزادت الضغوط من اجل القيام بعمل بعد ان قالت وكالة الامم المتحدة لشؤون اللاجئين ان النزوح من سوريا يتسارع. وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان ما يصل الى 200 الف شخص قد يستقرون في تركيا اذا تفاقم الصراع. بحسب رويترز.

وستتطلب الحماية الموثوق بها للمناطق "المحررة" فرض مناطق حظر طيران من قبل الطائرات الاجنبية ولكن لا توجد فرصة لضمان الحصول على تفويض من مجلس الامن الدولي للقيام بمثل هذا العمل في ضوء اعتراض روسيا والصين اللتين تملكان حق النقض (الفيتو). وقالت صحيفة الشعب ان اي محاولات للمساعدة في تخفيف المشكلة لابد وان تحترم سيادة سوريا واستقلالها. واضافت "يجب عدم تسييس الانسانية او عسكرتها. "يجب ان نكون متنبهين بالتأكيد للجهود المعتادة لدول معينة عندما يتعلق الامر بالقضية السورية باستخدام الانسانية للتدخل في السياسة الداخلية للبلاد (والحث على) التدخل العسكري."

واعلنت الصين انها تدعم "انتقالا سياسيا" في سوريا وانها "ليست منحازة لاي فرد او طرف"، وذلك في معرض دفاعها عن مواقفها خلال زيارة لوزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون. وعبرت كلينتون خلال لقائها ابرز القيادات الصينية في بكين عن "خيبة املها" من استخدام الصين وروسيا حق النقض لمنع صدور قرارات عن مجلس الامن الدولي تدين النظام السوري.

ودعا وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي كل اطراف النزاع في سوريا الى وقف القتال، وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع كلينتون "انا اشدد على ان الصين ليست منحازة لاي فرد او طرف". واضاف انه يدعو كل الدول الى ممارسة "نفوذ ايجابي" لاقناع الاطراف في سوريا "باعتماد موقف واقعي وهادىء وبناء لكي يمكن البدء مبكرا بحوار سياسي وعملية انتقالية". بحسب فرنس برس.

ومنذ اندلاع الازمة في سوريا تركز الصين على الدعوة الى "حوار سياسي" اكثر منه الى "انتقال سياسي"، غير ان الوزير الصيني جدد التأكيد على الموقف التقليدي لبلاده الرافض لاي تدخل خارجي في النزاع السوري. وحذر يانغ من استخدام قوة خارجية لوقف النزاع الذي يقول ناشطون انه ادى الى مقتل اكثر من 26 الف شخص. واضاف "اعتقد ان التاريخ سيحكم بان موقف الصين في المسالة السورية هو التشجيع على معالجة وحل المسالة السورية بشكل مناسب".

من جانبها نقلت وكالة انترفاكس الروسية للانباء عن مصدر عسكري قوله ان روسيا فكرت في اجلاء عسكرييها من سوريا هذا الصيف ولكنها رأت ان الوضع مستقر بما يكفي بشكل لا يبرر هذه الخطوة. واشار تقرير انترفاكس الى انه ليس لدى موسكو خطط فورية للتخلي عن قاعدة للامداد والصيانة في ميناء طرطورس بالبحر المتوسط وهي تعد المنشأة البحرية الوحيدة لروسيا خارج الاتحاد السوفيتي السابق. ونقلت انترفاكس عن المصدر الذي لم تذكر اسمه في هيئة اركان القوات المسلحة الروسية قوله انه كان المستهدف ان يتم تنفيذ خطط الاجلاء اذا اصبح الوضع في سوريا خطيرا . ولكن محللين في هيئة الاركان العامة قرروا ان الوضع مستقر بما يكفي وان القاعدة البحرية لا تواجه تهديدا . بحسب رويترز.

ونقل عن المصدر قوله انه خلال هذه المهمة رست سفن انزال ضخمة في اوائل اغسطس اب في قاعدة الصيانة والامداد في طرطوس حيث زودت بالوقود واخذت امدادات ولكنها "لم تأخذ اي افراد او معدات." وذكرت انترفاكس ان منشأة طرطوس تتألف من رصيفين عائمين ومنشأتي تخزين وثكنات ومبان اخرى لا تزيد عن اصابع اليد الوحدة على الشاطيء بالاضافة الى سفينة اصلاح تتناوب مع سفن اخرى كل ستة اشهر ونحو 50 فردا من افراد البحرية. ولم يحدد التقرير مااذا كانت خطط الاجلاء المحتمل اشتملت على سحب عدد صغير من "العسكريين المتخصصين" الذين قالت روسيا انهم في سوريا لمساعدة الحكومة بموجب عقود اسلحة متبادلة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 11/أيلول/2012 - 23/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م