الجفاف... ظاهرة مقلقة واشكالية معقدة

 

شبكة النبأ: تعد مشكلة الجفاف من اخطر واعقد المشاكل في اغلب بلدان العالم وخصوصا الدول الفقيرة لما له من تأثير بالغ على الحياة البشرية هذا بالإضافة الى تأثيراتها الاقتصادية، تلك المشكلة ازدادت وتفاقمت بشكل مخيف بسبب التغيرات المناخية العالمي التي اسهمت بازدياد مساحات التصحر والقضاء على العديد المحاصيل الزراعية المهمة وهوما اسهم بزيادة اعداد المهاجرين وحدوث الكثير من النزاعات بحسب بعض المراقبين، وفي هذا الشأن فقد ضرب الجفاف الشديد المتفاقم بسبب الفقر والصراع ما لا يقل عن أربعة بلدان في عام 2011، وهي جيبوتي وإثيوبيا وكينيا و الصومال، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من الناس. فقد اضطر آلاف الأشخاص في الصومال وإثيوبيا عام 2011 للمغامرة في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى اليمن، بينما توجه العديد من المنكوبين بهذين البلدين إلى جنوب أفريقيا، حيث واجهوا الاعتقال والإبعاد والاحتجاز. ومن بين العديد من الابتكارات التي لجأ إليها المجتمع الإنساني لمواجهة الأوضاع في البلدان المنكوبة، شهدت الاستجابة الإنسانية في البلدان المتضررة من الجفاف في منطقة القرن الأفريقي تزايد استخدام التحويلات النقدية. وبينما اكتسب حجم أزمة الجفاف اهتماماً دولياً، تعالت بعض الأصوات المتذمرة من عدم الاكتراث بالتحذيرات المسبقة والتعلم من المجاعات السابقة عبر محاولة تعزيز القدرات على مواجهة الصدمات المناخية التي لا مفر منها.

وعانى الصومال من جفاف صعب بشكل خاص، وأعلنت الأمم المتحدة عن انتشار المجاعة في بعض المناطق في جنوب ووسط البلاد. وأجبر الجفاف وانعدام الأمن مئات الآلاف على الفرار إلى دولة كينيا المجاورة، مما أدى إلى تضخم عدد النازحين في مجمع مخيمات داداب للاجئين المزدحم، والذي يعتبره الكثير من المقيمين فيه بمثابة "الوطن" الذي قضوا فيه معظم حياتهم.

وفي الوقت نفسه، تعرضت جهود الإغاثة داخل الصومال إلى مخاطر من جراء حظر حركة الشباب المتمردة لأنشطة عدة منظمات إنسانية، فضلاً عن عمليات النهب المتكررة لمراكز التوزيع، وكذلك التدخل العسكري لكينيا الذي كان يهدف إلى تحييد المتمردين. كما فرضت التشريعات الأمريكية الخاصة بمكافحة الإرهاب عقبات أعاقت عمل منظمات الإغاثة.

وفي أعقاب زيارة للعاصمة الصومالية مقديشو قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون: "قامت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بعمل متميز على الجبهة الإنسانية، وأنقذت جهودها الجماعية الآلاف من الأرواح منذ إعلان المجاعة في شهر يوليو، ولكن الوضع لا يزال حرجاً ولا سيما في وسط وجنوب الصومال، حيث يتعرض أربعة ملايين شخص لأزمة إنسانية؛ ويواجه 250,000 منهم خطر المجاعة". وفي نهاية عام 2011، تقطعت السبل بالمحتاجين في الصومال بسبب الأمطار، وأدى تزايد انعدام الأمن في شمال كينيا إلى شن الشرطة لحملة قمعية ضد اللاجئين الصوماليين في تلك المنطقة.

وفي كينيا بدأ العام بدعوات للعمل من أجل تخفيف آثار الجفاف المتكرر وسط تحذيرات من أن نفوق الماشية في شمال كينيا يمكن أن يزيد بسبب تفاقم الجفاف. وعندما تفاقم الجفاف أكثر في وقت لاحق من هذا العام، تضامن المزارعون والمواطنون الكينيون العاديون معاً من أجل جمع الأموال للجياع في حملة لم يسبق لها مثيل، أطلق عليها إسم "كينيون من أجل كينيا". وكان للجفاف تأثير الضربة القاضية على أسعار المواد الغذائية في المناطق الحضرية الفقيرة مما أدى إلى تصعيد الصراع في بعض المناطق الرعوية. كما شهد شهر أكتوبر فيضانات أدت إلى نزوح الآلاف من الناس وقطع الطرق المؤدية إلى أجزاء من البلاد بسبب انهيار الجسور وعدم صلاحية الطرق للتنقل. وفي نهاية العام، بلغ عدد المتضررين من الفيضانات أكثر من 100,000 شخص، وتسببت الفيضانات في تقويض فرص تعافي الأمن الغذائي.

وفي إثيوبيا تقطعت السبل بالآلاف من الفئات الضعيفة بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات التي هطلت في نهاية عام 2011 وكان غالبيتهم قد تضرر في وقت سابق من الجفاف وشهدت بداية عام 2011 نقصاً في المواد الغذائية نتيجة لقلة الأمطار في منطقة أوروميا والأقاليم الصومالية، مما دفع الحكومة وشركاءها الدوليين لتوجيه نداء للتبرع بمساعدات إغاثة تبلغ قيمتها 226,5 مليون دولار لنحو ثلاثة ملايين شخص. وبدأت المساعدات الغذائية وغير الغذائية في الوصول في شهر مايو. كما تم إطلاق برنامج التحويلات النقدية للمساعدة في الوصول إلى بعض الأشخاص الأكثر عرضة للمخاطر في تيغري، وهي إحدى أكثر المناطق تعرضاً لانعدام الأمن الغذائي في إثيوبيا. ويهدف المخطط الأولي إلى تحويل النقود إلى الأشخاص الأقل قدرة على كسب المال.

اما في جيبوتي فكان عدم الاستعداد الكافي للتعامل مع الجفاف من بين القضايا التي أبرزها الرئيس إسماعيل عمر غيله في مقابلة مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في 27 يناير الماضي قال فيها أن "المشكلة في منطقتنا هي أننا لا نخطط بشكل صحيح لمواجهة ما نعرف أنه قادم. قبل أربعة أشهر، كان لدينا الكثير من المطر. وبعد أربعة أشهر، نموت من الجوع ونقص المياه". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

من جهته، قدم صندوق الأمم المتحدة المركزي للاستجابة للطوارئ 3,2 مليون دولار في شهر أغسطس لمنظمات الأمم المتحدة بهدف المساعدة في تجنب أزمة حادة بسبب الجفاف. كما أن الجفاف والفقر دفعا بالآلاف من الأشخاص إلى المغامرة وخوض رحلة محفوفة بالمخاطر إلى اليمن. وحسب تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وصل ما لا يقل عن 60,000 مهاجر إلى اليمن خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2011، أي ضعف العدد الذي كان قد وصل خلال نفس الفترة من عام 2010.

الزراعة في البلقان

في السياق ذاته تضرب موجة جفاف لا سابق لها منطقة البلقان وتؤثر بشكل خطير على الزراعة التي سجلت حتى الآن خسائر تقدر بأكثر من مليار يورو في واحدة من افقر مناطق اوروبا. وجاءت موجة الحر هذه التي لا سابق لها وبلغت درجات الحرارة في بعض المناطق خلالها 41 درجة مئوية كما في البوسنة حيث كانت الاعلى منذ اكثر من 120 سنة، بعد شتاء قاس سجل فيه انخفاض قياسي في درجات الحرارة وكذلك في معدل الثلوج. وهذا الصيف لم تهطل امطار على البلقان عمليا.

وقال زياد جيليتس المسؤول في الجمعية الوطنية للمزارعين ان خسائر الزراعة الناجمة عن الجفاف في البوسنة تقدر بما بين ثلاثين واربعين بالمئة من المحصول. واضاف ان "القيمة الاجمالية للانتاج الزراعي في البوسنة يبلغ حوالى مليار يورو. اي ان الخسائر ستبلغ حوالى 300 مليون يورو". واثر الجفاف خصوصا على محاصيل الذرة والفاكهة ونباتات العلف.

وفي كرواتيا قدرت الغرفة الزراعية الوطنية قيمة الاضرار المرتبطة بالجفاف "بأكثر من مليار كونا (134 مليون يورو)"، كما قال رئيسها ماتيا بيرلوسيتش. واعلن وضع الكارثة الطبيعية في بعض المناطق، لكن الجفاف دمر سلافونيا (شرق) خصوصا التي تعد اكبر منطقة للانتاج المواد الغذائية في البلاد. وقال بيرلوسيتش ان "سلافونيا دمرت بكل معنى الكلمة. زراعات الربيع في حالة كارثية وستتراوح الخسائر بما بين ستين ومئة في المئة". ولا يؤمن الري في كرواتيا سوى ل18 الف هكتار من الاراضي المزروعة من اصل 1,5 مليون هكتار.

وفي صربيا قال مصدر حكومي ان التقديرات الاولية للخسائر الناجمة عن موجة الجفاف تقدر بحوالى مليار يورو. وضرب الجفاف خصوصا فويفودين (شمال) التي توصف بانها "اهراء" البلاد، وتتوقع خسائر تقدر بخمسين بالمئة من الانتاج الزراعي. وقال مصدر رسمي ان اكثر من مليون هكتار تضررت وخصوصا زراعات الذرة. وتبنت الحكومة الصربيه سلسلة اجراءات تهدف الى مساعدة المزارعين الذي تضررت رزاعاتهم بالجفاف.

وفي كوسوفو قال رئيس غرفة التجارة سافين جيرخاليو ان المحاصيل اقل بعشرين بالمئة من تلك التي كانت متوقعة. وتخشى كوسوفو التي تستورد حوالى خمسين بالمئة من احتياجاتها الغذائية، وكذلك مونتينيغرو المجاورة التي تعد من اكبر الدول المستوردة للغذاء ارتفاعا كبيرا في اسعار المواد الغذائية. وفي مقدونيا ستكون المحاصيل اقل بعشرين بالمئة عما كان متوقعا، كما صرح وزير الزراعة ليوبكو ديموفسكي. بحسب فرنس برس.

وادت موجة الحر الى آثار مدمرة اخرى في المنطقة حيث احترقت عشرات الآلاف من الهكتارات في حرائق نجمت عن ارتفاع كبير في درجات الحرارة التي وصلت الى اربعين درجة مئوية خلال تموز/يوليو وآب/اغسطس. وفي الوقت نفسه، انخفض منسوب مياه انهار المنطقة، كما في صربيا، ما يهدد امداد المنطقة بمياه الشرب. لكن الطرق الملاحية الكبرى مثل نهري الدانوب وسافا وتيزا ما زالت قابلة للملاحة على الرغم من انخفاض منسوب المياه فيها الى حد كبير.

الأسوأ منذ ثلاثين سنة

من جهة اخرى خسر الاف المزارعين الصغار في ولاية ريو غراندي دو نورتي في شمال شرق البرازيل القاحل والفقير كل محاصيلهم من القطن والذرة بسبب موجة جفاف لا مثيل لها منذ ثلاثين عاما. ويقول جوزيه هولاندا دي موارس وهو مزارع في ال43 من العمر من بلدة أبودي التي تبعد 300 كيلومتر عن ناتال عاصمة الولاية "السنة الماضية، حصدت 800 كيلوغرام من القطن و300 كيلوغرام من السمسم وطنا من الذرة و400 كيلوغرام من الفاصولياء السوداء. أما هذه السنة، فقد زرعت البذور لكنها لم تمطر وخسرت كل شيء".

يزرع هولاندا أرضا مساحتها 19 هكتارا في منطقة صادرتها الحكومة سنة 1999 وسلمتها إلى مزارعين بلا أراض في إطار الإصلاح الزراعي. وتقع القرية التي تضم أرضه وسط منطقة كبيرة شبه قاحلة سجلت فيها المتساقطات أقل من 150 ملمترا خلال الأشهر الستة الأولى من السنة. وتتألف النباتات بشكل خاص من أشجار صغيرة شائكة وموسمية، مثل الصبار والشجيرات وأعشاب متأقلمة مع الجفاف.

ولضمان الإنتاج، يحتاج المزارعون إلى 600 ملمتر من الأمطار على الأقل في غياب الري، كما هي الحال في غالبية الأملاك الريفية الصغيرة في هذه المنطقة. وتجد أكثر من 1134 بلدة في هذه المنطقة نفسها في حالة طوارئ بسبب النقص في المتساقطات. وتشير التقديرات إلى أن أربعة ملايين شخص وقعوا ضحية الجفاف في تلك المنطقة حيث تهطل الأمطار من شباط/فبراير إلى نيسان/أبريل.

ويقول جوزيه ماريا سوزا وهو مزارع لديه ثلاثة أولاد "عمري 51 سنة، عملت طوال حياتي في الزراعة وهذه هي السنة الأولى التي لم أحصد فيها شيئا بسبب الجفاف". وكان سوزا مزارعا بلا أرض يزرع أرض أحد المالكين ويتشاطر معه الأرباح. ولكن بعد أن حصل على قطعة أرض في إطار الاصلاح الزراعي، سيكون من الصعب عليه تأمين لقمة عيشه لأنه خسر كل محاصيله من الذرة والقطن.

وفي منطقة مجاورة، خسرت إيفون بريلهانتي (36 عاما) وهي أم لفتى في الثالثة عشر من العمر كل محاصيلها من الذرة والقمح التي كانت تؤمن لها 300 دولار شهريا. وتشرح المزراعة التي تتوقع أن تحقق بعض الأرباح من بيع العسل ومن أبقارها القليلة "لم تهطل الأمطار هذه السنة". ويشرح جوزيه ماريا سوزا أن الري قد يسمح للمزارعين بالاستمرار في الانتاج على الرغم من الجفاف، لكن إنشاء بئر يكلف الكثير أي ما بين 25 و75 ألف دولار. بحسب فرنس برس.

وتقول روزان غروغل من وزارة التنمية الزراعية التي تساعد هؤلاء المزارعين الصغار المعدمين "نتعايش مع الجفاف المتفشي ونحن بحاجة إلى تدابير لمواجهة هذه المشكلة". وتوضح أن الحكومة فتحت قروضا طارئة مخصصة للمزارعين الذين تأثروا بالجفاف. وأعلنت وزارة الاندماج الوطني أنها خصصت 1,3 ملايين دولار لمكافحة الجفاف، مثل تأمين 30 ألف صهريج وإصلاح 2400 بئر.

الهند تتخوف

على صعيد متصل أقر خبراء الأرصاد الجوية في الهند اخيرا بأن البلاد تواجه موجة من الجفاف في ظل أحدث بيانات عن الأمطار الموسمية وأكدوا ما كان يعرفه الملايين من المزارعين ومربي الماشية في أنحاء البلاد منذ أسابيع. وعلى مدى أكثر من ثلاثة أشهر كانت أجهزة الدولة توفر العلف المجاني لأكثر المزارعين عرضة لنقص الأمطار الموسمية السنوية بالهند وهم المزارعون الذين يكسبون قوت يومهم من ملكية قطع صغيرة من الأرض والحليب الذي توفره الماشية.

وتعتمد الهند بشدة على موسم الأمطار الموسمية السنوي المتقلب الذي يوفر نحو 75 في المئة من الأمطار التي تسقط في البلاد في ري المحاصيل وملء خزاناتها. ورغم ان الزراعة تمثل 14 في المئة فقط من اقتصاد البلاد فإن الموسم الناجح للأمطار الموسمية يمكن أن يغير حياة نحو 600 مليون شخص أي نصف السكان الذين يعتمدون على الزراعة كمصدر للرزق. وأدى تأخر موسم الأمطار الموسمية إلى وفاة الملايين على مدى القرن المنصرم وضرب الاقتصاد.

وقبل مضي نصف المدة على موسم الأمطار الموسمية قلت الأمطار بالفعل 17 في المئة عن المعدل العادي وتوقع مكتب الأرصاد الجوية أن تسبب ظاهرة النينيو المزيد من خيبة الأمل خلال الأسابيع القليلة المتبقية. والنينيو هي ظاهرة ترتفع خلالها درجة حرارة سطح البحار في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادي. ولن يؤدي الجفاف وهو أول موجة تشهدها الهند منذ عام 2009 إلى نقص في المنتجات الزراعية الأساسية نظرا لأن مخازن الحبوب ممتلئة عن آخرها بالأرز والقمح ومن المتوقع أن يفوق السكر الطلب للعام الثالث على التوالي.

لكنها ستوجه ضربة موجعة لمحاصيل الحبوب المستخدمة في علف الحيوانات. وسيؤثر هذا بشدة على الأغلبية الساحقة من المزارعين في البلاد الذين يجدون صعوبة في كسب قوت يومهم أغلب الوقت. ويمثل تأخر موسم المطر خطرا كبيرا لدرجة ان الحكومة لديها "كتيب للجفاف". وفي هذه الوثيقة توصف "الثروة الحيوانية" بأنها أساس اقتصاد الريف لكنها مهددة بالخطر لأن استنزافها بشدة يجعل تعافيها بطيئا للغاية.

وتمثل أسرة تشافان المكونة من 12 فردا مثالا لهذا إذ إن دخلهم السنوي عادة ما يبلغ نحو 90 ألف روبية (1640 دولارا) وهو مبلغ محدود لكن هذا العام سيكون المبلغ أقل بسبب عدم وجود ما يكفي من الأمطار لزراعة النباتات على أرضهم التي تبلغ مساحتها نحو ثلاثة أفدنة في قرية بولكوتي على مسافة غير بعيدة من المخيم الذي يقدم العلف المجاني.

وقالت ليلاباي زوجة تشافان بينما كانت تقف حافية القدمين على أرض المخيم في الوقت الذي كان يحلب فيه المزارعون الماشية ويجمعون الفضلات لاستخدامها كوقود ومخصبات "حتى العام القادم لن نحصل على المال إلا من خلال بيع الحليب." وأضافت "كنا نفكر في بيع ماشيتنا لأننا لم يكن لدينا المال لشراء العلف. لحسن الحظ بدأ المخيم وإلا كانت ذبحت ماشيتنا."

ووعدت الحكومة بتوفير العلف لكل المزارعين الذين يواجهون صعوبات. لكن مهاراشترا ليست الولاية الوحيدة التي تضررت بشدة من الجفاف بل هناك أيضا البنجاب وهاريانا وراجاستان في الشمال وجوجارات في الغرب وكارناتاكا في الجنوب إلى جانب بطء النمو الاقتصادي وعجز مالي كبير لذلك فإن الحكومة ستجد صعوبة بالغة في تنفيذ الوعود.

إذ ان هناك عددا محدودا جدا من المخيمات مثل ذلك الموجود في مهاسواد في مهاراشترا وارتفعت أسعار العلف مع وجود نقص في الإمداد. وعلى بعد 50 كيلومترا فقط على سبيل المثال اقترض راجيش هانمانتراو دشموك مبلغ 60 ألف روبية (1100 دولار) لشراء علف للجواميس العشرة التي يمتلكها. وفي سنة تسير الأحوال فيها على ما يرام يتوقع أن يحصل على 100 ألف روبية (1800 دولار) لكنه يتوقع هذا العام أن يخسر هذا المبلغ. قال دشموك بينما كان يشتري القصب من منفذ تدعم الحكومة منتجاته "تربية الجواميس الآن تجارة مسببة للخسائر... كنت أحصل على العلف من مزرعتي لكن المزارع هذا العام خالية."

لكن هناك آخرين لا يمكنهم الحصول على القروض مما أدى إلى بيع الماشية بأسعار أقل لذبحها مما تسبب في انخفاض أسعارها. وسيكون لكارثة العام الجاري أثر مدو في أنحاء المجتمعات الريفية في مهاراشترا وتجبر الكثيرين على النزوح من المناطق الفقيرة إلى العاصمة المالية مومباي. قال اشوك جالاندي وهو من سكان قرية بولكوتي الذي باع ماشيته خلال الجفاف عام 1972 وانتقل إلى مومباي "لم يتغير شئ في المناطق الريفية رغم كل التقدم. عندما يحل الجفاف يتعين على الشبان النزوح." بحسب رويترز.

وأضاف جالاندي الذي وجد مشقة في الحياة منذ العودة إلى جذوره الريفية في العام الماضي "الجفاف يعوق كل شئ في القرية. في المدن الكبيرة يمكن العثور على عمل لكسب قوت اليوم."

ولتوفير فرص عمل تحاول حكومة الولاية توسيع نطاق خطة وطنية لتوفير الوظائف لكن الكثير من الشركات المحلية التي تعتمد على المزارعين تعاني بالفعل. وشكا جاناردان نارلي بائع الحبوب والمخصبات في مهاسواد قائلا "المبيعات خمسة في المئة فقط من المعدل الطبيعي... ما الذي يجعل المزارعين يشترون الحبوب أو المخصبات أو المبيدات بينما لا يوجد مطر؟"

تدابير عاجلة

من جهتها دعت منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة إلى وضع سياسات عاجلة للتصدي لتهديد تغير المناخ وأثاره على الأمن الغذائي العالمي في خضم ازدياد حدة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة في أنحاء العالم. وطالبت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى تكثيف الجهود لوضع سياسات أكثر تنسيقا واستباقية لإدارة مخاطر القحط والجفاف، حيث يتوقع أن يزيد تغير المناخ تواتر وشدة موجات الجفاف التي ستؤثر على العديد من القطاعات وبخاصة الغذاء والصحة والمياه والطاقة.

وقال ميشيل جارود، الأمين العام لمنظمة الأرصاد العالمية: "من المتوقع أن يزيد تغير المناخ من تكرار وحدة وأمد الجفاف مع التأثير على عدد من القطاعات خاصة المياه والطعام والطاقة."

وأضاف جارود، وبحسب ما نقلت المنظمة الأممية على موقعها الرسمي: "علينا أن ننأى عن الحلول المجزأة ووضع سياسات وطنية لمقاومة الجفاف". وتقوم منظمة الأرصاد العالمية، بجانب عدد من وكالات الأمم المتحدة، بتكثيف الجهود لوضع إستراتيجية منسقة وأكثر فعالية لإدارة المخاطر الناجمة عن الجفاف وسد الفجوات في السياسات الراهنة.

وبدوره، أشار مانافا سيفاكومار، مدير قسم توقعات المناخ والتكيف في منظمة الأرصاد العالمية، إلى التأثير المحتمل لموجة الجفاف التي تضرب عدداً من الدول حالياً، وحدة وتأثيرها المحتمل على أسعار الغذاء العالمية. ويشار إلى أن منظمة الأغذية والزراعة "FAO،" التابعة للأمم المتحدة، كانت قد حذرت، من أن مواسم الجفاف وارتفاع الحرارة التي تسبب بحرائق اجتاحت عدد من الولايات لأمريكية أدى إلى رفع أسعار الحبوب بنسبة 6 في المائة. بحسب CNN.

وقالت "فاو"، في تقرير نشر على الموقع الرسمي للمنظمة، أن التدهور الشديد في توقعات إنتاج محاصيل الذرة الصفراء في سوق الولايات المتّحدة الأمريكية نتيجة لأضرار الجفاف الواسع النطاق أدى إلى ارتفاع أسعار محاصيل الحبوب بشكل عام جاء في مقدمتها محاصيل الذرة صفراء بما يصل إلى 23 بالمائة خلال يوليو/تموز. وجاء في التقرير أن المحاصيل الأخرى ارتفعت أسعارها كالقمح بنسبة 19 بالمائة أيضا وسط تدهور فرص الإنتاج لدى الاتحاد الروسي، وتوقّعات الطلب القوي على القمح للاستهلاك كعلف مع تراجع إمدادات الذرة الصفراء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 9/أيلول/2012 - 21/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م