أرض الرافدين.. أرض الألغام

زاهر الزبيدي

في تقرير صحفي، وصف مدير المنظمة العراقية لإزالة الألغام السيد زاحم جهاد مطر مشكلة الالغام في العراق بالكارثة حيث بين مطر في تصريح صحفي عن وجود 26 مليون لغم في العراق مبينا ان البلد يحتل المركز الاول من حيث عدد الالغام الموجودةِ في العالم.

ملايين الألغام التي تعترض حياة ابناء الشعب العراقي لتمثل تهديداً مباشراً لهم إضافة الى التهديدات الأخرى التي تطاولت على حياة ابناءه كالعمليات الإرهابية والأمراض التي تداهم حياتهم بموجات قاسية كالسرطان والالتهابات الفايروسية الكبدية والسكر ليس بأخرها طبعاً حينما أعلن أن 10% من الشعب العراقي مصاب بالسكر وممن هم فوق الـ 20 عاماً ممن أصيبوا بأحد انواعه.

والألغام اليوم تعتبر من التحديات الكبيرة للحكومات في العالم لكون حتى يومنا هذا قد خلفت الحروب التي طفت على سطح الكرة الأرضية الملايين من الألغام، على اختلاف أنواعها، تؤثر في ما لا يقل عن 78 بلداً وتصيب ما يتراوح بين 15-20 ألف شخص سنوياً.

ومكافحة الألغام تعني بصورة عامة المحاولة الجادة لضمان بيئة آمنة للمدنيين ممن استوطنوا مناطق قريبة من النزاعات العسكرية أو تلك التي جرفت السيول والتغيرات الجغرافية موجات من الألغام الى مناطقهم كما حدث في بعض مناطق مدينة البصرة في جنوب العراق حيث جرفت سيول البزل الإيرانية الآلاف من الألغام من مخلفات الحرب العراقية الإيرانية التي دارت قبل عقود ولغاية يومنا هذا، على شدة الحرب وكثرة الألغام، غير قادرين على التخلص من أثارها على المجتمع فكيف بنا وما حدث في 2003 حين أحتل العراق وقصف بمئات الألاف من القنابل العنقودية التي لا زالت مطمورة في الأرض الطينية والرملية لم تنفجر وتنتظر أجساداً بريئة لتمزقها.

نحن بحاجة الى تنمية القدرات المحلية العراقية على مواجهة الموجات الغير معروفة الخرائط من تلك الحقول القاتلة التي زرعت على كل حدود العراق شرقاً وجنوباً وما الاستعانة بضباط الهندسة العسكرية ممن عاصروا تلك الفترات إلا أحد أهم السبل الكفيلة في كشفها فما الضير من تشكيل فرق مكافحة الألغام من تلك المجاميع المهمة من الجيش العراقي للبحث عن أماكن تواجد الحقول والاستعانة بالأمم المتحدة ممثلة بمركز جنيف الدولي لإزالة الألغام للأغراض الإنسانية الذي وضع شروطا ومعايراً لمكافحة الألغام ممكن الاستفادة منها بصورة كاملة حيث ان فريق الأمم المتحدة يتشكّل من 14 كياناً من الإدارات والوكالات والبرامج والصناديق التابعة خاص بالإجراءات المتعلقة بالألغام، كما أن هذه الكيانات تقدِّم خدمات مختلفة بشأن الأعمال المتعلقة بالألغام أو خدمات ذات صلة بتلك الأعمال في العديد من بلدان العالم.

كما أن علينا رد الكرامة لمن بقي على قيد الحياة من أولئك الذين نهشت إنفلاقات الألغام العسكرية أجسادهم وإعاقتهم عن التقدم في حياتهم ولغاية يومنا هذا فالعراق يحتوي على مليون معاق يحلمون بحياة افضل من خلال إيجاد فرص عمل وإتاحة فرص التوظيف وغير ذلك من برامج إعادة التأهيل والإدماج بالمجتمع والتدريب على مهارات العمل الجديدة وتغيير وجهة نظر المجتمع عنهم وبالأخص في مجتمعات العالم الثالث، ونحن منهم بجدارة كبيرة.

علينا أن نجدد الدعوة باستمرار الى "عراق خالي من الألغام" وأن تتابع الحكومة هذا الشعار بجدية بالغة وبالتعاون مع المؤسسة العسكرية وبكافة الأعمال التي سيشملها هذا الشعار ومنها إجراءات التوعية بمخاطر الألغام والأجسام المشبوهة وأن نفرد لها حيزاً من البرامج التلفزيونية التي تبثها الفضائيات الحكومية وغيرها، انها أجسام مشبوهة قاتلة لا تختلف عن العجلات المفخخة وصولات الإرهاب على ابناء شعبنا والحزم والجدية في العمل أهم سبل الخلاص منها.. فقد فاق عددها عدد النخيل في أرض الرافدين.

zzubaidi@gmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/أيلول/2012 - 18/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م