التكنولوجيا النووية... منال مغر للدول العربية

 

شبكة النبأ: تسعى العديد من الدول العربية اليوم الى الاستفادة من التكنولوجيا النووية واستخدامها في بعض المشاريع السلمية كأنشاء محطات توليد الكهرباء النووية وغيرها من المشاريع فهي وبحسب قول بعض المتخصصين مصدر حقيقي لا ينضب للطاقة رخيصة الثمن, لكن التكاليف العالية لبناء المفاعلات النووية هو واحد من اهم عدة معوقات يمكن ان تثني الكثير حتى عن مجرد التفكير باقامة مثل هكذا مشروع يضاف الى ذلك التخوف المعلن من بعض المشاكل النووية التي تتعلق بالامن والسلامة والتخوف المستمر من قبل بعض الدول العظمى التي تخشى من استخدام تلك التقنية في امور عسكرية وهو ما يعرقل انجاز العديد من المشاريع والخطط العربية، وفي هذا الشأن منحت السلطات الناظمة للقطاع النووي في الامارات الضوء الاخضر الاخير الذي يسمح بالبدء فورا باعمال انشاء اول مفاعلين من اصل اربعة تنوي الامارات بناءها على الساحل الغربي لامارة ابوظبي. واكدت "الهيئة الاتحادية للرقابة النووية"، وهي الهيئة الرسمية التي اسستها الامارات لتنظيم القطاع النووي، في مؤتمر صحافي في ابوظبي انها "منحت مؤسسة الامارات للطاقة النووية رخصة لتشييد مفاعلين للطاقة النووية بالموقع المقترح في براكة بالمنطقة الغربية". ومؤسسة الامارات للطاقة النووية هي الكيان الذي اسسته الامارات لاقامة البرنامج النووي المدني السلمي وتشغيل المفاعلات على اسس تجارية وفي اطار سلمي، على ان لا تتم اي عمليات تخصيب لليورانيوم في الامارات ويتم شراء الوقود على اسس تجارية في السوق.

وقال المدير العام لهيئة الرقابة وليام ترافرز ان الرخصة هي "موافقة نهائية للانشاء في الموقع المحدد" في براكة، متوقعا ان تتقدم مؤسسة الامارات للطاقة النووية بطلب لترخيص بناء المفاعلين الآخرين قبل نهاية السنة الحالية. والرخصة التي منحتها الهيئة الناظمة لا تشمل تشغيل المفاعلات، اذ ان التشغيل يتطلب رخصة منفصلة في وقت لاحق. وبحسب بيان للهيئة، قام حوالى 200 خبير فني بدراسة طلب الترخيص الذي تقدمت به مؤسسة الامارات للطاقة النووية على مدى 18 شهرا.

من جانبه، قال حمد الكعبي عضو مجلس ادارة الهيئة الاتحادية للرقابة النووية والمندوب الدائم لدولة الامارات لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا ان الهيئة طلبت "اضافة بعض الخطوات الى التصاميم وبعض الاجراءات الاضافية التي تعزز الامن النووي على ضوء الدروس المستقاة من حادثة فوكوشيما"، في اشارة الى الكارثة النووية التي تسبب بها تسونامي في اليابان.

وبحسب الكعبي، اظهر استطلاع اجرته السلطات الاماراتية ان "85% من السكان الاماراتيين والوافدين يؤيدون سياسات الامارات لانتاج الطاقة النووية" بما في ذلك في المنطقة الغربية القليلة السكان وانما التي تحوي قسما كبيرا من الثروة النفطية للامارات. وعن توجه بعض الدول الغربية للابتعاد عن الطاقة النووية لاسيما المانيا، قال الكعبي ان الدول التي تملك اكبر خطط للتوسع النووي، خصوصا الصين والهند، مستمرة في مشاريعها النووية، فالطاقة النووية "نظيفة وتنافسية" على حد قوله.

وبحسب كريستر فكترسون نائب المدير العام للعمليات في الهيئة، يمكن للوكالة الدولية للطاقة الذرية ان تجري عمليات تفتيش في اي وقت على موقع براكة او اي موقع اماراتي آخر، وذلك في اطار تطبيق معاهدة حظر انتشار التسلح النووي. وتهدف الامارات الغنية بالنفط والتي تملك اكثر من 8% من الاحتياطات النفطية العالمية، الى الحد من الاعتماد على المحروقات لانتاج الكهرباء على ضوء توقعات بنمو الطلب ثلاثة اضعاف بين 2007 و2020. وكانت الامارات اعلنت في نهاية كانون الاول/ديسمبر 2009 انها اوكلت الى كونسورسيوم بقيادة شركة كيبكو الكورية الجنوبية الحكومية بناء اربعة مفاعلات نووية بقيمة 20,4 مليار دولار. ويضم هذا الكونسورسيوم كيبكو وشركات كورية جنوبية منها سامسونغ وهيونداي ودوسان هيفي انداستريز، وكذلك المجموعتين الاميركية وستنغهاوس واليابانية توشيبا. بحسب فرنس برس.

الى جانب ذلك اعلن وزير الخارجية الاسترالي بوب كار ان استراليا وقعت اتفاقية لتزويد الامارات العربية المتحدة بمعدات نووية، لتصبح بذلك اول بلد في الشرق الاوسط يشتري اليورانيوم من استراليا. وفي بيان، قال كار الذي وقع هذا الاتفاق في ابوظبي مع نظيره الاماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، ان "اجراءات صارمة للسلامة ستطبق". واضاف ان هذه الاجراءات تشمل "التعامل بدون خطر وبامان مع المواد المشعة وقيودا على اعادة التصدير وضمانات حول استخدام هذه المعدات لغايات سلمية". ولم تكشف اي معلومات عن حجم المبيعات او اسعارها. وابرمت استراليا في الماضي اتفاقات مماثلة مع دول اخرى بينها الولايات المتحدة وكندا وكوريا الشمالية والصين.

واختارت الإمارات العربية المتحدة ست شركات عالمية لتزويد أولى محطاتها للكهرباء النووية بالوقود النووي وتصل قيمة العقود إلى ثلاثة مليارات دولار. وقالت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية إن محطة براكة ستبدأ العمل عام 2017 وإن العقود التي تشمل شراء اليورانيوم وخدمات التحويل والتخصيب ستغطي احتياجات الوقود لمدة 15 عاما من بدء التشغيل. وقال محمد الحمادي الرئيس التنفيذي للمؤسسة في بيان "ستساعد هذه العقود المؤسسة في ضمان أمن إمدادات الوقود النووي على المدى البعيد بالإضافة إلى ضمان الجودة العالية وضمان الحصول على أفضل الأسعار وأفضل الشروط التجارية."

اول مفاعل اردني

في السياق ذاته قال رئيس هيئة الطاقة الذرية الاردنية خالد طوقان ان المملكة ستختار نهاية العام الحالي العرض الافضل من بين عرضين فرنسي-ياباني وآخر روسي لبناء اول مفاعل نووي في المملكة. والعرضان مقدمان من قبل اتوم ستروي اكسبورت الروسية وائتلاف شركتي اريفا الفرنسية وميتسوبيشي اليابانية. ونقلت وكالة الانباء الاردنية (بترا) عن طوقان قوله ان "الاردن سيقرر نهاية العام الحالي العرض الافضل لاختيار تكنولوجيا المفاعلات النووية من بين عرضين تأهلا على اساس تنافسي وهما العرض الفرنسي-الياباني والعرض الروسي".

واكد ان "خيار استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه خيار استراتيجي لطاقة المستقبل في الاردن" الذي يستورد 95% من طاقته. وتوقع طوقان ان تستكمل هيئة الطاقة الذرية مع نهاية العام "دراسات تحديد موقع مناسب لبناء محطة الطاقة النووية من خلال مسح شامل للمملكة لتحديد مواقع مناسبة واختيار افضلها لاقامة المحطة". بحسب فرنس برس.

واعلنت هيئة الطاقة الذرية في 29 نيسان/ابريل اختيار عرضي اتوم ستروي اكسبورت الروسية وائتلاف شركتي اريفا الفرنسية وميتسوبيشي اليابانية كأفضل عرضين للتنافس على بناء اول مفاعل نووي في المملكة. ويسعى الاردن الى انشاء اول مفاعل نووي للاغراض السلمية خصوصا توليد الكهرباء وتحلية المياه بحلول عام 2019. وقد اقترح موقعا يبعد 47 كلم شمال شرق عمان في منطقة المجدل بالقرب من خربة السمرا لبناء هذا المفاعل. والمملكة التي تستورد 95% من احتياجاتها من الطاقة، واحدة من افقر عشر دول في العالم بالمياه حيث يتجاوز العجز المائي 500 مليون متر مكعب سنويا بحسب تقديرات المسؤولين.

على صعيد متصل أكد عدد من الخبراء في الطاقة النووية على أن إعلان رئيس هيئة الطاقة الذرية، خالد طوقان، بالعثور على 25 ألف طن من اليورانيوم في الأردن، هو رقم مبالغ فيه، ولا يهم الكمية التي تم العثور عليها، بل الأهم هو معدل تركيز اليورانيوم في الطن الواحد. وقال وزير الطاقة السابق، محمد البطاينة "إن الأرقام التي ذكرها خالد طوقان، مبالغ فيها إلى حد كبير، حيث لا توجد أرقام رسمية مؤكدة حول وجود هذه الكمية." وأضاف البطاينة: "الدراسات والأبحاث السابقة تؤكد وجود اليورانيوم في المملكة الأردنية، إلا أن هذه المعدلات لا يمكن الاستفادة منها من الناحية الاقتصادية." بحسب CNN.

وقال المدير السابق لسلطة الموارد الطبيعية والخبير في الشؤون النووية، ماهر حجازين"تم الإعلان في وقت سابق العام الماضي عن اكتشاف نحو 14.500 ألف طن من اليورانيوم في الأردن، بنسبة تركيز تبلغ 52 غرام في الطن، الأمر الذي ليس له جدوى اقتصادية." وأضاف حجازين: "التركيز المطلوب لليورانيوم المكتشف لابد أن يكون على الأقل 250 غرام في الطن، وأن أي تركيز أقل من ذلك لن يكون ذو جدوى اقتصادية، بسبب ارتفاع كلفة التصنيع." وطالب حجازين من القائمين على هذا الاكتشاف بتقديم نتائج الدراسات التي تبين معدل التركيز لليورانيوم في الطن الواحد، وذلك قبل الإعلان عن حجم الاكتشاف، "لنتمكن من تحديد فيما إذا كان الاكتشاف يستحق هذه الهالة الإعلامية الكبيرة على الموضوع."

العرب لا يستهدفون إسرائيل

من جانب اخر يقول دبلوماسيون ان الدول العربية ربما تقرر عدم استهداف اسرائيل بشأن ترسانتها النووية المفترضة خلال المؤتمر السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية خشية أن يعرقل ذلك جهودا أوسع لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. وقال دبلوماسي كبير إن الدول العربية ستنتقد إسرائيل لكنها منقسمة بخصوص ما إن كان ينبغي أن تطرح مشروع قرار بشأن هذا الأمر في المؤتمر السنوي العام الذي تعقده الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر القادم.

وقال مصدر عربي في تصريحات من المحتمل ان تكون موضع ترحيب من جانب مبعوثين غربيين يحثون نظراءهم العرب على عدم استهداف الدولة اليهودية منفردة "تشعر الغالبية بأنه يجب علينا عدم تقديمه (القرار) هذا العام."

وكانت الدول العربية قد امتنعت في خطوة غير متوقعة عن أن تخص إسرائيل بالذكر على هذا النحو في مؤتمر الوكالة العام الماضي فيما وصف بأنه "بادرة تنم عن حسن النية" قبل إجراء محادثات في 2012 بشأن شرق أوسط خال من الأسلحة النووية. ورحبت إسرائيل بهذه الخطوة التي وصفتها بالإيجابية في نبرة تصالحية نادرة خلال نقاش كان محتدما في جوانبه الأخرى وأبرز الانقسامات العربية الإسرائيلية العميقة فيما يتعلق بالقضايا النووية.

وقال الدبلوماسيون إن الدول العربية لم تقرر بعد ما إذا كانت ستقترح مشروع قرار غير ملزم وإن كان ذا أهمية رمزية ينتقد "القدرات النووية الإسرائيلية" في اجتماع هذا العام الذي يبدأ في 17 سبتمبر أيلول ويستمر أسبوعا. وأبدى الدبلوماسيون قلقهم من أن التحرك العربي ضد اسرائيل قد يثنيها عن حضور محادثات هذا العام التي تدور حول شرق أوسط خال من الأسلحة النووية. وكانت خطة مصرية لعقد اجتماع دولي لوضع الأساس لاخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل قد نالت الموافقة خلال مؤتمر لمراجعة المواقف المتعلقة بمعاهدة حظر الانتشار النووي عام 2010.

وقال المصدر العربي ان "تقديم القرار ربما يبعث برسالة خاطئة من العرب الى عملية 2012 ."

لكن الدبلوماسي الفنلندي جاكو لايافا المسؤول عن تنظيم المؤتمر قال في مايو آيار إنه لم يتأكد بعد من حضور كل دول المنطقة. وقال دبلوماسي أوروبي "إنها عملية غاية في الحساسية... ذكر إسرائيل بالاسم لن يكون مفيدا على الإطلاق وسيأتي بأثر عكسي."

ويعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة بالشرق الأوسط التي تملك ترسانة نووية مما يثير إدانات عربية وإيرانية متكررة. كما أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة بالشرق الأوسط التي لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي. وتعتبر إسرائيل والولايات المتحدة أن إيران هي الخطر الرئيسي للانتشار النووي في العالم وتتهمانها بالسعي سرا لامتلاك قدرة على إنتاج أسلحة نووية وهو ما تنفيه طهران.

وأحرزت الدول العربية نصرا دبلوماسيا عام 2009 عندما أقر أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بفارق طفيف قرارا يحث إسرائيل على الانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووي ووضع كل مواقعها النووية تحت إشراف الوكالة. وحين ثار الأمر مجددا عام 2010 لمواصلة الضغط على إسرائيل قوبل مشروع القرار بالرفض بعد معركة دبلوماسية حامية قالت فيها واشنطن وحلفاؤها إن التركيز على إسرائيل سيبدد أي أمل في حظر الأسلحة النووية بالمنطقة. وفي يونيو حزيران الماضي طلبت الدول العربية وضع "القدرات النووية الإسرائيلية" في جدول أعمال المؤتمر لكن لايزال من غير الواضح ما إذا كانت ستتبع ذلك بمشروع قرار مقترح أم ستمتنع عن هذه الخطوة كما فعلت السنة الماضية. بحسب رويترز.

وقالت الدول العربية إن رفض إسرائيل الانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووي أو وضع منشآتها النووية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية "يعرض المنطقة لمخاطر نووية ويهدد السلام". ولم تؤكد إسرائيل قط أو تنف امتلاكها أسلحة نووية متبعة سياسة الغموض بهدف الردع. وتقول انها لن تنضم الى معاهدة حظر الانتشار النووي الا بعد التوصل الى تسوية شاملة للسلام في الشرق الاوسط. وسيتعين عليها اذا وقعت معاهدة حظر الانتشار النووي لعام 1970 أن تتخلى عن أي أسلحة نووية قد تكون لديها. وفي خطاب إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو قال إيهود أزولاي مندوب إسرائيل لدى الوكالة إن أي قرار عربي يستهدف إسرائيل "سيقوض أي محاولة حقيقية لتعزيز الثقة والأمن في الشرق الأوسط."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/أيلول/2012 - 17/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م