احرق نفسك... قد تحصل على العدالة!

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: أصبحت ظاهرة الانتحار حرقا ثقافة شائعة في اغلب المجتمعات العالمية ورمزا للاحتجاج ضد الظلم من اي نوع كان وخاصة ًفيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية، فلا تزال ظاهرة حرق الأجساد كعملية احتجاج في تصاعد مستمر، فلازلنا نسمع عن العديد من عمليات الانتحار حرقا ليس في بلدان العربية وحدها، بل في العديد من البلدان الأخرى، وما يثير التساؤل ايضا أن ظاهرة الاحتجاج هذه انتقلت الى دول اوربية وآسوية أخرى، كما حدث في ايطاليا لأحدهم مثلا، وفي اسرائيل ايضا، والسبب الرئيسة هو المطالبة بالعدالة الاجتماعية، وكذلك في الصين حيث اقدم شخصان من التبت على احراق جسديهما احتجاجا، في حين أن الواقعة القوى في هذا المجال تتمثل بمحاولة رجل مصري لاحراق نفسه أمام مقر رئاسة الجمهورية، احتجاجا على فصله من عمله، في حادثة هي الأولى من نوعها منذ تولي الرئيس المصري محمد مرسي السلطة، وخلاصة القول بأن ظاهرة حرق الأجساد باتت اليوم ثقافة انتقام معاكسة ضد النفس والسلطة معا.

مصري يحرق نفسه أمام القصر

فقد أضرم مواطن مصري النار في نفسه أمام مقر رئاسة الجمهورية، احتجاجا على فصله من عمله، في حادثة هي الأولى من نوعها منذ تولي الرئيس المصري محمد مرسي السلطة في يونيو/حزيران الماضي، وذكرت وكالة الأنباء المصرية الرسمية أن المواطن عرفة كامل، 40 عاما، أشعل النار في نفسه أمام مقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة بسبب خلافات مع شركة كهرباء مصر الوسطى، التي كان يعمل بها، وأضافت الوكالة أن كامل "تم فصله من شركة الكهرباء بسبب خلافات مع رئيس الشركة الذي رفض إعادة تعيينه رغم حكم المحكمة له بذلك."

وسارعت قوات الأمن المتواجدة أمام مقر رئاسة الجمهورية بإطفاء النيران وإنقاذ المواطن واستدعاء سيارة الاسعاف لنقله الى المستشفى للعلاج، وفقا للوكالة، من جهتها، أعربت رئاسة الجمهورية عن "أسفها لإشعال مواطن مصري النار في نفسه أمام مقر الرئاسة،" وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية ياسر علي: "إن الرئاسة في أشد الأسى لوقوع مثل هذا الحادث الأليم،" حسب الوكالة، وأشار علي إلى أن "الرئاسة كانت سارعت بانشاء ديوان المظالم لتلقي شكاوى ومطالب المواطنين والعمل على حلها والاستجابة لها". بحسب السي ان ان.

كما نقلت الوكالة عن الدكتور أحمد الأنصاري نائب رئيس هيئة إسعاف مصر بأن كامل "يعاني من حروق بالوجه والقدمين من الدرجة الثانية وتقوم الفرق الطبية بالمستشفى بتقديم الاسعافات والفحوصات اللازمة له وعلاج الجروح والحروق"، وفي سياق متصل، نقلت الوكالة المصرية عن أكثم أبو العلا وكيل وزارة الكهرباء والمتحدث الاعلامي باسم الوزارة، قوله إن "المواطن الذي قام باشعال النار في نفسه.. هو موظف سابق بشركة مصر الوسطى لتوزيع الكهرباء فرع أسيوط"، وأوضح أن "هذا المواطن مفصول عن العمل منذ عامين بتهمة تزوير أوراق رسمية لتوصيل الكهرباء إلى مباني مخالفة نظير تقاضي مبالغ مالية على سبيل الرشوة،" وفقا للوكالة.

ايطالي أشعل النار في نفسه أمام البرلمان

فيما قالت الشرطة ان رجلا عمره 54 عاما توفي بعد ان أشعل النار في نفسه أمام البرلمان الايطالي لتسليط الضوء على معاناته مع البطالة، وذكرت وسائل الاعلام الايطالية أن أنجيلو دي كارلو أصيب بحروق بنسبة 85 في المئة بعد الحادث الذي وقع أمام مقر مجلس النواب في وسط ايطاليا خلال الساعات الاولى من يوم 11 أغسطس آب، وأخمدت الشرطة النار المشتعلة في الرجل ونقلته الى المستشفى، وأفادت التقارير الاعلامية بأن الرجل وهو أرمل كان يواجه صعوبات اقتصادية بعد ان فقد عمله وكان لسنوات قبل ذلك يكابد صعوبات العيش مع العمل بعقود مؤقتة لا توفر حماية او مزايا تذكر. بحسب رويترز.

ويعاني الايطاليون من ركود الاقتصاد وتزايد البطالة تحت وطأة اجراءات التقشف الحكومية التي تشمل رفع الضرائب وخفض الانفاق الحكومي للحد من الدين العام، ووفاة دي كارلو أحدث حلقة في سلسلة من حوادث الانتحار التي لاقت اهتماما اعلاميا كبيرا في الشهور الاخيرة. وترتبط تلك الحوادث بالمصاعب المالية وتبرز التكلفة الانسانية للازمة الاقتصادية في البلاد.

الأوضاع الاجتماعية

على الصعيد نفسه توفي اسرائيلي كان احرق نفسه هو الثاني الذي اقدم على هذا العمل خلال اسبوعين احتجاجا على الاوضاع الاجتماعية، على ما اعلن مستشفى تل هشومير في تل ابيب، وعاكيفا مفعي (45 عاما) كان مقعدا على كرسي نقال اثر تعرضه لحادث اثناء تاديته الخدمة العسكرية، واقدم على احراق نفسه قبل ساعات من جنازة اسرائيلي اخر يدعى موشيه سلمان احرق نفسه خلال تظاهرة في 14 تموز/يوليو في تل ابيب احتجاجا على تردي الاوضاع الاجتماعية، واكد والدا عاكيفا مفعي لوسائل الاعلام انه كان ينوي ان يحذو حذو موشيه سلمان. وكان يشكو من عدم تلقي مساعدات كافية من الخدمات الاجتماعية والجيش وواجه بالتالي صعوبات مالية جمة، وقال الطبيب يوسي حايك من القسم المتخصص في معالجة المصابين بحروق خطيرة في مستشفى تل هشومير بتل ابيب للاذاعة العسكرية ان عكيفا مفعي "كان سيخضع  لعملية اولى"، واضاف "قمنا بكل ما في وسعنا ليصبح وضعه مستقرا لكن حروقه كانت بالغة وكانت وفاته متوقعة". بحسب فرانس برس.

جندي إسرائيلي سابق مشلول

كما اضرم جندي اسرائيلي سابق يستخدم كرسيا متحركا النار في نفسه عند محطة للحافلات ليصاب بحروق خطيرة وذلك بعد يومين من وفاة محتج متأثرا باصابات ناجمة عن حادث مماثل، وقالت الشرطة ومسعفون ان الرجل في الخمسينيات من العمر واضافوا ان المارة اخمدوا النيران التي اشعلها في نفسه على طريق قرب تل ابيب. واصيب الرجل بجروق بنسبة اكثر من 80 بالمئة من جسده، وقال دودي جيلبوا وهو عضو في جماعة للجنود الاسرائيليين السابقين المقعدين وعلى معرفة بالرجل المصاب "قصته صعبة ولم تكن اوضاعه النفسية والاقتصادية على ما يرام، واضاف جيلبوا لراديو اسرائيل انه والرجل المصاب دخلا في نزاع مع السلطات المسؤولة عن اعادة تأهيل الجنود السابقين المصابين ومساعدتهم. بحسب رويترز.

وتابع "لا نريد ان نفقد زملاءنا بهذه الطريقة" مرددا مخاوف الكثيرين في اسرائيل من تكرار حادثة وقعت يوم 14 يوليو تموز عندما احرق المحتج موشيه سيلمان نفسه اثناء مسيرة ضد ارتفاع اسعار السكن والغذاء، وتوفي سيلمان (57 عاما) متأثرا بجراحه وهز ما اقدم عليه الرأي العام في اسرائيل، وفقد سيلمان منزله واصبح مفلسا بعدما عجز عن سداد ديون مستحقة لمؤسسة التأمين الوطنية الاسرائيلية بعد دخوله في مشاريع تجارية فاشلة، وترك سيلمان رسالة اتهم فيها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المالية يوفال شتاينتز "بالأخذ من الفقراء واعطاء الاغنياء"، ووصف نتياهو ما قام به سيلمان بأنه "مأساة انسانية كبيرة".

تظاهرة في تل ابيب

الى ذلك الفى ذلك تظاهر اكثر من الفي اسرائيلي في تل ابيب تكريما لموشيه سلمان، الاسرائيلي الذي قضى باشعال النار في نفسه في 14 يوليو/تموز في تل ابيب خلال تظاهرة للاحتجاج على تردي الاوضاع الاجتماعية، وهتف المتظاهرون خلال التظاهرة التي انطلقت من المكان الذي اشعل فيه سلمان نفسه "نحن جميعا هذا المساء موشيه سلمان"، وقال منظمو التحرك في بيان "عبر التظاهر، نكرم ذكرى جميع ضحايا التردي الاقتصادي والسياسة غير الاجتماعية للحكومة الاسرائيلية" برئاسة بنيامين نتانياهو، واضافوا "نطالب بتأمين الضروريات للناس ليعيشوا بكرامة وتحت سقف"، معتبرين ان انعدام المساواة يشكل "قنبلة موقوتة" داخل المجتمع الاسرائيلي، ونظمت ايضا تظاهرتان في القدس وحيفا شارك فيهما المئات وفق الشرطة، وقال المتحدث باسم الشرطة ميكي روزنفلد انه "تم نشر مزيد من قوات الامن لحفظ النظام العام ومواجهة اي حدث طارىء". بحسب فرانس برس.

وكان سلمان قد أشعل النار في نفسه يوم السبت الماضي خلال تظاهرة في تل ابيب في الذكرى الاولى لانطلاق اكبر حركة اعتراض اجتماعية في تاريخ اسرائيل، وكتب سلمان في رسالة تلاها علنا قبل اضرام النار في نفسه "اتهم دولة اسرائيل ونتانياهو ووزير المالية يوفال شتاينيتز الاوغاد بالذل الذي يتحمله مواطنو اسرائيل الضعفاء يوميا ، فهم ياخذون من الفقراء ليعطوا الاغنياء"، وبدأت الاحتجاجات في اسرائيل الصيف الماضي وطالب فيها النشطاء باصلاحات تساهم في خفض اسعار المواد الغذائية والسكن والتعليم، ويرى العديد من الاسرائيليين ان الحكومة لم تنفذ وعودها بالاصلاح الاقتصادي.

تيبتيان يحرقان نفسيهما في الصين

على صعيد أخر اضرم شابان من التيبت النار في نفسيهما في شمال غرب الصين، فقضى أحدهما في حين أصيب الاخر بحروق بالغة، كما أعلنت وكالة انباء الصين الجديدة، وذلك في حلقة جديدة من مسلسل المحاولات اليائسة للانتفاضة على الحكم الصيني لهذه المقاطعة، والشابان البالغان من العمر حوالي عشرين عاما، اضرما النار في نفسيهما في ولاية كينغهاي.

ويعمل الناجي نجارا مهاجرا، ويتحدر من ولاية سيشوان المجاورة التي شهدت طوال عام محاولات عديدة لمواطنين للتضحية بانفسهم. وأعلنت الوكالة وفاة الضحية الثاني الذي يعمل راعيا.

وقد عرفت عنهما منظمة الدفاع عن مواطني التيبت على انهما نوانغ نورهال (22 عاما) وتنجين كالدروب (24 عاما)، ورفض مسؤول محلي التعليق على هذه الحوادث التي جرت في مقاطعة شيندة، في حين لم يتوافر الاتصال مع الشرطة المحلية. بحسب فرانس برس.

ويشكو عدد كبير من مواطني التيبت من القمع الذي يمارس على ديانتهم وثقافتهم ومن ما يعتبرونه تنامي نفوذ اتنية "هان"، التي ينتمي اليها أكثرية سكان الصين، وترفض الصين هذه الاتهامات وتصف الزعيم الروحي لبوذيي التيبت، الدالاي لاما المنفي في "داراماسالا" في شمال الهند، ب"الانفصالي الخطير"، وقضى حرقا أو حاول اضرام النار في جسده 40 من مواطني التيبت على الاقل، أكثريتهم من الرهبان البوذيين، وذلك منذ أذار/مارس 2011 في مناطق تيبيتية صينية.           

كاهن تيبتي شاب

بينما اقدم كاهن بوذي شاب من التيبت جنوب غرب الصين على اضرام النار في نفسه احتجاجا على النظام الصيني، كما اعلنت حكومة التيبت في المنفى، وقالت حكومة التيبت المركزية القائمة في الهند ان الكاهن البالغ من العمر 18 عاما ويدعى لوبسانغ لوزين اضرم النار في نفسه في كانتون بارخام في سيشوان اثناء توجهه الى مبنى حكومي، وتوفي الكاهن في المكان، ولم تعلق السلطات المحلية الصينية والشرطة على حادثة الانتحار، واقدم 42 شخصا على الاقل على الانتحار باضرام النار في انفسهم خلال الاشهر الماضية في مناطق صينية يسكنها تيبتيون، وفق ناشطون من التيبت. بحسب فرانس برس.

وقالت حكومة التيبت في المنفى ان شرطيين مسلحين توجهوا الى كانتون بارخام (مايركانغ بالصيني)، وان السكان التيبتيون في المنطقة اعاقوا مرور الشرطة عند جسر، وقالت الحكومة التيبتية في المنفى ان "النداءات الموجهة لتحرير التيبت ملحة، على المجتمع الدولي ان يتخذ موقفا وان يبلغ الصين ان الوقت حان لترك اهل التيبت يقررون مصيرهم بانفسهم"، ويشكو كثيرون من اهل التيبت من التضييق على ديانتهم وثقافتهم ومما يعتبرونه تصاعدا لنفوذ اتنية الهان التي تشكل اكثرية في الصين.

كوري جنوبي ينتحر تحديا لليابان!

في حين أقدم رجل كوري جنوبي على محاولة الإنتحار إحتجاجاً على مطالبة اليابان باسترداد جزر متنازع عليها مع بلاده، وذكرت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب) ، أن الرجل (55 عاماً) الذي عرف باسم تشوي نقل إلى المستشفى بعد العثور عليه فاقداً الوعي قرب المقبرة الوطنية في جنوب سيول بعدما شرب زجاجة من مواد سامة لينتحر. بحسب يونايتد برس.

وعثر في سيارة تشوي على رسالة جاء فيها إن "الحكومة اليابانية التي سبق ان استعمرت هذا البلد، تحاول الآن أخذ جزر دوكدو منّا أيضاً، يجب الا نخضع إلى مطالبهم بل يجب أن نقاومها"، يشار إلى أن سيول تطلق على الجزر اسم "دوكدو"، فيما تطلق عليها اليابان اسم "تاكيشيما"، وهي تقع في منتصف المسافة بين البلدين في البحر الشرقي، وكان الخلاف على الجزر قد تأزّم أخيرا بعد زيارة للرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك للجزيرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/أيلول/2012 - 17/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م