حرب الوكالة... تستنزف سوريا وتحيي صراع غابر

 

شبكة النبأ: يؤكد الكثير من المراقبين والمتخصصين ان سوريا اصبحت ساحة حرب بالوكالة لبعض الدول والاطراف الاقليمية التي تسعى الى تأمين مصالحها الخاصة على حساب الدم السوري، حيث تسعى بعض تلك الجهات الى تأجيج الاوضاع من خلال دعم وتسليح بعض الاطراف والجماعات الاسلامية المتشددة وهو ما اسهم بعرقلة كل الجهود الداعية الى ايجاد حلول سلمية لانهاء حالة القتال المتواصل، وفي هذا الشأن صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف انه سيكون "من السذاجة" ان تعتقد الدول العربية والغربية بان الرئيس السوري بشار الاسد سيوقف اطلاق النار اولا ويسحب قواته من المدن الكبرى. وقال لافروف "عندما يقول شركاؤنا ان الحكومة اولا يجب تتوقف (عن القتال) وتسحب كل قواتها واسلحتها من المدن وتكتفي بدعوة المعارضة الى فعل ذلك فهذه خطة لا يمكن تحقيقها اطلاقا. فاما ان الناس ساذجون او انه نوع من الاستفزاز".

وجاءت تصريحات لافروف خلال تبادل لوجهات النظر مع طلاب في المعهد الحكومي للعلاقات الدولية في موسكو. وقال لافروف ان دعوة كهذه تعادل طلبا "باستسلام" النظام البعثي، موضحا انه يرى انه لا الغربيين ولا العرب يحق لهم طرح طلب كهذا. واكد الوزير الروسي ان ملاحظاته لا تهدف الى دعم نظام الاسد بل تعكس الواقع اليومي على الارض.

واضاف "لا يهم رأيكم في النظام السوري. من غير الواقعي اطلاقا في الوضع الحالي والقتال دائر في المدن القول ان الحل الوحيد يكمن في استسلام من جانب واحد لاحد الطرفين". وتابع لافروف "نحن لا نقف في صف نظام او اشخاص في سوريا بل نستند في موقفنا الى ما هو واقعي". واكد وزير الخارجية الروسي ان "زملاءنا الغربيين وممثلي بعض حكومات المنطقة (الشرق الاوسط) يؤيدون بشكل شبه علني تدخلا اجنبيا" في سوريا.

وكانت روسيا استخدمت ثلاث مرات حق النقض (الفيتو) لمنع تبني قرارات قدمها الغربيون الى مجلس الامن الدولي ضد سوريا. واكد انه "بالنسبة لموقف الذين يطلبون استسلاما من جانب واحد للقوات الحكومية ويشجعون في الوقت نفسه المتمردين المسلحين على القتال"، في اشارة الى الغربيين وبعض الدول العربية، "فهذا يعني انهم مستعدون لتحمل مسؤولية خسارة عدد كبير جدا جدا من الارواح".

على صعيد متصل اتهم نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد تركيا ب"تدريب ارهابيين والسماح لهم بالانتقال الى سوريا"، وذلك في مقابلة مع قناة العالم التلفزيونية الايرانية الناطقة بالعربية. وندد المقداد بالدور التركي "الهدام" في الازمة السورية حيث تدعم انقرة بقوة المعارضة السورية وتطالب برحيل الرئيس السوري بشار الاسد. بحسب فرنس برس.

وقال المسؤول السوري ان "تركيا باتت تدرب ارهابيين وتسمح لهم بالانتقال الى سوريا ان معظم الارهابيين في سوريا ياتون من تركيا". وقال المقداد انه يتعين ادراج تركيا "على لائحة الدول التي تدعم الارهاب" اذا "لم تقم انقرة بتسوية هذه المسالة"، داعيا "الحكومة التركية الى ان تعود الى رشدها". وحذر المسؤول السوري ايضا دول الخليج التي تقدم مساعدة مالية للمعارضين السوريين من دون ان يسمي ايا منها بالاسم. وقال ان "الوضع في سوريا سيرتد عليها، انه يشكل خطرا على المنطقة ويهدد الاستقرار في الشرق الاوسط".

ايران سترد

في السياق ذاته نقلت وكالة أنباء عن مسؤول عسكري ايراني قوله ان ايران سترد اذا ارتكبت الولايات المتحدة أي عمل "احمق" وهاجمت سوريا لكن تصريحاته اختفت لاحقا من على موقع الوكالة ذات الصلة بالحكومة. ونقل عن محمد علي اسودي مسؤول معاونية الاعلام والثقافة بالحرس الثوري الايراني قوله "اذا هاجمت امريكا سوريا فسوف ترد ايران مع حلفاء سوريا وهو ما سيمثل خيبة لأمريكا."

وكانت تصريحات اسودي قد نقلت اولا على موقع نادي الصحفيين الشبان وهي وكالة انباء ذات صلة بالحكومة لكنها ازيلت فيما يبدو لاحقا عن الموقع. ونقلت مواقع اخبارية ايرانية التصريحات ومن بينها صحيفة جام اي جام الايرانية وموقع الخدمة الفارسية التابع لهيئة الاذاعة البريطانية.

ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من المسؤولين الايرانيين.

ولم يحدد اسودي طبيعة الاجراءات التي قد تتخذها ايران ردا على مهاجمة الولايات المتحدة لسوريا لكنه قال ان حلفاء سوريا سيلتزمون باتفاقية الدفاع المشترك اذا شنت الولايات المتحدة هجوما. وقال اسودي "في حالة الحماقة الامريكية ووقوع هجوم عسكري على سوريا من هذه الدولة فسوف ينفذ اتفاق حلفاء سوريا العسكري للدفاع المشترك."

ووقعت ايران وسوريا اتفاقية دفاع عام 2006 لكن لا يعرف الكثير عن تفاصيلها وما اذا كانت تحمل توقيعات دول اخرى. وتعتبر ايران حكومة الاسد وجماعة حزب الله الشيعية في لبنان جزءا من "محور المقاومة" ضد النفوذ الامريكي والاسرائيلي في منطقة الشرق الاوسط. لكن بينما تعترف تركيا ودول الخليج ودول غربية بتقديم المساعدات غير الفتاكة للمسلحين في سوريا للمعارضة لا توجد لدى واشنطن الرغبة خاصة في عام الانتخابات لتدخل عسكري مباشر في سوريا. وبدون قيادة الولايات المتحدة لا يبدو حلفاؤها متحمسين للدخول في الصراع بمفردهم.

على صعيد متصل اعتبر المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي ان الولايات المتحدة واسرائيل هما "ابرز المسؤولين الخفيين" عن الازمة السورية. وقال خامنئي كما اورد موقعه الالكتروني ان "ابرز المسؤولين الخفيين عن المشاكل المؤلمة في سوريا هم اميركا والنظام الصهيوني اللذين اغرقا سوريا بالاسلحة ودعما ماليا المجموعات غير المسؤولة". واضاف "ان الحكومة السورية هي الضحية في هذه الازمة". ودعا دمشق الى "مواصلة الاصلاحات السياسية للقضاء على كل حجج المعارضة" و"كشف للرأي العام العالمي والعربي خفايا المؤامرة السورية".

ويتهم النظام الايراني بعض الدول الغربية وايضا السعودية وقطر، بتشجيع حركة الاحتجاج وتسليم اسلحة للمجموعات المعارضة لاضعاف احد اخر الانظمة في المنطقة التي تواجه مع ايران، اسرائيل. وتطالب معظم الدول العربية وتركيا على غرار الغربيين برحيل الرئيس بشار الاسد لتسوية الازمة.

من جانب اخر قال وزير الخارجية الايراني ان ايران ستشكل فريقا مع دول أخرى في حركة عدم الانحياز للبحث عن حلول للازمة في سوريا ودعا الامين العام للامم المتحدة بان جي مون طهران الى استخدام نفوذها للمساعدة في إنهاء العنف هناك. وقال وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي "في وقت تدخلت فيه منظمات دولية عديدة أخرى في القضية السورية لا يصح ان تكون حركة عدم الانحياز في المقعد الخلفي. "من الأفضل أن تشارك (مجموعة من) حركة عدم الانحياز بالتعاون مع المنظمات الدولية الاخرى خاصة الامم المتحدة." ونقلت وكالة فارس للانباء عن علاء الدين بوروجردي وهو برلماني كبير قوله ان مثل هذه المجموعة ستضم مصر وايران وفنزويلا بوصفها الرؤساء السابق والحالي والقادم للحركة إلى جانب لبنان والعراق.

وقال مارتين نسيركي المتحدث باسم الامين العام للامم المتحدة ان بان حث زعماء ايران على استخدام نفوذهم لدعوة الاسد لانهاء العنف وتهيئة الظروف "لحوار له مصداقية وعملية سياسية حقيقية تلبي إرادة الشعب السوري." وقال "الأمين العام أكد معارضته لزيادة عسكرة الصراع ودعا كل الدول إلى وقف امداد كل الاطراف في سوريا بالسلاح." بحسب رويترز.

ونقل التلفزيون الحكومي عن خامنئي قوله "جمهورية إيران الاسلامية مستعدة لبذل كل جهد على اساس معتقداتها ومبادئها الدينية لحل الازمة في سوريا." واضاف خامنئي "هذه الحرب بالوكالة هي حقيقة الازمة السورية اليوم حل الازمة في سوريا يتطلب شيئا واحدا هو منع ارسال الاسلحة إلى الجماعات في سوريا." وأيدت إيران خطة سلام رعتها الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ولم تكلل بالنجاح وتقول إنه يجب إشراكها في أي جهود دولية تجرى في المستقبل لإنهاء العنف في سوريا.

التدخل العسكري

الى جانب ذلك حذرت فرنسا وبريطانيا الرئيس السوري بشار الاسد من ان التدخل العسكري لاقامة مناطق آمنة للمدنيين داخل البلاد يجري بحثه رغم الجمود في مجلس الامن الدولي بشأن كيفية انهاء الصراع المستمر منذ 17 شهرا. ويعني الجمود في المجلس بين القوى الغربية من جهة وروسيا والصين من جهة اخرى ان من المستحيل فيما يبدو التوصل الى قرار يوافق على مثل هذا الاجراء لكن يمكن للدول ان تتحرك خارج سلطة المنظمة العالمية وتتدخل مثلما حدث في كوسوفو عام 1999 .

وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج في مؤتمر صحفي بالامم المتحدة قبل اجتماع وزراء خارجية الدول اعضاء مجلس الامن لبحث سبل تخفيف الازمة الانسانية في سوريا "لا نستبعد شيئا ولدينا خطط طواريء لنطاق واسع من السيناريوهات." وأضاف "يجب أيضا ان نكون واضحين في أن اقامة منطقة آمنة تتطلب تدخلا عسكريا وهذا بالطبع شيء يجب بحثه بعناية شديدة." وقال دبلوماسيون ان إنشاء منطقة عازلة للنازحين السوريين سيكون صعبا لان هذا يتطلب صدور قرار من مجلس الامن بانشاء منطقة حظر طيران لحماية المنطقة ولن توافق روسيا والصين على مثل هذا الاجراء.

في السياق ذاته حذر الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند الرئيس السوري بشار الاسد من ان استخدام الاسلحة الكيماوية سيكون مبررا مشروعا لتدخل عسكري. وقال أولوند في خطابه السنوي بشأن السياسة الخارجية أمام سفراء فرنسا "سنظل مع شركائنا متأهبين فيما يتعلق بمنع استخدام الاسلحة الكيماوية الذي سيكون بالنسبة إلى المجتمع الدولي سببا مشروعا للتدخل المباشر." وجاءت تلك التصريحات بعد تحذير الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 20 اغسطس اب من أن التدخل العسكري يمكن تبريره إذا استخدمت حكومة الأسد أسلحة غير تقليدية أو نقلتها بطريقة تشكل تهديدا. وقال أولوند "التهديد يتجاوز سوريا. الأمر يتعلق بأمن الشرق الأوسط وخاصة لبنان." بحسب رويترز.

وقال اولوند إن باريس ما زالت تعمل على جهود للعودة إلى مجلس الأمن لاصدار قرار جديد. وانتقد روسيا والصين اللتين نقضتا ثلاثة قرارات للمجلس بسبب استمرار دعمهما للأسد. واضاف "اقول للصين وروسيا.. موقفكما يضعف القدرة على ضمان احترام ميثاق الأمم المتحدة." وحث أولوند الذي يتعرض لانتقادات متزايدة في الداخل لما ينظر إليه باعتباره نهجا سلبيا تجاه الأزمة السورية المعارضة على إنشاء حكومة مؤقتة ممثلة لمختلف الاطياف ستعترف بها بلاده فور تشكيلها. وأضاف "نساعد أيضا من ينظمون المناطق المحررة على الأرض السورية وندرس مبادرة إنشاء منطقة عازلة التي اقترحتها تركيا."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/أيلول/2012 - 17/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م