سكان العالم... تزايد مقلق وظواهر تستحق التوقف

 

شبكة النبأ: تسعى الكثير من دول العالم الى ايجاد الحلول المناسبة لأجل التخلص من المشاكل المتزايدة فيما يخص بعض الامور المختلفة التي تتعلق بالجنس البشري، ويرى بعض المراقبين ان تعدد وكثرة الدراسات والبحوث المتعلقة بهذا الجانب تثبت حجم التحديات المتوقعة لكل بلد بحسب التوجه والسياسة المتبعة.

وفي هذا الشأن تسعى كغيرها من الحكومات الحكومة الفلبينية إلى خفض معدل وفيات الأمهات بشكل جذري, إنقاذ برنامج تنظيم الأسرة القومي الذي باء بالفشل، وذلك من خلال إنفاق 500 مليون بيزو (أي ما يعادل تقريباً 12 مليون دولار أمريكي) على وسائل منع الحمل في عام 2012، وهي خطوة عارضتها بشدة كنيسة الروم الكاثوليك ذات النفوذ. وقد أعلنت وزارة الصحة أنها ستستخدم هذه الأموال لشراء السلع واللوازم الأساسية لتنظيم الأسرة وهو تعبير مخفَّف يُقصد به الواقي الذكري واللولب وحبوب منع الحمل وتوزيعها للمرة الأولى على نطاق واسع في المراكز الاجتماعية التي تعاني من نقص كبير في التمويل في جميع أنحاء البلاد.

وجاء هذا القرار مثيراً للجدل حيث أن مسؤولي الصحة العامة ودعاة تنظيم الأسرة اعترفوا بأن المسؤولين المحليين قد لا ينفذوا القرار المذكور خوفاً من إغضاب الكنيسة أو فقدان أصوات مؤيدي الكنيسة الكاثوليكية. فالكنيسة تستهجن استخدام وسائل منع الحمل وتحاول إثناء الفلبينيين عن استخدامها، ولذلك لطالما كان الدعم الحكومي لبرامج تنظيم الأسرة محدوداً. هذا وقد فشلت محاولات سابقة لتعزيز خدمات تنظيم الأسرة عندما ألغى التدقيق الصارم في الكونغرس أي برنامج يتضمن شراء وتوزيع وسائل لمنع الحمل.

وينبغي أن تأتي الأموال اللازمة للمبادرة الجديدة لتنظيم الأسرة من مخصصات الموازنة العامة لعام 2012 التي تبلغ 990 مليون دولار. ويقول مسؤولوا الصحة أن تلك الخطوة تهدف إلى خفض معدل وفيات الأمهات الذي ارتفع من 162 حالة وفاة لكل 100,000 ولادة إلى 221 حالة وفاة في عام 2011– أي بزيادة 35 بالمائة – وفقا للدراسة التي أجرتها الحكومة عن صحة الأسرة في عام 2011. وذكر مسؤولو الصحة أنه بتلك الوتيرة ستخفق الفلبين على الأرجح في تحقيق الهدف الإنمائي للألفية للأمم المتحدة القائم على خفض معدل وفيات الأمهات لعام 1990 بنسبة 75 بالمائة بحلول عام 2015.

وقال إسميرالدو ليم، مدير مستشفى خوسيه فابيلا ميموريال– المستشفى الوطني للولادة في العاصمة مانيلا: "بدأت الفلبين برنامجها لتنظيم الأسرة في السبعينات عندما كان لدينا عدد سكان مماثل لتايلاند يصل إلى 40 مليون نسمة. ولكن الآن أصبح عدد السكان لدينا 95 مليون نسمة تقريباً، في حين أصبح عدد السكان في تايلاند 65 مليون نسمة فقط. وأضاف ليم أن "هذا الاختلاف يعود إلى نجاح برنامج تنظيم الأسرة في تايلاند أو بمعنى آخر إلى فشل برنامجنا". وتشير الممرات المظلمة في المستشفيات وأقسام الولادة المكتظة على الدوام إلى عدم كفاءة إدارة القطاع الصحي في البلاد.

هذا وقد تمت مناقشة مشروع قانون الصحة الإنجابية، الذي يشمل تخصيص أموال لوسائل منع الحمل وتقديم الثقافة الجنسية لأطفال المدارس الابتدائية، بصورة لاذعة في الكونغرس على مدار العامين الماضيين، ولكن لم تكن هناك بوادر تذكر للموافقة عليه في أي وقت قريب. وقال مسؤولو الحكومة الفلبينية أن الحكومات الأجنبية والمنظمات غير الحكومية قامت بسد الفجوة حتى الآن، لكن الأزمة المالية العالمية وتغير الأولويات الجيوسياسية أجبرتهم على تقليص المساعدات. وفي عام 2005 قدمت الجهات المانحة 4.4 مليون دولار لدعم وسائل منع الحمل، حيث ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية بجزء كبير من هذا المبلغ، وفقاً لتحالف لوازم الصحة الإنجابية للقطاع الخاص والعام الذي يقوم بتتبع شحنات مستلزمات الصحة الإنجابية.

وكان تمويل وسائل منع الحمل يكلّف نصف هذا المبلغ في عام 2011. وقد قام كل من الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة ومنظمة ماري ستوبس إنترناشيونال- منظمة غير حكومية دولية معنية بالصحة الإنجابية- وبرنامج الأمم المتحدة للسكان بتقديم مبلغ 2.2 مليون دولار لوسائل منع الحمل، قدّم برنامج الأمم المتحدة للسكان مبلغ 836,000 دولار منها.

ونتيجةً لذلك تم الإعلان عن حوالى 6 ملايين سيدة فلبينية لم يتم تلبية احتياجاتهن من خدمات تنظيم الأسرة الحديثة طبقاً لما ذكرته وزارة الصحة. وقال ليم وهو يقوم بجولات في أجنحة مستشفى فابيلا المزدحمة: "هؤلاء السيدات مسنات أو تقل أعمارهن عن سن الولادة أو هن سيدات لديهن بالفعل عدد كبير من الأطفال ومع ذلك يحضرن إلى هنا ويحملن أطفالاً لأنه ليس لديهن الفرصة الملائمة للحصول على الخدمات الصحية".

وتستضيف حكومة مدينة مانيلا المقر الوطني للكنيسة الكاثوليكية في دولة يقدم فيها أكثر من 80 بالمائة من السكان أنفسهم على أنهم أعضاء في تلك الكنيسة. "ما من مركز صحي في مانيلا يمكن أن تجد فيه وسائل منع حمل مجانية". فقد قامت المدينة بحظر وسائل منع الحمل في المراكز الصحية الحكومية قبل نحو عشر سنوات.

وقد عبر الرئيس بنيجنو أكينو- الذي تم انتخابه في عام 2010 بناءً على وعود بإنهاء الفقر- عن دعمه لمشروع قانون الصحة الإنجابية، ولكن الضغط الشديد من قبل مسؤولي الكنيسة- الذين تشكل وجهات نظرهم حول القضايا الرئيسية الرأي العام- قد لين من موقفه في هذا الشأن. وقال ليم في هذا الصدد: "لن نستطيع أن نحقق الهدف الإنمائي للألفية الخاص بصحة الأم. ولكن على أقل تقدير، فإن الهدف من هذا الإنفاق هو المساعدة في إنقاذ برنامجنا لتنظيم الأسرة من خلال توفير وسائل منع الحمل للشعب". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

وتعني الإحصاءات والاختصارات القليل بالنسبة لسيدات مثل أيريش جيلي البالغة من العمر 31 عاماً، وهي أم لثمانية أطفال وضعت للتو طفلها الأخير في فابيلا. ولم يكن لدى جيلي أية فرصة للحصول على استشارة حول تنظيم الأسرة، ناهيك عن وسائل منع الحمل المجانية. فبعد أن كانت على وشك الموت أثناء ولادة طفلها السابع، وجدت نفسها حاملاً مرة أخرة بعد شهر من ولادتها". وقالت جيلي: "نصحوني بأن أقوم بعملية ربط للأنابيب وأعتقد أنني أحتاج إلى القيام بذلك الآن. لدي أفواه كثيرة أحتاج إلى إطعامها وجسمي لم يعد قادراً على تحمل ولادة أخرى".

من جهة اخرى تراجع عدد المواليد في ألمانيا العام الماضي إلى أدنى مستوى له بعد الحرب العالمية الثانية رغم حوافز تقدمها الحكومة للحد من انخفاض عدد السكان في اكبر اقتصاد بالاتحاد الاوروبي وانحى محللون باللائمة في ذلك على نقص الدعم الخاص لرعاية الاطفال. وقال المحللون ان ثلث المواليد في ألمانيا -التي لا تزال اكبر دول الاتحاد الاوروبي من حيث عدد السكان- أنجبته عائلات مهاجرة وبدونها كان العدد الاجمالي سينخفض بشكل اكبر.

وأظهرت البيانات الاولية التي نشرها مكتب الاحصاءات الاتحادي ان عدد المواليد بلغ 663 ألف طفل في 2011 انخفاضا من 678 ألف طفل ولدوا في 2010 . وقال المكتب في تقرير "مثلما هو الحال في كل عام منذ 1972 كان عدد الوفيات أكبر بكثير من عدد المواليد. في 2011 وصل الفرق إلى 190 ألفا وفي 2010 إلى 181 ألفا." وتوقع خبراء ان ينخفض عدد سكان ألمانيا إلى حوالي 50 مليون نسمة بحلول 2050 بناء على الاتجاهات الحالية ويقولون ان فرنسا وبريطانيا اللتين يبلغ عدد سكان كل منهما نحو 60 مليون نسمة قد تتجاوزاها في وقت لاحق من هذا القرن.

وعزت ميكيلا كرينفيلد من معهد ماكس بلانك لأبحاث السكان تراجع معدلات المواليد في ألمانيا وهو واحد من اقل المعدلات في اوروبا إلى السلوك المتحفظ تجاه رعاية الاطفال ودور الأم. وقالت "اندمجت النساء تماما داخل سوق العمل في ألمانيا لكن عندما يتعلق الامر بالاطفال فإن الكل يتوقع من الام البقاء في المنزل ورعاية الاطفال. وهذا بالطبع يمنع النساء من أن يصبحن امهات."

وتقول كرينفيلد ان الوضع يختلف قليلا فيما كانت تعرف بألمانيا الشرقية الشيوعية حيث رعاية الاطفال جيدة للغاية والتوافق بين الأسرة والعمل اكثر ترسخا. ووصلت معدلات المواليد في ألمانيا إلى ذروتها في 1964 عندما وصل عدد المواليد إلى مليون و357304 في الغرب الرأسمالي والشرق الشيوعي انذاك. وقال رينر كلينجولز مدير معهد برلين للسكان والتنمية ان معدلات الانجاب لدى الألمان الغربيين كانت بدأت بالفعل في التراجع في السبعينات بسبب تحسن احوال المرأة وتسهيل فرص حصولها على التعليم.. وأضاف قائلا "انخفض عدد المواليد منذ ذلك الحين مما يعني اننا نفتقر اليوم لاباء محتملين لاطفال محتملين." وقال كلينجولز انه بدون العائلات المهاجرة كان سيصل عدد المواليد الجدد إلى 400 الف فقط في ألمانيا التي يبلغ عدد سكانها حاليا 82 مليون نسمة. بحسب رويترز.

من جانب اخر قالت الحكومة اليابانية ان النساء اليابانيات فقدن العام الماضي تاج طول العمر بعد ان احتفظن به طوال 26 عاما وأرجعت هذه الخسارة الى زلزال عام 2011 وأمواج المد التي صاحبته. وكان غالبية ضحايا الكارثة من المسنين الذين لم يتمكنوا من الفرار. وقالت وزارة الصحة والعمل ان الكارثة التي خلفت نحو 20 الف قتيل ومفقود هي السبب وراء انخفاض متوسط العمر 0.4 عام الى 85.90 عام وجعل هذا النساء اليابانيات يجئن بعد نساء هونج كونج اللاتي بلغ متوسط أعمارهن 86.7 عام. وذكرت الوزارة ان زيادة حالات الانتحار العام الماضي ساهمت أيضا في هذا التراجع. وبالنسبة للرجال انخفض متوسط العمر 0.11 عام الى 79.44 عام واحتلوا بذلك المركز السابع هم والايطاليون. وتوج رجال سويسرا على رأس قائمة طول العمر وبلغ متوسط أعمارهم 80.2 عام.

ارقام ودراسات

من جهة اخرى تبدو الكتلة البشرية المسلمة في العالم، والتي يصل تعدادها الى 1,6 مليار نسمة، متماسكة في ما يتعلق بالمفاهيم الدينية الاساسية، الا انها تبدو اكثر انقساما في بعض الممارسات، بحسب المناطق، وذلك وفقا لدراسة اميركية. ويقول جيمس بيل أحد واضعي الدراسة في معهد "بيو" للدراسات "يبدو المسلمون في العالم موحدين عندما يتعلق الامر بالمفاهيم الدينية الكبرى مثل الايمان بالاله الواحد وبرسوله محمد، وبعض الممارسات كصيام شهر رمضان، لكنهم يظهرون تعددا كبيرا واختلافا" في بعض الاحيان في تفسير الاسلام او في تقبل المذهب الشيعي" مثلا.

وأجريت هذه الدراسة "التي لا سابق لها" بحسب بيل، بأكثر من 80 لغة، وفي 39 بلدا يعيش فيه 67% من مسلمي العالم. وبلغ عدد الاشخاص الذين شملتهم الدراسة 38 الفا، واجريت الدراسة بين الاعوام 2008-2009 و2011-2012. وتندرج هذه الدراسة في مشروع اكبر يدرس التحولات الدينية في العالم. ومن المقرر ان تتبعها دراسة حول سلوكيات المسلمين الاجتماعية والسياسية.

وتظهر الدراسة ان 85% الى 100% من المسلمين يؤمنون بوجود الله وبانه أرسل النبي محمد.

في المقابل، يختلف الاهتمام بالدين بين المسلمين بحسب المناطق. ففي افريقيا جنوب الصحراء والاجزاء الجنوبية الشرقية والجنوبية من القارة، يظهر ان الدين عامل "مهم جدا" لدى المسلمين. أما في الشرق الاوسط وشمال افريقيا (مصر وتونس والمغرب)، فان الدين يحتل اهمية كبرى لدى ستين بالمائة من المسلمين، فيما لا تزيد هذه النسبة عن خمسين بالمائة في الدول التي كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي في السابق، ولا سيما جمهوريات آسيا الوسطى.

وفي الشرق الاوسط وشمال افريقيا، يظهر اختلاف في الالتزام الديني بين الاجيال، فمن هم فوق سن الخامسة والثلاثين هم اكثر تدينا ممن هم اصغر سنا، بخلاف الحال في روسيا التي تشكل حالة منفردة في هذا المجال. واذا كان الرجال يقصدون المساجد أكثر من النساء "لأسباب اجتماعية اكثر منها دينية" بحسب بيل، فان الجنسين يتشاركان في قراءة القرآن ومراعاة شهر رمضان والالتزام به.

ويرى 63% من المسلمين ان هناك طريقة واحدة فقط لتفسير الاسلام، وتنخفض هذه النسبة بين المسلمين الاميركيين الى 37% وتلاحظ الدراسة ايضا ان البلدان التي يعيش فيها السنة والشيعة جنبا الى جنب، تظهر ميلا أكبر الى تقبل التيار الشيعي. الا ان باكستان تخرج عن هذه القاعدة، ففي هذا البلد ذي الغالبية السنية الساحقة، يعتبر 41% من المسلمين السنة أن الشيعة خارجون عن الاسلام. الى ذلك، تظهر الدراسة ان 90% من المسلمين اليوم ولدوا مسلمين.

اما اعتناق الاسلام فيسجل اعلى نسبه في الدول الشيوعية سابقا، وتبلغ هذه النسبة في روسيا 7%، لكن معظم الذين يعتنقون الاسلام هم من أصول اسلامية نشأوا في بيئة ملحدة. ويخلص بيل في الدراسة الى القول ان "اعتناق الاسلام لا يشكل عاملا ذا اهمية في نمو الكتلة المسلمة في العالم"، مشيرا الى أن نمو هذه الكتلة يعزى الى ارتفاع نسبة الولادات.

الى جانب ذلك يبلغ عدد هنود البرازيل نحو 896900 نسمة موزعين على 305 اتنيات وينطقون ب274 لغة على ما أعلن المعهد البرازيلي للجغرافيا والإحصاءات مستندا على الإحصاء الأخير. وفي غضون 20 عاما، زاد عدد الهنود 205% اذ كان عدد السكان الأصليين هؤلاء في إحصاء العام 2000 يصل إلى 734 ألفا في مقابل 294 ألفا في 1991.

ويقيم الهنود على 12,5% من أراضي البرازيل أي 106,7 ملايين هكتار موزعة على 505 مناطق للسكان الأصليين لا سيما في الأمازون. بحسب فرنس برس.

ويقيم نحو 60% من الهنود على أراضي أجدادهم و36 % في المدن. واكبر منطقة هندية تابعة لهنود يانومامي في ولاية رورايما في الامازون. إما الاتنية الأكثر تعدادا للسكان فهي تيكونا مع 46 ألف فرد عند الحدود مع كولومبيا والبيرو، تليها غواراني كايووا من ماتو غروسو في جنوب البلاد مع 43 ألفا. وبلغ عدد سكان البرازيل في 2011 أكثر من 192 مليون نسمة وهي خامس بلد في العالم من حيث المساحة وعدد السكان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 29/آب/2012 - 10/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م