سوريا ولبنان... توأمة الازمة

 

شبكة النبأ: يخشى الكثير من ابناء لبنان من تجدد الصراع الطائفي وعودة سنوات الحرب الاهلية الى بلادهم التي شهدت اشتباكات بين فصائل مسلمة ومسيحية على خطوط تماس طيلة 15 عاما وانتهت في عام 1990، ويرى الكثير من المراقبين ان الوضع في لبنان تأثرت بشكل كبير بمجريات الصراع في سوريا التي تشهد حالة عدم استقرار امني وقتال مسلح بين القوى الحكومية والمجاميع المسلحة المدعومة من قبل اطراف دولية وعربية سعت الى توفير كافة سبل الدعم بقصد خلق حرب اهلية وبدوافع طائفية مرجحين في الوقت ذاته ان تكون تلك الاحداث التي تشهدها لبنان هي سيناريو جديد من قبل نفس الدول التي اعتادت فبركة الواقع وتشوية الحقائق بهدف توسيع رقعة الخلاف، وفي هذا الشأن ادعى القضاء اللبناني على رئيس مكتب الامن الوطني السوري اللواء علي مملوك والوزير اللبناني السابق ميشال سماحة بتهمة القيام ب"اعمال ارهابية" بواسطة عبوات ناسفة والتخطيط لقتل شخصيات دينية وسياسية، بحسب ما ذكر مصدر قضائي. وجاء في الادعاء ان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي سامي صادر ادعى على الوزير السابق ميشال سماحة واللواء علي مملوك وعقيد في الجيش السوري يدعى عدنان "بجرم تأليف جمعية بقصد ارتكاب الجنايات على الناس والاموال والنيل من سلطة الدولة وهيبتها واثارة الاقتتال الطائفي عبر القيام بأعمال ارهابية بواسطة عبوات ناسفة تولى سماحة نقلها وتخزينها بعد ان جهزت من مملوك وعدنان". كما اشار الادعاء الى ان الثلاثة قاموا ب"التخطيط لقتل شخصيات سياسية ودينية".

وفور حصول الادعاء، باشر قاضي التحقيق العسكري رياض ابو غيدا استجواب سماحة الذي "استمهل طالبا استجوابه في حضور وكيله"، بحسب المصدر القضائي. وتم على الاثر ارجاء جلسة التحقيق بعد ان اصدر القاضي "مذكرة توقيف وجاهية في حقه". ويتولى القضاء العسكري في لبنان كل القضايا المتعلقة بأمن الدولة وعمليات التفجير.

واوضح مصدر امني ان سماحة اوقف على خلفية قيامه بنقل عبوات كان سيتم تفجيرها في مناطق لبنانية عدة خصوصا في الشمال. ونشرت الصحف اللبنانية تفاصيل عن التحقيق الذي اجري مع سماحة وفيها ان شعبة المعلومات التابعة لقوى الامن الداخلي اوقعت سماحة في فخ بعد ان جندت احد الاشخاص الذين ينسق معهم في موضوع التفجيرات لحسابها. واضافت الصحف ان الشخص المذكور قام بتصوير سماحة وهو يقوم بنقل المتفجرات من سيارته الى سيارة اخرى ويسلمها الى الشخص المعني مع مبلغ بقيمة 170 الف دولار. وتفيد المعلومات ان سماحة اعترف بكل الوقائع وبانه نقل العبوات البالغ عددها 24 بينها اربع عبوات كبيرة تزن الواحدة منها حوالى 15 كلغ من دمشق.

ونوه المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي بشعبة المعلومات التي "احبطت المخطط الارهابي"، وكشفت، بحسب بيان صادر عن مكتب العلاقات الاعلامية في قوى الامن، "مخططا خطيرا كان يرمي الى تنفيذ اعمال ارهابية عبر زرع متفجرات وتنفيذ اغتيالات في منطقة الشمال". وقال ان هذه الشعبة "تمكنت خلال فترة زمنية وجيزة من كشف هوية الرأس المدبر واقامة الدليل على تورطه وتوقيفه واحالته امام القضاء، وضبط كمية كبيرة من المتفجرات والعبوات الناسفة ومبلغ مالي كبير كان مخصصا لمصاريف تنفيذ الأعمال الارهابية".

وتم في 24 تموز/يوليو تعيين اللواء علي مملوك مديرا لمكتب الامن الوطني في سوريا. وكان قبل ذلك مديرا لأمن الدولة. واوضح مصدر امني ان مملوك "اصبح رئيسا لمكتب الامن الوطني برتبة وزير، وهو يشرف على كل الاجهزة الامنية، ويتبع مباشرة لرئيس الجمهورية". واللواء علي مملوك (66 عاما) سني من دمشق عمل طوال حياته المهنية في مجال الاستخبارات.

وانتقد رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي سوريا من دون ان يسميها، رافضا "تحويل لبنان ساحة لتصدير الازمات الخارجية" و"تعريض امن اللبنانيين للخطر"، وقال ميقاتي في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي "انتهجنا سياسة النأي بالنفس لقناعتنا بعدم التدخل في شؤون الآخرين، ولذلك فأننا لن نسمح لأحد بالتدخل في شؤوننا او بتحويل لبنان مجددا ساحة لتصفية الحسابات وتصدير الازمات الخارجية اليها". بحسب فرنس برس.

وينقسم اللبنانيون بين مؤيد للنظام السوري ومعارض له. ومنذ بدء الاضطرابات في سوريا في منتصف آذار/مارس 2011، يشهد لبنان توترات امنية وسياسية بسبب تداعيات الازمة السورية. وقررت الحكومة اللبنانية المؤلفة من اغلبية مؤيدة للنظام السوري، بتأثير من رئيسها نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال سليمان الوسطيين وكتلة وزارية تدعمهما، اعتماد سياسة "النأي بالنفس" في الملف السوري تحاشيا لمزيد من التوتر والانقسامات ومن تداعيات اكثر خطورة على البلد. وبالتالي، فقد امتنعت الحكومة عن المشاركة في كل الاجتماعات التي انعقدت حول الازمة السورية، او اتخاذ اي موقف من الاحداث.

تداعيات اعتقال سماحة

على صعيد متصل نقلت وكالة الأنباء اللبنانية أن أمين الهيئة العامة لحزب البعث في لبنان محمد شاكر القواس، دعا الحكومة إلى "التصدي لنهج فرع المعلومات" وهو الجهاز الذي تولى القبض على سماحة، واعتبر أن "أمر العمليات الخارجي قد صدر من الموكل الرئيسي للوكيل الفرعي، بالهجوم على رموز الخط الوطني في لبنان، بعد الهجوم الساحق على عصاباتهم في حلب، بهدف تفجير الوضع فيه وإسقاط الحكومة، استكمالا لمشروعهم في كسر محور المقاومة."

وطالب القواس، الذي يرتبط حزبه بعلاقات وطيدة مع الحزب الحاكم في سوريا "القوى والشخصيات الوطنية كافة، بالتحرك لرفع الظلم عن المفكر والمعتقل السياسي ميشال سماحة،" على حد قوله. أما الحزب السوري القومي الاجتماعي، فقد قال إن توقيف سماحة جرى بأسلوب "غير قانوني " و"مدان لأنه ينطوي على تعرض متعمد لكرامات الأفراد وانتهاك لحرمة البيوت،" وندد الحزب بـ"الأحكام الاستباقية ضد أشخاص ومسؤولين، وهي أحكام صدرت بناء على فبركات وتسريبات إعلامية."

أما أمين الهيئة القيادية في حركة الناصريين المستقلين - المرابطون ،العميد مصطفى حمدان، فقد قال إن سماحة تعرض لـ"عملية خطف "وأضاف: "نحن نعرف كيف سيكون الرد المناسب ومتى سيكون،" ودعا "القوى الوطنية للتحضير والاستعداد، لأن الهجوم بدأ في سوريا واليوم بدأ في لبنان". أما رجل الدين الشيعي البارز، الشيخ عفيف النابلسي، فقال إن ما حدث "يرتبط بمجموعة من التطورات السياسية الداخلية والإقليمية" واعتبر أن التوقيف "رسالة إلى سوريا والمقاومة من خلال النيل من أحد رموزها الكبار الذين كان لهم مواقف مشرفة في مختلف الأزمات والتحديات المصيرية التي واجهت سوريا ولبنان على حد سواء."

من جهته، أشاد النائب عن كتلة المستقبل المعارضة، غازي يوسف، بتوقيف سماحة، واعتبر ما جرى "عملية استخباراتية لبنانية بامتياز جرى العمل عليها لمدة أسبوعين،" داعيا إلى "عدم استباق التحقيقات وانتظار النتائج القضائية،" مشددا على "ثقته في الأجهزة المكلفة بالتحقيق." واعتبر يوسف "أن الأدلة الدامغة في محاولات استهداف فريق قوى الرابع عشر من آذار بدأت تنكشف."

وبالترافق مع هذه التطورات، برزت زيارة قائد الجيش، العماد جان قهوجي، إلى رأس الكنيسة المارونية، البطريرك مار بشاره بطرس الراعي، يرافقه رئيس مخابرات جبل لبنان العميد الركن ريشار حلو. و"جرى البحث في الأوضاع العامة في البلاد، وكان تأكيد على أن الأوضاع الأمنية جيدة، وقد اتخذت التدابير اللازمة في عكار، والمتبعة دائما لمواكبة الزيارات الراعوية للبطريرك الراعي في المناطق اللبنانية كافة." وتنبع أهمية الزيارة من تسريب معلومات حول اعترافات سماحة،

وسماحة، 64 عاما، هو عضو سابق في حزب الكتائب اللبناني، وتولى حقيبة الإعلام والسياحة عام 1992 في حكومة رشيد الصلح، ثم وزيرا للإعلام في حكومة رفيق الحريري الأولى، وعين في 2003 مرة أخرى بنفس الوزارة. وفي عام 2007 أعلنت الإدارة الأمريكية قرار منع سماحة من دخول أراضيها إلى جانب عدة شخصيات لبنانية وسورية بحجة "التورط أو إمكانية التورط في زعزعة الحكومة اللبنانية." بحسب CNN.

واعتبر سماحة أن "هناك حرب شبه كونية لها أهداف أساسية، ولكن مواقعها واضحة في هذه الفترة.. موقعها الأساسي في سوريا وموقعها الثاني وليس الجانبي في لبنان، وموقعها المتوازي مع لبنان في العراق، وتدفع ثمنها القضية الفلسطينية." وقال سماحة، وفق الوكالة الأنباء اللبنانية: "إذا لم نر الأمور على واقعها الحقيقي، نبقى نعمل وندور في عدة العمل الصهيوني الأمريكي لضرب مصالحنا."

سياسة قطع الطرقات

في السياق ذاته قطع اهالي المخطوفين اللبنانيين الشيعة في سوريا الطريق الرئيسي المؤدي الى مطار بيروت الدولي بالاتجاهين، مطالبين بتحرك الدولة اللبنانية للأفراج عن المحتجزين الاحد عشر، بحسب صور مباشرة بثها تلفزيون "المؤسسة اللبنانية للأرسال". وبدا في الصور عشرات الاشخاص بينهم نساء وشبان وهم يقفون في وسط الطريق التي اقفلت بالسيارات والدراجات النارية، مانعين السيارات من المرور.

وتحدث رجل دين باسم الاهالي وقال للتلفزيون "بدأ التحرك اليوم بقطع الطريق"، مشيرا الى "عدم جدية الدولة في التعاطي" مع قضية المخطوفين الشيعة الاحد عشر. وهدد الشيخ عباس زغيب ب"خطوات تصعيدية اخرى" اذا لم يحصل تحرك. وكان التلفزيون (ال بي سي) بث في نشرته اتصالات هاتفية اجراها مع بعض المخطوفين اللبنانيين الذين اكدوا انهم في ضيافة "ابو ابراهيم"، وهو قائد المجموعة المقاتلة ضد النظام السوري التي تحتجزهم، وطالبوا الدولة اللبنانية بالتحرك للأفراج عنهم. بحسب فرنس برس.

وخطف اللبنانيون الشيعة الاحد عشر في 22 ايار/مايو في اقصى شمال محافظة حلب السورية (شمال) عقب اجتيازهم الحدود التركية آتين برا من زيارة دينية الى ايران. وقال اشخاص كانوا يرافقونهم وافرج عنهم ومعظمهم من النساء، ان ما يسمى بالجيش السوري الحر نفذ عملية الخطف. وفي اواخر ايار/مايو، اعلنت مجموعة لم تكن معروفة حتى ذلك الحين تطلق على نفسها اسم "ثوار سوريا-ريف حلب" مسؤوليتها عن عملية الخطف.

وأوضح تسجيل فيديو حصلت عليه قناة الجزيرة التلفزيونية الفضائية أن معارضين سوريين يحتجزون 11 لبنانيا شيعيا رهائن ذكروا أنهم سيفرجون عنهم عبر دولة مدنية تؤسس في سوريا إلا أنهم تركوا الباب مفتوحا أمام المفاوضات. وقال الرهائن المحتجزون في محافظة حلب بشمال سوريا في الفيديو إنهم بصحة جيدة ويعاملون كضيوف.

وأضاف بيان مكتوب في تسجيل الفيديو الذي عرضته الجزيرة "سيتم تسليم الضيوف عبر الدولة المدنية في سوريا" عندما يراجع وضعهم "البرلمان الديمقراطي الجديد" في إشارة إلى رغبة المعارضين الاطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. ولكن البيان أشار إلى "أنه نظرا للظروف الراهنة من الممكن المشاورة لتسليمهم إلى الدول المجاورة لسوريا بدون استثناء."

وسبق ان خطف معارضون زائرين شيعة من ايران حليفة سوريا واتهموهم بالمشاركة في القتال إلى جوار قوات الاسد وجرى الافراج عنهم لاحقا. وكان الرهائن اللبنانيون يستقلون حافلة اوقفها مسلحون حين دخلت شمال سوريا من تركيا قادمة من إيران واطلق المسلحون سراح النساء وابقوا الرجال رهائن. بحسب رويترز.

واظهر تسجيل الفيديو الرهائن جميعا وبدا انهم في حالة صحية جيدة. وقالوا انهم لم يتعرضوا لسوء معاملة ولم يجبروا على التحدث ولكن يتعذر التحقق من صدق كلامهم. وقال احدهم دب الشيب في شعره وهو يبتسم انه يريد طمانة اسرته انه بخير وبصحة جيدة وانه يعامل معاملة الضيوف.

على صعيد متصل اقفل عدد من انصار التيار الوطني الحر، احد اركان الاكثرية الحكومية، طريقين رئيسيين في منطقتين مسيحيتين شرق بيروت وشمالها، احتجاجا على توقيف ضباط في الجيش اللبناني على خلفية التحقيق في مقتل رجل دين سني برصاص الجيش في ايار/مايو. وتجمع عشرات الشبان والرجال والنساء في منطقة نهر الموت عند المدخل الشمالي للعاصمة وسط الطريق العام لمنع السيارات من المرور، كما وضعوا عوائق في وسط الطريق على المسلكين المؤديين الى بيروت والى خارجها. وكان غيرهم قطعوا الطريق عند مستديرة الحازمية شرق العاصمة.

واكد المعتصمون للصحافيين انهم "متضامنون مع الجيش"، مطالبين بالأفراج عن ثلاثة ضباط في الجيش موقوفين في قضية مقتل الشيخ احمد عبد الواحد ورفيقه الشيخ محمد مرعب خلال مرورهما على حاجز للجيش في منطقة عكار في شمال لبنان. وكان عبد الواحد من مؤيدي المعارضة السورية ضد نظام الرئيس بشار الاسد، وناشطا في مساعدة اللاجئين السوريين في لبنان. واثار الحادث في حينه توترا في البلاد تطور الى اشتباكات بين مجموعات مؤيدة للمعارضة السورية واخرى مؤيدة للنظام، تسببت بسقوط قتلى وجرحى.

واعلنت السلطات اللبنانية ان اطلاق النار "خطأ"، وتم توقيف ثلاثة ضباط للتحقيق معهم. لكن افرج عنهم بعد اسابيع، ما اثار غضب الشارع السني. فعمدت مجموعات سنية الى قطع الطرق واحراق الاطارات في الشمال، بينما اتهم البعض الجيش بتنفيذ "اجندة سورية". واوقف الضباط الثلاثة بعد ايام مجددا "للتوسع في التحقيق"، فاحتج التيار الوطني الحر بزعامة النائب المسيحي ميشال عون الذي يملك تكتله مع حزب الله الشيعي الاغلبية في الحكومة. واقدم انصار عون على قطع الطرق.

وتسبب قطع الطريق في جونية، على بعد حوالى عشرين كيلومترا شمال بيروت، بزحمة سير خانقة. وامضى عدد كبير من المواطنين ساعات طويلة في سياراتهم الى ان تدخل الجيش وفتح الطريق. وذكر تلفزيون "المؤسسة اللبنانية للارسال" (ال بي سي) ان موكب رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي كان في منطقة الضبية على بعد بضعة كيلومترات من نهر الموت، "علق في زحمة السير" مع المواطنين. وكان تلفزيون ال بي سي ذكر ان عون ارسل موفدين الى المعتصمين لحثهم على فتح الطرق.

من جهة اخرى عادت الحياة الى طبيعتها في صيدا كبرى مدن جنوب لبنان بعد ان اعلن رجل الدين السني السلفي احمد الاسير فك اعتصام استمر خمسة اسابيع قطعت خلاله طريق رئيسية عند مدخل المدينة للمطالبة بنزع سلاح حزب الله الشيعي. وفك الاعتصام بعد وساطات سياسية مكثفة شارك فيها ممثلون عن رئيس الحكومة السني نجيب ميقاتي ووزير الداخلية مروان شربل المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال سليمان وقيادات سنية مختلفة.

واعلن الاسير على الاثر للصحافيين انه لمس نتيجة هذه الاتصالات وجود "مسعى جدي لبحث قضية السلاح" . وكان المعتصمون يقيمون خيما في وسط الطريق العام عند المدخل الشمالي لصيدا، ويمنعون منذ 27 حزيران/يونيو مرور السيارات، الامر الذي انعكس سلبا على الحركة الاقتصادية في المدينة واثار حساسيات وتوترات.

ووصل موكب وزير الداخلية الى المكان وكان اول من يعبر الطريق المقطوع. بعد تبادل السلام مع الاسير والمعتصمين، بدأ هؤلاء فك خيم الاعتصام. وصرح شربل للصحافيين ان "كل المشاركين في طاولة الحوار جديون في التعاطي مع كل المسائل المطروحة على الطاولة". ودعا رئيس الجمهورية كل الاطراف السياسية الممثلة في البرلمان اللبناني الى عقد جلسات حوار للبحث في استراتيجية دفاعية للبلاد، ومن ضمنها سلاح حزب الله، القوة السياسية اللبنانية الوحيدة المسلحة الى جانب الدولة.

وقال الاسير من جهته ان المطلب الاساسي للاعتصام تحقق وهو "ان نلمس مسعى جديا لمعالجة ملف الاستراتيجية الدفاعية على طاولة الحوار"، مضيفا ان رئيس الحكومة ووزير الداخلية اكدا له "انهم لمسوا مسعى جديا في موضوع السلاح". واضاف "نريد ان تعود هيبة الدولة، ونريد ان يكون هناك سلاح واحد في الدولة يحمينا هو سلاح الدولة".

وكان الشيخ الاسير اعلن في بداية الاعتصام ان حركة الاحتجاج التي بدأها "لن تتوقف قبل سحب سلاح حزب الله وتسليمه الى الدولة". واعتبر ان "هذا السلاح يشكل ازمة الازمات في لبنان"، وهو "يؤازر النظام المجرم في سوريا". ولم يكن الاسير معروفا حتى اشهر قليلة مضت عندما بدأ خطبا نارية ضد حزب الله، وينظم اعتصامات وتظاهرات ضد النظام السوري.

ويذكر ان الجيش اللبناني سيطر على محاور الاشتباكات التي اندلعت بين مجموعات سنية واخرى علوية في مدينة طرابلس شمال لبنان ما ادى الى سقوط تسعة جرحى، وافاد المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ان "الجيش اللبناني سيطر على كامل محاور المواجهات العنيفة " بين منطقة جبل محسن ذات الغالبية العلوية المؤيدة للنظام السوري، وباب التبانة ذات الغالبية السنية المعادية له.

واشار الى ان المعارك شهدت استخدام "الاسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية"، مضيفا انها ادت " الى سقوط تسعة جرحى، ثلاثة منهم في جبل محسن وستة في باب التبانة"، وذلك بالإضافة الى الشابين العلويين اللذين تعرضا للطعن والضرب في وقت سابق. ولفت الى ان الاشتباكات ادت ايضا الى "تضرر منازل ومحال تجارية واحراق سيارتين فضلا عن اصابة ملالة للجيش اللبناني بقذيفة صاروخية". بحسب فرنس برس.

وكان شابان علويان متجهين قبل الافطار بدقائق الى منطقة جبل محسن عندما اعترضهما مجهولون في المنطقة الفاصلة بين جبل محسن والقبة ذات الغالبية السنية، وانهالوا عليهما بالضرب والطعن بالسكاكين، ما استدعى نقلهما الى المستشفى. وعلى الاثر، اندلعت اشتباكات بين القبة وجبل محسن ما لبثت ان تطورت لتشمل منطقة التبانة ذات الغالبية السنية ايضا.

مقابلة مثيرة للجدل

من جهة اخرى تعرض مبنى يضم محطة تلفزيون لبنانية خاصة لأطلاق نار الاثنين، بحسب ما ذكرت الوكالة الوطنية للأعلام الرسمية وذلك غداة مقابلة بثتها هذه المحطة مع اسلامي سني هاجم حزب الله. وقد هاجم الشيخ احمد الاسير وهو اسلامي لبناني ، الامين العام لحزب الله، وذلك في مقابلة على محطة "الجديد". وبثت المحطة صورا التقطتها كاميرات المراقبة وظهرت فيها مجموعة من الملثمين وهم يحرقون اطارات السيارات امام المبنى في بيروت. واوضحت المحطة والوكالة الوطنية للأعلام بعد ذلك ان احد عناصر المجموعة اطلق النار امام المبنى. وقد اسرعت قوات الامن الى المكان واعتقلت شخصا.

واشارت وسائل الاعلام اللبنانية الى ان مجهولين اقدموا على قطع شوارع عدة في العاصمة اللبنانية عبر احراق اطارات. وندد عدد من المسؤولين ومن بينهم نواب من حزب الله بهذا الحادث واعتبروا انه "يمس بحرية التعبير". من ناحيته، قال وزير الداخلية مروان شربل ان تحقيقا قد فتح. بحسب فرنس برس.

وتحدث الاسير عن "شبيحة حزب المقاومة" (حزب الله) الذين يتعرضون لاتباعه، وبينهم رجل دين اوقفه الجيش اللبناني مع زوجته المنقبة على احد الحواجز في الجنوب بضغط من حزب الله، بحسب ما قال الاسير. وأقسم الأسير أنه "سيدفع (أمين عام حزب الله) حسن نصرالله ثمن ما حصل مع الشيخ سلميا". واضاف "أنا أقسم أنه إذا استمر (رئيس مجلس النواب ورئيس حركة امل الشيعية نبيه) بري ونصرالله بهذه السياسة (استهداف السنة) لن أدعهما ينامان الليل". وقال الاسير لتلفزيون الجديد الاحد "حزب المقاومة هو المتهم بقتل" (رئيس الوزراء اللبناني الاسبق) رفيق الحريري.

قفزة بواردات الديزل

الى جانب ذلك يقول محللون بالقطاع الخاص اللبناني إن جماعات لبنانية تهرب الوقود إلى سوريا التي تعاني شحا في الإمدادات بسبب عقوبات غربية. وتظهر البيانات زيادة حجم الواردات لثلاثة أمثالها عن العام الماضي لتصل إلى 106 آلاف طن وهو ما لا يمكن أن تفسره أي زيادة في الاستهلاك المحلي. وقال موظف سوري بقطاع النفط طلب عدم نشر اسمه "الأرقام الأخيرة تظهر قفزة ضخمة في واردات لبنان من الديزل. لا يوجد بلد يضاعف وارداته بين عشية وضحاها." وقال المصدر إن جماعة حزب الله الشيعية التي تساند الرئيس السوري بشار الأسد الذي يحارب انتفاضة يقودها السنة تضطلع بدور رئيسي لكن محللين قالوا إن التهريب يشمل مجموعات مختلفة في لبنان ولا يقتصر على تزويد الحكومة بالوقود.

وقال العامل السوري "يجري تهريب الوقود إلى سوريا عن طريق حزب الله الذي يسمح باستمرار ذلك النشاط." ونفى مسؤول بحزب الله قيام الحركة بإرسال الوقود إلى سوريا. وأظهرت القائمة التي حصلت عليها رويترز لشحنات الديزل التي استوردها مشترون من القطاع الخاص في لبنان ارتفاع التسليمات إلى أكثر من 106 آلاف طن في ابريل من 33 ألف طن قبل عام. واستمرت زيادة واردات القطاع الخاص في مايو حيث سجلت واردات الديزل اللبنانية نحو مثلي مستواها من العام السابق عند حوالي 51 ألف طن. ولا تشمل الأرقام مشتريات وزارة الطاقة اللبنانية التي تشتري زيت الغاز بما في ذلك الديزل لمحطات الكهرباء وقطاعات أخرى.

وينفي مسؤولو الطاقة اللبنانيون أن تكون الواردات قد زادت زيادة كبيرة أو أن الديزل يعبر الحدود إلى سوريا. وقال سركيس حليس المدير العام لمنشآت النفط في لبنان "لا يوجد تهريب إلى سوريا. لا أعرف من أين تحصلون على تلك المعلومات لكنها كاذبة" مضيفا أن المشتريات الرسمية للوزارة تزيد قليلا في كل عام انسجاما مع الطلب. وتواجه سوريا نقصا في الديزل منذ أجبرت العقوبات المشددة التي فرضها الاتحاد الأوروبي في نهاية مارس آذار مورديها التقليديين على التوقف عن جلب شحنات من روسيا. ورغم أن سوريا تنتج وتكرر النفط فإنها لا تستطيع إنتاج الديزل. بحسب رويترز.

وقال أيهم كامل المحلل في مجموعة يورشيا إن لبنان قد يحتاج إلى مزيد من الديزل لتوليد الكهرباء. وقال "أحد جوانب القضية هو أن لبنان تعرض لنقص في الكهرباء .. لكن هناك بلا ريب تهريبا عبر الحدود إلى سوريا وهو عكس الاتجاه السائد تاريخيا حيث كان يجري تهريب الديزل إلى لبنان." كما أن حظر الاتحاد الأوروبي يمنع سوريا من استيراد غاز البترول المسال المستخدم في الطهي ووقود التدفئة. ويقول المسؤولون السوريون إنهم يتفاوضون على إمدادات جديدة من الجزائر وإيران وإن من المتوقع وصول سفينتين إيرانيتين محملتين بالوقود.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/آب/2012 - 30/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م