الى متى سأبقى متخلفاً؟

زاهر الزبيدي

التخلف هو أن أحد ما يسبقني بخطوات كبيرة جداً بالتطور علمياً واقتصاديا وخدماتياً واجتماعياً.. وفي كل المجالات الإنسانية.. وأنا أمتلك كل مقومات التقدم من الثروات المادية والمعنوية والموارد البشرية إلا إني لا أستخدمها إستخداماً منتجاً أو غير قادر على ذلك مما يجعلني متخلفاً على البعض بإستثناء اني أأكل وأنام وأتكاثر.. ونحن تخلفنا نحمله عبر قانون الوراثة والافكار والعادات وطريقة المواجهة مع الحياة.

أنا لا أريد أوصم الأخرين بالتخلف وسأتحدث عن نفسي وأفترض أني الوحيد المتخلف في الوطن وأبرر أسباب تخلفي عسى أن تصلح أن تكون مبررات تخدم من تخلف غيري، إذا كان موجوداً، ليعيد التوازن الحضاري لنفسه وينتقل بحياته الى واقع أجمل وأحسن وأكثر تطوراً.

أفكر وأتأمل كثيراً فيما وصل إليه العالم من نقلات نوعية في كل المجالات وأغلب تلك الدول لا تمتلك مقومات مادية كبيرة مجانية منحنا الله إيانا نستخرجها بسهولة ويسر ونستبدلها بأموال طائلة بإمكاننا أن نصنع بها المستحيل.. بل وما هو أكبر من المستحيل ذاته..

بامكاني أن أعمر وأبني وأقيم وأنشئ كل شيء يخطر على بال البشر أو ذلك الذي لا يخطر.. وليست الكهرباء والماء والخدمات بشيء من ذلك الذي يمكنني أن أصنعه إلا إني أوكل مهام تلك الأعمال الى اناس غير قادرين بالمرة على تحريك عجلة التطور في "بيتي" أو حتى أن أحدث تغييراً ملحوظاً في طريقة إستخدامي لعجلتي باحترامي للطريق ومستخدمين وأتجاوز على الجميع دون استئذان أو في طريقة المشي أو عبور الشارع أو في ملابسي التي لا تدل على أني من شعب "ذو حضارة عريقة".

لقد أضحى العالم مع الشبكة العنكبوتية عبارة عن مكعب صغير أحمله في جيبي ينبئني دائماً بمدى تخلفي وأنا أرى العالم يزهو يومياً بمئات الألاف من الاختراعات التي تسهل الحياة على بنو البشر وتمنحهم الوقت الكافي للاستمتاع والتغيير الكبير في أنماط حياتهم وتزيد الفجوة بيني وبينهم حتى أشعر احياناً بأن من الصعوبة بمكان أن أكون منهم يوماً على فرط ذلك التخلف والعنجهية الفارغة التي شُحن بها عقلي لأن وطني وطن عريق.. والتراب هو عريق فقط فأنا لا أمتلك من تلك العراقة إلا بعض الذكريات التي أتحفتنا بها بعض كتب التأريخ.

في العراق اليوم ومع تلك الفجوة التي أصبحت كبيرة ولا يمكن بأي حال من الأحوال سنكون قادرين على القفز عليها لكونها أضحت أكبر من خطواتنا التي يقيدها التخلف بسلاسل تكبح جماح كل فكرة حديثة تقفز على وجه المعمورة أن أطبقها في بيتي.. والحليم تكفيه الإشارة!

[email protected]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/آب/2012 - 30/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م