إهتمام المسلم بأخيه المسلم

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: لا تتناغم الحياة ولا تتناسق ولا تصبح سهلة، ما لم يتم فيها التعاون البشري المتبادل بين الافراد والجماعات، وقد وضع الاسلام شرط الاهتمام والتعاون بين المسلم واخيه في مقدمة مستلزمات الاستقرار والتطور، لأن بيئة الاستقرار تساعد على الابداع، والاخيرة لا تتحقق من دون التعاون المشترك، لهذا السبب أكد الاسلام على أهمية، أن يهتم المسلم بقضايا أخيه المسلم، وأن يرعى مصالحه، ويسانده في حالات الضيق والمحن، التي قد يتعرض لها في حياته.

تقودنا هذه المقدمة الى الحديث عما حدث ويحدث من احتجاجات وانتفاضات شعبية في الدول العربية الاسلامية، هدفها تغيير الواقع المزري الذي تعيشه هذه الشعوب، في ظل حكومات فردية، قمعية، مستبدة، قائمة على تفضيل المصالح الحكومية، التي تصب في حماية العروش والمناصب، بغض النظر عن الاضرار الفادحة، التي تُلحَق بالشعوب من تجويع، وحرمان، وتجهيل متعمَّد، ومصادرة للحريات، وما الى ذلك، من تجاوزات كثيرة دأبت الحكومات المتسلطة على ارتكابها ضد شعوبها، وحين بلغ السيل الزبى، حدث الزلزال الاحتجاجي الجماهيري الراهن، مبتدئا بتونس، ثم مصر، ثم ليبيا، وسوريا والسعودية، ليمتد الى معظم دول الشرق الاوسط.

لذا ما حدث ويحدث الآن في البحرين، من مظاهر قمع، وقتل، واضطهاد كبير، يتعرض له الشعب البحريني، أمام مرأى العالم، والمسلمين منهم، غير مقبول اطلاقا، لأن الشعب البحريني لا يختلف عن بقية شعوب المنطقة، ولهذا طالب بحقوقه المشروعة في العيش الكريم، والتحرر من القمع الحكومي، وما شابه من أعمال تتجاوز على الحرية الانسانية، التي كفلها الاسلام، والدساتير الوضعية.

وقد اهتم سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) بقضية البحرين في توجيهاته التي صدرت عن مكتبه في قم المقدسة، حول الانتفاضات الشعبية الأخيرة، فقد قال سماحته: (إن ما يجري في البحرين من انتهاكات وقمع ضد شعب نبيل يطالب بحقوقه المشروعة والقانونية لهو انتهاك صارخ لأبسط الحقوق المتفق عليه عند كل عقلاء العالم وهذه الانتهاكات مرفوضة ومدانة في كل الأديان والأعراف الدولية والإنسانية).

هذا يعني أننا كمسلمين، ينبغي أن نتصدر العالم أجمع، في مد يد العون للاخوة في البحرين، أولا لأننا مسلمون، وتعاليم ديننا توجب علينا مثل هذه المساعدات السريعة، التي تحمي الشعب البحريني، من بطش الحكومة، والقوات السعودية والخليجية الاخرى، التي تدخلت في البحرين، لمضاعفة البطش الحكومي على الشعب المنتفض، وكأنهم بذلك يخالفون علنا، الحديث النبوي الشريف، الذي يطلب من المسلمين، الاهتمام بإخوانهم المسلمين، وليس الاصطفاف ضدهم مع حكوماتهم القمعية، وقد جاء في هذا الحديث الشريف: «من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم». لاسيما أن الشعب البحريني، لم يخرج عن المطالبة بحقوقه المشروعة، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الصدد: (إن المظاهرات السلمية لتحقيق مطالب مشروعة حق لكل إنسان في كل زمان ومكان. وأعداء الشعوب يحاولون دوماً خنق الأصوات المطالبة بالحرية والحقوق).

لذا فإن استخدام العنف المفرط، الذي وصل الى حد القتل العشوائي، ضد الجماهير البحرينية المنتفضة، يعدّ خرقا لتعاليم الاسلام، والقوانين الدولية الواردة في جميع الاتفاقات والمواثيق التي أصدرتها الامم المتحدة وغيرها، ومع ذلك تجاوزت الحكومة البحرينية حدودها بكثير، حينما استقدمت ما تسمى بقوات درع الجزيرة (بحجة المعاهدة الامنية المشتركة) لقمع المتظاهرين سلميان في دوّار اللؤلوة، وهو ما أثار سخطا كبيرا لدى المتابعين لما يجري البحرين، فقد قال سماحة المرجع الشيرازي بهذا الخصوص: (إن ما يجري في البحرين من تجنيد مجاميع مسلحة بالعصي والأسلحة البيضاء من إرهابيين وتكفيريين وبلطجية مدعومة بأجهزة الشرطة والأمن واستعمال العنف بإطلاق الرصاص على الأبرياء العزّل يستصرخ المجتمع الدولي ومؤسساته إلى التدخل لصالح الشعب).

ويضيف سماحته مذكّرا المجتمع الدولي بمسؤولياته، ومؤكدا على قطاع الاعلام، بأنه لابد من:

(الضغط بمختلف الوسائل الإعلامية والدبلوماسية لإيقاف هذه الجرائم، وإن وسائل الإعلام تتحمل مسؤولية كبيرة لأداء واجبها تجاه شعب مظلوم ومغلوب على أمره).

ويبقى المسلمون هم الأكثر تحملا للمسؤولية، تجاه ما يحدث في البحرين من تجاوزات وخروقات حكومية خطيرة، ضد الشعب الاعزل، ولابد من الوقوف الى جانب إخوتنا، من باب مسؤولية المسلم تجاه أخيه المسلم، ومن باب التماثل بالانسانية، التي تجمع بين الجميع بغض النظر عن جميع الانتماءات الاخرى، ولكن تبقى مسؤولية المسلم تتصدر المسؤوليات، لهذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي على ذلك قائلا: (إن على المسلمين وأبناء مدرسة أهل البيت -عليهم السلام- الوقوف إلى جانب المظلوم وتحمل المسؤولية الإنسانية المشروعة).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/آب/2012 - 27/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م