العيد والموقوف البريء والقاضي العادل

رياض هاني بهار

كان هناك قضاة يخشون الله تعالى ويراعون العدل حتى في أشد العصور ظلمة، وكانت كلمة الحق تخرج من أفواههم تزلزل قلوب الطغاة، كان أولئك القضاة المتقون دليلاً حياً على وجود نور الخير في القلوب مهما تكاثفت الظلمة.. كانوا برهاناً على أن التقوى هي الحل لإصلاح المجتمع.

هذا النوع من القضاة ممكن ان تكون في كل عصر مهما بلغ ظلم العصر ومهما بلغ طغيان المستبد، وتلك النوعية تقبل بمنصب القضاء لتحاول ما استطاعت ان تنشر ضوء شمعة لتنير ظلمة الظلم والاستبداد والجور.

على سبيل المثال

في بداية ثمانينات القرن الماضي كان هناك قاضيا للتحقيق في مدينة كركوك المعروف (بالقاضي فليح جاسم ابو وسام)، يمتلك من الشجاعة والرجولة وغزاره بالعلم وكان يتمتع بالحكمة ايضا وهي اولى واهم واقدس صفة لمهنة القاضي لانها طريق للعدل، يساوره القلق قبل عشره ايام من كل عيد فيجمع (طاقمه المحققين وضباط الشرطة) ويتجه بهم الى (الموقف العام) ويلتقي مع الموقوفين بالمباشر واحدا تلو الاخر ويطلب الدعاوى من المحققين للتأكد من النواقص ويمكث ايام على هذا المنوال لحين انجاز قضاياهم ويبلغ ممن لايمكن اطلاق سراحه بأسبابها , ويقطع كل سبل الانحراف (لأولي الامر) المسؤولين بالأمن من الفساد آنذاك , ويكون قد اطمئن على قراره واستمر على هذا المنوال لغاية احالته على التقاعد.

ان لجوء القضاء الى توقيف المتهم كإجراء لا بد منه أحيانًا في إطار التحقيق الجنائي وقبل صدور الحكم بإدانته مثيرًا لمشاكل متعددة من حيث تحديد طبيعته وتبرير الالتجاء إليه وان اتجاه النظم القانونية في العالم على اختلاف مشاربها اتجهت من شروط وضمانات للحد من الإفراط في استخدام سلطة التوقيف تعتمد على مدى إيمان تلك الدول بقرينة البراءة الأصلية وكفالة الحق في الحرية وبقدر إدراكها لما يترتب على توقيفه مده طويله من أثار سلبية على شخص المتهم الموقوف اجتماعيًا وأسريًا ومهنيًا ونفسيًا فالقانون يجب أن ينبع أولا وأساساً من مبادئ الإنسانية البحتة غير المصبوغة ولا متأثرة بتعاليم دين معين، ولا بالرغبات والمصالح العرقية. فالإنسانية مبنية على المبادئ الفطرية في الإنسان والعقل والفكر والمشاعر الطيبة كالرحمة والمحبة والعطف والاحترام والرفق والتسامح والغفران والتعاون والتعاطف والتعايش مع الآخرين على أساس أن لهم أحاسيس ومشاعر بغض النظر عن معتقداتهم أو عرقهم او دينهم أو جنسهم.

الخلاصة

ندعو قضاه التحقيق بمراعاة تطبيق القانون وحماية حقوق المتهم في كافة مراحل التقاضي يدركوا حقيقة هذا الإجراء وما يترتب عليه من أثار سلبية على المتهم وعائلته في حاله توقيفهم مدد طويلة وأن يعلموا ان عيد الفطر المبارك واغلب قضاتنا صائمون اتمنى ان يتذكروا بصيامهم معاناة هذه الناس او يكون البعض لهم القاضي فليح مثالا نقتدي به ليسعد عائلة بإطلاق سراح بريء لتكتمل فرحه عيدهم.

* العراق-بغداد

riadhbahar@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 15/آب/2012 - 26/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م