الفساد... ينهك المجتمع الدولي ويجهض طموحات التنمية

 

شبك النبأ: يشكل الفساد الجزء السري من الصراع على السلطة والمال في العالم، إذ انه من أكبر الآفات العالمية خطرا وانتشارا، فهو يجمع المؤسسات المحلية والدولية على اعتبارها العقبة الرئيسة أمام الإصلاح والتنمية والاستثمار الصحيح وسببا مهما لتنامي معدلات الرشوة واختلاس الأصول، تبيض الأموال، والجرائم المرتكبة من خلال الحاسوب والاحتيال كافة، إذ أن معضلة الفساد بكونه لا يختصر على هيئة او شخصية معينة  بل يشمل النظام بأكمله، إذ  يعرض نفسه كمنظومة مجتمعية كاملة ويمارس بمختلف أنواعه في أغلب بلدان العالم، إذ تقوم الجهات المسئولة الحكومية بتحقيق مكاسب شخصية وانتهاج ممارسات غير مشروعة وليست قانونية من خلال إساءة استخدام السلطة العامة الحكومية لأهداف غير مشروعة وعادة ما تكون سرية تحت الغطاء، حيث تختلف ماهية الفساد من بلد لآخر ومن سلطة قضائية لأخرى، فإجراءات التمويل التي تعد قانونية في بلد معين قد تعتبر غير قانونية في بلد آخر، وقد تتحول الممارسات التي تعد فساداً في بعض البلدان، تصبح ممارسات مشروعة وقانونية في البلدان أخرى التي توجد فيها جماعات مصالح قوية تلبية لرغبة هذه الجماعات الرسمية، فعلى الرغم من أن معظم الحكومات والقيادات السياسية تعلن أن برنامجها هو مكافحة الفساد، فإنه يظل عمليا غائبا عن برامج الحكومات والمؤسسات المختلفة، ذلك أن القضاء على الفساد ليس قرارا يتخذ، ولكنه منظومة من الأعمال والإصلاحات وإعادة بناء لأنظمة المجتمعات والدول التعليمية والاجتماعية والإدارية والوطنية.

فساد الشركات

فقد أظهرت دراسة نشرت أن عددا متزايدا من كبار المسؤولين في الشركات حول العالم مستعدون لدفع رشى للفوز بأنشطة أعمال او الاحتفاظ بها حيث تطغى الرغبة في النمو على القلق بشأن الجوانب الأخلاقية أو فرض غرامات من جهات تنظيمية، وقالت إرنست آند يونج في دراستها السنوية عن الاحتيال العالمي إن عدد كبار المسؤولين بشركات كبرى الذين أبدوا استعدادا لدفع أموال لإبرام عقود- لاسيما عند التوسع في أسواق جديدة-ارتفع إلى 15 في المئة من تسعة في المئة هذا العام، وقال ديفيد ستلب مدير إرنست آند يونج لتحقيقات الاحتيال وخدمات المنزاعات "يبدو ان ثمة تعارض في الاولويات بين النمو والمسلك الاخلاقي للاعمال في الاسواق اليوم، "تظهر نتائجنا أن الشركات تواصل ملاحقة الفرص في الأسواق الجديدة ويهون عدد كبير من المسؤولين من شأن المخاطر. تحتاج مجالس الإدارات لممارسة ضغوط على الإدارة للقيام بمزيد من التقييم للمخاطر لمكافحة الفساد والرشى. بحسب رويترز.

وجاءت كولومبيا وأوكرانيا والبرازيل على رأس قائمة الدول التي من المعتقد أنها الاكثر فسادا. لكن بعد استجواب نحو 1700 مسؤول عبر 43 دولة قالت إرنست آند يونج إن ما يزيد عن ثلث المستجيبين يعتقدون أن الفساد منتشر في دولهم، ومن بين 400 مدير مالي تم استجوابهم أقر 15 في المئة بأنهم مستعدون لدفع أموال لإبرام عقود بينما قال أربعة في المئة إنهم مستعدون لتقديم معلومات مضللة عن الأداء المالي.

مكافحة الجنح المالية

فيما اعلنت الشركة الاوروبية للدفاع الجوي والفضاء (اي ايه دي اس) ان المكتب البريطاني لمكافحة الجنح المالية فتح تحقيقا في نشاطات فرع للشركة في السعودية، وقال ناطق باسم المجموعة في لندن "ابلغنا المكتب البريطاني لمكافحة الجنح المالية انه فتح رسميا تحقيقا مرتبطا ببعض جوانب نشاطات لشركة +جي بي تي سبيشال بروجكت مانيجمنت+ الفرع المحلي للمجموعة في السعودية"، واضاف "سنواصل التعاون الكامل وبشكل بناء مع المكتب البريطاني لمكافحة الجنح المالية"، رافضا الادلاء باي تعليق اضافي قبل انتهاء التحقيق. بحسب فرانس برس.

من جهته، قال المكتب البريطاني لمكافحة الجنح المالية على موقعه الالكتروني انه اطلق تحقيقا جزائيا حول "جي بي تي" في السعودية، بدون ان يضيف اي تفاصيل، و"جي بي تي" فرع من شركة استريوم المتخصصة في الفضاء في "اي ايه دي اس" والتي تقدم خصوصا اتصالات مؤمنة عبر الاقمار الاصطناعية، وكانت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية ذكرت ان المكتب البريطاني يشتبه بان الشركة الاوروبية للدفاع الجوي قدمت رشاوى لمسؤولين سعوديين من اجل الحصول على عقد بقيمة ملياري جنيه استراليني (2,5 مليار دولار) يتعلق بانظمة اتصالات، ويبدو ان المسؤولين السعوديين تلقوا سيارات فخمة ومجوهرات واموالا حسب الصحيفة المحافظة.

تبييض الاموال

في سياق متصل اضافت الولايات المتحدة "للمرة الاولى" الفاتيكان الى لائحة الدول التي يطالها تبييض الاموال، حسب ما جاء في تقرير نشرته وزارة الخارجية الاميركية في واشنطن، وجاء في التقرير السنوي لوزارة الخارجية حول التصدي لتهريب المخدرات في العالم ان الفاتيكان انضم الى لائحة من 68 بلدا مصنفة في فئة "وضع مقلق" وتضم البانيا ومصر والبرتغال او اليمن، وهذه الفئة هي واجهة للائحة اميركية من 66 بلدا حيث يعتبر تبييض الاموال فيها "قلقا رئيسيا" وتضم افغانستان والولايات المتحدة والبرازيل والصين وروسيا والعراق وفرنسا وغيرها، وقال مسؤول اميركي فضل عدم الكشف عن هويته ان الفاتيكان شكل هيئة لمكافحة تبييض الاموال للمرة الاولى ولكن فعاليتها لا تزال موضع تقييم، واضاف ان الفاتيكان هو مكان قوي لتبييض الاموال بسبب الاموال الضخمة التي تنتقل بين الكرسي الرسولي وباقي العالم. بحسب فرانس برس.

إفصاح الموظفين

من جهة أخرى قدم البنك الدولي، دراسة تتخللها مبادرة تنص على إفصاح العاملين في القطاع الحكومي والوظائف الرسمية عن دخلهم بالإضافة إلى ممتلكاتهم، في خطوة من شأنها الحد من الفساد كما ذُكر في متنها، وجاء في الدراسة التي تمت بالتعاون بين البنك الدولي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن نجاح جهود مكافحة الفساد يستلزم جعل إفصاح الموظفين العموميين عما لديهم من دخل وممتلكات ومصالح أمراً إلزاميا، وتدعو الدراسة التي نشرت على الموقع الرسمي للبنك الدولي، إلى المساءلة من خلال الإفصاح عن الدخل والممتلكات، وتجديد الالتزام بالإفصاح عن الدخل والممتلكات بغية ردع ممارسات استغلال المنصب العام من خلال تحقيق منافع خاصة، بالإضافة إلى المساعدة في السيطرة على تضارب المصالح الفعلية أو الظاهرة في القطاع العام. بحسب السي ان ان.

ونقل التقرير على لسان، منسق الدراسة التي جاءت بعنوان، مبادرة استرداد الأموال المسروقة، جان بسمه "أن المواطنين يريدون من المسؤولين أن يكونوا أمناء، فيما يتعلق بدخلهم وممتلكاتهم، كي يتأكدوا من أنهم لا ينهبون الأموال العامة أو يكتنزون ثروات حصلوا عليها بطرق غير مشروعة، الأمر الذي يساعد في تهيئة مناخ يتسم بالنزاهة والثقة تجاه كبار الموظفين العموميين، وقالت خبيرة شؤون القطاع العام بالبنك الدولي، فرانشيسكا ريكاناتيني "نأمل أن تسهم هذه الدراسة الهامة لا في مساعدة الحكومات فحسب على تصميم وتطبيق أنظمة إفصاح فعالة عن الدخل والممتلكات، بل أيضاً التشجيع على تحدي صناع السياسات الذين قد يحجمون عن إنشاء أنظمة الإفصاح في بلدانهم أو تحسينها." حسب ما نقله التقرير، ويذكر أن منظمة الشفافية الدولية أشارت في تقرير سابق إلى أن نيوزيلندا هي الدولة الأقل فسادا في العالم، بينما صنفت كلا من الصومال وكوريا الشمالية على أنهما الأكثر فسادا على الإطلاق، وأفادت المنظمة الألمانية إن الولايات المتحدة احتلت المرتبة 24 على مؤشر "تصورات الفساد،" بينما جاءت كندا في المرتبة العاشرة، وجزر البهاما وشيلي في المرتبتين21، و22.

اتفاقية الأمم المتحدة

على الصعيد نفسه قال نواب حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي اليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إنهم لن يصدقوا على اتفاقية للأمم المتحدة لمكافحة الفساد في القطاع العام على الرغم من ضغوط من شركات كبرى لأن الاتفاقية تعامل النواب المنتخبين كموظفين عموميين، وكتبت مجموعة تضم أكثر من 30 من رؤساء الشركات الألمانية رسالة إلى فولكر كاودر زعيم كتلة الديمقراطيين المسيحيين في البرلمان يحثونه فيها على وضع الاتفاقية التي صدقت عليها نحو 160 دولة في حيز التنفيذ، لكن نوابا من الحزب قالوا إن لديهم مشكلات لم تحل بشأن اتفاقية الأمم المتحدة التي وقعتها ألمانيا قبل تسع سنوات ولم تطبقها بعد، وتنص اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد على أن تعزز الدول الشفافية في تمويل الحملات الانتخابية وتضمن خضوع الموظفين العموميين للوائح لاسيما في قضايا المال العام، وقال النواب المحافظون إن أحد اعتراضاتهم الرئيسية على الاتفاقية أنها لا تميز بين نواب البرلمان المنتخبين وبين الموظفين العموميين، ويخشى النواب أن أعضاء البرلمان قد يعاقبون مثلا لشغلهم مناصب في شركات بحجة أن هناك تعارضا في المصالح، وقال يواكيم فايفر العضو البارز في الاتحاد الديمقراطي المسيحي لصحيفة هاندلسبلات "كل عضو في البرلمان سيعتبر موظفا عموميا.. بكل ما يترتب على ذلك من عواقب وسخافات، وقال قادة قطاع الأعمال في أكبر اقتصاد في أوروبا الذي يعتمد على الصادرات إن سمعتهم على المحك. بحسب رويترز.

وقال رؤساء تنفيذيون لبضع شركات كبرى من بينها سيمنس وديملر وأليانز وكومرتس بنك "عدم التصديق (على اتفاقية الأمم المتحدة) ينال من صورة الشركات الألمانية في أنشطتها في الخارج، وقالت الرسالة التي اطلعت عليها رويترز يوم الخميس "دولة ديمقراطية مثل ألمانيا يتعين أن تكون صادقة ولا ينبغي أن تجعل نفسها عرضة للانتقادات، ويقول منتقدون إن رفض برلين تنفيذ الاتفاقية يبدو ضربا من النفاق في الوقت الذي تصر فيه ألمانيا على أن تقوم الاقتصادات المتعثرة في منطقة اليوور مثل اليونان بحملة ضد الكسب غير المشروع والتهرب الضريبي لخفض الدين، وحث الحزب الديمقراطي الاشتراكي المعارض أيضا الحكومة على تنفيذ الاتفاقية، وقال فرانك فالتر شتاينماير زعيم كتلة الحزب في البرلمان "لا يمكن أن يصبح الوضع أكثر إحراجا من ذلك... باختصار الصناعة الألمانية تشعر بالخزي بسبب الحكومة الألمانية."

فضيحة بساط الريح

على صعيد أخر يحقق الادعاء الالماني فيما اذا كان وزير التنمية الدولية في حكومة المستشارة انجيلا ميركل خالف القانون بعدم ابلاغ الجمارك عن سجادة اشتراها في افغانستان وطلب من رئيس المخابرات أن ينقلها له إلى ألمانيا، واصبح الوزير ديرك نيبل وهو عضو في حزب الديمقراطيين الاحرار المشارك في ائتلاف يمين الوسط الحاكم بقيادة ميركل موضع سخرية وانتقادات بسبب ما سمي بفضيحة "بساط الريح"، واكد متحدث باسم مكتب الادعاء في برلين تقارير اعلامية افادت بأن المكتب يحقق في "اشتباه أولي في احتمال وقوع تصرف يعاقب عليه القانون"، وقال نيبل انه اشترى السجادة الحمراء السميكة في كابول ليستخدمها في بيته لكنها ثقيلة جدا فلم يتمكن من العودة بها جوا ولذا طلب من السفارة الترتيب لارسالها على الطائرة الحكومية التالية، وانتهى الامر بقيام رئيس جهاز المخابرات الالماني بنقل السجادة التي تزن 30 كيلوجراما على طائرة الى برلين ولم تدفع رسوم استيراد قدرها نحو 200 يورو (250 دولارا)، واعتذر الوزير عن هذه الهفوة ويعمل الآن على حل مسألة دفع ما عليه من مستحقات، وقال لصحيفة بيلد ام سونتاج "بتقديم طلب للدفع المتأخر انتهى الموضوع. بحسب فرانس برس.

وقال الوزير الذي يتعرض للهجوم كذلك لارساله سائقه لتسلم السجادة من المطار انه اشتراها مساعدة للاقتصاد الافغاني، واضاف "كنت اريد دعم الاعمال الصغيرة في افغانستان وشراء بساط... كنت اريد الذهاب الى متجر لكن الامن ابلغني انه غير مسموح لي بذلك." وبدلا من ذلك اشترى السجادة من بائع استدعي الى السفارة، وقال "لا اعرف أي شيء عن الابسطة لكني اعجبت بها. ولذا اشتريتها مقابل 1400 دولار... اسف لأنني وضعت رئيس جهاز المخابرات الألماني في هذا الموقف. كان الامر غباء مني، وقد متحدث باسم ميركل توبيخا علنيا غير معتاد لنيبل بسبب "إهمال" دفع الرسوم الجمركية، ومن غير الواضح ما اذا كان الادعاء سيتخذ اجراءات بشأن القضية لكن اذا اقدم على ذلك فقد يتعرض نيبل لضغوط كي يستقيل.

سلاح الغرافيتي

على صعيد مختلف رفع فنانون سلاح الرسم على الجدران "غرافيتي" للتصدي بوجه الفساد الذي ينخر الحياة السياسية في كينيا، وتصور مجموعة من الفنانين النخبة السياسية في البلاد، في رسوماتها الجدارية كالنسور، وقال قائد المجموعة، بونيفاس موانغي: "حاولنا أنواع شتى من الحيوانات مثل الضباع، إلا أن الحيوان الأكثر تشابهاً بالسياسي الكيني هو النسر، لأنه يفترس الضعيف، وعادة ما تشق حافلة تقل هؤلاء الفنانين شوارع العاصمة الكينية، نيروبي، في غياهب الليل لضمان أداء رسوماتهم التعبيرية بعيداً عن أعين الفضوليين والسلطات الأمنية، وعادة ما يستهدف فنانو الغرافيتي جدران المباني المهمة والحيوية، وقرب إشارات المرور، للفت الأنظار لتلك الرسومات التعبيرية الاحتجاجية، ويشار إلى أن موانغي هو مصور صحفي حائز على جائزة دولية، هجر المهنة بعد مشاهدات دموية يقول إنها حفرت بذاكرته، ودفعته لسلاح "الغرافيتي" لمواجهة الساسة، وكانت عدسة كاميرا موانغي قد رصدت أحداث العنف التي اجتاحت كينيا في أعقاب الانتخابات الرئاسية مطلع 2008، منها جثة رجل تركت على قارعة الطريق تحت الأمطار، ويد بترتها ضربة منجل سقطت مضجرة بالدماء وهي لا تزال تتشبث بسلاح جرى تصنيعه بطريقة عشوائية.

وقال موانغي: "عندما أنظر للوراء ولتلك الصور اشتم رائحة الخوف وأسمع دوي الصرخات، هذا ما يحدث في بلادي حيث التقطت هذه الصور، حدثت في أماكن اعتدت الذهاب إليها، هذا يعني أن تلك الصور حقيقة ماثلة اصطدم بها يومياً، وتحول الألم إلى غضب ثم تحدي، وشرح أسباب انتقاله لـ"سلاح" الرسوم الجدرانية: "أجبرتني الظروف، فهناك الكثير من الصمت، المشاكل التي تحدث هنا.. أواجهها  كل يوم، لكن ما من أحد يحرك ساكناً"، وبدأ الفنان الكيني في تنظيم معارض صور في الشوارع لتذكير الناس بالرعب الذي تسبب به العنف السياسي. بحسب السي ان ان.

وانضم إليه لاحقاً مجموعة فنانين من بينهم أوهورو، الذي تخصص في رسم نجوم الغناء الأمريكي، كأمثال مايكل جاكسون، والراحل توباك شاكور، ويقول أوهورو إن الرسومات الجدارية تعبر عما يدور في ذهن كل مواطن كيني، مضيفاً: "الجميع يعلم ما يحدث، لكن الأسلوب الذي نستخدمه يغني عن ألف كلمة، فنحن لا نريد تكرار ذات العنف السابق، وقال أوهورو وموانغي إنهما تعرضا لتحرشات من قوات الأمن، فيما حاول ساسة شراء "أصواتهما"، مؤكدين أنهما لا يفضلان حزباً سياسياً بعينه، ويهدفان لإحلال العدالة السياسية بثورة في صناديق الاقتراع، ورغم فضائح الفساد بكينيا وكشف منظمات دولية، منها منظمة الشفافية الدولية، عن حجم الفساد المتفشي بالحكومة وقطاع الأعمال هناك، لكن لم يتعرض، وحتى اللحظة، مسؤول واحد للمساءلة أو يمثل أمام العدالة.

الافلات من العقاب

كما تظاهر قرابة 200 شخص في نيروبي ليقدموا الى النواب الكينيين 49 نعشا من اجل "دفن 49 عاما من الافلات من العقاب" استفادت منها طبقة سياسية فاسدة، ولدعوة الشبيبة قبل اقل من سنة من الانتخابات الجديدة الى القيام ب "ثورة عبر صناديق الاقتراع"، وقد انهى المتظاهرون مسيرتهم امام البرلمان حيث قدموا النعوش "هدية الى النواب"، كما قال منظم التظاهرة المصور بونيفاس موانغي، وخصص نعش لكل سنة من السنوات التسع والاربعين المنصرمة منذ الاستقلال. وعلى كل نعش فضيحتها: حالة فساد، صلات مفترضة بين نواب وتجارة المخدرات و"عمليات اغتيال سياسي"، ومعاناة يومية للناس، كانعدام الامن الغذائي، ومنذ استقلالها عن بريطانيا في 1963، شهدت كينيا فضائح فساد لم يرف جفن للمشاركين فيها، كما قال المتظاهرون. بحسب فرانس برس.

ومنذ نصف قرن، شهدت كينيا ايضا عددا كبيرا من الازمات واعمال العنف السياسية التي لم تحل دون بقاء الطبقة السياسية في الحكم، ففي اواخر 2007، اسفر الصراع على منصب الرئيس بين الرئيس الحالي مواي كيباكي ورايلا اودينغا الذي اصبح رئيسا للوزراء، عن اعمال عنف اتنية رهيبة حصدت في غضون اسابيع اكثر من الف قتيل في انحاء البلاد، وفيما يقترب موعد الانتخابات المقبلة المقررة في اذار/مارس 2013، قال موانغي انه يريد حمل الشبان الكينيين على التصويت شرط ان "يعرفوا لمن يصوتوا". واضاف "نريد ثورة سلمية عبر صناديق الاقتراع".

مراقبة الفساد

في حين تهدف بنجلادش إلى الحصول على الصورة كاملة عن الفساد في وزارة التعليم من خلال تركيب دائرة تلفزيونية مغلقة في المكاتب الرئيسية بالعاصمة لضبط الموظفين الذين يتلقون رشى مقابل تقديم خدمات، وقال وزير التعليم نور الإسلام ناهض في مراسم تركيب الدائرة التلفزيونية المغلقة في الأسبوع الماضي بالعاصمة داكا "على المسؤولين أن يغيروا من تفكيرهم والعمل كخدام لدافعي الضرائب، وأضاف "تكونت صورة سيئة لأن الناس يواجهون مضايقات من بعض المسؤولين والموظفين (الذين يطلبون رشى) لإنجاز العمل، ويعج نظام التعليم في بنجلادش بالمدرسين الذين يدفعون رشى للحصول على مناصب أعلى وتجمعات سياسية حاشدة تتسم بالعنف في المدارس أسفرت عن مقتل أربعة طلبة منذ يناير كانون الثاني هذا العام وموظفين حكوميين يتلقون رواتب متدنية مع عدم وجود حافز يذكر لمساعدة دافعي الضرائب. بحسب رويترز. 

وتصاعد الغضب الشعبي من عدم الكفاءة في وزارة التعليم ويقول العاملون في المجال إن طلب الرشى أصبح مستشريا في بلد صنفته منظمة الشفافية الدولية في المراكز المتدنية بمؤشر الفساد لعام 2011، وقال مسؤول في وزارة التعليم طلب عدم نشر اسمه "الفساد منتشر في قطاع التعليم... جودة التعليم تتراجع لكن نسبة الطلبة الذين ينجحون (في الاختبارات) تزيد، وقال ناهض إن تركيب دائرة تلفزيونية مغلقة هو خطوة لتحفيز الموظفين الحكوميين للعمل بشرف، وأضاف ناهض "لا يمكن للآلة أن تتوقف عن الفساد إذا كان الشخص وراءها غير شريف."

علاقات جنسية

من جهته قال متحدث باسم إدارة مكافحة الفساد في سنغافورة إنه تم توجيه الاتهام إلى الرئيس السابق لقوة الدفاع المدني بالدخول في علاقات جنسية مقابل تسهيل خدمات، وقال المتحدث إن بيتر ليم الرئيس السابق لقوة الدفاع المدني "متهم بالفساد من خلال دخوله في علاقات جنسية مع امرأتين وربما مع امرأة أخرى ممن يجرين صفقات بيع مع قوة الدفاع المدني وذلك فيما يتصل بعشر وقائع في الفترة من مايو 2010 إلى نوفمبر 2011، وهذه أبرز قضية فساد يتورط فيها مسؤول بارز في سنغافورة منذ عام 1993 وهو العام الذي جرى فيه التحقيق مع يو سينغ تيك الذي كان يتولى حينئذ منصب الرئيس التنفيذي لهيئة التنمية التجارية في اتهامات ترجع لسنة 1988، وفي فبراير شباط الماضي أقالت السلطات ليم (51 عاما) مع مدير المكتب المركزي لمكافحة المخدرات نج بون جاي وذكرت أن مكتب التحقيقات في قضايا الفساد يحقق معهما. بحسب رويترز.

الفساد السياسي

الى ذلك تبدأ في برازيليا محاكمة تاريخية في اطار اكبر فضيحة فساد سياسي في البلاد طالت حزب العمال الحاكم، وتعيد تحريك الجدل حول المرحلة الاكثر دقة في ولاية لويس ايناسيو لولا دا سيلفا الرئاسية التي انتهت في 2010، ولم يدرج اسم لويس ايناسيو لولا دا سيلفا (66 عاما) الذي نال 12 جائزة دولية ومنح 12 دكتوراه فخرية من جامعات من العالم اجمع منذ انتهاء ولايته، بين المتهمين ال38 في حين وردت اسماء بعض معاونيه في هذه القضية، ومنذ ان برزت هذه الفضيحة الى الواجهة في 2005 خلال ولايته الرئاسية الاولى (2003-2006)، والمعروفة ب"مينسالاو" اي الاقساط الشهرية التي كان يدفعها حزب العمال لبرلمانيين لضمان دعمهم السياسي، نفى لولا بانه كان علم بالامر وادعى بانه تعرض للخيانة من المقربين منه. ثم قدم لولا اعتذارات الى الامة، وقال المحامي والنائب السابق روبرتو جيفرسون (حزب العمال البرازيلي، وسط) الذي اصبح بين المتهمين بعد ان كشف الفضيحة، انه يريد ان يسأل خلال المحاكمة لماذا لم يدرج اسم الرئيس السابق على قائمة المتهمين، وقال المحلل السياسي سيزار الكسندر كارفالو من معهد "سي اي سي" في برازيليا مدافعا عن لولا "الكلام شيء وتقديم ادلة شيء اخر تماما"، وقال اندريه بيريرا المحلل السياسي لدى بروسبيكتيفا "اصبح لولا شخصية رمزية. انها قصة عامل اضحى رئيس دولة كبرى وهذا الامر لن يتغير. يجب تقديم ادلة لاثبات تورطه مباشرة في فضيحة +مينسالاو+ ووثائق تفيد بانه مسؤول عنها"، ونجح لولا في الافلات من الفضيحة لكنه خسر معاونين له خصوصا جوزيه ديرسو (مدير مكتب لولا) وهو من المتهمين الرئيسيين في هذه القضية، وفي 2006، اعيد انتخاب لولا الذي سلم السلطة في 2010 الى ديلما روسيف التي تنتمي ايضا الى حزب العمال. بحسب فرانس برس.

وفي 2009 وصف الرئيس الاميركي باراك اوباما لولا ب"الرجل السياسي الاكثر شعبية في العالم" وفي 31 كانون الاول/ديسمبر 2010 تنحى عن السلطة بعد ولايتين من اربع سنوات وكانت شعبيته بين البرازيليين تصل الى 80%، وقال بيريرا "السؤال هو +هل ان موقع لولا لا يزال متينا؟+ +هل انه لا يزال يتمتع بحصانة؟+ بعد ان تخلى عن السلطة. نعم هناك خطر على صورته المثالية لكن لا يمكننا التكهن بعد الى اي درجة"، ويتوقع ان تستمر المحاكمة امام المحكمة العليا لشهر على الاقل في حين ان البلاد في خضم حملة الانتخابات البلدية تمهيدا للاقتراع الرئاسي في 2014، ومن المستبعد ان تؤثر نتيجة المحاكمة على ديلما روسيف التي تتمتع بشعبية نسبتها 77% وهي غير مقربة من اي من المتهمين، خصوصا وانها منذ توليها مهامها لا تظهر تساهلا حيال الوزراء الذين يشتبه بتورطهم في قضايا فساد حتى انها اقالت سبعة منهم، واوضح بيريرا "ان لديلما اسلوبا يختلف عن لولا فهي لا تترك وزراءها لاشهر في مهب اتهامات الصحافة. عندما توجه اتهامات الى احدهم تقيله!" مشيرا الى ان لولا يبقى المستشار السياسي الاول للرئيسة.

رئيس منغوليا

على صعبد ذو صلة قضت محكمة في منغوليا بسجن الرئيس السابق نامبارين إنخبايار أربع سنوات بتهمة الفساد في خطوة يمكن أن تهدد الائتلاف الحكومي الهش وتزيد من شكوك المستثمرين الأجانب، ومنغوليا دولة غنية بالموارد وتشهد حاليا طفرة في قطاعات التعدين من شأنها أن تحدث انتقالة في اقتصادها لكن هناك مخاوف من أن تطغى الشكوك السياسية على جهودها لاجتذاب الاستثمار الأجنبي الذي تحتاجه لتطوير مناجمها والنهوض ببنيتها التحتية، وقالت الحكومة في ساعة متأخرة يوم الخميس إن إنخبايار أدين بعد محاكمة دامت ثلاثة أيام باتهامات منها خصخصة فندق وصحيفة بصورة غير مشروعة واستخدام معدات تلفزيونية متبرع بها في البث من محطته التلفزيونية الخاصة، كانت منغوليا قد أجرت انتخابات برلمانية في يوليو تموز الماضي حصل فيها الحزب الديمقراطي الحاكم على 31 مقعدا فقط من بين 76 مقعدا مما اضطره لتشكيل ائتلاف مع تحالف العدالة الذي يقودها الحزب الشعبي الثوري المنغولي الذي ينتمي إليه إنخبايار، ورغم منع إنخبايار من المشاركة في الانتخابات فإنه مازال رئيسا للحزب الشعبي الثوري الذي حل ثالثا في الانتخابات البرلمانية. بحسب رويترز.

وقال لوفساندنديف سوماتي مدير مؤسسة سانت مارال لاستطلاعات الرأي "الحزب الديمقراطي يحتاج لتحالف العدالة... وبدونه لن يمكنه العمل والشراكة قد تنهار الآن، عمل إنخبايار رئيسا لمنغوليا من عام 2005 إلى 2009. وأمرته المحكمة أيضا بدفع تعويض عن الضرر يزيد عن 54 مليون توجريك (40 ألف دولار)، وذكرت وسائل إعلام أن إنخبايار نفى الاتهامات المنسوبة إليه وقال إنه لا أساس لها من الصحة وذات دوافع سياسية. وقال محاموه إنه سيطعن في الحكم.

موجة غضب في الهند

بينما قال وزير في ولاية اوتار براديش اكبر الولايات الهندية سكانا ان الموظفين الحكوميين بامكانهم ان يسرقوا قليلا ما داموا يجتهدون في العمل وهو ما اثار موجة من الغضب في البلاد التي شابت نخبتها الحاكمة شبهات وفضائح فساد، وقال وزير الأشغال العامة شيفبال سينغ ياداف امام تجمع من المسؤولين المحليين في تصريحات مصورة "اذا عملتم بجد ووضعتم قلوبكم وارواحكم في العمل فمن المسموح لكم حينها ان تسرقوا قليلا، وصورت قناة تلفزيونية محلية تصريحات الوزير ثم عرضت بعد ذلك على وسائل الاعلام في انحاء الهند. وحاول ياداف الذي ينتمي إلى حزب سماجوادي الحاكم في الولاية السيطرة على الموقف ودعا إلى مؤتمر صحفي قال فيه ان تصريحاته أخرجت من سياقها وانه كان يناقش كيفية محاربة الفساد، وقال "لم يكن مسموحا لوسائل الاعلام بالدخول في هذا التجمع ولا اعرف كيف تسللوا. واذا كانوا قد تسللوا فكان من الواجب ان تصل المناقشة كلها إلى الصحافة لا هذا الجزء وحده. بحسب رويترز.

الفساد في الانتخابات

في حين تحول الفساد الى اكبر موضوع في حملة الانتخابات التشريعية في كيبيك التي تخللتها فضائح واتهامات واعتقالات واصبحت حكومة جان شارت مع مقاولي البناء موضع كل الشبهات، واعلنت الشرطة اعتقال "ملك البناء" توني اكورسو من سكان مونتريال مع اربعة اشخاص بمن فيهم موظف فدرالي في الضرائب في قضية تهريب ضريبي يشمل ثلاثة ملايين دولار، وليست هذه المرة الاولى التي يتورط فيها اوساط البناء الذين غالبا ما يتهمون ايضا بتوقيع صفقات اشغال عامة ورشاوى وتواطؤ مع عالم السياسة باسعار مرتفعة بكثير من الاسعار في ولاية اونتاريو المجاورة، وقبل يوم من ذلك اثار برنامج "تحقيق" الذي يبثه "راديو كندا" ضجة كبيرة بكشفه ان متابعة الشرطة زعيما نقابيا سابقا في قطاع البناء رفعت في اليوم الذي التقى فيه لفترة قصيرة، شارت، لكن الاذاعة لم تثبت العلاقة بين الامرين فندد شارت بذلك بشدة معربا عن الاسف لغياب الاخلاقيات الصحافية لدى معدي البرنامج، لكن هؤلاء اكدوا ان تحقيقهم الذي يعود الى ثلاث سنوات انتهى مؤخرا وانه لم يكن البتة على علاقة بالحملة الانتخابية الجارية، من جانبه اعاد الحزب الكيبيكي (انفصالي) وهو اكبر خصم لليبراليين، الى الواجهة هذا الاسبوع قضية مرت عليها ثلاث سنوات وتتعلق ببيع ارض تملكها البلدية في ضواحي مونتريال لمؤسسة مقاول في البناء يعتبر مقربا من الليبراليين، وتم التخلي عن مشروع بناء مركز ديني وباعت المؤسسة الارض الى مقاول محققة فائدة مليون دولار، وما زال مصير تلك الاموال مجهولا في حين كان يفترض ان تحول الى اعمال خيرية. بحسب فرانس برس.

وفرض الحزب المعارض ائتلاف مستقبل كيبيك (وسط يمين) موضوع الفساد بقوة منذ بداية الحملة الانتخابية والذي يعد بين مرشحيه الشرطي المعروف جاك دوشينوه الشخصية البارزة في "مكافحة الفساد" والذي اعلن ان من اهدافه "تنظيف" تلك الاوساط، كذلك ورد الموضوع نفسه ضمنا في شعار الائتلاف الانتخابي "كفى! لا بد من التغيير"، وينسجم ذلك تماما مع الراي العام المقتنع بنسبة 70%، على ما تفيد الاستطلاعات، ان للشبهات حول الفساد التي تحوم حول الحكومة والمستمرة منذ ثلاث سنوات عبر سلسلة من الفضائح، اساس من الصحة، وقد ادى تقرير دوشينوه حول الفساد بحكومة شارت بعد تحفظها لمدة طويلة، الى انشاء لجنة تحقيق اطلق عليها اسم لجنة شاربونوه وبدات اعمالها في حزيران/يونيو، وقد يكون الجدول الزمني لاعمالها الذي اضطر رئيس الوزراء الى انطلاق في حملة انتخابية في عز الصيف والاقتراع في الرابع من ايلول/سبتمبر، كما يرى خصومه وبعض المحللين السياسيين ويرون في ذلك طريقة يستخدمها الليبراليون ليتقدموا امام الناخبين قبل ان تبدا اللجنة تضيف ادلة محتملة الى ما اكده دوشينوه مؤخرا والقائلة بان 70% من تمويل الاحزاب السياسية ياتي من اموال الفساد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/آب/2012 - 25/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م