حوادث اقتحام مباني المؤسسات المهمة (والامن المرتبك)

رياض هاني بهار

ان مهام أية حكومة من خلال مؤسساتها التنفيذية تهدف بشكل عام الى "تنفيذ السياسة العامة في حفظ الأمن الداخلي وتوطيد النظام العام وحماية الحقوق الدستورية" وبشكل خاص الى "حماية أرواح الناس وحرياتهم والأموال العامة والخاصة وضمان سلامتها من اي خطر يهددها ومنع ارتكاب الجرائم واتخاذ الإجراءات القانونية بحق مرتكبيها، ويعتبر مبدأ منع الجريمة قبل وقوعها من أولى دعائم النظام، وأهم مبادئ الأمن، وهو في هذا السياق يعتبر أحد أُطر الدفاع الاجتماعي الذي يأخذ بعداً وقائياً للحيلولة دون وقوع الجريمة بإجراءات قصد منها أولاً وأخراً حماية المجتمع، ان المواطن المتتبع للحدث لمعرفة حقيقة ما جرى لانه يقف وسط حلقة مفرغة من المعلومات المشوشة وسيناريوهات الرعب والخراب والخوف وخطورة الحوادث التي وقعت مؤخرا (باقتحام مبنى مكافحة الارهاب) ولقراءة الحوادث المتشابهة والمتكررة للوقوف على تلك التداعيات من وجهه نظر مهنية.

استعراض مختصر وحسب التسلسل الزمني لحوادث اقتحام المباني الحكومية المهمة التالية:

1. بتاريخ 13/6/2010 حادث اقتحام البنك المركزي العراقي والمحصلة (46 شهيدا وجريحا).

2. بتاريخ 5/9/2010 حادث اقتحام مقر عمليات الرصافة في مبنى وزاره الدفاع القديمة في باب المعظم والمحصلة (48 شهيد وجريح).

3. بتاريخ 29/2/2011حادث اقتحام مبنى مجلس محافظه صلاح الدين اثناء اجتماع مجلس المحافظة والمحصلة (165 شهيد وجريح).

4. بتاريخ 8/5/2011 الحادث الاول لاقتحام مبنى (مديرية مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة الكائن بالكراده) والمحصلة (16).

5. بتاريخ 14/6/2011 حادث اقتحام مبنى (مجلس محافظه ديالى) والمحصلة (37 شهيد وجريح).

6. بتاريخ6/6/2011 محاولة اقتحام مبنى (المجمع الحكومي لمدينة الرمادي بمحافظة الانبار) والمحصلة (16شهيد وجريح).

7. بتاريخ 15/1/2012 حادث اقتحام مبنى مديريه التحقيقات الجنائية بالرمادي والمحصلة (18 شهيدا وجريحا).

8. بتاريخ 31/7/2012 الحادث الثاني لاقتحام مبنى (مديرية مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة الكائن بالكراده) والمحصلة (36).

9. بتاريخ 28/12/2011 المحاولة الاولى اقتحام (سجن الحوت في التاجي) والمحصلة (46 شهيد وجريح).

1/8/2012المحاولة الثانية اقتحام (سجن الحوت في التاجي) والمحصلة (لم يصرح بها)

10ـ محاوله اقتحام مبنى محافظه الديوانية والحصلة (53 بين شهيد وجريح).

 هناك حوادث عديده متشابهة وقعت في اقضيه ونواحي متفرقه بالعراق (اقتحام مدينة حديثة والبغدادي وكبيسة).

الاسلوب الاجرامي للحوادث اعلاه

 في جميع الحوادث ان الجناة يرتدون الزي العسكري ويستقلون سيارات حديثه واستخدام اسلوب المفاجئة واختيار توقيتات تكون فيها القوه بحاله من الاسترخاء وكافه الحوادث تفجير الباب الرئيسي واحداث الفوضى ليتسنى للإرهابيين الدخول للمبنى.

التخبط الحكومي بعد كل حادث

1. تباين بالتصريحات والروايات الحكومية عن الروايات الإعلامية عن روايات شهود العيان.

2. في جميع الحوادث اعلاه شكلت(لجان تحقيقية) بأمر من رئيس مجلس الوزراء ولم تظهر نتائج التحقيق.

3. في جميع الحوادث لايوجد متهمين تتوفر ادلة واضحه ضدهم بل وجود مجرد (مشتبه بهم).

4. تعدد جهات القبض في قضيه واحده (الجهات العسكرية بالوحدات والجهات التحقيقية).

5. تعدد جهات التحقيق في قضية واحدة.

نستنتج الاتي:

1. فشل نقاط التفتيش المنتشرة بالعاصمة والمحافظات واصبحت عبئا على المواطن والدولة.

2. غياب الخطط الأمنية للمحافظة على امن المباني في حاله وقوع حوادث مماثلة.

3. التعتيم على نتائج التحقيق بالحوادث اعلاه وعدم عرض قرارات المحاكم الصادرة بحقهم.

4. غياب اللجان التحقيقية للحوادث المهمة وتفرغ (فريق عمل) لحين اكتشافها , وتشكيل ورش عمل تعقب الانتهاء من التعامل مع كل حادث ارهابي يشارك فيها كل من ساهم في التعامل مع مسرح.

5. افتقارنا لارشيف للحوادث المهمة وللإحصاءات الدقيقة عن واقع الحوادث الارهابية المهمة.

6. عجز الاداء الاستخباري من اداء مهامه. وانعدام التنسيق بين الأجهزة الأمنية والأجهزة الاستخبارية.

7. غياب الاعتماد على النواحي العلمية التطبيقية الحديثة في مواجهة الأعمال الإرهابية، وفي مقدمتها تطبيق الأساليب العلمية الحديثة في تحديد مرتكبي التفجيرات الإرهابية، لاسيما وأن تحديد مرتكبي التفجيرات الإرهابية، لاسيما وأن الإرهابيين أصبحوا يعتمدون على التخطيط، والتنظيم، واستغلال التطور العلمي والتكنولوجي في تنفيذ عملياتهم الإرهابية.

 تهدف هذه العمليات:

1. محاولات لتوجيه رسالة بعدم قدرة قواتنا الامنية على مسك زمام الملف الامني.

2. أن هذه العمليات ليس هدفها استمرار الاضطراب الأمني وزعزعة الاستقرار فحسب بل أيضاً إقناع المواطنين أن الدولة ستنهار بطريقتين الأولى: منها فقدان الثقة بحكومتها ومؤسساتها الأمنية وبالتالي سهولة إسقاطها. والثانية: الصراع الجاري على السلطة والكراسي بين المكونات التي تدير العملية السياسية والتي اشتركت منذ البداية سيكون الحاسم في حدوث انشقاقات وخلافات تؤدي إلى النزاع المسلح مما يضعف الجميع.

ان الانشغال بالشأن السياسي والصراع السياسي اليومي يجعل الدولة كلها منشغلة بمعارك ثانوية بعيدة عن الحرب الحقيقية مايسمح بوجود مناطق رخوة ينفذ منها منفذو تلك العمليات. لأن العمل الأمني من المفترض ان يكون منفصلا عن العمل السياسي، والشرطي الذي ينحصر واجبه باكتشاف المتفجرات غير معني بخلاف المالكي وعلاوي كما هو مفترض. والضابط الذي يضع الخطط الامنية غير معني بخلافات اربيل وبغداد. بمعنى ان الواقع الامني لايمكن ان يكون انعكاسا للواقع السياسي الا بوجود خلل ما.

ان الواقع الامني هو انعكاس للواقع السياسي وشبيهاتها فهي الاخطر والاكثر احراجا لمشروع التعايش اننا نخشى من هذه العمليات ان يحلينا الى مناخ امراء الحرب وملوك الطوائف اكثر من واقع الاشتراك في الوطن، او علمهم بها في الاقل امرا يمكن تصوره في هذا المناخ القاتم، خصوصا بعد توافر معطيات اكدت لأكثر من مرة ضلوع شخصيات سياسية في اعمال عنف سابقة.

فاذا كان ذلك الفاعل الشبح اقليميا لم لايتم اتباع ماتتبعه الدول الاخرى للحفاظ على امنها الوطني في مثل هكذا حالات بالرد بالمثل او باشراك المجتمع الدولي او باستخدام سياسة الصفقات او باعتماد طرق الردع الاستباقية؟ واذا كان هذا الفاعل محليا لم لايجري تحجيمه والاتفاق على محاربته من الجميع بغض النظر عن انتماءاتهم وجعل الجميع بمواجهة مسؤولية الحفاظ على امن العراق ومواطنيه، او فضح المتورط وتقديمه للقضاء ان كان من الذين يوظفون الامن كورقة سياسية؟ ووجود هؤلاء غير مستبعد في ظل وجود تراث من الفكر الانقلابي الذي لم تفلح الديمقراطية في عقلنته.

الخلاصة

ان عدم اكتشاف الجرائم المهمة سينعكس سلبا على الامن الوطني والامن الاجتماعي واصبحت هناك ضرورة ملحة لإصلاح القطاع الامني واعتماد الكفاءات لا الولاءات الطائفية والقبلية والمنطقية وابعاد الامن عن السياسة هو المخرج الوحيد للمهنية والاداء الناجح وهناك مسؤولية كبيره امام لجنه الامن والدفاع البرلمانية بالسعي للتعجيل من تسميه وزيري الدفاع والداخلية واعاده النظر وفق معايير مهنيه باختيار رؤساء الأجهزة الأمنية والكف عن (التعيين العائلي) والقربى وفصل (السياسة الأمنية) عن (السياسة الدفاعية) واعتماد (سياسه جنائية) واضحة المعالم وتطوير مركز البحوث بوزارة الداخلية لدراسة الظواهر الإجرامية والحوادث المهمة بشكل علمي بعيدا عن (الامن العشوائي) ومراجعه لكل الحوادث غير المكتشفة التي سجلت ضد مجهول.

* العراق ـ بغداد

riadhbahar@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 12/آب/2012 - 23/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م