الايدز... هل بات قريبا من نهايته؟

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: لازال مرض الايدز يشكل من اخطر الأمراض القاتلة في العالم بالإضافة الى كونها الأكثر انتشارا، فيما تسعى جهود دولية لمحاربة هذا المرض عن طريق ايجاد دواء جديد، اضافة الى النصح والإرشاد لحلول قد تكون مثالية، حيث اظهر المؤتمر العالمي ال19 حول الايدز في واشنطن نتائج مفعما بالامل في التمكن من وضع حد لانتشار الوباء والتوصل يوما الى الشفاء من الاصابة بهذا المرض الذي حصد ثلاثين مليون قتيل خلال السنوات الثلاثين الاخيرة، في الوقت الذي تسجل المعركة ضد مرض الايدز تقدما في معظم انحاء العالم، لا تزال مكافحة وباء الايدز تعاني من مشكلة التمويل، في حين تعهدت أميركيا ان تمهد الطريق لجيل من دون إيدز، كما تم تدشين اول مصنع عام في افريقيا لانتاج عقاقير مضادة لمرض الايدز، بينما يعد المتحولون جنسيا في تايلاند اكثر الفئات عرضة للايدز، في حين اكد تيموثي براون المعروف باسم مريض برلين، انا الدليل الحي على ان الشفاء من مرض الايدز ممكن، فهو يمثل حالة الشفاء الوحيدة المعروفة في العالم، وفي ظل الانتشار السريع لهذا المرض يطالب المختصون في مجال مكافحة الايدز الجهات المعنية من تقليل اضراره والحد من انتشاره من خلال بذل الجهود اكبر بالتمويل، اضافة الى الحملات الموسعة في توعية الناس بتجنب الاصابة به عن طريق الوقاية والتي تعتبر من انجح الحلول لغاية الان.

جيل من دون إيدز

فقد تعهدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ان تمهد الولايات المتحدة الطريق لجيل "من دون إيدز"، وذلك أمام ممثلين عن 190 بلدا يحدوهم الأمل بالقضاء على وباء أودى بحياة 30 مليون شخص في العالم في غضون 30 سنة، وعلى وقع تصفيق حاد من المشاركين في الدورة التاسعة عشرة من المؤتمر الدولي حول الايدز في واشنطن، أعلنت كلينتون أيضا أن بلادها ستقدم أكثر من 150 مليون دولار إضافي لمكافحة مرض الايدز، وقالت "تصوروا اليوم الذي سنتخلص فيه من هذا الوباء المروع ومن التكاليف والمعاناة التي تثقل كاهلنا منذ وقت طويل جدا"، مؤكدة أن "الولايات المتحدة ملتزمة تمهيد الطريق إلى جيل من دون إيدز"، افتتح المؤتمر الدولي حول الايدز ومن المتوقع أن يختتم بحضور نحو 25 ألف مشارك يتطلعون إلى تعبئة عالمية جديدة لمكافحة فيروس الايدز الذي يطال 35 مليون شخص في العالم، وهذا الجيل الذي تعد به كلينتون كما سبق أن فعلت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي يعني أن "لا طفل، أينما كان، سيولد حاملا للفيروس" وأن "الناس سيصبحون أقل عرضة للاصابة بالمرض مع تقدمهم في العمر" وأن "من يصاب به سيتلقى العلاج لئلا ينقل العدوى إلى الآخرين"، وأضافت وزيرة الخارجية "نعم، الايدز مرض يتعذر شفاؤه، لكن ينبغي ألا يكون حكما بالموت بعد اليوم"، ووعدت بأن تقدم الولايات المتحدة 150 مليون دولار إضافي، منها 80 مليون دولار من أجل برامج تهدف إلى تفادي انتقال فيروس الايدز من الأم الحامل إلى طفلها وزوجها، وأكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من جهته في رسالة عبر الفيديو أن فرنسا ستستمر في مساهمتها في الصندوق العالمي للايدز وستحرص على تنويعها بفضل "تمويلات مبتكرة".

ويعتبر الباحثون أن العلاجات الحالية تحيي الأمل بالتخلص من الوباء الذي يودي بحياة 1,5 مليون شخص سنويا، وقد عززت هذا الأمل اختبارات سريرية حديثة أظهرت أن مضادات الفيروس القهقرية تحد بشكل كبير من خطر الاصابة بالايدز لدى الأشخاص سلبيي المصل الذين يقيمون علاقات جنسية خطرة، وأظهرت أرقام برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الايدز إحراز تقدم كبير في هذا المجال. فأكثر من 8 ملايين شخص مصاب كان يتناول مضادات الفيروس القهقرية في نهاية العام 2011 في البلدان الفقيرة، خصوصا في افريقيا جنوب الصحراء حيث يعتبر الايدز الأكثر انتشارا. بحسب فرانس برس.

لكن هذا الرقم القياسي لا يمثل سوى 54 % من الأشخاص المصابين بالايدز الذين يحتاجون إلى العلاج والبالغ عددهم 15 مليونا. فإن 35 مليون شخص، 97 % منهم يعيشون في البلدان الفقيرة، مصابون بفيروس الايدز، وقال الملياردير بيل غيتس في المؤتمر "من الواضح أنه حتى لو تحركنا بأفضل طريقة ممكنة، فإن الأموال لن تكون كافية لمعالجة كل الأشخاص المصابين"، واضاف "نحن بحاجة إلى مزيد من وسائل الوقاية، ولا سيما إلى لقاح، للقضاء على الايدز. ويتطلب ذلك الاستمرار في النهج ذاته من ناحية الاستثمارات العلمية"، وهذه هي المرة الأولى منذ 22 سنة التي يعقد فيها المؤتمر الدولي حول الايدز، الذي يقام كل سنتين، في الولايات المتحدة التي حظرت سنة 1990 دخول الأشخاص ايجابيي المصل إلى أراضيها قبل أن يرفع الرئيس باراك أوباما هذا الحظر سنة 2009.

المؤتمر العالمي ال19 حول الايدز

فيما اختتم المؤتمر الدولي التاسع عشر حول الايدز في واشنطن مفعما بالامل في التمكن من وضع حد لانتشار الوباء والتوصل يوما الى الشفاء من الاصابة بهذا المرض الذي حصد ثلاثين مليون قتيل خلال السنوات الثلاثين الاخيرة، لكن مشكلة التمويل لا سيما في خضم ازمة اقتصادية ومالية خفف من حماسة اكثر من 20 الف مندوب وناشط من حوالى 190 بلدا شاركوا في المؤتمر الذي افتتح اعماله،  واعطى بيل غيتس مؤسس مايكروسوفت ورئيس مؤسسته "بيل اند ميليندا غيتس" صورة قاتمة خلال احدى الجلسات، فقال محذرا "من الواضح انه حتى لو حسنا طريقة القيام بهذا العمل بالشكل الافضل فان الاموال لن تكون كافية لمعالجة جميع الاشخاص الذين سيكونون بحاجة للعلاج"، لكن الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون بدا اكثر تفاؤلا في كلمة القاها وسط التصفيق الحاد اثناء حفل اختتام المؤتمر الجمعة اذ توقع ان المانحين سيواصلون تقديم الاموال الضرورية لمحاربة الايدز داعيا في الوقت نفسه الى مزيد من الشفافية في استخدام الاموال، وقال كلينتون "اذا استطعنا جميعا اعطاء نتائج اعتقد ان المال سيتوافر. علينا ان نثبت باستمرار اننا نستخدم هذا المال بالشكل الافضل"، واضاف الرئيس الاميركي السابق الملتزم جدا في مكافحة الايدز مع مؤسسته "نستطيع ايضا انفاق المال بشكل اكثر فعالية" ولذلك "اعتقد اننا بحاجة لمستوى جديد من الشفافية بالنسبة لكل الدولارات التي تنفقها البلدان والمانحون والمنظمات غير الحكومية". بحسب فرانس برس.

واعرب ايضا عن ارتياحه لان نصف الاموال التي انفقت العام الماضي في العالم في مكافحة فيروس نقص المناعة المكتسب (اتش اي في) والمقدرة بحوالى 17 مليار دولار اتت للمرة الاولى من البلدان المستفيدة من المساعدة، "لكن المال ليس التحدي الوحيد لانهاء الوباء" كما لفتت البرفسورة فرنسواز باريه سينوسي من معهد باستور والحائزة على جائزة نوبل للطب 2008 لمشاركتها في اكتشاف "اتش اي في"، وقالت في كلمتها بصفتها الرئيسة الجديدة لجمعية الايدز الدولية (انترناشيونال ايدز سوسايتي) التي تنظم المؤتمر "علينا حل المشكلة التي تطرحها الهوة بين ما ينتجه العلم وبين تطبيقه في اطار موارد محدودة"، واضافت هذه الخبيرة في علم الفيروسات "علينا ان نضع انظمة للصحة وتدريب طواقم طبية وان نصل الى جميع المرضى" في البلدان النامية، وقالت ايضا "بصفتي حائزة على جائزة نوبل فمن واجبي الالتزام كليا بالدفاع عن القيم التي نتشاطرها جميعنا هنا، وهي المساواة في الحصول على الوقاية والعلاج والعناية"، ودعت ايضا بقوة الى "ان تتوقف الافكار المسبقة والتمييز والعنف والسياسات القمعية" ضد مثليي الجنس ومدمني المخدرات والمومسات، واعتبرت البرفسورة ايضا وسط تصفيق حاد انه من "غير المقبول" ان تكون قوانين الملكية الفكرية التي تحمي براءات اختراع مختبرات الادوية عائقا امام الحصول على العلاجات، واضافت "رأينا تقدما لجهة تنفيذ الادوات العلمية التي نملكها"، في اشارة الى اكثر من ثمانية ملايين شخص مصابين في البلدان الفقيرة ومن ذوي المداخيل المتوسطة باتوا يحصلون على علاج مضادات الفيروس الارتجاعية، لكنها نبهت في الوقت نفسه الى انه "يتوجب خلال السنتين المقبلتين ان نستمر في تعبئة اكبر عدد ممكن من الاشخاص والمواهب الجديدة والعلماء والناشطين والقادة السياسيين ولحكوميين"، وسيعقد المؤتمر المقبل في تموز/يوليو 2014 في ملبورن باستراليا.

تحويل دفة الإيدز

من جهته قال بيل جيتس صاحب الاعمال الخيرية وداعية الوقاية من مرض الإيدز إنه تحقق تقدم كبير في مجال مكافحة فيروس ومرض نقص المناعة (الإيدز) لكنه غير مستعد ليقول إن العالم "يحول دفة" هذا المرض، وقال جيتس إن مسار المرض قد تحسن بالتأكيد مشيرا إلى أرقام الأمم المتحدة التي صدرت، والتي تظهر إن الوفيات الناجمة عن الإيدز في العام الماضي انخفضت إلى 1.7 مليون شخص من 1.8 مليون في عام 2010، لكن الملياردير والمؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت قال في مقابلة مع رويترز في مكتبه بواشنطن المدينة المضيفة لمؤتمر الإيدز لهذا العام إن هذا لا يزال يعني أن كثيرا جدا من الناس يموتون بسبب الإيدز، وقال جيتس "هل النهاية واضحة في الأفق؟ لا. هل لدينا الأدوات لتحقيق هذه النهاية؟ لا، وقال إن الدول الغنية التي كانت المحرك الأساسي لتمويل البحوث وارسال الأدوية المنقذة للحياة إلى 8 ملايين من الفقراء تواجه صعوبات مالية تهدد تمويل مكافحة الإيدز، وقال تقرير الأمم المتحدة أن تمويل مكافحة وعلاج الإيدز بلغ 16.8 مليار دولار العام الماضي وجاء 8.2 مليار دولار من مصادر دولية ثرية بما في ذلك الولايات المتحدة التي منحت حوالي نصف المبلغ. بحسب رويترز.

لكن الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل تحمل مزيدا من عبء فيروس نقص المناعة وانفقت 8.6 مليار دولار العام الماضي متجاوزة بذلك مساهمات الدول المانحة الغنية للمرة الأولى، وحتى الآن قدمت مؤسسة بيل وميليندا جيتس 2.5 مليار دولار لمكافحة الإيدز والتزمت بتقديم 1.4 مليار دولار اضافية للصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، والجزء الاكبر من انفاق المؤسسة على لقاح مضاد لفيروس الإيدز وهو احد الأدوات التي يرى جيتس أنها ضرورية لوضع حد لانتشار وباء الإيدز، وقال جيتس بعدما التقى خبراء اللقاحات انهم يحرزون "تقدما جيدا حقا" لكنهم لا يزالون بحاجة للتوصل إلى لقاح جيد ومن ثم اختباره في سلسلة من التجارب السريرية، وقال "هناك فرصة جيدة جدا ... سيمر أكثر من عقد من الزمان قبل أن يكون لدينا هذا الشيء."

اول مصنع عقاقير في إفريقيا

كما دشن اول مصنع عام للادوية القهقرية في افريقيا الذي بني بمساعدة البرازيل في موزامبيق التي تضم اكثر من 2,5 مليون ايجابيي مصل اي نحو 12 % من السكان، وتم التدشين في مابوتو بحضور نائب رئيسة البرازيل ميشال تامر الذي شاركت بلاده في تمويل المشروع، ومثل حكومة موزامبيق وزير الصناعة ارماندو اينروغا، وقال تامر "في مرحلة اولى الادوية المنتجة في البرزايل ستوضب هنا في موزامبيق وتوزع على السكان المحليين". ومن المفترض ان يبدأ انتاج العقاقير في موازمبيق نهاية السنة الحالية، وفي افريقيا سبق لمجموعات صيدلانية خاصة ان فتحت وحدات انتاج صغيرة للمضادات القهقرية الا ان المصنع في موزامبيق هو اول مؤسسة عامة، والمصنع الذي سبق ان تلقى زيارة الرئيس البرازيلي السابق لويس اينياسيو لولا دا سيلفا العام 2010، هو رمز "الشراكة الممتازة القائمة بين شعبي البرازيل وموزامبيق والتكامل بين البلدين في المجالين العام والخاص" على ما اضاف تامر، والمصنع ثمرة تبادل تكنولوجي بين دول الجنوب وصفه لولا في تلك الفترة بانه "واجب اخلاقي". وقد تلقى مساعدة قدرها 23 مليون دولار من البرازيل و4,5 ملايين دولار من مجموعة "فايل" البرازيلية المنجمية العملاقة التي لها وجود كبير في موزامبيق، وفي الوقت الراهن يتلقى عاملو المصنع وعددهم نحو المئة، التدريب في البرازيل خصوصا. بحسب فرانس برس.

وفكرة المشروع تعود الى العام 2003 وقد التزم لولا المؤيد الكبير للتقارب مع افريقيا، بناء المصنع خلال زيارة دولة قام بها لموزامبيق العام 2008، وانتاج هذه الادوية في موزامبيق سيخفض اعتماد هذه المستعمرة البرتغالية السابقة على المجتمع الدولي الذي يمول حاليا 80 % من مشتريات الادوية في هذا البلد، وفي موزامبيق اكثر من 2,5 مليون ايجابيي مصل اي نحو 12 % من سكان البلاد وحدهم 291 الفا منهم يحصلون على علاج على ما تفيد وزارة الصحة، وتتمتع البرازيل بقطاع عام قوي في مجال صناعة الادوية ينتج ادوية جنيسة فيما انتشار فيروس الايدز فيها ضعيف.

المتحولون جنسيا في

من جهة أخرى تجلس جيجي في مقهى في بانكوك، بالقرب من الحي الذي تنتشر فيه الحانات، وتروي دون مواربة حكايات السنوات التي امضتها بين الدعارة والمخدرات والتي تركتها مع اصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة، على غرار الكثير من المتحولين جنسيا في تايلاند الذين ترغب في توعيتهم، تضع جيجي القليل من مستحضرات التجميل على وجهها الشاحب، وهذه الناشطة البالغة من العمر اربعين عاما ابعد ما تكون عن الصورة النمطية الكاريكاتورية للمتحولين جنسيا والبالغ عددهم في تايلاند 180 الفا، وتقول عن ايامها السابقة في منتجع باتايا السياحي الذي يجذب حوالى ثلاثة الاف متحول في ذروة الموسم "بعض الرجال كانوا يستخدمون الواقي الذكري، وبعضهم لا، وفي بعض الحالات كان الواقي يتمزق"، علمت جيجي انها تحمل فيروس نقص المناعة المكتسب قبل ست سنوات، لكن ذلك لم يوقفها، وتقول "مارست الجنس مع عدد من الاشخاص، كنت اعتقد اني سأموت، ولذلك كنت اريد ان اكون سعيدة"، الا ان المضادات حالت دون تأزم المرض. وفي النهاية قررت جيجي ان تترك الدعارة وان تتفرغ للعمل على التوعية من مرض الايدز، وذلك من خلال توزيع الأوقية والنصائح الى الشباب الذي يقصدون الشوارع "الحمراء" في العاصمة التايلندية، وتكتسب هذه المهمة التي تقوم بها جيجي اهمية في بلد يشهد ارتفاعا في حالات الاصابة بالفيروس بين المتحولين جنسيا، وبحسب الامم المتحدة، وصل عدد المصابين بفيروس الايدز في العام 2010 الى 530 الفا، الا انه ما من احصاءات للمصابين من بين المتحولين، وتظهر بعض التحقيقات من هنا وهناك ان نسبة الاصابة مرتفعة بين هذه الفئة من الناس. وبحسب دراسة اعدتها الحكومة، فان نسبة المصابين من بين المتحولين في مقاطعة شونبوري (حيث منتجع باتايا) تصل الى 11%، وتبلغ هذه النسبة ذروتها (20%) بين من هم فوق سن التاسعة والعشرين، الا ان هذه النسب تبقى أدنى من التوقعات الاقليمية لبرنامج الامم المتحدة للتنمية. فقد اظهرت دراسة اعدت في ايار/مايو ان نصف المتحولين في مناطق آسيا المطلة على المحيط الهادئ يمكن ان يكونوا مصابين بفيروس نقص المناعة، والقى التقرير الضوء على "الدوامة" التي يعيش فيها هؤلاء الاشخاص، بين العزل الاجتماعي الذين يعانون منه والفقر والاصابة بالفيروس. بحسب فرانس برس.

ويحذر الناشطون في تايلاند من تفاقم حدة المرض بين المتحولين جنسيا، ويقول اليكس جيوك من منظمة "بي أس آي" التي تشرف على عيادات تعنى بمتابعة المتحولين جنسيا "اذا استمرت الامور على هذا المنوال، فستصبح المشكلة اكثر تعقيدا"، ويضيف "فيروس نقص المناعة ليس سوى واحد من المخاطر التي يتعرض لها المتحولون جنسيا كل يوم"، مشيرا خصوصا الى العنف الذي يتعرض له العاملون الجنسيون، إلى ذلك، يعاني المتحولون جنسيا من التمييز في الوصول الى الخدمات الصحية والتعليمية وفي سوق العمل، بحسب ما يقول ناشطون، وتعد الثقافة التايلاندية متسامحة جدا في قضايا الجنس والميول الجنسية، لكن الفئة المحافظة من المجتمع لا تتقبل ذلك، والقوانين لا تشرع التحول الجنسي، لذلك، يجد الكثيرون من المتحولين جنسيا ان العمل في الدعارة هو المورد الوحيد لكسب المال وتأكيد الهوية الجنسية التي اختاروها، ولا شك في ان الانفاق على حملات توعية مخصصة للمتحولين قد يساهم في الحل، لكن ينبغي ايضا على المتحولين انفسهم ان يعتنوا بصحتهم وان يضعوا ذلك في اولوياتهم، تؤكد جيجي ان المتحولين مهتمون فعلا بالحفاظ على صحتهم وانهم مستعدون لمواجهة المشكلة، لكن ذلك يقتضي عدم وجود تمييز جنسي. وتقول "تكمن مساعدتهم بكل بساطة في معاملتهم كبشر".

تيموثي براون

الى ذلك اكد الاميركي تيموثي براون المعروف باسم "مريض برلين"، "انا الدليل الحي على ان الشفاء من مرض الايدز ممكن"، فهو يمثل حالة الشفاء الوحيدة المعروفة في العالم من هذا المرض ويشن حملة لجمع الاموال للابحاث في هذا المجال، شخصت اصابة براون بفيروس الايدز العام 1995 عندما كان طالبا في برلين في المانيا لكن لم تعد تظهر عليه اي مؤشرات اصابة منذ العام 2007، ويقول على هامش المؤتمر الدولي التاسع عشر للايدز الذي يشارك فيه 25 الف شخص ويستمر حتى الجمعة في واشنطن "الشفاء من الاصابة بفيروس +اتش اي في+ امر رائع"، ويتابع تيموثي البالغ 47 عاما الذي يبدو هشا بعض الشيء، "لم اعد اشعر بقدمي الا اني اتنقل بسهولة اكبر واشعر بتحسن من دون ان يكون لدي اي اوجاع باستثناء بعض الام الرأس احيانا"، ويضيف "انا في وضع جيد" ويقول مازحا انه سعيد بمعاملته مثل نجم غنائي كبير، وتوقف تيموثي عن تناول مضادات الفيروس القهقرية بعد خضوعه لزرع نقي العظم في العام 2007 لمعالجة اصابته بسرطان الدم ولم يعد يبدي منذ ذلك الحين اي مؤشر الى اصابته بفيروس الايدز، واعلن الاطباء الذين كانوا يتابعون حالته، شفاءه. وكان نقي العظم الذي زرع له متأتيا من واهب يتمتع بخلايا مناعية متحولة مقاومة لفيروس اتش اي في، وتفيد التقديرات ان 0,3% من السكان يتمتعون بهذه المناعة الطبيعية على فيروس "اتش اي في" الاتية من تحول الجينة "سي سي ار 5". ويقول تيموثي ان هذه النسبة هي 1% بين السكان الاوروبيين، ويوضح انه خضع لعملية زرع نقي عظم ثانية العام 2008 من الواهب ذاته بسبب تجدد سرطان الدم وليس اتش اي في. وادت هذه العملية الى اصابته ببعض المشاكل في الاعصاب، والى جانب عمليتي الزرع هاتين وهما عمليات طبية صعبة دونها مخاطر، خضع تيموثي ايضا لعلاج بالاشعة على كل جسمه لمعالجة سرطان الدم، ويقول "اليوم اريد ان اساعد من خلال مؤسستي على ايجاد طريقة للشفاء من فيروس +اتش اي في+ للعالم باسره" مؤكدا "انا شخصيا ملتزم" من خلال وضع نفسه بتصرف الابحاث التي تجري جامعة سان فرانسيسكو في كاليفورنيا (غرب)، ويفيد ان معاهد الصحة الوطنية الاميركية اتصلت به بطريقة غير مباشرة لانها تريد ان تفحص عينة من دمه لمعرفة ان كان لا يزال فيها اثر لفيروس اتش اي في. بحسب فرانس برس.

وتعليقا على جدل اخير اطلقه باحث فرنسي قال ان ثمة اثارا للفيروس رصدت في دمه يؤكد تيموثي "انا شفيت فعلا. انا سلبي المصل. يمكنني ان اعرض كل التحاليل والفحوصات الطبية التي تؤكد ذلك"، وتابع يقول "انوي الان من خلال مؤسستي ايجاد اطراف مانحة للحصول على الاموال التي تسمح بالمساعدة في الابحاث" مشددا على ان التكنولوجيا الحيوية هي طريق واعدة اكثر من غيرها لايجاد سبل للشفاء من الايدز، ويعتبر تيموثي ان الحكومة الاميركية تستثمر القليل في التكنولوجيا الحيوية مع ملياري دولار سنويا فقط، في حين ان الصين تكرس 60 مليار دولار سنويا على ما يفيد، ويشدد على وجود "الاف الباحثين المؤهلين جدا الذين لا يمكنهم الحصول على المال وهم على استعداد للعمل من اجل ايجاد طريقة للقضاء على فيرس +اتش اي في+" مشيرا الى ان اوروبا تنفق اكثر من الولايات المتحدة على الابحاث لايجاد حل لمشكلة الايدز، وردا على سؤال حول الطابع "العجائبي" لشفائه كما يقول البعض يرد قائلا "هذا امر يصعب الحديث عنه"، ويوضح "ان ينسب الامر الى الطب او الى العناية الالهية فهذا رهن بمعتقداتك الدينية" ويختتم قائلا "انا اعتبر انه مزيج من الاثنين معا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 9/آب/2012 - 20/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م