سوريا... مناعة العسكر تحبط آمال الغرب

 

شبكة النبأ: اصبح من الواضح للجميع ان الارضي السورية قد اصبحت اليوم ساحة قتل بالوكالة تدير دفتها بعض الجهات والدول الاقليمية التي تسعى لتوسيع نفوذها وبسط هيمنتها مستغلة بذلك بعض الشعارات الطائفية لأجل اثارة الفتنة بين ابناء سوريا، وتغدق قوى اقليمية المال والسلاح على مقاتلي المعارضة وينضم اليهم جهاديون في معركتهم للإطاحة بالرئيس بشار الاسد بينما ترد قواته التي تتمتع بتسليح جيد ورباطة جئش وقوة على تلك الهجمات في مهمة مشروعة لدفاع عن سيادة وامن بلادها وهو ما ترفضه تلك الدول وتسعى الى تحريف والغاء تلك الشرعية التي تؤيدها كل الشرائع والقوانين باعتبارها حق مشروع لكل حكومة. واصبحت المشاهد المروعة للقتلى من المدنيين او مقاتلي المعارضة الذين اعدموا لقطات يومية للصراع المتفاقم في سوريا. وتشير لقطات مصورة تظهر معارضين وهم يقتلون بدم بارد افرادا من الميليشيا الموالية للأسد رميا بالرصاص الى انهم قادرون على ارتكابابشع الاعمال بحق معارضيهم.

وتحول الصراع في سوريا الى حرب اقليمية بالوكالة بين الاسلام السني والاسلام الشيعي قد تقسم البلد على اسس طائفية ما لم تبرز قيادة موحدة للمعارضين لحكم الاسد كمعارضة جديرة بالثقة. ولا يرى المراقبون لسوريا اي علامة على وجود معارضة جاهزة لإدارة البلاد اذا أفلت زمام السيطرة من الاسد وعائلته اللذين تستند قوتهما الى الاقلية العلوية الشيعية. ويخشى البعض ان يتحول الوضع الى حرب على النمط اللبناني تجتذب الجميع حيث تقاتل جماعات مسلحة من مختلف الاطياف العقائدية والطائفية طلبا للسيطرة على الارض فتحول سوريا إلى شظايا تلقي بها في مستنقع الدول الفاشلة. ومع مساندة جمهورية ايران الاسلامية الشيعية للأسد وتأييد السعودية ودول عربية سنية اخرى للمعارضة قد تصبح سوريا ساحة تتحول فيها الحرب الاقليمية السنية-الشيعية الباردة الى حرب أهلية مفتوحة يمكن ان تزعزع استقرار جيرانها لبنان وتركيا والعراق والاردن.

ويقول أيهم كامل من مؤسسة اوراسيا جروب لاستشارات المخاطر السياسية ان الوضع في سوريا هو بشكل شبه مؤكد حرب بالوكالة. ويضيف قائلا "في هذه المرحلة من الصراع من الصعب عدم القول ان البعد الدولي للصراع في سوريا يطغى على البعد الداخلي." ومضى يقول "سوريا الان ساحة مفتوحة. في اليوم الذي يسقط فيه الاسد ستجد كل هذه الجماعات المختلفة ذات الاهداف والأولويات المختلفة والولاءات المختلفة والتي تؤيدها دول مختلفة ومع ذلك فهي عاجزة عن تشكيل قيادة متماسكة."

ويعتقد كامل ان سوريا تتفكك الان بالفعل وان الجيش السوري الحر -وهو التنظيم الجامع للكثير من المجموعات المسلحة التي تقاتل للإطاحة بالأسد- لا يعدو ان يكون وكيلا لجماعات سنية. ويقول "الجيش السوري الحر مجرد شعار. فلا وحدة بين هذه المجموعات المتمردة. لكي يكون هناك جيش سوري حر ينبغي وجود هيكل قيادي وان يتبع الجميع هذا الهيكل القيادي." ويضيف أنه بدلا من ذلك "هناك مجموعات مختلفة تزودها بالمال والعتاد العسكري دول مختلفة وهي شبه مستقلة." ويقول كامل "المناطق المختلفة تسيطر عليها مجموعات مختلفة سواء كانت ذات مرجعية عقائدية أو طائفية وسواء ظل نظام بشار طرفا مؤثرا لدينا بالفعل اطراف اكثر من ذي قبل." وتابع قائلا "لا أهون من احتمال ان تصبح هناك مجموعات مختلفة من قوات المعارضة تصارع بعضها البعض للسيطرة على الارض."

ويقول من يراقبون سوريا عن كثب إن الخطر الحقيقي هو أن ينزلق الوضع الى حرب أهلية طويلة ودموية للغاية وصراع طائفي يفاقمه غياب معارضة موحدة وجديرة بالثقة. وقال جورج جوف وهو خبير في شؤون الشرق الاوسط بجامعة كامبردج "لا اعتقد ان ثمة من يمكنه ان يتولى المسؤولية. المشكلة الكبيرة في حقيقة الامر انه لا وجود لمعارضة جديرة بالثقة." واضاف قائلا "كيف يمكن الجمع بينهم.. كيف يمكن جعلهم يتعاونون في هذه المرحلة المتأخرة لانهم مختلفون جذريا بشأن ما ينبغي عمله."

وتعاني المعارضة السياسية في الخارج الممثلة في المجلس الوطني السوري الذي يضم الاخوان المسلمين ونشطاء يطالبون بالديمقراطية وجماعات يسارية من التنافس العقائدي والديني الذي يعوق محاولتها لتكوين بديل سياسي للأسد. ويمثل ما يسمى المجلس الوطني السوري صوتا دوليا للمعارضة لكن قادة قوات المعارضة في الميدان يقولون ان القيادة في الخارج ليس لها صلة تذكر بما يحدث في سوريا.

وتتبدى الخلافات في صفوف المعارضة في التصريحات المتعارضة بشأن كيفية التعامل مع الصراع حيث تطالب بعض الجماعات بمزيد من السلاح بينما تدعو جماعات اخرى الى التوصل الى تسوية عن طريق التفاوض. وما ان اعلن بعض الاعضاء البارزين في المجلس الوطني السوري تشكيل ائتلاف سياسي جديد يخطط لإقامة حكومة انتقالية بعد الاسد حتى تعرض للهجوم من جانب رئيس المجلس الوطني عبد الباسط سيدا وقائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الاسعد. وقال سيدا انه اذا خرجت كل مجموعة بمفردها تعلن تشكيل حكومة جديدة دون اجراء محادثات فسينتهي الامر الى وجود سلسلة من الحكومات الضعيفة التي لا تمثل أحدا. ووصف الاسعد الائتلاف الجديد بأنه مجموعة من "الانتهازيين" يسعون للاستفادة من مكاسب قوات المعارضة.

وتفيد بيانات الامم المتحدة والنشطاء بأن الصراع أودى بحياة 18 ألف شخص وأدى الى نزوح مئات الالاف. ومع استمرار الصراع دون حل يقول بعض السوريين ان مجموعات من الاسلاميين الجهاديين المحليين ومقاتلي القاعدة تضطلع بدور نشط. ويكشف نجاح قوات الاسد في استعادة السيطرة على المناطق التي سقطت في ايدي المعارضة في دمشق وحلب عن ان الحكومة ما زالت لديها القدرة على القتال والصمود. بحسب رويترز.

ويرى المحلل والكاتب السياسي اللبناني راجح خوري ان "سوريا قد تذهب الى حرب اهلية طويلة ربما تستمر لسنوات. نحن نعرف ان لبنان بلد الخمسة ملايين نسمة وبسبب التدخلات الخارجية استمرت الحرب فيه 15 عاما فكيف بالتدخلات الدولية والاقليمية المعروفة في سوريا وكيف بعد كل هذه الفواتير الكبيرة من المآسي والدماء. "اعتقد ان انزلاق سوريا الى حرب اهلية اوسع وأشنع ستحول البلاد الى حرب كبيرة وهو احتمال سيء للغاية."

مذكرة لدعم المعارضين

من جانب اخر وقع الرئيس الاميركي باراك اوباما وثيقة سرية تسمح بتقديم المساعدة للمقاتلين المعارضين السوريين، في ما يشكل خطوة في اتجاه التخلي عن "الحذر" في التعامل مع الساعين للإطاحة بنظام الرئيس بشار الاسد. وجاء الكشف عن هذه المذكرة بينما رأى خبراء اميركيون في مجلس الشيوخ انه يتوجب على واشنطن ان تزيد من دعمها للمتمردين من خلال تقديم اسلحة ودعم جوي لهم، لترسم "بوضوح" لنظام الاسد "خطا احمر" لا يجوز تجاوزه تحت طائلة تدخل عسكري.

وافادت محطتا "ان بي سي" و"سي ان ان" نقلا عن مصادر لم تحدداها ان توقيع اوباما جاء في اطار ما يعرف ب"التقرير الرئاسي" وهي مذكرة تجيز لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) القيام بتحركات سرية. لكن مسؤولين في البيت الابيض رفضوا التعليق على هذه المعلومات، من دون ان يستبعدوا ان تكون واشنطن تقدم للقوات المناهضة للاسد المزيد من الدعم في مجال الاستخبارات مما تم الاقرار به. ووردت هذه المعلومات عن توطيد العلاقة بين الولايات المتحدة والمعارضة السورية في وقت تدور معارك طاحنة في حلب ثاني مدن سوريا بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة في ما وصف ب"أم المعارك".

كما تتزامن من تشديد الضغط السياسي على البيض الابيض لحضه على تقديم المزيد من الدعم للمعارضة السورية رغم تمنع الولايات المتحدة عن الانخراط في حرب جديدة في الشرق الاوسط. وكانت واشنطن اعلنت سابقا انها تقدم مساعدة طبية ولوجستية لمقاتلي المعارضة السورية الا انها ترفض تقديم اسلحة، محذرة من ان المزيد من عسكرة النزاع الجاري في سوريا لن يكون مثمرا.

لكن خبراء مشاركين في جلسة استماع امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ حذروا من ان اطالة امد النزاع يزيد المخاطر، ويؤدي الى تزايد المجازر على نطاق واسع. واكد رئيس اللجنة السناتور جون كيري انه "لا بد من العمل على تسريع خروج الرئيس الاسد". لكن الخبراء لم يجمعوا على شكل التدخل وحدود الدعم الذي يمكن الولايات المتحدة تقديمه ولاسيما لجهة تزويد مقاتلي المعارضة بالأسلحة.

وشدد مارتن انديك وهو سفير اميركي سابق في اسرائيل ويشغل حاليا منصب مدير السياسة الدولية في معهد بروكينغز، على وجوب ان "ننتبه الى من نعطي اسلحة" ولا سيما في غياب رؤية اميركية واضحة عن هوية واهداف القوى التي تشكل المعارضة المسلحة في سوريا. لكن من غير المؤكد ان واشنطن بدلت سياستها المتبعة القاضية بعدم امداد المقاتلين السوريين بالأسلحة.

كما رفضت واشنطن حتى تاريخه اي حديث عن تدخل عسكري اميركي واقتصر دعمها للمعارضة على تجهيزات اتصال بميزانية وصلت الى 25 مليون دولار. كما قدمت 64 مليون دولار كمساعدات انسانية، وخصوصا المساهمة في اقامة مخيمات لعشرات الاف النازحين من سوريا الى جارتيها تركيا والاردن.

وتتعاون ادارة اوباما في شكل وثيق مع تركيا في الموضوع السوري، واخر اشكاله مكالمة هاتفية اجراها الرئيس الاميركي مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، اتفقا خلالها على "تسريع الانتقال السياسي" في سوريا، بحسب ما اعلن البيت الابيض. والنقطة الاخرى التي تشكل منطلقا للدعوات المتزايدة لتفعيل التدخل الاميركي هي ترسانة الاسلحة الكيميائية التي لوح نظام الاسد باللجوء اليها في حال تعرضه لاعتداء خارجي.

ومع تردد أنباء عن تحريك النظام مخزوناته من هذه الاسلحة، اعتبر الخبراء انه يجدر بالولايات المتحدة ان تكون واضحة في تحذير الاسد من استخدام "اسلحة دمار شامل". وقال اندرو تابلر الخبير في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى ان "التفكير بان الاسد يعرف ان استخدام اسلحة دمار شامل كهذه سيكون تجاوزا لخط احمر امر جيدلكن هذا مجرد شعور بالتفاؤل".

من جهته طرح مدير الامن الدولي في "راند كوربورايشن" جيمس دوبينس فرض منطقة حظر جوي فوق كل مناطق سوريا او اجزاء منها، مما يتطلب نوعا من المشاركة الاميركية. ويأمل دوبينس في ان يتضح لنظام الاسد ان استخدام الطائرات الحربية في شكل ممنهج سيكون "خطا احمر" يدفع الى تدخل اميركي اضافي.

في السياق ذاته وصل وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا الى عمان التي يبحث فيها مع الملك عبد الله الثاني الاوضاع في سوريا ومسألة تدفق اللاجئين السوريين الى المملكة. وقال بانيتا للصحافيين المرافقين له قبيل هبوط طائرته في مطار ماركا العسكري (شرق عمان) في آخر محطة من جولة شملت تونس ومصر واسرائيل، ان "دولتينا قلقتان مما يجري في سوريا وانعكاسات التي قد تترتب على ذلك على الاستقرار في المنطقة".

واضاف ان الولايات المتحدة "تعمل بشكل وثيق جدا" مع الأردنيين لتقديم مساعدات انسانية لحوالي 145 الف سوري هربوا الى الأردن، معبرا عن شكره للسلطات "لتركها الحدود مفتوحة امام الفارين من العنف في سوريا". بحسب فرنس برس.

وافتتح الاردن اول مخيم رسمي للاجئين السوريين في منطقة الزعتري بمحافظة المفرق (شمال المملكة) قرب الحدود مع سوريا، يفترض ان يتسع لنحو 120 الف لاجئ. ووفقا للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين فر اكثر من 267 الف سوري من بلدهم منذ اندلاع اعمال العنف. واشارت الى ان معظم هؤلاء فروا الى الاردن وتركيا ولبنان. من جهته، اكد بانيتا ان وزارة الدفاع الاميركية "وصلت الى مستوى غير مسبوق من التعاون مع الجيش الاردني وذلك في ضوء ما يحدث في سوريا". واضاف "فعلنا ذلك بطريقة نحاول من خلالها الوصول الى اكبر تقارب ممكن بيننا للتعامل مع اي طارئ يحدث هناك".

على صعيد متصل قال وزير الدفاع الامريكي جون بانيتا إنه يجب الابقاء على القوات الحكومية في سوريا متماسكة عندما يطاح بالرئيس بشار الاسد من السلطة محذرا من تكرار اخطاء حرب العراق. واضاف بانيتا في مقابلة مع شبكة تلفزيون (سي.ان.ان) اثناء زيارة الي تونس إن الحفاظ على الاستقرار في سوريا سيكون مهما وفق أي خطة تتضمن رحيل الاسد عن السلطة.

وقال "اعتقد ان من المهم عندما يرحل الاسدالسعي الى صيانة الاستقرار في ذلك البلد." "افضل طريقة للحفاظ على ذلك النوع من الاستقرار هو الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الجيش والشرطة متماسكا الى جانب قوات الامن مع الامل بان يستمر ذلك اثناء الانتقال الى حكومة ديمقراطية."

وكان قرار إدارة الرئيس الامريكي السابق جورج دبليو بوش حل قوات الامن العراقية والذي اتخذ بعد وقت قصير من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 عاملا مساعدا مهما في نشوب الحرب الاهلية الدموية التي اعقبت ذلك. وقال منتقدون ان ذلك القرار -الذي اتخذه مسؤولون كبار بوزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) وأعلنه بول بريمر رئيس سلطة الاحتلال الامريكي في ذلك الوقت- أدى الى تسريح عشرات الالوف من الشبان المسلحين الساخطين.

وسئل بانيتا عما اذا كان ينبغي الحفاظ على قوات الامن في سوريا بعد الاسد او تسريحها مثلما حدث في العراق فأجاب قائلا "من المهم جدا ألا نكرر نفس الاخطاء التي اقترفناها في العراق." وهناك مخاوف بشان ما قد يحدث بعد رحيل الاسد في بلد يحتل موقعا استراتيجيا ويعج بالتوترات الدينية والعرقية. بحسب رويترز.

وقال بانتيا "بصفة خاصة عندما يتعلق الامر بأشياء مثل المواقع الكيماوية فانهم يقومون بعمل جيد في تأمين تلك المواقع" في اشارة الي القوات السورية. "إذا توقفوا فجأة عن القيام بذلك فأنها ستكون كارثة ان تسقط تلك الاسلحة الكيماوية في الايدي الخاطئة.. أيدي حزب الله أو متطرفين اخرين في المنطقة."

 الدعم السعودي

من جهة اخرى قالت السعودية انه يتعين تمكين السوريين من حماية انفسهم ضد الهجمات الحكومية لكنها رفضت التعليق مباشرة على تقرير يفيد بانها ساعدت في انشاء قاعدة سرية في تركيا لدعم الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الاسد. وقالت مصادر خليجية ان السعودية وقطر وتركيا اقامت قاعدة في اضنة في جنوب شرق تركيا لمساعدة الجيش السوري الحر في الاتصال والتسليح في الوقت الذي يخوض فيه معارك في المدن السورية الكبرى ضد اقوات الجيش العربي السوري.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية في رسالة نصية ردا على سؤال بشأن القاعدة ان الموقف المعروف جيدا للمملكة هو امداد الشعب السوري بالمساعدات المالية والانسانية إلى جانب دعوة المجتمع الدولي إلى تمكينهم من حماية انفسهم على الاقل اذا لم يستطع المجتمع الدولي ذلك. واضاف المتحدث ان النظام السوري يستورد ويستخدم كل انواع الاسلحة ليقاتل ويقمع شعبه في حرب شرسة كما لو انها حرب تشن ضد عدو اجنبي لا ضد شعبه الاعزل. بحسب رويترز.

وقالت المصادر الخليجية ان المركز في اضنة -القريبة من الحدود السورية ومن قاعدة جوية امريكية في انجيرليك- اقيمت بناء على اقتراح نائب وزير الخارجية السعودي الامير عبد العزيز بن عبد الله خلال زيارة قام بها لتركيا. لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية السعودية قال ان الامير عبد العزيز -الذي رقي نائبا لوزير الخارجية العام الماضي وهو ابن العاهل السعودي الملك عبد الله- لم يزر تركيا. وتقود السعودية الجهود التي تقوم بها دول خليجية لعزل حكومة الاسد التي يهيمن عليها العلويون.

مأساة انسانية

الى جانب ذلك قالت مسؤولة رفيعة بالاتحاد الاوروبي ان القتال الذي يدور في أنحاء سوريا من مدينة لأخرى ومن بلدة لأخرى يعيد للأذهان تفكك يوغوسلافيا في التسعينات. وقالت كريستالينا جورجيفا رئيسة معالجة الازمات الدولية بالاتحاد الاوروبي في بيان "سوريا تنزلق الى مأساة انسانية على نطاق واسع تعيد ذكريات مروعة عن يوغوسلافيا السابقة." واضافت قائلة "يجب منح المدنيين في سوريا امكانية مغادرة مناطق القتال بطريقة منظمة وآمنة بدون خوف على حياتهم."

وأذاعت جورجيفا البيان في اليوم السابق لتولي فرنسا الرئاسة الدورية لمجلس الامن التابع للأمم المتحدة والتي تخطط لطلب عقد اجتماع عاجل بشأن سوريا -ربما على المستوى الوزاري- في محاولة لأنهاء الجمود الدبلوماسي ومنع اراقة مزيد من الدماء. وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا اولوند انه سيحاول اقناع روسيا والصين بدعم مزيد من العقوبات رغم رفضهما ذلك حتى الان.

وأبرزت الحروب في يوغوسلافيا السابقة فشل اوروبا في وقف العنف في فنائها الخلفي. بحسب رويترز.

وفي حرب البوسنة التي استمرت من 1992 الي 1995 قتل نحو 100 ألف شخص قبل ان تجبر الغارات الجوية لحلف شمال الاطلسي الاطراف على الجلوس الي مائدة التفاوض. وقالت جورجيفا ومنصبها الرسمي هو المفوضة الاوروبية للتعاون الدولي والمساعدات الانسانية والتعامل مع الازمات "يجب منح المنظمات الانسانية امكانية الوصول بسلام الى مناطق القتال للقيام بإجلاء الجرحى والمدنيين." واضافت قائلة "اناشد المجتمع الدولي وبوجه خاص مجلس الامن بالأمم المتحدة التركيز على الازمة الانسانية في سوريا ودعم ندائي لوقفات انسانية واحترام القانون الانساني الدولي."

ايران لن تسمح

على صعيد متصل اعلن الجنرال مسعود جزائري نائب رئيس اركان الجيش الايراني ان ايران "لن تسمح للعدو بالتقدم في سوريا"، لكنها لا ترى ضرورة للتدخل في الوقت الحالي، حسبما نقلت عنه صحيفة "شرق". وصرح جزائري "في الوقت الحالي ليس من الضروري ان يتدخل اصدقاء سوريا وتقييمنا هو انهم لن يحتاجوا لذلك". وكانت صحيفة "الوطن" القريبة من النظام السوري اوردت ان ايران حذرت تركيا من رد "قاس" في حال تدخلها عسكريا في سوريا و"تغيير قواعد اللعبة".

وتابع جزائري ان "كل فصائل المقاومة (لإسرائيل اي حزب الله اللبناني والحركات الاسلامية الفلسطينية) هم اصدقاء لسوريا بالإضافة الى القوى التي لها وزنها على الساحة الدولية (روسيا والصين)". ومضى يقول "سنقرر وفقا للظروف كيف سنساعد اصدقاءنا والمقاومة في المنطقة. لن نسمح للعدو بالتقدم". وهذا التحذير موجه الى الولايات المتحدة والدول الغربية وايضا السعودية وقطر وتركيا التي تتهمها ايران الحليف الاقليمي الاساسي لسوريا بتقديم دعم مالي وعسكري للمقاتلين المسلحين المعارضين لنظام بشار الاسد. بحسب فرنس برس.

وكان وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي اتصل بنظيره السويدي كارل بيلد للتاكيد بان الوضع في سوريا "يتجه نحو (العودة) الى الهدوء"، بحسب وكالة ايرنا. واضاف صالحي ان "الدول الصديقة لسوريا والتي تريد السلام والاستقرار في المنطقة عليها الاعداد لحوار بين السلطة والمعارضة".

ايهود باراك يقلل

من جانب اخر قللت اسرائيل من شأن الخطر الذي تمثله الأسلحة الكيماوية السورية فيما بدا أنه موقف جديد بعد تهديدات بالقيام بعمل عسكري لمنع وصول الترسانة إلى أيدي إسلاميين. وتشعر اسرائيل بقلق واضح من احتمال حصول حزب الله اللبناني على أسلحة. وأذكت مثل هذه التحذيرات الاسرائيلية مخاوف من نشوب حرب وزادت من الطلب على أقنعة الغاز التي توفرها الحكومة.

لكن منذ أن أقرت سوريا بامتلاكها أسلحة كيماوية قائلة إنها آمنة وإنها لن تستخدم إلا كملاذ أخير ضد "عدوان خارجي" بدأ الاسرائيليون يعبرون عن ثقة حذرة. وقال وزير الدفاع الاسرائيلي إيهود باراك لراديو اسرائيل خلال مقابلة "لن يحدث شئ" وتندر قائلا إنه سيعيد قناع الغاز الخاص به. وأضاف "في رأيي ما من أحد في العالم سيجرؤ على استخدام الأسلحة الكيماوية ضد اسرائيل. لذلك فلن يحدث شيء."

ويعتقد أن اسرائيل هي البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي يملك أسلحة نووية ولم تقر بهذا قط وهذا يعني أن لديها القدرة على ردع أو الرد على أي هجوم بالأسلحة غير التقليدية. ولم يعلق حزب الله على تكهنات باحتمال حصوله على أسلحة كيماوية سورية. وخاضت اسرائيل مع حزب الله حربا حدودية غير حاسمة عام 2006. ومنذ ذلك الحين قال باراك إن أي صراع جديد ستعتبر اسرائيل كل لبنان هدفا للهجوم في ظل الدور السياسي الذي يقوم به حزب الله هناك.

ويشعر بعض المسؤولين الاسرائيليين بالقلق من أن يحاول بعض المقاتلين المتشددين الذين يحاربون الأسد الاستيلاء على أسلحة كيماوية سورية. ومن السيناريوهات الأخرى احتمال استخدام الأسد للأسلحة ضد اسرائيل بهدف تعزيز شرعيته في العالم العربي.

واسرائيل في حالة حرب من الناحية النظرية مع سوريا وتحتل هضبة الجولان منذ عام 1967. لكن البلدين لم يتبادلا اطلاق النيران بشكل مباشر منذ 30 عاما وفسرت وسائل إعلام محلية شهادة قائد القوات المسلحة أمام الكنيست حول خطر "التدهور الذي لا يمكن السيطرة عليه" في سوريا على أنها تحذير من فتح جبهة قتال جديدة مع الأسد. بحسب رويترز.

وكتب ايتان هابر وهو متحدث باسم رئيس الوزراء الراحل اسحق رابين في صحيفة يديعوت احرونوت يقول "ما دام الوضع في سوريا ما زال في نطاق سيطرة الأسد فإن اسرائيل ليس لديها ما يدعو للقلق." ومضى يقول "ما داموا هم المسؤولون فإن الافتراض هو أنهم لن يستخدموا أسلحة التدمير.. مع التركيز على 'ما داموا'."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 9/آب/2012 - 20/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م