السودان.. زوبعة فنجان أم ربيع حارق؟

 

شبكة النبأ: يشهد السودان كغيرة من دول المنطقة العديد الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية التي تدعوا الى اجراء اصلاحات اقتصادية وسياسية العاجلة. ويرى بعض المراقبين ان هناك مسعى جاد من قبل بعض الجهات لنقل السودان الى صفوف دول الربيع العربي من خلال تحشيد الشارع السوداني للوقوف بوجه الحكومة التي تعاني الكثير من الازمات والمشاكل والتحديات، وفي هذا الشأن فقد طالب محتجون سودانيون بتحقيق العدالة بعد مقتل ثمانية اشخاص على الاقل في اعمال عنف غير مسبوقة منذ بدء التظاهرات الاحتجاجية في منتصف حزيران/يونيو الماضي، بحسب ما افاد شهود عيان. وتجمع المتظاهرون ومعظمهم من الشباب، في مدينة نيالا عاصمة اقليم جنوب دارفور للتعبير عن غضبهم بعد مقتل ثمانية اشخاص خلال تظاهرة كبيرة جرت احتجاجا على ارتفاع الاسعار، بحسب الشهود. وهتف المتظاهرون "نريد العدالة .. نريد الثأر".

واطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع، وسمعت اصوات عيارات نارية، الا انه لم تقع اصابات، بحسب الشهود الذين اضافوا ان المحتجين اضرموا النار في الاطارات في الشوارع. ونادى المحتجون بالإطاحة بحاكم الولاية وبحكومة الخرطوم بعد اول تأكيد رسمي لوقوع قتلى في الاحتجاجات المناهضة للنظام التي تجري في انحاء السودان.

ونقلت وكالة الانباء السودانية الرسمية عن الشرطة قولها ان ثمانية مواطنين قتلوا واتهمت مجموعة ناشطين تطلق على نفسها "السودان التغيير الان" الشرطة بإطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين في نيالا، معلنة مقتل 12 شخصا اغلبهم من الشباب. ولم تقدم الشرطة اسبابا لحالات الوفيات ولكنها قالت انها استخدمت الحد الادنى من القوة للسيطرة على الاوضاع بعد ان احرق المتظاهرون محطة للوقود واحد مراكز الشرطة في نيالا.

وقال شاهد عيان ان الشرطة اطلقت الغاز المسيل للدموع كما رشق المتظاهرون مباني حكومية بالحجارة واحرقوا الاطارات المستعملة في الطرق الرئيسية. وذكر بعض النشطاء في العاصمة الخرطوم انه رغم ان الشرطة تستخدم الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية والهراوات ضد المتظاهرين، الا ان الحكومة تخشى دائما من قتل المتظاهرين حتى لا يصبحوا "شهداء".

وكان مقتل الطالب احمد القريشي في العام 1964 اشعل "ثورة اكتوبر" التي اطاحت بالحكومة العسكرية التي كانت تحكم البلاد في ذلك الوقت. وخلال الازمة الاقتصادية في 1985، سارت حشود كبيرة في العاصمة في انتفاضة ادت الى الاطاحة بالرئيس جعفر النميري دون اراقة دماء.

ويشير السودانيون بفخر الى تاريخهم والى هذه الاحداث التي وقعت قبل وقت طويل من حدوث ثورات الربيع العربي.

الا ان احد المحللين شكك في ان تكون احداث دارفور شرارة لاحتجاجات اوسع بسبب النظرة الدونية لسكان دارفور في المجتمع الذي يصبح اكثر انقساما على اسس اتنية وغيرها. وقال المحلل الذي طلب عدم الكشف عن هويته ان "الحكومة الحالية زادت من هذا الانقسام على مدى سنوات". وينشط قطاع الطرق في دارفور فيما تتواصل اعمال العنف بين القبائل والمعارك بين المتمردين والجيش السوداني رغم انها اقل عنفا من عامي 2003-2004 حيث بلغ العنف اقصاه بعد تمرد جماعات غير عربية على نظام الخرطوم.

وتقول الامم المتحدة ان اكثر من 300 الف شخص قتلوا في دارفور، بينما تقول الحكومة السودانية ان عددهم لا يتجاوز 10 الاف. وقال المحلل انه فيما تتوخى الحكومة المركزية بشكل عام الحذر في التعامل مع الاحتجاجات، الا ان القوات الامنية التي تم نشرها كانت تفتقر الى المهارات. وذكرت حكومة جنوب دارفور ان الاحتجاجات بدأت بسبب احتجاج الطلاب على رفع اسعار وسائل النقل الا ان "مجموعات اخرى" انضمت اليها لمهاجمة ممتلكات حكومية.

وبدأت الاحتجاجات في السودان عندما اعرب طلاب من جامعة الخرطوم عن معارضتهم لرفع اسعار الاغذية وبدأوا في اطول تحد يشهده نظام الرئيس عمر البشير المستمر منذ 23 عاما. وتوسعت الاحتجاجات خلال شهر رمضان. الا ان اضراب سائقي وسائل النقل العام احتجاجا على ارتفاع اسعار الوقود اضاف الى العبئ الذي يرزح تحته سكان نيالا. بحسب فرانس برس.

من ناحية اخرى نقلت وكالة الانباء الرسمية السودانية ان معتمد محلية الواحة في ولاية شمال دارفور قتل بعد ان اطلق مسلحون النار على سيارته في مدينة كتم شمال الفاشر عاصمة الولاية. وقالت الوكالة "اختطف المسلحون السيارة ولكن الاجهزة الامنية طاردتهم واستطاعت استعادة السيارة وما زالت تلاحقهم للقبض عليهم". ولم توضح الوكالة هوية المسلحين الذين نفذوا الهجوم . وتتم عمليات اختطاف للسيارات من قبل مسلحين في اقليم دارفور غربي السودان المضطرب من وقت لأخر ولكن استهداف مسؤولين سودانيين امر نادر الحدوث في السودان.

في السياق ذاته قال ناشط مناهض للفساد من جنوب السودان إنه خطف وتعرض للضرب على مدى يومين على أيدي مهاجمين مجهولين غاضبين من حملته لكشف مسؤولين يشتبه بأنهم سرقوا أربعة مليارات دولار من أموال الحكومة. وقال دينج أوثواي موير رئيس تحالف المجتمع المدني لجنوب السودان إنه خطف من أمام الفندق الذي ينزل به بالعاصمة جوبا في الرابع من يوليو تموز. ويظهر الحادث التحديات التي تواجه جنوب السودان الذي انفصل عن السودان العام الماضي بعد حرب أهلية استمرت 20 عاما.

وقال موير إن مهاجميه كمموه وغطوا وجهه بكيس ونقلوه إلى مكان غير معلوم. وأضاف أنهم قيدوه في مقعد واستجوبوه دون أن يقدموا له أي طعام أو ماء. وقال موير الذي تضم منظمته عددا من جماعات حقوق الإنسان المحلية إن محتجزيه كانوا يريدون معرفة من يقف وراء حملته لنشر قائمة تضم اسماء 75 مسؤولا يشتبه في أنهم سرقوا أربعة مليارات دولار من أموال الحكومة.

وفي الأيام التالية لخطفه قال أعضاء في جماعته إنهم بدأوا يتلقون مكالمات هاتفية ورسائل نصية تهددهم بالقتل إذا استمروا في الحديث عن نهب الأموال العامة. ويقول نشطاء إن الفساد استنزف موارد الدولة وأعاق التنمية المطلوبة بشدة في الدولة التي مزقتها الحرب. وتقدر جماعة جلوبال ويتنس الحقوقية أن حكومة جنوب السودان اختلست أو بددت 30 بالمئة من إيراداتها النفطية منذ أن أصبح جنوب السودان كيانا يتمتع بالحكم الذاتي في عام 2005 . وقال موير إنه تمكن من الهرب عندما كان محتجزوه ينقلونه عبر غابة واعترضهم مجموعة من الجنود. وسار إلى مركز محلي للشرطة وهم مكبل اليدين ومكمم الفم. بحسب رويترز.

وقال إنه لا يعرف من خطفه لكنه ألمح إلى أن خاطفيه ربما كانت لهم صلة مع بعض المسؤولين المحليين. ورفضت الحكومة هذا التلميح قائلة إنها شكلت لجنة للتحقيق في خطفه. وقال وزير الإعلام برنابا بنجامين "اعتقد أن الطريقة الوحيدة للتعامل مع هذا هو التحقيق ومعرفة من يفعل ذلك. تلك هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها القضاء على أشياء كتلك."

الى جانب ذلك وجهت محكمة سودانية تهمة الارهاب لناشطين اثنين شاركا في التظاهرات التي اندلعت في انحاء مختلفة من السودان على خلفية ارتفاع اسعار المواد الغذائية وطالبت بأسقاط النظام الحاكم. وقال محامي الناشطين خالد عوض عبد الله خارج قاعة المحكمة في شمال الخرطوم ان "المحكمة وجهت الى رضوان داود واحمد علي اتهاما بالشروع في انشاء منظمة ارهابية"، موضحا ان العقوبة التي يوجهها الناشطان هي "السجن عشر سنوات". ولم يسمج للصحافيين بدخول قاعة المحكمة. بحسب فرنس برس.

وينشط داود في مجموعة شبابية تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت للدعوة الى التظاهر ضد نظام الحكم في السودان. وقالت المجموعة على موقعها على الانترنت ان داود "اعتقل من منزله في الثالث من تموز/يوليو بعد ان ساعد في تنظيم تظاهرات في الخرطوم والمناطق القريبة منها". واوضح المحامي عبدالله ان "المحكمة قضت بالأفراج عن عشرة ناشطين اخرين لعدم كفاية الادلة بينهم والد رضوان داود وشقيقه.

النموذج الدموي

في السياق ذاته قال الصادق المهدي رئيس الوزراء الأسبق ان انتفاضة على نمط الربيع العربي في السودان ستتبع في الغالب النموذج الدموي في سوريا أو ليبيا لان القوات المسلحة والقضاء هناك غير مستقلين ويمكن استخدامهما ضد الشعب السوداني. ولم يشهد السودان حتى الآن موجة الاضطرابات الشعبية التي أطاحت بزعماء تونس ومصر وليبيا واليمن الذين أمضوا فترات طويلة في الحكم لكن اجراءات التقشف التي طبقت لاحتواء أزمة اقتصادية فجرت الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

وقال المهدي الذي أطيح به في انقلاب غير دموي عام 1989 جاء بالرئيس عمر حسن البشير الى السلطة انه نادرا ما جمعت المظاهرات أكثر من بضع مئات في المرة الواحدة لكن الاستياء الشديد بشأن ارتفاع اسعار الغذاء والمتاعب الاقتصادية الاخرى التي تفاقمت نتيجة لانفصال جنوب السودان المنتج للنفط قبل عام يمكن ان تشعل مزيدا من الاحتجاجات. وقال المهدي في مقر اقامته في ام درمان "... النظام الذي جاء الى السلطة من خلال انقلاب فشل. كل البرامج فشلت." لكنه قال ان اي انتفاضة ستشبه على الارجح الاحداث في سوريا وليس انتفاضة تونس التي فر زعيمها الى السعودية في مواجهة الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية. وقال "ليس لدينا نفس النوع .. دعنا نقول .. قوات مسلحة وطنية أو هيئة قضائية محايدة ومستقلة. في الحالتين في السودان تم تسيس الاثنين."

وأدت المظاهرات الحاشدة الى سقوط الحاكمين العسكريين في السودان في عامي 1964 و1985 . وقال المهدي انه في الحالتين انحاز الجيش الى المتظاهرين في مرحلة ما لكنه اضاف انه أقل ثقة في ان هذا سيحدث الآن. وقال "الانتفاضة الممكنة تقود الى سيناريو سوريا أو سيناريو ليبيا أو سيناريو اليمن."

وينفي مسؤولون سودانيون الاتهامات بأن تكون محاكم البلاد والمؤسسات الاخرى مسيسة. وقال البشير انه لن يكون هناك ربيع عربي في السودان. وأصبح المهدي زعيم طائفة الانصار القوية رئيسا للوزراء بعد ان فاز حزبه في انتخابات ديمقراطية في الثمانينات لكن أطيح به في عام 1989 . وأمضى السياسي الذي تعلم في جامعة اكسفورد اربع سنوات في منفى اختياري في التسعينات وعاد الى السودان في عام 2000 .

ووقع حزب الامة وثيقة مع جماعات معارضة اخرى تدعو الى القيام بإضرابات واعتصامات ومظاهرات للإطاحة بالحكومة لكنها لم تدفع بأعضائها الى الشارع بقوة. وقال المهدي ان هدف الحزب هو خلق تغيير سياسي من خلال المفاوضات يضم لاعبين مختلفين بينهم الحزب الحاكم وليس من خلال اضطرابات دامية. واتهم ناشطون شبان حزب الامة وجماعات معارضة أخرى بأنها شديدة اللين مع المؤسسة الحاكمة وعازفة عن الضغط بشدة من أجل التغيير. بحسب رويترز.

لكن المهدي قال "نحن ملتزمون بالتغيير. الامر فقط هو اننا نعتقد انه من الممكن ان تصنع الضغوط التغيير بدماء اقل. لسنا عازفين. نحن أكثر خبرة ونعلم .. دعونا نقول .. قواعد اللعبة." وقال المهدي ان الوضع الاقتصادي سيستمر في إذكاء الاعتصامات والاضرابات والمظاهرات. وأضاف "متى يحدث غليان؟ لا يمكنني التنبؤ تحديدا. لكنه هناك. لن يتبدد ما دامت العوامل المسببة له موجودة."

من جانب اخر اكدت مريم المهدي احد الوجوه البارزة في المعارضة السودانية ان قوات الامن السودانية استخدمت الرصاص الحي وتظهر المزيد من العدائية ضد المتظاهرين المنددين بارتفاع الاسعار والمحتجين على نظام الرئيس عمر البشير. واوضحت ابنة رئيس الوزراء السابق صادق المهدي ان مسجد واد النبوي الذي يؤمه انصار حزب الامة كان مسرحا لهجوم عنيف ما يدل على تغليظ هجمات القوات الحكومية على التجمعات السلمية. واكدت مريم المهدي عضو المكتب السياسي لحزب الامة الذي يقوده والدها انه "في كل مرة يتزايد العنف والوحشية".

وبدأت السلطات في استخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي في 22 حزيران/يونيو عندما خرجت مظاهرات صغيرة بعد صلاة الجمعة من المسجد ومن انحاء اخرى من المدينة. واكدت المعارضة البارزة التي شاهدت الاحداث "كان الناس محاصرين داخل المسجد" عندما شن عناصر من المخابرات والامن هجوما عليهم "في وقت الصلاة". واضافت "استخدموا الرصاص الحي" واطلقوا النار في السماء لمحاولة تفريق المتظاهرين، لكن احد افراد الامن اطلق النار على شخص واصابه في رجله.

وقالت مريم المهدي ان قوات الامن حاصرت المئات من الاعضاء في الحزب وغيرهم كانوا معتصمين في المسجد ولم يكن بالإمكان تقديم الاسعافات للمصابين، بعكس المرة السابقة. وتابعت "لقد تعمدوا منع وصول اي مساعدات للمعتصمين". واوضحت المعارضة ان "الكثير من الاشخاص اصيبوا بالرصاص المطاطي" مشيرة الى ان الشرطة استخدمت كذلك "القنابل الصوتية". وصرحت "لدينا شعور بالتصعيد"، وشجبت الهجوم على المساجد الذي اعتبرته "شائنا". بحسب فرانس برس.

وعبر كل من الاتحاد الاوروبي وكندا والولايات المتحدة عن قلقهم من القمع العنيف، وتحدث ناشطون عن اعتقال الالاف. من جهتها وصفت الحكومة المتظاهرين ب "المشاغبين" الذين يهددون استقرار السودان. واشارت مريم المهدي "لقد قالوا في وسائل الاعلام انهم لن يسمحوا باستخدام المساجد لتدبير مؤامرات خارجية وانهم سيغلقون كل مسجد يسمح بمثل هذه الممارسات".

اسلامي مئة بالمئة

من جهته قال الرئيس السوداني عمر حسن البشير ان دستور السودان الجديد سيكون اسلاميا بنسبة مئة في المئة ليكون مثالا للدول المجاورة والتي شهدت بعضها فوز احزاب دينية بالسلطة بعد انتفاضات شعبية. وادى انفصال جنوب السودان الذي تقطنه اغلبية غير مسلمة قبل عام الى اثارة توقعات بان السودان الذي استضاف زعيم القاعدة السابق اسامة بن لادن في التسعينات سيبدأ في تطبيق الشريعة الاسلامية بشكل اكثر صرامة.

وفي كلمة لزعماء الطرق الصوفية في الخرطوم اشار البشير الى ان دستور السودان الجديد خلال فترة ما بعد الانفصال قد يساعد في توجيه التحول السياسي بالمنطقة. وقال البشير انه يريد ان يقدم دستورا يمثل نموذجا للدول المجاورة واضاف ان هذا النموذج واضح فهو دستور اسلامي بنسبة مئة في المئة. واردف قائلا انه يقول لغير المسلمين انه لا شيء سيحفظ لهم حقوقهم سوى الشريعة الاسلامية لأنها عادلة.

وقال البشير الذي يواجه احتجاجات على نطاق محدود تدعو الى استقالته انه سيتم تشكيل لجنة تضم كل الاحزاب والطوائف الدينية والصوفية لإعداد دستور. ويبدو ان هذه خطوة لتهدئة استياء احزاب المعارضة الاخرى والتي مازال كثير منها تهيمن عليه شخصيات اسلامية بسبب احجام البشير عن تخفيف قبضته على حزب المؤتمر الوطني الحاكم. ولم يحدد موعدا للدستور الجديد.

وبعد الانقلاب الذي وقع في عام 1989 والذي جعل البشير يصل الى السلطة طبق السودان قوانين جعلت الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي لها. والجلد عقوبة شائعة في السودان بالفعل لجرائم مثل شرب الخمر والزنا. والحكم بالرجم نادر على الرغم من امرأة سودانية حكم عليها بالرجم لأدانتها بالزنا مما اثار ادانة من محامي حقوق الانسان. ولم تنفذ احكام مماثلة في الماضي.

ويتولى البشير الحكم منذ 23 عاما وهو واحد من اطول الحكام الافارقة بقاء في السلطة. والبشير مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بشأن ارتكاب جرائم حرب في دارفور وهي اتهامات تقول الحكومة انها ذات دوافع سياسية ولا أساس لها. ودعت احزاب المعارضة السودانية الى اضرابات واعتصامات ومظاهرات لإسقاط حكم البشير ملقية بثقلها وراء احتجاجات ضد التقشف شهدها السودان في الآونة الاخيرة تضمنت ايضا دعوات لزيادة الحريات . ولكن لم ترسل هذه الاحزاب انصارها بعد الى الشوارع.

الى جانب ذلك قال ناشطون ان امرأة سودانية مُتهمة بالزنا حُكم عليها بالرجم حتى الموت مع رضيعها الذي يبلغ ستة أشهر ويرافقها في السجن في ثاني حكم من نوعه في الاشهر القليلة الماضية في هذا البلد. وقالت ناشطة حقوق الانسان فهيمة هاشم التي تتابع قضية ليلى ابراهيم عيسى جمول وقضايا اخرى مماثلة ان محكمة في العاصمة الخرطوم أصدرت حكمها على جمول التي تبلغ 23 عاما بالإعدام رجما بتهمة الزنا.

وقالت المبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الافريقي وهي منظمة تهتم بحقوق المرأة انها كلفت محامين قدموا التماسا ضد الادانة والحكم. وكان زوج جمول قد اتهمها بالزنا. وقالت المبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الافريقي في بيان "من المفهوم ان الالتماس سيستغرق فترة لا تقل عن شهر ونصف الشهر قبل الحصول على رد من محكمة الاستئناف. وخلال كل هذا الوقت ستبقى السيدة جمول في سجن النساء في ام درمان (قرب الخرطوم) مع رضيعها البالغ من العمر ستة أشهر." وقالت المنظمة ان الطفل في حالة صحية سيئة دون ان تذكر تفاصيل أخرى. وقالت منظمة العفو الدولية ان الادانة لا تفي بالمعايير القانونية الدولية وتنتهك ايضا القانون الجنائي السوداني. وقالت منظمة العفو في بيان "صدر حكم الرجم ... بعد محاكمة ظالمة أُدينت فيها فقط على أساس اعترافها ولم يسمح لها بتوكيل محام."

وفي ابريل نيسان أصدرت محكمة سودانية حكما بالرجم نظير الزنا على انتصار شريف عبدالله التي قال ناشطون انها كانت في العشرينات. وقالت منظمة العفو الدولية وناشطون انه افرج عنها في الثالث من يوليو تموز بعد ان نجح محاموها في تقديم طعن لأنها حرمت من توكيل محام في محاكمتها. والجلد عقاب شائع في السودان على جرائم مثل تناول المشروبات الكحولية والزنا. لكن أحكام الرجم نادرة.وبعد انقلاب 1989 قدم السودان قوانين أخذت الشريعة كمصدر رئيسي واستضاف البلد متشددين اسلاميين من بينهم اسامة بن لادن. بحسب رويترز.

وبينما سعت الحكومة منذ ذلك الحين الى تحسين صورتها على المستوى الدولي بأن نأت بنفسها عن الاسلاميين المتطرفين لكنها مازالت واحدة من الدول القليلة التي تستخدم الرجم حتى الموت في قوانينها.وفي عام 2010 أثارت قضية لبنى حسين وهي مسؤولة سودانية بالامم المتحدة غضبا دوليا عندما حكم عليها بالجلد لارتداء سروال. وطعنت في الحكم أمام المحكمة التي فرضت عليها غرامة بدلا من الجلد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 6/آب/2012 - 17/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م