شبكة النبأ: لم تكن الاعمال الدرامية
ذات الطابع الفكاهي، في هذا الشهر المبارك، بأفضل حال من سواها في شهور
رمضان الماضية، فقد أثبتت هذه الاعمال فشل المعنيين في التعامل مع
الفكاهة اولا، وفي مضمونها واهدافها ايضا، ثم فشلها في توقيت العرض
للجمهور، اذا غالبا ما تتسابق الفضائيات لعرض مسلسلاتها الفكاهية مع
توقيت رفع اذان المغرب، وكأنها بذلك لا تعي راحة الصائم وانشغاله
بالافطار ثم اداء الصلاة، ناهيك عن طابع السذاجة الذي صار يهيمن على
معظم هذه الاعمال والمسلسلات بصورة لا تقبل الشك.
يُضاف الى ذلك ان المنتجين للدراما والمقدمين لها (الفضائيات) كأنهم
يعيشون في عالم آخر، غير عالم الناس وتقاليدهم، مع انهم يصرفون ملايين
الدولارات على الاعمال الدرامية التي يفترض ان تنطوي على الفائد ايضا
وليس الفكاهة الساذجة فقط، فأكثر الاعما قبولا واحتراما لدة الناس هي
التي تحترم اذواقهم وافكارهم وعقائدهم وما يؤمنون به، لذلك حين نرى
الرقص والحركات المضحكة ترافق اذان المغرب او تليه بثوان، هذا امر غير
سليم البتة، واذا كان المعنيون لايهتمون بهذه التفاصيل البسيطة، فهم
منجهة ثانية يصرفون مبالغ طائلة على اعمالهم الدرامية، خاصة العربية (المصرية)
منها على وجه التحديد.
فقد أصبحت الدراما التليفزيونية صناعة ضخمة لا تقل عن السينما، فمن
عام إلى آخر تشهد الدراما التليفزيونية العربية تطورا كبيرا في الإنتاج
والتصوير والنصوص واستقطاب النجوم وقنوات العرض، حتى أصبحت صناعة ضخمة
للموارد المالية متجاهل انتاج الموارد الثقافية الفكرية الدينية.
ومع هذه الصناعة الضخمة والصرف المبالغ به من الاموال، تأتي
المضامين رديئة او ضعيفة او سفيهة في معظ الاحيان، إلا ماندر، فقد حملت
لنا الاخبار أن شاشات التلفاز عرضت وستعرض هذا الموسم ما يقرب من 70
مسلسلا، وهو الإنتاج الأكبر في تاريخ الدراما المصرية، واستحوذ مسلسل
"فرقة ناجي عطا الله"، للنجم عادل إمام، على الميزانية الأضخم من بين
مسلسلات شهر رمضان هذا العام، بميزانية تخطت حاجز الـ 70 مليون جنيه
مصري بقليل، حصل منها إمام على حوالي 30 مليون جنيه كأجر، جاء بعده
مسلسل خطوط حمراء للنجم أحمد السقا بميزانية إنتاج بلغت ما يقرب من 42
مليون جنيه. وامام هذه الميزانيات الضخمة يتساءل المشاهد والمتابع، هل
هناك توازن بين الفكر والمضمون من جهة وبين الاموال المصروفة؟، خاصة
اذا كان الامر يتعلق بالاعمال المتسرعة والساذحة في نفس الوقت.
بالاضافة الى ذلك اخذت بعض الاعمال تثير ضجه حول كثير من التجاوزات
التي ترتكبها بحق بعض الثوابت المتفق عليها، مثل عرض وتجسيد شخصيات
الرسل والصحابة، وهذا الامر طالما اثار جدلا بين المؤسسات الدينية وبين
الجهات المنتجة للمسلسلات او الافلام، فقد مضى اكثر من تسعين عاما على
فتوى الازهر عام 1926 بمنع تصوير الانبياء والصحابة على الشاشات
الكبيرة في حينها، وانسحاب هذه الفتاوى على الشاشة الصغيرة منذ
الخمسينات، تظهر هذه الشخصيات على الشاشة الصغيرة في مسلسل "عمر" وهو
عمل من انتاج شركة سعودية، ويعتبر هذا اول ظهور عربي لشخصيات الصحابة
على الشاشة الصغيرة، بعد ان كانت ظهرت مثيلاتها قبل سنوات على الشاشات
العربية مدبلجة عن الدراما الايرانية، وذلك بعد سقوط احتكار الدولة
لوسائل الاعلام وظهور القنوات الفضائية الخاصة التي تجاوزت في مواقفها
الشاشات الرسمية، وسبقت الدراما الايرانية العربية ببضع سنوات في تجاوز
فتوى الازهر عام 1926 الذي منع تصوير فيلم عن الرسول تحت ضغط من جماعات
مصرية سلفية حينها وانسحابها على مؤسسات الافتاء في العالم الاسلامي في
تثبيت فتوى الازهر بمنع ظهور الرسل في التلفزيونات وفي الفن التشكيلي.
وهكذا نلاحظ ارتباك المشهد الدرامي وتذبذبه بين الفكاهة والرصانة
اضافة الى الخروقات للثوابت، ومع هذا كله يبقى شهر رمضان مناسبة سنوية
لفتح شهية الفضائيات على الاعمال الدرامية، ولكن لابد من التخلص من
الفكاهة الساذجة، وتجاوز الاخطاء التي يقع في هال غالبا القائمون على
هذه الاعمال بصورة متكررة. |