سفينة من يقين الإقتداء

فريد النمر

"أيها النبع الذي لا تكدره الأكدار ما زلت تعبر نمير يقين في ضمير وفائنا كرما لكرمك المقدسي ياكريم السماء"

 

 

حسبي أرتب في هواك عناقي =وأبوح في فضح الهوى المشتاق

 

وأمد بوصلة الخيال لقبلة= مشحونة بشفاهة الأذواق

 

يا ثغر حالمة يضيء فترتوي= كل القصائد لحظة استنطاق

 

ثوري على الشكّ المعذب =داخلي وتمردي بعذوبة الأحداق

 

وتبسمي للحلم فارعة الرؤى =علّي يساورني اشتهاء عتاقي

 

يا رشفة بالحب تسكب عمرها= شوقا ينبّه غفلة العشّاق

 

ها جئت يخذلني الغرام فلم أبح= بين القوافي عن هيامٍ باق

 

لكنني تعب أخاتل ضفتي =كي أستميل رشاقة الأعناق

 

ها جئت يخدعني رتاج تعذرٍ= غذيته بترددي وعناقي

 

تجتاحني سكك التمرد خلسة =مختومة بمدائن الإغراق

 

لا همس في القلب المضرج بالهوى =أنحو خطاه ببدعتي وشقاقي

 

وأنا المعتق في شرود تخيلي =مذ كنت أفتح رغبة الأطواق

 

مذ غلقت باب المودة بيننا= راودتها بغواية الإغلاق

 

ما كنت يوسف لاشتهاء زليخة =كلا ولا ليلى بقيس تلاقي

 

الآن أشبهني فكل مشاعري= وهمٌ على ورقٍ من الأوراق

 

لا أدري إن كان القصيد معبِّري= أو كنت بعض تداعي الأجواق

 

لم تدرك المعنى السؤال فما لها= اتفقت تلمّ حقيقة الأطباق

 

أأشاغب المعنى الذي يصطادني =أم أمزج الأصداء بالأخلاق

 

رمقي ادعاء فصاحةٍ وشهيتي =من بعض حلم تعدد الأبواق

 

ينتابني قلق القصيدة شهقة =حين ارتشفت عذابها البرّاق

 

كل المواعيد التي حيّرتها= تعبت بكأسي في مجاز دهاق

 

سرقتني ألوان الظنون لخفقةٍ =كيف استدلت تشتهي اخفاقي

 

رمقي حبيس رجولتي وأنا أنا= نفس يغالبه امتهان سباقي

 

أملي أجدد في خلاياي التي= نطقت تغني ساعة استنطاقي

 

لا فرق بين صداقة الشعر ولا= بين الحقيقة في عيون رفاقي

 

فتورقي رئة بنبضة شاعر =نسج المنى بحديقة العشّاق

 

وأنا الضمير بسنبلات يراعتي =قلب يرفّ بحالمٍ توّاق

 

ما كنت بدعا من غراس محبةٍ =غنت مهفهفة على أعماقي

 

فدعي الهُيام يضيء سوسنة الهوى =قدحا يزمّ سلافة الأشواق

 

ودعي الجراح على تعلل جرحها= فمتي استوى المخنوق بالخناق

 

وتشبثي بسنا الولاء فهاهنا =قلب يصافحه المدى الخلاّق

 

ما شبّ الا والصدى خفقانه= وسنا المجرة فيؤه المشتاق

 

ونهى الإمامة أصغريه تشكلا =قبسا يضيء قداسة الأحداق

 

من أحمد شُدّت عزائم قلبه =ولفاطم رئة الهوى الدّفاق

 

لم يتكأ الا بفيئ رسالة= رسمت خطوط الحق بالميثاق

 

كالمرتضى سيف يضيء عدالة= للمكرمات بنوره السبّاق

 

حسن وكفاه البطولة والأبا =والجود في نهر من الأخلاق

 

رشف المعارف من جبين بسالة= غذته من نفس السماء الراقي

 

فتشكلت رئتاه عذب نبوءة= يوم استفز حقيقة المصداق

 

فغدت شمائله الفتية قبلة =للطامحين ترودُ للآفاق

 

ونمت به الأفهام وهي مبادئ =تبني اليقين لقيمةٍ وعتاق

 

فتصاغر الباكون زيف خيولهم =حين استدارت في سباق شقاق

 

وتدلى من شدق البغاة نفاقهم= وتفاوتوا بتفاوت الأعراق

 

ما هزه في الليل عتمة جفنه= متسارعا في ظلمة الإطباق

 

هم يدعون الدّين حاكم أمرهم =في كل ظلّ جائر خنّاق

 

أوتأمن الذئبان مكر دمائها =والذلّ مقصلة من الأرزاق

 

حتى استحت مزق القميص لكذبة= مرهونة كبضاعة الأسواق

 

هم يعلمون بأن روحك آية= واستيقنتها نفوسهم بنفاق

 

هم يعلمون بأن في أبواقهم =رجس يمزّق وحدة الميثاق

 

يا للنخيلاء التي ما انصفت =حتى بتمر تأففٍ ومذاق

 

هل يستوى نبع السماء بعفطة =تأوي إليها حثالة السرّاق

 

غنوا سواهم فالدروب متاهة =قلب السّفيه وخسة الإملاق

 

يتخبطون فلا الطريق معبّد= لا والقلوب هدية لتلاقي

 

فكأنهم في الدّين بعض طرائق= شذّت عن النبع القويم الساقي

 

هم يمكرون والله مظهر نوره= بمحمد بتمائم الأخلاق

 

العارفون سنا النبوة أسّها= لطف الإله وعصمة الإشراق

 

ما استنطقوا الا وكانوا مدرجا= للحق يعلي روعة الإشفاق

 

هذا الزكي المجتبى نفس الهدى= الصافي وكفّ منارة الإرفاق

 

غرس السلام مذ كان غرس محمد= بعليّه حدقا من الأحداق

 

فتبرعمت رئتاه نحو عقيدة =صينت دعائمها بجود وفاق

 

وله بكف الطهر طهر بتولة= مدّت سنابلها من الإشفاق

 

فعليه من أثر الرسول فضائل =شرف على كل الخليقة باقِ

 

يا للرسالة حين شكّلها الهدى= بتسامح نحو السلام الراقي

 

ما بالها زمر الغواية شوهت= أركانها بمخالب الإطراق

 

فبنوا بجمر الطائفية ما بنوا =ودخانهم بقع من الإحراق

 

يتشذّقون بكل حقد غابرٍ =يتحاذقون بتعنت الحذّاق

 

فاذا الشعوب- فأمّا شرك باطل =أو كافر بعقيدة الورّاق

 

لا يألفون عدا احتراب شعائر =فيها الدماء مراقة بنطاق

 

أيعيقهم معنى العدالة أم ترى= أرواحهم تهفو لظلّ محاق

 

ومشوّه الأجيال في أفكارها= كمحارب الإنسان بالإرهاق

 

لكنها سكك الضلال يشوبها= بغي يمجّ حقيقة الأعماق

 

ما كان للخلاّق كان لعبده= فمتى استوى المخلوق بالخلاّق

 

ومتى تساوى الضوء بالليل الذي= أذناه لم تألف لغير معاق

 

لكنه نبع النبوة لا يرى =في كف غانية ولا إسحاقي

 

فهي الفضيلة تصطفى لمشيئة= وأخو الرذيلة "شذة-الآفاق"

* 10رمضان 1433هـ

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 5/آب/2012 - 16/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م