"أيها النبع الذي لا تكدره الأكدار ما زلت تعبر نمير يقين في ضمير
وفائنا كرما لكرمك المقدسي ياكريم السماء"
حسبي أرتب في هواك عناقي =وأبوح في فضح الهوى
المشتاق
وأمد بوصلة الخيال لقبلة= مشحونة بشفاهة الأذواق
يا ثغر حالمة يضيء فترتوي= كل القصائد لحظة استنطاق
ثوري على الشكّ المعذب =داخلي وتمردي بعذوبة الأحداق
وتبسمي للحلم فارعة الرؤى =علّي يساورني اشتهاء
عتاقي
يا رشفة بالحب تسكب عمرها= شوقا ينبّه غفلة العشّاق
ها جئت يخذلني الغرام فلم أبح= بين القوافي عن هيامٍ
باق
لكنني تعب أخاتل ضفتي =كي أستميل رشاقة الأعناق
ها جئت يخدعني رتاج تعذرٍ= غذيته بترددي وعناقي
تجتاحني سكك التمرد خلسة =مختومة بمدائن الإغراق
لا همس في القلب المضرج بالهوى =أنحو خطاه ببدعتي
وشقاقي
وأنا المعتق في شرود تخيلي =مذ كنت أفتح رغبة
الأطواق
مذ غلقت باب المودة بيننا= راودتها بغواية الإغلاق
ما كنت يوسف لاشتهاء زليخة =كلا ولا ليلى بقيس تلاقي
الآن أشبهني فكل مشاعري= وهمٌ على ورقٍ من الأوراق
لا أدري إن كان القصيد معبِّري= أو كنت بعض تداعي
الأجواق
لم تدرك المعنى السؤال فما لها= اتفقت تلمّ حقيقة
الأطباق
أأشاغب المعنى الذي يصطادني =أم أمزج الأصداء
بالأخلاق
رمقي ادعاء فصاحةٍ وشهيتي =من بعض حلم تعدد الأبواق
ينتابني قلق القصيدة شهقة =حين ارتشفت عذابها
البرّاق
كل المواعيد التي حيّرتها= تعبت بكأسي في مجاز دهاق
سرقتني ألوان الظنون لخفقةٍ =كيف استدلت تشتهي
اخفاقي
رمقي حبيس رجولتي وأنا أنا= نفس يغالبه امتهان سباقي
أملي أجدد في خلاياي التي= نطقت تغني ساعة استنطاقي
لا فرق بين صداقة الشعر ولا= بين الحقيقة في عيون
رفاقي
فتورقي رئة بنبضة شاعر =نسج المنى بحديقة العشّاق
وأنا الضمير بسنبلات يراعتي =قلب يرفّ بحالمٍ توّاق
ما كنت بدعا من غراس محبةٍ =غنت مهفهفة على أعماقي
فدعي الهُيام يضيء سوسنة الهوى =قدحا يزمّ سلافة
الأشواق
ودعي الجراح على تعلل جرحها= فمتي استوى المخنوق
بالخناق
وتشبثي بسنا الولاء فهاهنا =قلب يصافحه المدى
الخلاّق
ما شبّ الا والصدى خفقانه= وسنا المجرة فيؤه المشتاق
ونهى الإمامة أصغريه تشكلا =قبسا يضيء قداسة الأحداق
من أحمد شُدّت عزائم قلبه =ولفاطم رئة الهوى الدّفاق
لم يتكأ الا بفيئ رسالة= رسمت خطوط الحق بالميثاق
كالمرتضى سيف يضيء عدالة= للمكرمات بنوره السبّاق
حسن وكفاه البطولة والأبا =والجود في نهر من الأخلاق
رشف المعارف من جبين بسالة= غذته من نفس السماء
الراقي
فتشكلت رئتاه عذب نبوءة= يوم استفز حقيقة المصداق
فغدت شمائله الفتية قبلة =للطامحين ترودُ للآفاق
ونمت به الأفهام وهي مبادئ =تبني اليقين لقيمةٍ
وعتاق
فتصاغر الباكون زيف خيولهم =حين استدارت في سباق
شقاق
وتدلى من شدق البغاة نفاقهم= وتفاوتوا بتفاوت
الأعراق
ما هزه في الليل عتمة جفنه= متسارعا في ظلمة الإطباق
هم يدعون الدّين حاكم أمرهم =في كل ظلّ جائر خنّاق
أوتأمن الذئبان مكر دمائها =والذلّ مقصلة من الأرزاق
حتى استحت مزق القميص لكذبة= مرهونة كبضاعة الأسواق
هم يعلمون بأن روحك آية= واستيقنتها نفوسهم بنفاق
هم يعلمون بأن في أبواقهم =رجس يمزّق وحدة الميثاق
يا للنخيلاء التي ما انصفت =حتى بتمر تأففٍ ومذاق
هل يستوى نبع السماء بعفطة =تأوي إليها حثالة
السرّاق
غنوا سواهم فالدروب متاهة =قلب السّفيه وخسة الإملاق
يتخبطون فلا الطريق معبّد= لا والقلوب هدية لتلاقي
فكأنهم في الدّين بعض طرائق= شذّت عن النبع القويم
الساقي
هم يمكرون والله مظهر نوره= بمحمد بتمائم الأخلاق
العارفون سنا النبوة أسّها= لطف الإله وعصمة الإشراق
ما استنطقوا الا وكانوا مدرجا= للحق يعلي روعة
الإشفاق
هذا الزكي المجتبى نفس الهدى= الصافي وكفّ منارة
الإرفاق
غرس السلام مذ كان غرس محمد= بعليّه حدقا من الأحداق
فتبرعمت رئتاه نحو عقيدة =صينت دعائمها بجود وفاق
وله بكف الطهر طهر بتولة= مدّت سنابلها من الإشفاق
فعليه من أثر الرسول فضائل =شرف على كل الخليقة باقِ
يا للرسالة حين شكّلها الهدى= بتسامح نحو السلام
الراقي
ما بالها زمر الغواية شوهت= أركانها بمخالب الإطراق
فبنوا بجمر الطائفية ما بنوا =ودخانهم بقع من
الإحراق
يتشذّقون بكل حقد غابرٍ =يتحاذقون بتعنت الحذّاق
فاذا الشعوب- فأمّا شرك باطل =أو كافر بعقيدة
الورّاق
لا يألفون عدا احتراب شعائر =فيها الدماء مراقة
بنطاق
أيعيقهم معنى العدالة أم ترى= أرواحهم تهفو لظلّ
محاق
ومشوّه الأجيال في أفكارها= كمحارب الإنسان بالإرهاق
لكنها سكك الضلال يشوبها= بغي يمجّ حقيقة الأعماق
ما كان للخلاّق كان لعبده= فمتى استوى المخلوق
بالخلاّق
ومتى تساوى الضوء بالليل الذي= أذناه لم تألف لغير
معاق
لكنه نبع النبوة لا يرى =في كف غانية ولا إسحاقي
فهي الفضيلة تصطفى لمشيئة= وأخو الرذيلة
"شذة-الآفاق"
* 10رمضان 1433هـ |