الاثار العالمية ومخاطر الاندثار... بين الاهمال والتدمير

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يدخل عالم الآثار اليوم في حالة من صراع بين حماية الإرث العالمي ومعاناته بسبب السرقة والإهمال وأخطار الاندثار، كما هو الحال في سوريا التي تتمتع بتراث اثري وتاريخي بالغ الأهمية على المستوى العالمي، إذ تدعو اليونيسكو تدعو الى حماية الارث الاستثنائي فيها، فيما سبب بناء الابراج السكنية في بيروت تدمير بقايا اثرية تعود الى مرسى سفن فينيقي، فيما وقعت المواقع الاثرية بالعاصمة البيروفية ضحية التوسع الحضري واللامبالاة العامة، فقد أصبحت مهددة بالاندثار، في حين اظهرت دراسة اخيرة ان المواقع الاثرية الرومانية مازالت بخطر كبير، وعلى العكس من ذلك تعتزم الصين إعادة تشييد بعض الأبواب في السور الملكي القديم المندثر اليوم، لحماية التراث في الصين، كما تم إعادة ترميم حدائق بالاتين الأثرية في روما، من جهة أخرى تم اكتشاف اثار معبد لحضارة المايا مكرس ل"الشمس الليلية، إذ تطمح العديد من الدول والمنظمات نيل فرصة التنقيب في الاثار، نظرا لأهمية ذلك تاريخيا وعلميا وسياحيا، إذ يمثل  هذا الإرث التاريخي هوية البلاد.

حماية الإرث الاستثنائي

فقد دعت المديرة العامة لمنظمة اليونيسكو ايرينا بوكوفا "جميع الاطراف الضالعين في النزاع" في سوريا الى "ضمان حماية الارث الثقافي الاستثنائي" في مدينة حلب التي تشهد مواجهات عنيفة بين قوات النظام السوري والمقاتلين المعارضين، وقالت بوكوفا في بيان ان "اليونيسكو قلقة بشدة حيال المعلومات عن معارك كثيفة في حلب"، وذكرت بان "هذه المدينة القديمة احتلت تاريخيا موقعا استراتيجيا على الطرق التجارية بين الغرب والشرق، وقد احتفظت بارث تراثي استثنائي يعكس تنوع ثقافات الشعوب التي اقامت فيها منذ اكثر من الف عام وتعتبر دمشق عاصمتها احدى اقدم المدن في العالم. بحسب فرانس برس.

واوضحت المديرة العامة لمنظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم انها نبهت المنظمة العالمية للجمارك والشرطة الدولية (انتربول) والدول المجاورة لسوريا الى خطر تعرض المعالم التراثية السورية للتخريب والتهريب.

معالم ليما

فيما تزخر العاصمة البيروفية ليما بالمواقع الاثرية التي تعود إلى ما قبل حضارة الإنكا، وهي تضم مئات الأنقاض العائدة صروح مقدسة ومعروفة ب "هواكاس" اهملت ووقعت ضحية التوسع الحضري واللامبالاة العامة، في قلب حي ميرافلوريس السكني، يقع أحد أفضل المطاعم في العاصمة البيروفية على شرفة بمحاذاة هرم يعود إلى حضارة ليما، ويقدم ألذ الأطباق تحت إنارة ليلية خلابة ووسط ديكور يعود إلى 1500 عام، ويعتبر هرم "هواكا بوكلانا" من أبرز المعالم الاثرية في ليما، وقد تمت المحافظة عليه بفضل تعاون مع المطعم الذي يحمل اسمه وهو من الشراكات النادرة بين القطاعين العام والخاص التي تشذ عن قاعدة الإهمال المطبقة على المعالم الأخرى، وعلى بعد حوالى ثلاثة كيلومترات، تشير لافتة في حي كوريوس الشعبي إلى "منطقة أثرية لا يجوز التعدي عليها". وأمام الموقع الاثري مكب نفايات عشوائي، وفي وسطه مزار شيد "بفضل رعاية" رئيس البلدية المحلي، بحسب ما كتب على لافتة، وما من سجل رسمي بالهواكاس، هذه الصروح الواسعة المشيدة من الطين التي كانت في ما مضى مواقع دينية أو جنائزية في بعض الأحيان، والتي يتخطى اليوم عددها الثلاثمئة موقع وهي منتشرة أو مطمورة في هذه المدينة الكبيرة التي تضم تسعة ملايين نسمة، وقال عالم الآثار كريستيان فيزكوندي الذي يدير مشروعا في موقع كبير في شمال البيرو "تم إدراج غالبية الهواكاس رسميا في قائمة التراث الثقافي المعتمدة في البلد، غير أنه لم يجر بعد ترسيم حدود المناطق المحمية المحيطة بها"، وشرح "يستفيد مخططو المدن من هذا الوضع للتعدي على الأراضي المحيطة بالهواكاس، كما رؤساء البلديات الذين يشيدون حولها المنتزهات والواحات الرياضية". أما الهواكاس غير المدرجة في قائمة التراث الثقافي، فهي قد "اختفت عمليا"، وليست هذه الظاهرة جديدة في ليما، فالعاصمة البيروفية تشهد نموا كبيرا، تماما مثل اقتصاد البلاد (الذي سجل نموا بنسبة 6,9% في العام 2011، مقابل 8,7% في العام 2010) وهي تكثف الجهود المعمارية متعدية على آثار الماضي، كما كانت الحال دوما. بحسب فرانس برس.

وقد ذكر عالم الآثار الياس موخيكا أن القصر الرئاسي في ساحة "بلاثا دي آرماس"، او بالأحرى القصر السابق الذي شيده فرانثيسكو بيثارو بعد تأسيس ليما في العام 1535، قد بني مكان قصر توليشوسكو الكبير الذي كان يعتبر قبل اكتشاف القارة الاميركية بمثابة بلدية المدينة، وبمحاذاة القصر الرئاسي، مقر البلدية الذي بني في العام 1549 مكان موقع مقدس كان يعرف ب "هواكا دي كابيلدو"، والكاتدرائية التي شيدت محل هيكل للاله بوما إنتي، وقد أوضح لويس كاثيريس مدير القسم المعني بعلم الآثار في وزارة الثقافة أن السواد الأعظم من الهواكاس المتبقية "غير خاضعة للحماية تستقر فيها العائلات المشردة أو تتحول إلى مكبات نفايات أو ملاجئ لمرتكبي الجنح"، وما خلا بعض الاستثناءات من قبيل "هواكا بوكلانا" و"هواكا هوالاماركا" وهو هرم يعود إلى القرن الثاني بات محاطا اليوم بمنتزه ومتحف، لا يزال الغموض يكتنف مصير غالبية الهواكاس في ليما، "إذ لا تسمح الميزانية باعتماد خطة للمحافظة عليها"، على حد قول لويس كاثيريس، وقد اعتبر خورخي سيلفا وهو عالم آثار في جامعة "سان ماركوس" أنه ينبغي ألا "تلقى المسؤولية بالكامل على الدولة، إذ يجب بنظرنا التعاون مع السكان المحليين" الذين يعيشون بالقرب من الهواكاس من جهة، والمدارس من جهة اخرى، وقد أطلق في العام 2010 مسار سياحي يضم 10 هواكاس في ليما، لكنه لم يحقق النجاح المرجو. وأطلق البرلمان حملة تحت اسم "إنقاد الهواكا" بغية دفع القطاع الخاص إلى "تبني" هذه المواقع الأثرية، في حل يعتبر حتى الساعة خشبة الخلاص الوحيدة لإنقاذ هذه المعالم الأثرية.

ترميم التراث الصيني

من جهة أخرى تعتزم مدينة بكين إعادة تشييد بعض الأبواب في السور الملكي القديم المندثر اليوم، فهكذا تتم "حماية" التراث في الصين حيث تهدم المعالم لتشيد من جديد بصورة فولكلورية بعض الشيء، تتعهد السلطات بإعادة "الطابع الأصلي" لهذه المعالم التي شيدت في عهد سلالتي مينغ وتشينغ، والتي كانت تمتد على السور الذي هدم في الخمسينات ليحل محله طريق التفافي وخط لقطار الأنفاق، وقد تغير المشهد لدرجة أن عددا كبيرا من سكان بكين راحوا يهزأون من هذا المشروع العملاق الذي يرمي إلى إنشاء "معالم مزيفة" في قلب بلد أتقن منذ قرون عدة فن التقليد، ولعل خير مثال على ذلك هو حي كيانمن جنوب المدينة المحرمة الذي هدم خلال ورشة الترميم العملاقة التي أجريت في العاصمة قبيل انعقاد دورة الالعاب الاولمبية في العام 2008، وأعيد تشييده بأسلوب منتزه "ديزني لاند" سياحي تاريخي، وقد استحدث مصطلح خاص للاشارة إلى هذه العادة السائدة في الصين الشيوعية والقاضية بهدم المعالم القديمة بالكامل ثم إعمارها "على الطراز القديم"، كما لو انهم شعروا بالندم، ويعتبر هي شوزهونغ مؤسس مركز حماية التراث الثقافي أن هذه "العادة سخيفة وجشعة وتنم عن جهل. هي تنم عن جهل لانهم لا يدركون قيمة التراث الثقافي وسخيفة لأنها لا تعي الدور الرئيسي الذي تمثله المدينة القديمة بالنسبة إلى المجتمع وجشعة لأن الفساد يطبع كل مرحلة من مراحل إعادة الإعمار"، وفي بكين تقضي الجرافات على الحيين التاريخيين برج الطبل ونانلوغشيانغ. وقد سبق أن حولت أحياء تاريخية أخرى إلى "تصاميم ديكور تليق بالأفلام"، على حد قول هوا شينمين صاحبة كتاب "أرفض أن أشهد على اختفاء وطني الأم"، وفي صراع غير متكافئ، تكافح هذه الناشطة المروجين والمسؤولين الشيوعيين المحليين الذين يجمعون الثروات جراء هدم الأحياء القديمة ويستخدمون القوة لطرد السكان من دون تقديم تعويضات كافية، ضاربين عرض الحائط القوانين المعمول بها، وتقول "من الاجدى تسخير هذه الأموال للمحافظة على ما تبقى بدلا من اعاد بناء الذي اختفى"، مشيرة إلى أن ثلثي الحارات البالغ عددها ثلاثة آلاف حارة في وسط بكين القديم قد اندثرت، وهوا شينمين مغتاظة من المجلة الأميركية "تايم" التي ادرجت في قائمتها لأكثر 100 شخصية نفوذا في العالم للعام 2012، السيدة تشن ليهوا صاحبة الإمبراطورية العقارية التي هدمت الحي التاريخي في بكين حيث كانت تعيش الكاتبة، وتشمل دوامة الطرد والهدم هذه مدن الصين برمتها، ففي اقصى غرب البلاد تشهد مدينة كاشغر الواقعة على طريق الحرير القديم، على هدم وسطها التاريخي، على الرغم من صرخات الإنذار المتصاعدة من خارج البلاد. وتحل محل البيوت التقليدية، أخرى شبيهة وإنما حديثة، لكن الحركات المعارضة لهذه التدابير أخذت تنظم صفوفها بصورة أفضل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. بحسب فرانس برس.

وبات حساب المدونات الصغرى التي تمتلكه هوا شينمين يضم نحو 15 ألف متتبع، وقد أثار هدم المنزل القديم لثنائي شهير من المهندسين في العاصمة منذ فترة وجيزة خلال عطلة رأس السنة، موجة من الانتقادات على الانترنت. وللمفارقة، كان فلاينغ سيشنغ (1901 - 1972) ولين هويين (1904 - 1955) من رواد حماية التراث الثقافي الصيني، ويتعذر اليوم الاقتراب من موقع المنزل القديم الذي كان من حيث المبدأ محميا ومدرجا في قائمة التراث المحلي، وتأسف يو وين وهي تمر في الشارع قائلة "فعلوا فعلتهم في الخفاء... وما من مكان اليوم يذكر الأجيال القادمة بأعمال" هذين المهندسين، وفي وجه هذه الانتقادات، تعهدت السلطات... بإعادة إعمار ما هدم.

حدائق بالاتين الأثرية

كما افتتح علماء آثار من روما السبت حدائق جديدة من الأزهار في القصور الأثرية القديمة الواقعة على هضبة بالاتين، في خطوة تهدف إلى تسليط الضوء على الشكل الذي كان يمكن أن يميز هذه المنطقة الراقية قبل ألفي سنة من اليوم، وزرع العلماء أزهار بيتونيا بنفسجية وأزهار رصاصية بيضاء ونباتات رعي الحمام في الباحات والمعابد الأثرية القديمة التي شبه الكتاب في تلك الحقبة حدائقها الرائعة بحدائق اليونان القديمة، وقالت ماريا روزاريا باربيرو رئيسة قسم الآثار في روما إن هضبة "بالاتين لم تتميز بهندستها فحسب بل أيضا بمجموعة متنوعة من الألوان مع لوحات جدارية ونوافير وأزهار"، وأضافت وهي تتأمل أزهار البيتونيا المحيطة بآثار الباحة الداخلية الشاسعة التابعة لقصر "دوموس فلافيا" الذي بناه الامبراطور دوميتيان سنة 90 قبل الميلاد، "أردنا أن نعيد إلى بالاتين ألوانها". بحسب فرانس برس.

وقد أعيد أيضا ترميم حديقة "أورتي فارنيزياني" وهي حديقة الأزهار الأولى العائدة إلى القرن السادس عشر والتي تضم أنواعا نباتية اكتشفها كريستوفر كولومبوس في أميركا، وأقر علماء الآثار بأنهم عجزوا عن إعادة بناء النوافير المتعددة التي كانت تزين هضبة بالاتين المطلة على الكولوسيوم والفوروم الروماني بسبب صعوبة ضخ كميات كبيرة من المياه نحو الأعلى، كانت هضبة بالاتين المنطقة السكنية الأكثر رقيا في روما القديمة. وتشير الكتب الأدبية إلى أن قصورها تعود إلى أربعة قرون قبل الميلاد.

الصخرة المقدسة

في حين أعلنت الحكومة الألمانية أنها تسعى إلى تسوية حبية مع فنزويلا بشأن صخرة مقدسة تابعة لهنود "بيمون" ومعروضة في متنزه في برلين بناء على مبادرة من أحد الفنانين، وقال أندرياس بيشكيه المتحدث باسم وزير الخارجية إن الوزير "يحاول أن يجد تسوية حبيا ترضي كل الأطراف أي دولة فنزويلا والفنان ومدينة برلين"، وشرح أن الاقتراحات التي قدمها الوزير "شملت تطورات في مسائل أساسية مهمة، لكن من الضروري إجراء محادثات إضافية"، وكانت فنزويلا قد أعلنت في أواخر مايو/أيار أنها ستطالب ألمانيا بأن تعيد إليها هذه الصخرة المقدسة التي أهداها الرئيس الفنزويلي السابق رافاييل كالديرا سنة 1998 إلى فنان ألماني، وعرضت الصخرة المسماة "كويكا" (أي جدة بلغة السكان الأصليين) والتي يبلغ وزنها 30 طنا وحجمها 12 مترا مكعبا في متنزه كانايما جنوب فنزويلا حتى العام 1998. وكان هنود "بيمون" الذين يقطنون هذه المنطقة يعتبرون الصخرة مقدسة ويقولون، نقلا عن الأسطورة، إنها كانت إنسانا.

لكن حكومة الرئيس رافاييل كالديرا أهدت الصخرة سنة 1998 إلى ألمانيا، فنقلها الفنان الألماني فولفغانغ فون شوارزنفلد إلى بلده حيث تم تشذيبها وصقلها وعرضها في إطار مشروع "غلوبال ستون" الذي يقضي بعرض مجموعة من الصخور الأثرية في متنزه تيرغارتن في برلين، وأوضح الفنان أن الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز طالب باستعادة الصخرة منذ ست سنوات مستندا إلى حجج واهية، منها أن الصخرة قد سرقت، وشرح "بغية حل هذا النزاع، اقترحت على سفير (فنزويلا في برلين) أن أحضر صخرة أخرى وأصقلها ونجري صفقة تبادل"، وأكد أن "التكاليف ستتكبدها فنزويلا. لم يتم قبول اقتراحي ولا رفضه بل يتم تجاهله حتى اليوم".

تدمير بقايا اثرية في بيروت لبناء ابراج سكنية

على الصعيد نفسه تم تدمير بقايا اثرية يؤكد خبراء آثار انها تعود الى مرسى سفن فينيقي في بيروت في مكان ستشيد فيه ابراج سكنية فخمة، في وقت يؤكد وزير الثقافة غابي ليون ان الموقع لا قيمة اثرية له، واثارت عملية التدمير التي حصلت اليوم امام اعين المصورين والصحافيين تنديدا من خبراء وناشطين في مجال الدفاع عن حماية التراث، مؤكدين ان الموقع المدمر هو عبارة عن مرسى سفن اثري يعود الى الحقبة الفينيقية، وقالت عالمة الآثار مارتين فرنسيس التي تتابع الملف "اشعر بالاشمئزاز، لا افهم كيف يمكن تدمير موقع عمره ثلاثة الاف سنة في ساعة ونصف الساعة"، واشارت الى ان الموقع الموجود في منطقة ميناء الحصن في وسط بيروت كانت ترسو فيه سفن فينيقية ويعود الى القرنين الخامس والسادس قبل المسيح، موضحة ان هناك موقعا وحيدا يشبهه في المنطقة ويقع في يافا في اسرائيل، ومنذ اشهر، يحاول الناشطون وعدد من علماء الآثار وقف عملية الهدم التي قامت بها شركة عقارية تمهيدا لبناء ثلاثة ابراج سكنية فخمة في المكان. بحسب فرانس برس.

وكان وزير الثقافة السابق سليم وردة اقترح تحويل الموقع الممتد على 1100 متر الى موقع تراثي عام، ونقل مكان بناء احد الابراج الثلاثة بعض الشيء. الا ان الوزير الحالي عاد وسمح بعمليتي الهدم والبناء استنادا الى دراسة اجرتها لجنة علمية كلفها بالملف ومؤلفة من علماء آثار لبنانيين وخبراء دوليين، وقال ليون "تشير نتائج الدراسة الى ان الموقع لا اهمية له ولا علاقة له باي مرسى سفن فينيقي"، مؤكدا ان الدراسة التي استند اليها الوزير السابق "كانت خاطئة"، واشار الى ان الموقع هو في الواقع "مقلع احجار قديم"، وتقول فرنسيس من جهتها "انه موقع فريد من نوعه وتم هدمه لصالح مشروع بناء خاص"، مضيفة "كان في امكانهم ان ينقلوا البناء بعض الشيء، لكنهم يريدون بناء مواقف سيارات"، ومنذ انتهاء الحرب الاهلية في لبنان (1975-1990)، تم هدم واهمال العديد من المواقع الاثرية، خصوصا بسبب الفورة العمرانية وتواطؤ السياسيين.

اثار حضارة المايا

على صعيد أخر اكتشف علماء اثار من غواتيمالا والولايات المتحدة في غواتيمالا اثار معبد لحضارة المايا مكرس "للشمس الليلية" تحت اهرام في موقع زوتز في غابة بيتين على بعد 550 كيلومترا شمال العاصمة عند الحدود مع المكسيك، وقال كبير علماء الاثار في المهمة الاميركي ستيفن هيوستن عند اعلانه الاكتشاف المشترك "الشمس كانت عنصرا اساسيا في حكم المايا"، واضاف هيوستون وهو استاذ في جامعة براون في رود ايلاند ان الشمس "تسطع كل يوم وتتسلل الى كل الامكنة كما يفترض ان يكون الحكم الملكي"، وتابع يقول "هذا المبنى يحتفي بهذا الرابط الوثيق بين الملك وهذا الجرم السماوي القوي والمهيمن"، ويقول علماء الاثار ان المعبد بني على الارجح تكريما لمؤسس اول سلالة لشعوب الزوتز الذي كان معروفا باسم باتشان او "السماء المحصنة" والذي دفن في هرم الشيطان البالغ ارتفاعه 13 مترا، وقال الاميركي توماس غاريسون مدير مشروع زوتز "الاكتشاف مهم لانه يمثل معبدا للشمس الليلية ويتطابق مع اول حاكم دفن تحت هرم الشيطان وهو مبنى جميل مزين بطريقة رائعة"، واضاف غاريسون ان من بين الاكتشافات اقنعة من الجص ارتفاعها 1,5 متر وافريز وصف على انه "منحوتة رائعة (..) من حيث وظيفتها التكريمية حيال الشمس"، عالم الاثار ادوين رومان من جامعة اوستن (تكساس الولايات المتحدة) اعتبر ان الرسوم على القطع المكتشفة "تشير الى تمجيد الشمس" ومن بينها الافريز الذي يعلو مدخل المعبد ويرمز الى مراحلها الثلاث بحسب ثقافة المايا، اما "الشمس الليلية" فيجسدها نمر (جاغوار) يرد في كتاب المايا "بوبول فوه"، وعلى واجهات ما تبقى من المعبد اكتشف العلماء كذلك اقنعة من الجص ارتفاعها 1,5 متر مؤلفة من اقنعة اصغر تمثل اوجها او قنويات، وقال رومان ان "المعبد كان يضم 14 قناعا على الارجح على مستوى الافريز لكن تم احصاء ثمانية منها" حتى الان لذا تتواصل الحفريات. بحسب فرانس برس.

واوضح غاريسون وهو من جامكعة كاليفورنيا الجنوبية ان الكثير من الاثار لا يزال ينبغي درسها اذ ان الاعمال شملت 40 % فقط من المبنى، ولم يعثر على اي عناصر مكتوبة او رموز في المعبد للتمكن من تحديد فترة التشييد الا ان التأريخ بالكربون سمح بتقدير تاريخ انشائه بين عامي 350 و400 بعد الميلاد، وامتدت حضارة المايا في جنوب المكسيك وغواتيمالا وهندوراس والسلفادور بيليز. وقد عرفت هذه الحضارة اوجها بين عام 250 و900 بعد الميلاد قبل ان تبدأ فترة الانحطاط بين عامي 900 و1200 بعد المسيح، وبدأت اعمال التنقيب في هذا الموقع الاثري في العام 2006 وتعود اهم الاكتشافات فيه الى السنوات الثلاث الاخيرة، والموقع الاثري هذا مؤلف بشكل عام من 200 بنية ولا سيما المسلات المصنوعة من الجص وهي في وضع سيء. ويقول غاريوسن انها تعرضت لعمليات نهب كثيرة. والدليل على ذلك قطعة تشكل اعلى باب من الموقع وجدت طريقها الى متحف دنفر (الولايات المتحدة).

جدران الكولوسيوم

الى ذلك اظهرت دراسة اخيرة ان مستوى جزء من احد جدران الكولوسيوم انخفض 40 سنتمترا الا ان ذلك لا يشكل مصدر قلق لاستمرارية احد اكثر المواقع الاثرية الرومانية استقبالا للزوار في ايطاليا على ما اوضحت مديرة الموقع، واعلنت وسائل اعلام ايطالية هذا الانخفاض ناسبة اياه الى حركة السير وشبهت الظاهرة حتى ببرج بيزا المائل. الا ان مديرة الموقع نفت ذلك مشيرة الى ان انخفاض المستوى تم ربما قبل قرون عدة، وقال روسيلا ريا في اتصال هاتفي معها "الامر لا يشكل مصدر قلق بالنسبة لنا. انها فقط احدى خاصيات هذا النصب قد سجلت اخيرا وسنراقبها لمعرفة ان كان هذا الانخفاض يتطور مع الوقت"، واوضحت ان هذه الظاهرة "قد تكون عائدة الى عوامل مختلفة منها عيوب في البناء مع ان 40 سنتمترا تبدو كثيرة او مشاكل على مستوى الاساسات طرأت في القرن الخامس كما هي الحال مع مواقع اخرى"، واعتبرت ريا ان فرضية ان يكون هذا الانخفاض عائدا الى حركة السير حول الموقع "ليست صحيحة بتاتا اذ ان هذا الجزء من الموقع غير معرض لحركة السير"، والوضع السيء للكولوسيوم يتصدر بانتظام اخبار الصحف. ففي كانون الثاني/يناير جدد سقوط اجزاء صغيرة من قناطر الواجهة المطالبات باستئناف اعمال الترميم سريعا. بحسب فرانس برس.

وثمة خطة تحديث واسعة تساهم شركة "تودز" الايطالية لصناعة الاحذية في تمويلها ب25 مليون يورو. وكانت يفترض ان تبدأ الاشغال في اذار/مارس الا انها لن تنطلق حتى الان، وبعد انجاز هذه الاعمال سترتفع نسبة الاماكن التي يمكن زيارتها في الكولوسيوم ب25 %، وارتفع عدد زوار الكولوسيوم وهو اكبر مدرج بني في عهد الامبراطورية الرومانية (188 مترا على 156 مع ارتفاع 48,50 مترا) في غضون عشر سنوات تقريبا من مليون زائر سنويا الى ستة ملايين.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/آب/2012 - 15/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م