لا ينبغي مقاومة الاستبداد بالعنف،
كي لا تكون قتنة تحصد الناس حصدا
حكمة ارشادية:
قال شداد لابنه عنترة في حرب داحس والغبراء عندما دارت الدوائر على
قومه بني عبس: ويلك عنترة كر فأجابه العبد الأسود: ان العبد لا يحسن
الكر والفر، فقال له والده والذي كان حتى ذلك التاريخ يرفض الاعتراف
بإبنه الأسود: كر وأنت حر...، عند ذلك انقض عنترة على الأعداء غير مبال
بالموت فردهم عن قومهم ومن ذلك التاريخ أصبح فارس بني عبس وعرف في
التاريخ أفضل بطل شعبي ومازالت سيرته تتلى وتدرس في مختلف الأوساط ولدى
معظم الشعوب...
مواقف من حياة المؤلف:
- نبه الى حالة الفساد والجمود.
- ناصب الأتراك العداء وكل القوى المعادية لمصلحة الأمة.
- أعاد طرح السؤال شكيب أرسلان: لماذا تأخر المسلمين بينما تقدم
غيرهم؟
- تأثر برجال الاصلاح والإحياء.
- دعا الى الثورة والتحرر والتقدم.
- كشف عن آرائه النقدية للاستبداد وصارع كل أشكال السلطة.
- معالجة المسألة الاجتماعية التي يعاني منها الشرق.
الإشكالية المركزية للكتاب:
ماهي أسباب التخلف بالنسبة الى العرب والمسلمين؟ وهل من سبل للترقي
والنهوض نحو المدنية؟ كيف أدرج كتابه ضمن البحوث العلمية السياسية؟ وهل
كان مجهوده مجرد نقل وتعريب للمبادئ والتعاليم السياسية الحديثة التي
ظهرت في الفلسفة الغربية أم مجرد تواصل مع مباحث تراثية وعلوم أصيلة؟
كيف استعان في مقارباته الوصفية بآراء غيره واعتمد على الاقتباس
واستفاد من أعدائه؟ هل كان مقلدا لغيره ومتبعا لمن سبقه من العلماء
العرب أم أنه أبدع أفكار عن طريق استعماله الخاص للعقل أملته عليه
الضرورة الواقعية؟ كيف استعمل الصحف في نشر أفكاره التجديدية؟ لماذا
علق آمال الأمة على الناشئة العربية المباركة؟ وهل فقد صدق كلمته وجرأة
خطابه عندما تقلد مناصب حكومية؟ والى أي مدى أثناه الأسر على فك رقبة
الأمة من قيود الاستبداد؟ كيف يكون أصل الداء هو الإستبداد ومقارعة
الاستعباد هو الطريق نحو العلاج الشافي؟
فرضيات ضمنية للقراءة:
- الجهل أصل الداء والعلم هو الدواء
- أنكر المنكرات بعد الكفر هو الظلم
- الاستبداد يقلب السير من الترقي الى الانحطاط
- ان الداء اختلاف الاراء والتشتت الذي أصاب الأمة
- سبب الانحطاط كامن في التراخي عن الدين وفي التهاون فيه.
- العافية المفقودة هي الحرية السياسية
- انكم خلقتم أحرارا لتموتوا كراما
- ان السجون لا تقلل الجنايات بل المدارس
- ان الحياة هي العمل والقنوط هو عدو الحياة
- خير الخير أن يعيش الانسان حرا
1- السياسة بحث علمي:
نشرت في بعض الصحف الغراء أبحاثا علمية سياسية
لقد استلهم الكواكبي افكاره السياسية من مصادر شتى ومرجعيات متنوعة
عبر التاريخ وتأثر بالفلسفة الاغريقية وكتب السياسة الرومانية التي
تعود الى الجمهوريين وارتكز على التجربة السياسية العربية في بعديها
النظري والعملي في عصر الازدهار وانتبه الى أهمية الأفكار الفلسفية
السياسية في عصر الأنوار وخاصة عند مدرسة العقد الاجتماعي مثل روسو
ومونتسكيو ولوك واسبينوزا وحاول مواكبة الموجة التحديثة الجديدة في
العالم التركي مع كمال بك وأحمد باشا وفي الوطن العربي مع رفاعة
الطهطاوي وخير الدين التونسي وسليم البستاني وأحمد فارس الشدياق. لقد
كان واعيا بتبعية السياسة العملية عند الاغريقية للحكمة النظرية
وللخطابة والسفسطة وامتزاج السياسة العربية بالدين والأخلاق والأدب
والشعر والتاريخ وخاصة عند علي أبن أبي طالب في نهج البلاغة وعند
المتنبي والمعري والرازي والطوسي والغزالي وابن خلدون وابن بطوطة. ولقد
أدرك أيضا الانقلاب الكبير الذي حصل داخل هذا الميدان مع المحدثين في
الغرب وعند العرب والأتراك حينما حاولوا فصل السياسة عن الأخلاق
والأسطورة والمثل.
يبد أن الكواكبي قد سار في نفس الخطوط العامة للنظريات السياسية
العربية التي تحركت ضمن ثلاثية العدالة والسعادة والمصلحة ووظف المبادئ
الموضوعية والقيم الكونية من التجارب الاغريقية والرومانية والأوروبية
ولكنه قد أضاف الى ذلك بعدا ثالثا هاما هو روح العصر الذي وجد فيه وحال
الواقع العربي الاسلامي البائس وجهود رجال الاصلاح من أجل نقده وتطويره.
هكذا نجد ثلاثة روافد للفكر السياسي عند الكواكبي وهي كما يلي: في
البداية نعثر على التراث بما يختلط فيه الدين والأدب والأخلاق بالسياسة
والآخر الغربي ومنابته الاغريقية والرومانية ومجمل المؤلفات حول
السياسة العمومية والسياسة الخارجية والسياسة الاقتصادية والسياسة
الحقوقية، ونجد الذات العربية الممزقة والواقع المأساوي والموقف
الحضاري الذي اتخذه رواد الاصلاح منه كرافد ثالث.
على الرغم من أن التحليلات التي أنجزها الكواكبي هي مجرد نصوص
صحافية ومقالات خطابية مكتوبة بلغة عاطفية تحريضية وموجهة بالأساس الى
المشرقيين العرب والمسلمين بالخصوص فإنه خطاب يبتعد عن العلمية
والموضوعية ويفتقر الى الانفتاح على العالمية والكونية بقدر قربه من
الخصوصية الحضارية ومواءمته للتراث بل انه يستمد قيمته من قدرته
التجييشية للشبيبة العربية وتمكنه من التعبير الدقيق عن الواقع المأزوم
وتحريك الناس نحو محاربة الجهل والتخلف والتحرك بسرعة نحو التطور
والتمدن.
ان علمية الخطاب السياسي عند الكواكبي تتوقف عند قدرته على تحليل
مطلبين مهمين: الأول الكشف الدقيق والشافي عن علل الأمراض وأسباب
الانحطاط والتخلف، والثاني هو حفز همم الشبيبة وتحرير العقول من
الأوهام والتدرب على الحرية واستعمال العقل بطريقة منهجية. ولعل أكثر
الملاحظات بديهية هي تلك التي ترى أن سبب التخلف ذاتي داخلي وليس
خارجيا موضوعيا وأن أول الخطوات التي يجب القيام بها هو تنبيه الغافلين
من أجل المرور الفوري الى زمن الترقي وافتكاك زمام المبادرة.
تفعل السياسة في أخلاق البشر ما تفعله العناية في انماء الشجر
وواضح هنا أنه يحدد السياسة بكونها التدبير والاستصلاح والفلاحة وفن
الانماء ويجعلها تصف الواقع الاجتماعي وتقوم بتنميته والعناية به.
هكذا يحاول الكواكبي تأسيس القيم السياسية عن طريق تحطيم الممارسات
السياسوية ويبذل جهدا كبيرا من أجل استبدال السلوك العاطفي والمرتجل
بالتخطيط العلمي والفعل السياسي المدروس والمعقلن. ولذلك نجده يعرف علم
السياسة على أنه ادارة الشؤون المشتركة بمقتضى الحكمة وقوانين العقل
وأن الارتجال والاستبداد هو التصرف في الشؤون المشتركة بمقتضى الشهوة
والهوى ويحاول استبدال الأهواء بالحكمة والعقل. ان الحكومة المستبدة هي
التي لا يشدها عهد بينها وبين الأمة وان الاستبداد هو الحكومة التي
يوجد بينها وبين الأمة رابطة معينة معلومة مصونة بالقانون لا تعتبر
بيمين من يتولى السلطة ولا بعهد على مراعاة الدين والحق والشرف
والعدالة ومقتضيات المصلحة العامة.
يميز الكواكبي بين الأمة والحكومة ويرى أن قوة السلطان يجب أن
يقابلها قوة الأمة وذلك لأن الأمة هي الشعب وهو جمع يربط بينهم وحدة
الجنس واللغة والوطن والحقوق المشتركة والأمة التي لا تحس بنار
الاستبداد لا تستحق الحياة، بينما الحكومة هي وكالة سياسية تقام من قبل
الأمة لأجل ادارة الشؤون المشتركة وليست استفراد انسان بالحكم من أجل
التسلط على الرقاب بالحديد والنار.
لكن ماهي الأصول التي ساهمت في تشكل أنظمة طريقتها في تسيير الشأن
العام هي الاستبداد؟
2- وصف طبائع الاستبداد:
ان السياسيين يبنون كذلك استبدادهم على أساس من هذا القبيل، فهم
يسترهبون الناس بالتعالي الشخصي، والتشامخ الحسي، ويذلونهم بالقهر
والقوة وسلب الأموال حتى يجعلهم خاضعين لهم عاملين لأجلهم.
يحاول الكواكبي عن طريق منهج التقصي والتشخيص وصف الأسباب المفضية
الى الاستبداد وتعرية الأسس التي يقوم عليها الحكم الظالم والوقوف عند
العلل والأمراض التي أصيبت جسد الأمة وذلك عن طريق نقد الممارسات
السياسية المحرفة وفضح القيم الزائفة وكشف التوجهات اللاسياسية وذلك
بغية السعي الى تأسيس السياسة كعلم مضاد للاستبداد وخلق قيم ومعايير
سياسية انسانية واقتراح العلاج الضروري والدواء الشافي للمجتمع ومساعدة
الجسد الجماعي على التعافي والترقي.
لو كان الاستبداد رجلا، وأراد أن ينتسب، لقال: أنا الشر، وأبي
الظلم، وأمي الاساءة، وأخي الغدر، وأختي المسكنة وعمي الضر، وخالي الذل،
وابني الفقر... وابنتي البطالة ووطني الخراب وعشيرتي الجهالة. على هذا
النحو إن الاستبداد على سبيل الحقيقة هو استبداد الحكومات حينما يتصرف
فرد أو مجموعة في حقوق قوم بلا خوف وهو الاستعباد والإعتساف والتسلط
والتحكم، وعلى سبيل المجاز هو استبداد بعض العائلات وبعض الديانات
حينما ينفرد بالرأي وتنعدم الاستشارة ويتم التعامل مع الناس على أنهم
أسرى وأذلاء ومستصغرين ومستنبتين. أما المستبد فهو الحاكم المطلق
والجبار والظالم والذي يقتصر على رأي نفسه فيما ينبغي الاستشارة فيه.
على هذا النحو يكون الاستبداد السياسي صفة الحكومة المطلقة العنان التي
تتصرف في شؤون الرعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب. ويحصل
الاستبداد عن طريق تولي الحكم بالغلبة أو بالوراثة وأحيانا عن طريق
الانتخاب ويمكن أن يتشكل النظام الاستبدادي بصورة تدريجية وذلك من خلال
التصرف بما لا يتفق مع ارادة الأمة ومع ما ينص عليه الشرع من قيم كونية
عادلة. لذلك يميز الكواكبي بين الحكومة المستبدة التي لا يوجد أي قيد
عليها والحكومة المقيدة التي تملك الرعية امكانية ابطال وجودها عن طريق
البرلمان ومن خلال القانون ولكنها يرفضها جميعا وبالخصوص الحكم الفردي
المطلق الذي يتشكل بالغلبة والحكم الفردي المطلق الذي يتشكل بالوراثة
والحكم الفردي المقيد بالدستور والبرلمان والذي يتشكل بالوراثة والحكم
الفردي المنتخب المقيد.
يكفي الاشارة هنا الى صفة الاستبداد كما تشمل حكومة الحاكم الفرد
المطلق الذي تولى بالغلبة أو الوراثة، تشمل أيضا الحاكم المقيد الوارث
أو المنتخب متى كان غير محاسب.... ما نلاحظه هنا أن الكواكبي يرفض
النظام الملكي الدستوري والنظام الدستوري المدني مثلما يرفض
المنوغارشية والأولوغارشية ويضع بين قوسين جاهزية النموذج الغربي في
السلطة الدستورية وتفريق السلطة والانتخاب في التطبيق كحل ديمقراطي
للعلاقة بين الحاكم والمحكومين في الفضاء غيرى الغربي.
تشمل ( صفة الاستبداد) حكومة الجمع ( الفئة) ولو منتخبا لأن
الاشتراك في الرأي لا يدفع الاستبداد وإنما قد يعد له وقد يكون أحكم
وأضر من استبداد الفرد. في هذا القول يرفض الكواكبي الديمقراطية
الغربية ويعتبرها حيلة معقلنة لمزيد احكام السيطرة والغلبة على
المجموعة ونراه يقترب من بلورة مفهوم الاستبداد الديمقراطي أو المستبد
العادل ولكنه ينقده ويعتبر الديمقراطية الانتخابية والاحتكام الى سلطة
الأغلبية ورأي المجموعة أداة قانونية تعدل الاستبداد ولا تقضي عليه
وتنظم الهيمنة ولا تلغيها من الوجود بل ان هذه العملية تجعله أكثر
مشروعية وأرسخ قدما في المجتمع من الهيمنة عن طريق القوة والانفراد
بالرأي. عندئذ يصادر الحكم المطلق حق المواطنين ليضعهم على ذمة شخص
واحد بينما تصادر الديمقراطية هذا الحق لتضعه تحت تصرف المجموعة ونكون
ازاء هيمنة الأغلبية على الأقلية، وإذا أمكن القضاء على حكم الفرد
المطلق فإنه يصعب القضاء على حكم المجموعة.
زد على ذلك لا يؤدي الفصل بين السلط الى القضاء على الاستبداد
واقتلاعه من جذوره وذلك لأن التفريق بين الهيئات التنفيذية والتشريعية
والقضائية لا يؤدي بالضرورة الى وضع دستور يحمل المواطنين على أن
يكونوا مسؤولين حقيقة أمام هذه السلط وينص على مراقبة كل هيئة عمل
الهيئة الأخرى ومحاسبتها ومساءلتها عند كل خطأ. لذلك يشمل ( صفة
الاستبداد) الحكومة الدستورية المفرقة فيها قوة التشريع عن قوة التنفيذ
لأن ذلك لا يرفع الاستبداد ولا يخفضه ما لم يكن المنفذون مسؤولين لدى
المشرعين. لكن ماهو الدستور غير الاستبدادي الذي يفرض طاعة الجميع
ويقرر مسؤولية الجميع أمام الجميع دون أن يخدم مصلحة طرف ضد طرف آخر؟
ومن يكتب هذا الدستور الديمقراطي؟ أليست أقلية تحاول أن تفرض تصوراتها
على الأغلبية؟ وهل يؤدي هذا الى نقد البديل الديمقراطي الغربي والبحث
عن بديل شرقي في الحكم الشرعي؟ كيف رفض الكواكبي الديمقراطية الغربية؟
ولماذا؟ وماهي الطرق التي يقترحها لمقاومة الاستبداد؟
يحاول الكواكبي هنا تعريف الاستبداد بحسب الحكمة ويرى أن المستبد
يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإرادتهم ويضع كعب رجله على أفواه
الملايين وبالتالي يكون الاستبداد هو حضور الارادة الفردية وغياب
الارادة الجماعية ويكون المستبد هو عدو الحق وهاتك للحرية ومصادر للعدل
ومخل بالأمن.
هكذا يتجاوز المستبد الحدود لأن لا حاجز ولا رادع له بل يتصرف
بمقتضى الشهوة والأهواء وتغيب القيود الثقال على الحكومة المستبدة
لأنها معينة لخدمة الحاكم وليس الشعب وتتصرف في الخلق كالعبيد.
كما أن أسباب الاستبداد هو الخوف من البطش وتفضيل حالة العبودية على
المغامرة وطلب الحرية وكذلك جهل الرعية لماهو خيرها وماهو شرها
وإغفالها لحالتها الطبيعية وحقوقها الطبيعية وعدم مطالبتها بها.
زد على ذلك يمكن للاستبداد السياسي أن يتولد من الاستبداد الديني
لما يوضع الدين في خدمة السياسة عن طريق التأويل أحادي الجانب والتوظيف
النفعي والتعامل الدغمائي مع العقائد ويتم الخلط بين الدين القيم
والآراء المغشوشة مثل أساطير الأولين والقسم التاريخي من التوراة
والرسائل المضافة الى الإنجيل وتحصل مماهاة بين ملكوت المقدس الروحاني
وملكوت الدنيوي المادي وينظر الى الدين على أنه مملكة التحكم في الأنفس
وتفهم السياسة على أنها التحكم في مملكة الأجساد وبالتالي تمتلك
الأجساد من أجل أن تروض النفوس وتتطوع الى مشيئة المستبدين ويكون هذا
الفهم الضيق للدين من صنع الانسان ويضفي المشروعية الدينية على
الممارسة السياسية التسلطية.
زد على ذلك يرى الكواكبي أن العقل والتاريخ والعيان كل يشهد بأن
الحكومة المستبدة تكون مستبدة في أصلها وفروعها من المستبد الأعظم وهو
اللئيم الأعظم الى الفراش وكناس الشوارع. وهذه الفئة المستبدة يكثر
عددها ويقل حسب شدة الاستبداد وخفته ولذلك يحرص المستبد على ظلم الناس
لأن رجال عهد الاستبداد لا أخلاق لهم ولا حمية ولكن المستبد يحتاج
لعصابة تعينه وهو فرد عاجز لا قوة فيه ولا حول له إلا بالمتمجدين
والمتزلفين.
ان الاستبداد هو صفة الحكومة مطلقة العنان...التي تتصرف بشؤون
الرعية كما تشاء...تفسير ذلك هو كون الحكومة اما غير مكلفة بتطبيق
تصرفها على شريعة أو على أمثلة تقليدية أو على ارادة الأمة.
كيف يستند الاستبداد السياسي على نوع من الاستبداد الديني؟ وماهي
مشروعية القول بأن الدين الحقيقي براء من الاستبداد بإسم الدين الزائف؟
ولماذا يفضي الاستبداد الى تشويه للطبيعة البشرية؟
3- تبعات الاستبداد وتأثيراته:
يصير الاستبداد كالعلق يطيب له المقام على امتصاص دم الأمة فلا ينفك
عنها حتى تموت ويموت هو بموتها
لعل أول التأثيرات السلبية التي سببها الاستبداد هي تلك التي طالت
مجال القداسة ودنسته بأن أفسدت الدين وأفقدته روحانيته وجعلته ماديا
ذرائعيا يقوم به الانسان من أجل تحقيق مآربه والفوز بالجنة. بل ان
الاستبداد السياسي والاستبداد الديني هما أخطر حليفين على وجه البسيطة
بحيث إن وجد طرف الا وجر اليه الطرف الآخر ولنا في تحالف الكنيسة مع
القيصر خير مثال. كما مارس بعض الحكام والأباطرة الظلم والتعسف تجاه
أرزاق الناس وحياتهم وزعموا أنهم خلفاء الله ويده الطويلة في الأرض
وأنهم ينفذون مشيئته. زد على ذلك زعم بعض المستبدين الألوهية والقداسة
وجعل الاغريق نظام السماء تحكمه الآلهة وتقسم الحظ والمنفعة والحماية
على الخلق بشكل اعتباطي. هذه العملية الكهنوتية التي انتهت الى تخليط
السياسة بالدين والدين بالسياسي وامتزاج الاستبداد السياسي بالاستبداد
الديني هي اضرار بالتوحيد والشريعة السمحاء وتقويل الله ما لم يقله
والإساءة الى الأنبياء وتعطيل لدورهم الدنيوي والأخروي.
في تاريخ الاسلام وجد مستبدون حاولوا اطفاء نور الله بأفواههم
وسلبوا حرية الشعوب وكان ذلك نتيجة اهمال المسلمين انفسهم لدور
المراقبة والمحاسبة والمساءلة الذي يقوم به عادة العلماء وربما جاء
الاستبداد الى الاسلام من زاوية تقليد البدع في الديانات الأخرى وخاصة
محاكاة المسيحيين وابتعادهم عن جوهر النص وكثرة مذاهب والملل والنحل
مما شوش صفاء الايمان وأغرق الناس في الانقسام والفرقة.
إني أرى قصر المستبد في كل زمان هو هيكل الخوف عينه، فالملك الجبار
هو المعبود وأعوانه هم الكهنة ومكتبته هي المذبح المقدس والأقلام هي
السكاكين وعبارات التعظيم هي الصلوات والناس هم الأسرى الذين يقدمون
قرابين... وبالتالي يصير الاستبداد أشد وطأة من الوباء، أكثر هولا من
الحريق، أعظم تخريبا من السيل، أذل للنفوس من السؤال. داء إذا نزل بقوم
سمعت أرواحهم هاتف من السماء ينادي: القضاء القضاء والأرض تناجي ربها
بكشف البلاء.
من جهة أخرى يحول الاستبداد المجد الى تمجد. فإذا كان المجد هو
احراز المرء مقام حب واحترام في قلوب وهو مطلب طبيعي شريف لكل انسان
مفضل على الحياة عند الأحرار وذلك لارتباطه بالكرم والفضيلة والنبالة
فإن التمجد هو التقرب من الحكام والسلاطين والارتزاق من عطايا البلاطات
والرشاوي، وهو أن ينال المرء جذوة نار من جهنم كبرياء المستبد ليحرق
بها شرف الانسانية ويظهر في الحكومات الاستبدادية والمتمجد هو نصير
الجور عدو العدل. وربما المجد الحضاري الغائب هو نتيجة حتمية لتفشي
الاستبداد وغياب من يحمل لواء الحرية والعدالة الذين يقول كلمة حق في
وجه سلطان جائر.
كما يفسد الاستبداد المال ويضيع ما يكسبه الناس بالأعمال ويبدد
الثروات ويكرس التفاوت في امتلاك المال واقتسام الثروات بشكل غير منصف
وإذا كانت القوة والعقل والعلم والجمل والجاه وكل ما ينتفع بثمرته
الانسان هو المال فإن هذه الثمرات معرضة لإفساد الاستبداد وإسراف
الأغنياء وتبذيرهم. لذلك كان المال بلاء على الانسان يحل به من حيث
التعب في تحصيله ومن حيث القلق على حفظه ومن حيث ربط صاحبه على وتد
الاستبداد. وقد كان الاستبداد بالمال وباسم الثروة أش أنواع التحكم
والقهر لأنه يكرس العبودية وشراء الذمم ويمتهن الكرامة الانسانية
والقيم الروحية وينتصر للمادة على القيم. غير أن المال فيض الهي أودعه
الله تعالى في الطبيعة ولا يملك أي لا يتخصص بإنسان إلا بعمل فيه أو
بمقابلة.
لكن ما علاقة الاستبداد بالأخلاق والتربية؟ هل هناك استبداد أخلاقي؟
وما نوعية التربية التي يحرص المستبد على نشرها؟ وكيف يفسد الاستبداد
الأخلاق والتربية؟
الاستبداد يقلب الحقائق في الأذهان فيسوق الناس الى اعتقاد أن طالب
الحق فاجر وتارك حقه مطيع، والمشتكي المتظلم مفسد، والنبيه المدقق ملحد،
والخامل المسكين صالح أمين، ويصبح كذلك النصح فضولا، والغيرة عداوة،
والشهامة عتوا والحمية حماقة، والرحمة مرضا، كما يعتبر أن النفاق سياسة،
والتحيل كياسة، والدناءة لطف، والنذالة دماثة.
الاستبداد يضعف الأخلاق الحسنة والفضائل ويشجع على الرذائل ويؤسس
القيم الدنيئة ويسبب الجحود ويجعل الناس يتشبثون بالحياة البهيمية
ويفقهم القدرة على التمييز بين الخير والشر وبين الحسن والقبيح ويدفعهم
الى أخلاق اللذة واقتناص المتع الجسمية وتحقيق الرغبات المادية والعزوف
عن السعادة الروحية والتشبث بالمثل والقيم المطلقة. ويقلب الاستبداد
سلم المعايير والقيم رأسا على عقب فتصبح الرعية خادمة للراعي وطالب
الحق فاجر والمشتكي مفسد والتحيل كياسة والغلبة صحة والنفاق سياسة
ناجعة.
كما يفضي الاستبداد الى تعليم الناس الانقياد والخضوع وارتكاب
الفجور والفسق والإجرام فتمرض النفوس وتشقى الأرواح وتتبلد الطباع
وتقسو القلوب وتمرض الأجسام وتدنس الأخلاق وتعم الفوضى. ان أسير
الاستبداد لا نظام في حياته إلا النظام الذي يفرضه عليه المستبد ولذلك
يؤثر الاستبداد على أخلاق الناس فيرغم الأخيار على أن يكونوا مرائين
منافقين ويعين الأشرار حتى يكونوا موضع احترام وتقدير.
أضف الى ذلك أن الاستبداد يوظف التربية لمصلحته ويستولي على التعليم
ويدجنه ويجعل الدرس وسيلة للتبرير وإضفاء المشروعية على ممارسة
المستبدة المنافية للدين والأخلاق ولذلك تظهر التربية المستبدة. إن
عبيد السلطة التي لا حدود لها هم غير مالكين لأنفسهم وتربيتهم لأولادهم
هو تحضير لأنعام للمستبدين، أعوان لهم عليهم. وبتالي أن حضور استبداد
يعني ارتفاع التربية الحقيقية وزوالها وحضور التربية الحقيقية في
الواقع الاجتماعي يفضي الى كنس الاستبداد وتفكيكه وكأنهما ضدان لا
يجتمعان. ولكن من أين لأسير الاستبداد أن يكون صاحب ناموس وهو كالحيوان
المملوك العنان، يقاد حيث يراد، ويعيش كالريش يهب حيث يهب الريح لا
نظام ولا إرادة؟
علاوة على ذلك يفسد الاستبداد العلم والمعرفة والعقل ويحرص على
حرمان الرعية من التنوير ومن علوم الانسان ومنعهم من التمتع بالمعارف
التي تحرك الوعي والثقافة السامية التي تهذب الذوق وتشجيعهم على العلوم
الجافة والمعارف القديمة التي تكرس الإستحمار وتزيد الغباوة وتنشر
الجهل وتقوم على الاجترار.
هكذا يخاف المستبد من علوم الحياة والفلسفة العقلية والحكمة النظرية
وحقوق الأمم والسياسة المدنية والتاريخ المفصل والخطابة الأدبية وهي
علوم توسع العقول وتمزق الغيوم وتعرف الانسان بانسانيته وحقوقه وتبسق
الشموس وتدرب على الحرية وتجعل من الذكاء البشرى سلطة أقوى من كل السلط
الأخرى، ولذلك نراه يشجع العلوم اللغوية وقواعدها المجردة ويحرص على
نشر العلوم الدينية الخاصة بالمعاد والعبادات ويهمل العلوم الدينية
الخاصة بالمعاملات. اذا كان للعوام قابلية الاستبداد ويحنون الى الرضوخ
بحكم المألوف فإن العلماء هم الذين ينبتون في مضايق الصخور ويسعون الى
تنوير أفكار الناس ويعلمونهم معنى الحرية وشرف المعارضة وشهامة ابداء
الرأي وفضيلة قول الحق ودحر الباطل.
والمشكلة كما ذكرتُ آنفاً أن فناء دولة الاستبداد لا يصيب المستبدين
وحدهم بل يشمل الدمارُ الأرضَ والناس والديار، لأن دولة الاستبداد في
مراحلها الأخيرة تضرب ضرب عشواء كثور هائج أو مثل فيل ثائر في مصنع
فخار، وتحطم نفسها وأهلها وبلدها قبل أن تستسلم للزوال. وكأنما
يُستَحَق على الناس أن يدفعوا في النهاية ثمن سكوتهم الطويل على الظلم
وقبولهم القهر والذل والاستعباد، وعدم تأملهم في معنى الآية الكريمة: (
وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ
خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
يمكن أن يكون الاستبداد الفاحش مولدا للفتنة والثورة اذا ما ارتكبت
الدولة المستبدة الأخطاء القاتلة التالية:
- هدر الحقوق والمس بمستلزمات الحياة، وبالتالي يولد ظلم المستبد
الانتقام.
- خسران الحروب الحاسمة.
- موالاة الحكومة لأعداء الأمة.
- تظاهر الحكومة بإهانة الدين والاستهزاء بالمقدسات.
- ارتفاع الضرائب والجبايات وقلة الموارد.
- حدوث مجاعات وكوارث وتقصير الحكومة في الاغاثة.
- التفاوت في المداخيل وغياب المساواة في الرزق.
- التضييق على الحريات وتظاهر النساء والأطفال.
على هذا الأساس يقلب الاستبداد الحركة نحو الترقي الى والحياة الى
حركة هبوط نحو الموت والانحلال وذلك لأن الاستبداد عدو لدود للحركة
والترقي وهو العائق السالب لإرادة الانسان التائقة نحو الحرية. ولذلك
يقف الاستبداد المحتوم الى جانب المشيئة الكونية والعجز الطبيعي عائقا
أبديا أمام الترقي وموقعا الفرد والمجتمع في مستنقع القهر السياسي
والتوتر النفسي ويجعل الأمة تجنح نحو طلب التسفل والتأخر وتتلذذ
بالظلام والشقاء والألم وتقبل ما يحل بها من نقمة وظلم راضخة مستكينة
دون انزعاج أو حراك.
من تبعات الاستبداد نجد الظلم وهو أشد من الكفر وذلك لأن أنكر
المنكرات بعد الكفر هو الظلم الذي فشا فيكم ثم قتل النفس ثم وثم...ان
تغيير منكر بالقلب هو بغض الملتبس به بغضا في الله...وان من يعامل
ظالما هو فاقد الإيمان و كلما زاد المستبد ظلما واعتسافا زاد خوفه من
رعيته، وحتى من حاشيته، وحتى من هواجسه وخيالاته وأكثر ما تختتم حياة
المستبد بالجنون التام.
ان أسرى الاستبداد هم مساكين لا حراك فيهم وموتى الاحساس ومحنطي
الادراك وعديمي الأخلاق. كما يلازم الاستبداد الأمة ملازمة الغريم
فيفعل فيها دهرا طويلا الى أن تبلغ حطة البهائم فلا يعود يهمها الا حفظ
حياتها الحيوانية، وحتى هذه الحياة الأخيرة يخترقها الدنيئة يخترقها
الاستبداد بصفة ظاهرة أو خفية. وبالتالي يكون الاستبداد هو العلق الذي
يطيب له المقام على امتصاص دم الأمة.
اللافت للنظر أن الكواكبي تفطن الى الاستبداد الذي ما يزال يمزق
الغرب على الرغم من ادعائه الديمقراطية والحرية، لقد وعى الكواكبي ما
أصاب المجتمع الغربي على العموم...ان الاستبداد الذي تفرضه حكومات هذه
المجتمعات قد تحول من استبداد في الداخل الى استبداد على الخارج، على
المستعمرات أو على المحميات، والى نهب لخيرات أراض محتلة هنا وهناك...
لكن الكواكبي يظل فيلسوفا سياسيا متفائلا وذلك لايمانه بأن الخير
مربوط بذيل الشر وبأنه على قدر النقمة تكون النعمة وأن الاستبداد هو
طبيعة ثانية مركبة واصطناعية وأن الأمة يمكن أن تنزع عن جسدها الطاهر
ثوب الظلم والتبعية وتنعم بنور الحرية ورفعة النفس وسمو الكرامة والمجد
الحضاري.
كما أن المستبد فرد عاجز، لا حول له ولا قوة الا بالمتمجدين، والأمة
أي أمة كانت ليس لها من يحك جلدها غير ظفرها، ولا يقودها الا العقلاء
بالتنوير والاهداء والثبات.
يصوغ الكواكبي نظريته في الترقي من التاريخ الطبيعي والفضاء العمومي
عن طريق الاستقراء ويؤكد على حتمية المرور من حالة الطبيعة الى حالة
التمدن وذلك باتباع السياسة العادلة وتنظيم الحرية وازالة الظلم وتحقيق
المجد والعزة. لكن كيف يمكن التخلص من الاستبداد؟ هل بالاصلاح التدريجي
أم بالثورة الشاملة؟ وبماذا يتم استبداله؟ وماهو الطريق الذي يتبعه
الكواكبي للقضاء على الظلم والانحطاط؟
4- شروط مصارعة الاستعباد:
ان الحكومة من أي نوع كانت لا تخرج عن وصف الاستبداد ما لم تكن تحت
المراقبة الشديدة والمحاسبة التي لا تسامح فيها كما جرى في صدر الاسلام...
يراوح الكواكبي بين تشخيص الداء واقتراح الدواء بين أهل النظر وأهل
العزائم ويمكن أن نلخص أفكاره في هذين الجدولين:
1-
أهل النظر الداء الدواء
المادي قوة السلطة مقاومة الرعية
الحكيم القدرة على الاعتساف الاقتدار على الاستنصاف
الحقوقي تغلب السلطة على الشريعة تغليب الشريعة على السلطة
الرباني مشاركة الله في الجبروت توحيد الله
السياسي استعباد الرعية استرداد الحرية
2-
أهل العزائم الداء الدواء
الأبي الطاعة العمياء والخضوع الشموخ عن الذل
الشهم التعالي عن الناس تذليل المتكبرين وتواضع السلطان
المتين وجود الرؤساء بلا زمام ربط الحكام بالقيود الثقال
المفادي حب الحياة عند السلطان والرعية التضحية والإيثار وعدم
الاكتراث من الموت
ماذا يمكن أن نستنتج من هذين الجدولين بعد تطبيق قراءة تأويلية لهما؟
ان الاستبداد لا يرتفع ما لم يكن هناك ارتباط في المسؤولية. فيكون
المنفذون مسؤولين لدى المشرعين. وهؤلاء مسؤولون لدى الأمة. تلك الأمة
التي تعرف أنها صاحبة الشأن كله وتعرف أن تراقب وأن تتقاضى الحساب.
الحل الذي يقترحه الكواكبي لإزالة الاستبداد من الواقع هو أخذ
الحكماء بيد الأمم ورفع الضغط على العقول من أجل النمو وتمزيق غيوم
الوهم وانتزاع الخوف من القلوب والدعوة الى تجاوز الخرافات والأباطيل
ومحاربة الغباوة والجهل بالتنوير والمعرفة والاهتمام بالتربية والتعليم
والثقافة والفنون وغرس قيم المساواة وإرادة الذات والثقة بالنفس وعزتها
ونبذ الخلافات القديمة والتعالي على الضغائن والأشياء المحنطة والرجوع
الى التوحيد كعقيدة حب الخير والعمل الصالح وتضرب التواكل والظلم
والتفاوت.
لق كانت رسالة الكواكبي الى الشبيبة العربية هي دعوة لعشق الحرية
وحب الحياة والإسراع في التغيير ورفع الظلم وتوظيف الاسلام من أجل
الثورة وإتباع مكارم الأخلاق وتأسيس الذات في اطار الوحدة
الوطنية:دعونا نجتمع على كلمة سواء ألا وهي: فلتحيا الأمة فليحيا الوطن،
فلنحيا طلقاء أعزاء. وبالتالي ان اقتناع الفكر العام واذعانه الى غير
مألوفه لا يتأتى الا في زمن طويل.
هذه النتائج التي توصل اليها الكواكبي بعد غربلة للتراث الفكري
السياسي والأخلاقي هي متحدة المدلول من حيث مقاومة الداء ومختلفة
التعبير من حيث اقتراح البدائل وتقديم الدواء. والحق أن هذه الآراء
استقراها الكواكبي من عند المتكلمين واستعملها لفهم مرض حضارة اقرأ
وسبب الضعف وبحث عن شروط الترقي واليقظة بالاستنارة بجهود العقلاء
والشخصيات المستنيرة في التاريخ الاسلامي.
على الرغم من أن نص الكواكبي مقتضب وغير موثق واصطبغ عليه الطابع
التحريضي اكثر من الطابع الأكاديمي إلا أن مفرداته تتضمن أكبر النظريات
ومصطلحاته تشير الى أهم البدائل الممكنة في هذا الاتجاه، وبالتالي هو
نص ثري ويحتاج الى تجربة تأويل في كل مرة من أجل الكشف عن معان متجددة
بالنظر الى أن مؤلفه كتبه بلغة رمزية ولهجة صحفية وتكتم على العديد من
المسائل ولم يجد الحرية الكافية للتعبير عن كل شيء وذلك بالقياس الى
مناخ الارهاب الفكري ومراعاته قدرة الناشئة على الفهم. كأن الكواكبي
ينظر الى اختلافات تأويل النص الديني بوصفها بوابة لازالة الاستبداد
وذلك عبر ازالة الوصاية المعرفية وتفكيك مركزية التفسير والشرح للكتب
المنزلة. على هذا النحو يساعد انفتاح النص واختلاف تأويله على تساوى
الحرية الانسانية والتقسيم العقلاني للمعرفة وتأسيس المجتمع العادل.
ومن المعلوم أنه لا يوجد في الاسلامية نفوذا دينيا مطلقا في غير
مسائل اقامة شعائر الدين غير أن البديل الذي يقترحه الكواكبي لم يتخلص
من خلفيته السلفية بحكم عودته الى نموذج الخلافة الراشدة واعتبار الشرع
هو الدستور الأول الذي ينبغي أن يلتزم به الجميع في الدولة رعايا وحكام،
ولذلك نادى الكواكبي لكي تهدم أركان الاستبداد:
- تطبيق الشرع، اذ لا قوة فوق الشرع، فالشرع هو حبل الله المتين.
- مراقبة شديدة ومحاسبة مستمرة من الشعب للسلطة.
- ايجاد حكم رشيد يقضي بالتساوي بين الفقراء والأغنياء وتشيد حالات
معيشية اشتراكية.
- احداث هيئات ومرجعيات أهلية تكرس روابط الأخوة والمحبة والتناصح
داخل المجتمع.
- وجود علماء الأمة وفقهاء الشعب من حماة الحق والشرع. لأن العوام
صبية نيام أيتام لا يعلمون شيئا والعلماء هم أخوتهم الراشدون إن
أيقظوهم هبوا وان دعوهم لبوا....
- اطلاق باب الاجتهاد والإيمان بحرية المعتقد والتعددية الدينية
وفسح المجال للتفكير والإبداع. وتتمثل صرخة العلمانية عند الكواكبي في
النداء التالي: دعونا ندبر حياتنا الدنيا ونجعل الأديان تحكم في الأخرى
فقط.
ما يهم الكواكبي هو الفعل والحركة والرفض وقول الحق من طرف العلماء
والمثقفين العضويين قد لا يكفي لتغيير الأوضاع ومقاومة ما أفسده
الاستبداد ولذلك يجب المرور الى العمل والاستعداد للثورة والعصيان
والتمرد وحركة النفي للحاضر التاريخي من أجل التوجه نحو المستقبل.
ان مجرد الاستعداد للفعل فعل يكفي شر الإستبداد والفعل الجماعي
وليس الفردي هو أشد وأفتك ولذلك الرعية جاءت بالحاكم ليخدمها ولا سبيل
الى ان يستخدمها والرعية العاقلة تقيد وحش الاستبداد لأن العقل عدو
الاستبداد. هكذا يضع الكواكبي حقوق الرعية في سلم الأولويات بالمقارنة
مع الراعي بل انه يجعل قرارات الحاكم نابعة من ارادة الناس ويتماشى مع
الرأي العام.
من هذا المنطلق يدعو الكواكبي الى اصلاح الدين من أجل تحقيق ثورة في
المجال السياسي وذلك بأن تكون ادارة الأرض محاكية لإدارة السماء وفقا
لنية المماثلة بين الالهي والإنساني، ولذلك نراه يفرق بين الاسلام
كمجموعة الحقائق الكونية التي ذكرها القرآن والأقسام التعليمية
والإسلام التاريخي بوصفه حالة المسلمين في الأرض ويدعو الى الحكم
الراشد الذي أسسه الرسول محمد (ص) والخفاء من بعده. ان هذا الطراز
السامي من الرياسة هو الطراز النبوي المحمدي لم يخلفه فيه حقا غير أبي
بكر وعمر ثم أخذ بالتناقص وصارت الأمة تبكيه من عهد عثمان الى الآن،
وسيدوم بكاؤها الى يوم الدين...
وإذا كان النوع الأول داعيا الى الحق والعمل به وبقي نقيا صافيا فإن
النوع الثاني هو الذي خلف الكهنوت وبرر الاستبداد وتحالف مع الاقطاع
واستقدم الغزاة وهادن الاستعمار وقسم الأرض.
ان سبب الاستبداد الديني هو الكهنوت والتفسير المحرف للنصوص
والاعتقاد في وجود تشاكل بين قوة الله وقوة السلطان وبالتالي يكون خوف
الرعية من السلطان هو نتيجة لرهبة العباد من انتقام الله وحصول التباس
في العلاقة بين الاله المعبود والسلطان الجبار. وبالتالي ليس هناك فرق
عند العامة بين الفعال المطلق والحاكم بأمره وبين من لا يسأل عما يفعل
جل شأنه وبين السلطان جليل الشأن غير مسؤول أمام الرعية ولذلك نرى
الناس تعظم الجبابرة تعظيمهم للآلهة، و بناء عليه لا يرون ( الرعية)
لأنفسهم حقا في مراقبة المستبد لأنهم فهموا الإسلام على أنه حق الله
على الانسان وبالتالي آمنوا بحق السلطان على الرعية وطبقوا طاعة ولي
الأمر دون شروط ولم ينتبهوا الى مسألة الانسان على الله ولم يقلبوا
المعادلة.
وقد جاء في محكم التنزيل ما يلي: يا أيها الملا أفتوني في امري ما
كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون وشاورهم في الأمر وأمرهم شورى بينهم و إِنَّ
اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا
وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ
اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً
و وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ. لقد نزل الاسلام حسب الكواكبي بالحكم والعزم لهدم هذا
الاستبداد والكهنوت والتشريك ومشيدا لقواعد الحرية السياسية ومقتضيات
التوحيد التي تتوسط الديمقراطية الغربية والأرستقراطية الأثينية
والشرقية. والحق أن نظرية السلطة في الاسلام ليست نظرية استبدادية
لأنها تقوم على العدل والقسط والشورى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والإسلام نفسه دين حرية وتحرير رفع الاصر والأغلال وتخليص الناس من
التمييز وإلغاء الرق ورفض وجود نفوذ ديني في غير مسائل إقامة الشعائر.
في السياق نفسه يقول: لو أطلق للعلماء عنان التدقيق وحرية الرأي
والتأليف كما أطلق لأهل التأويل والخرافات لرأوا في ألوف من آيات
القرآن ألوف آيات من الإعجاز.
يتناول الكواكبي هنا مسالة مصادرة حق المتدبر والمفكر في الابداع
وفي قراءة النص قراءة تجديدية مواكبة لروح العصر ويذكر أن حراس المؤسسة
المعرفية مارسوا ضد كل مجتهد مبدع أبشع أنواع التضييق والإقصاء وحرصوا
على الدفاع عن السائد وتكريس الاستبداد الفكري والرأي أحادي الجانب.
هكذا جعلوا قوة حركة الأفكار تيارا سلطوه على رؤوس الرؤوس من أهل
السياسة والدين. ولذلك يضع الكواكبي ثلاثة شروط يجب أن تتوفر في كل من
يريد أن يخلص الناس من الاستبداد وهي: حفظ مزيته العلمية والتقليل من
الادلاء بالآراء والابتعاد عن المستبد وأعوانه وأن يحفظ وقاره بالتقليل
من الاختلاط بالناس وأن يستغرق في عملية الاعداد حتى يصبح قويا ثابتا
وتضحي كلمته مسموعة. والخلاصة أنم الراغب في نهضة قومه عليه أن يتهيأ
نفسه ويزن استعداده ثم يعزم متوكلا على الله في خلق النجاح. فهل هو
مجرد مصلح اجتماعي أم ثائر سياسي يقوم بعصيان وإسقاط للنظام القائم؟
الاستبداد حسب الكواكبي لا يقاوم بالشدة وانما بالحكمة والتدريج
وتعميم العلم والمعرفة على الأمة وبالإعداد الجيد للناس عن طريق
التربية والتنوير. لا ينبغي مقاومة الاستبداد بالعنف كي لا تكون فتنة
تحصد الناس حصدا ويبرر ذلك بأن تحرك الناس نتيجة رد الفعل يؤدي الى
استمرار الاستبداد: اذ قد تحرق العامة عاصمة لأجل التشفي من أعوان
المستبد ولكن الحكم الاستبدادي نفسه يظل قائما. كما أن الثورة غالبا
تكتفي بقطع شجرة الاستبداد ولا تقتلع جذورها فلا تلبث أن تنمو وتعود
أقوى مما كانت. ولذلك يجب أن تنتظر الشبيبة الفرصة المناسبة وتوفر
الظروف الموضوعية عند ذلك يموج الناس في الشوارع والساحات وتملأ
أصواتهم الفضاء فتبلغ عنان السماء ينادون الحق الحق، الانتصار للحق،
الموت أو بلوغ الحق.
على هذا النحو يشترط الكواكبي تدبر حر للنص والتخلص من سلطة الميراث
وتفكيك طبقات التفاسير القديمة وذلك من أجل تعرية المستور وإماطة
اللثام عن الحقائق المخفية وكشف الملتبس وتنبيه العقول الى ضرورة نقد
المجتمع والعودة الى الذات والحضور في الواقع وامتلاك الوعي التاريخي
وممارسة البراكسيس الجماعي والانتقال من الخطاب العلمي المعقد الى
الخطاب الصحفي التحريضي. كما يظهر تفاؤل الكواكبي وإيمانه الراسخ
بإمكانية القضاء على الاستبداد في هذا الرأي: اليوم الذي يقل فيه
التفاوت في العلم وما يفيده من القوة، وعندئذ تتكافأ القوات بين الناس،
فتنحل السلطة ويرتفع التغالب، فيسود بين الناس العدل والتوادد، فيعيشون
بشرا لا شعوبا وشركات لا دولا. حينئذ يعلمون ما معنى الحياة الطيبة.
لقد ساهم الكواكبي في ميلاد حركة تنوير تجعل من العلم نور الانسان
ووسيلته للكشف والابصار ومن المعرفة أداة لتوليد الطاقة يستخرج منها
الانسان القوة التي تمكن العلماء بوصفهم ورثة الأنبياء من التوغل في
الكون وحفز النفوس نحو البذل والعطاء وحسن التمييز بين النافع والضار
ومحاربة الخرافة والجهل والاستبداد والبلوغ بالأمة حياة الرخاء والعزة.
وإذا كان المستبد هو ابن آوى والخفاش والمتمجد فإن العادل هو الكريم
النبيل الفاضل. الأمة أي أمة كانت ليس لها من يحك جلدها غير ظفرها، ولا
يقودها إلا العقلاء بالتنوير والإهداء والثبات. وبالتالي إن الأمة
المأسورة ليس لها من يحك جلدها إلا ظفرها ولا يقودها إلا العقلاء
بالتنوير والحكمة وحسنى التدبير. إن أحد وسائل مقاومة الاستبداد هي
ترقي الأمة في الاراك والإحساس وهذا لا يحصل إلا بالتعليم والتربية.
على هذا النحو يجب تهيئة البديل عن الاستبداد وتقرير شكل الحكومة الذي
يراد الوصول اليها قبل مقاومته والإجهاز عليه وهو معرفة الغاية كشرط
طبيعي للإقدام على كل عمل يزيل الاستبداد. ان بين الاستبداد والعلم
حربا دائمة وطرادا مستمرا: يسعى العلماء في تنوير العقول ويجتهد
المستبد في إطفاء نورها والطرفان يتجاذبان العوام.
يعني ذلك أن الاستعداد الفكري والنظري واجب على الأمة وليس أسهل من
الفكرة في ترتيب المقاومة والسير الطبيعي الى العدل والحرية والترقي
وتخطي الانحطاط والظلم والعبودية وقبول الأمة بمختلف أطيافها أصول أن
تحكم نفسها بنفسها. ومن علامات الترقي ظهور آثار العلم والعمران على
الأمة وجعل العودة الى الشرع سدا منيعا أمام الاستبداد وأن تكون قوة
التشريع في يد الأمة وبلوغ عدالة القضاء ونزاهة الادارة ووفاء للوطن
واستقلال الأرض والسعاة للشعب. ولذلك اذا رأينا في أمة آثار الترقي هي
الغالبة على أفرادها حكمنا لها بالحياة ومتى رأينا عكس ذلك قضينا عليها
بالموت.
خاتمة:
ان الحرية هي شجرة الخلد وسقياها قطرات من الدم المسفوح والإسارة
هي شجرة الزقوم وسقياها أنهر من دم المخاليق المخانيق
يشترط الكواكبي لرفع نير الاستبداد توفر الوعي والمقاومة والبديل
وذلك عند شعور أفراد الأمة بآلام الاستبداد ومقاومتهم باللين والتدريج
وإعداد البديل ويقترح جملة من القواعد التي يجب أن تسير عليها الحكومة
العادلة التي تعهد لها الأمة عن طريق الاجماع وليس بالوراثة أو بالتغلب
بل وفق شروط الكفاءة ومراعاة المصلحة الجماعية وحفظ الحقوق العمومية
مهمة ادارة شؤون الدولة حسب الرأي والاجتهاد وبطريقة مقيدة بقانون
موافق لرغبات الأمة. ويطلب الكواكبي من الحكومة أن تظل مخلصة لروح
الأمة وموضوعة تحت تصرفها وأن تضمن الأمان على سلامة الجسم والفكر
والحريات والعدل والحقوق.
أما القواعد الترتيبية المنظمة التي تعمل الحكومة العادلة على
اتباعها فهي كما يلي:
- تفريق السلطات وتوزيع التكليفات.
- اعداد القوة والجيش من أجل منعة الأمة.
- يجب أن تكون الحقوق محفوظة على الجميع بالتساوي.
- ان أفراد الأمة أحرار في الفكر والفعل ما لم يخالفوا القانون
الاجتماعي.
- حق الأمة في مراقبة الحكومة وسؤالها.
- حق الفرد في المطالبة من الحكومة لحفظ أمنه وسلامته.
- تأمين عدالة القضاء.
- حفظ هيبة الحكومة وسلطتها في هيبة القانون ووجوب احترامه.
- الحكومة ليس لها حق الملكية للمرافق العمومية بل هي مؤتمنة فقط
عليها وتسهر على ضمان العدالة وتأمين الرقي الاجتماعي وتسمح لكل فرد
بالتمتع بحقوقه وتنمية مواهبه.
- واجب على الدولة حفظ الدين والآداب دون أن يكون لها الحق في
السيطرة على العقائد والضمائر.
- وجود قوانين شاملة للحياة وواضحة لكل السلوكات والأعمال يضعها
الجمع المنتخب من طرف الأمة.
- ماهية القانون هو أحكام تنظم العلاقة بين المواطنين فيما بينهم
وبين الحكومة والأمة.
- توزيع المناصب والأعمال على كافة فئات الأمة وحسب الأهلية
والكفاءة.
- ضرورة التفريق بين السلطات السياسية والدينية والتعليم دعوة
للعلمانية.
- تدعيم الحكومة للترقي في العلوم والمعارف واحترام حرية الفكر
والعمل على تنوير الأمة وتثقيفها.
- تدعيم الاقتصاد زراعة وتجارة وصناعة وتعمير المدن وتوسعتها.
- رفع الاستبداد ونوال الحرية هي وظيفة المثقف العضوي وعقلاء الأمة.
- الحياة عمل وحرية، والإنسان الحر هو الذي يملك نفسه ويكون على ملك
قومه تماما.
هكذا يعتبر الكواكبي فيلسوف الترقي بامتياز وذلك لمعاداته للانحطاط
ونبذه التبعية والتقليد فكرا وعملا. والترقي هو التقدم والحركة نحو
الأمام ونحو الأفضل وهي سنة عالمة في الخليقة ودائبة منتظمة في الحياة
وينقسم الترقي الى ترقي في الجسم صحة ومتعة وتوق حيوي وترقي في التركيب
وهو البحث عن شرف العائلة ومجد العشيرة وترقي في القوة والمال والحالة
المادية وترقي في الملكات في الفكر والسلوك والروح. ان سبيل الانسان هو
الى الترقي مادام جناح الاندفاع والانقباض فيه متوازن. ومن قرائن
الترقي في حضارة إقرأ الحديث الشريف: ما تم أمر ال اوبه نقصه والآية
الكريمة: يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي. والكواكبي يرى أن
الترقي قانون يعمل في المادة وأعراضها ولكنه موجود في مستوى الكيفيات
ومركباتها ويحكم مسار التاريخ ويظهر في نمو المعارف وتراكم الخبرات.
في نهاية المطاف تتوزع دوائر الترقي الى السياسة والدين والعلم
والمجد والمال والأخلاق والتربية ويحرص الكواكبي على أن يعطي المجتمع
للعلم والعلماء القيمة الكبرى وأن يظهر المجد في الحكومة الحرة ويقاوم
التمجد والتزلف وينصح بالتمول المشروع وضرب مسالك التمول المغشوش وأن
لا يتجاوز الثرة الحاجة وأن تكون أخلاق الناس هي أخلاق الحرية والسعادة
لأن الأسير لا يذوق لذة نعيم في الكون غير اللذة البهيمية. من هذا
المنطلق نراه ينادي بمكارم الأخلاق التي تجمع بين الحكمة والدين والعرف
وتشجع على قيم الألفة والمحبة والاشتراك. الدين يفيد الترقي الاجتماعي
اذا صادف أخلاقا فطرية لم تفسد فينهض بها كما نهضت الاسلامية بالعرب.
كما ينادي الكواكبي بالشورى الديمقراطية والسياسة المدنية ويربطها
بالتربية الصالحة والتهذيب الاجتماعي ويعتبر أن العافية المفقودة هي
الحرية السياسية. والمراد بالانتظام معيشة الاشتراك العمومي التي أسسها
الانجيل بتخصيصه عشر الأموال للمساكين...الاسلام أحدث سنة الاشتراك على
أتم نظام...الاسلامية أسست حكومة أرستقراطية المبنى، ديمقراطية
الإدارة. لكن اذا كان الاشتراكية التي جاء بها الاسلام هو شكل الحكم
السياسي والاقتصادي الذي يتمناه كل انسان فهل هذا يعني أن الكواكبي لا
يقبل بالليبرالية السياسية واقتصاد السوق وينتصر الى النمط الاشتراكي
في الحكم؟
.....................................
المراجع والمصادر:
عبد الرحمان الكواكبي، طبائع الإستبداد ومصارع
الإستعباد، ضمن الأعمال الكاملة، دراسة وتحقيق محمد عمارة، المؤسسة
العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، بيروت،1975.
جورج كتورة، طبائع الكواكبي في طبائع الإستبداد،
دراسة تحليلية، المسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت،
الطبعة الأولى 1987. |