روسيا بوتين... هيبة الداخل وهيمنة الخارج

متابعة: عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: خطوات جديدة تتبعها الحكومة الروسية لأجل فرض السيطرة والحفاظ على الامن والاستقرار من خلال تعزيز هيبته الدولة ومؤسساتها خصوصا بعد خروج العديد من المظاهرات التي قادتها المعارضة سواء قبل الانتخابات الرئاسية او بعدها والتي طالبت فيها بأجراء بعض الاصطلاحات اضافة الى رفضها المعلن لنتائج الانتخابات، ويرى بعض المراقبين ان الرئيس الروسي يسعى وبشكل جاد الى تقيد حرية الخصوم من خلال فرض بعض القوانين الصارمة لأجل السيطرة على الاوضاع خصوصا مع وجود تحديات خارجية تهدف الى اضعاف النفوذ الروسي او اشغاله بصراعات داخلية من خلال تحريك المعارضة، وفي هذا الشأن قامت الشرطة الروسية بتفتيش منازل معارضين بارزين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تحذير واضح بان صبره نفد من المعارضة قبل يوم من مظاهرة قد تجتذب الاف الاشخاص في تحد لحكمه. وعمليات تفتيش مساكن زعماء المعارضة مؤشر جديد على تحول بوتين لتكتيكات اكثر عدوانية لسحق الاحتجاجات في بداية ولايته الرئاسية ومدتها ست سنوات. ووقع بوتين قانونا تزيد بموجبه الغرامات التي تحصل على خرق النظام العام في احتجاجات الشوارع متجاهلا تحذيرات مجلس حقوق الانسان بعدم دستوريتها. وقال معارضو بوتين ان القانون محاولة لإسكات المعارضة. وقال جهاز التحقيقات الرئيسي انه ينوي تنفيذ نحو عشر عمليات تفتيش فيما يتصل بتحقيق جنائي في أعمال عنف ارتكبت ضد الشرطة خلال احتجاج في موسكو عشية تولي بوتين الرئاسة في السابع من مايو أيار.

وقالت لجنة التحقيق الاتحادية على موقعها على الانترنت إن عمليات التفتيش شملت تفتيش شقتي الزعيمين المعارضين البارزين اليكسي نافالني وسيرجي اودالتسوف بموسكو. وقال نشطاء ان المذيعة التلفزيونية كيسينا سوبتشاك ونائب رئيس الوزراء الاسبق بوريس نمتسوف بين المستهدفين. وكتب نافالني وهو مدون مناهض للفساد وأحد منظمي احتجاجات اندلعت بسبب مزاعم بتزوير الانتخابات البرلمانية التي جرت في ديسمبر كانون الاول وفاز بها حزب بوتين على موقع تويتر "يجري تفتيش منزلي. كسروا الباب فعليا." وفي وقت لاحق ذكر ان اجهزة الكترونية صودرت من منزله "بما في ذلك اقراص عليها صور الاطفال."

وقال راديو ايخو موسكفي إن الشرطة منعت محامي نافالني من دخول الشقة طوال ساعات. ونقلت وكالة انترفاكس للأنباء عن المتحدثة باسمه قولها ان شرطة مسلحة موجودة في مكتب يستخدمه. ولم يكن هناك اي شخص في المكتب في ذلك الحين. وقال معارضون اخرون ان عمليات التفتيش مؤشر على تخلي بوتين عن الديمقراطية. وقال سيرجي ميتروخين وهو زعيم معارض ليبرالي لراديو ايخو موسكفي "توقف بوتين حتى عن محاكاة الديمقراطية. "واعرب عشرات عن غضبهم إزاء هذا التحرك على شبكة الانترنت التي استخدمتها المعارضة لتنظيم احتجاجات حاشدة تهدد سلطة بوتين في التفاف على التلفزيون الذي يخضع لسيطرة كاملة من جانب الدولة. وكتب احدهم على تويتر "فوفا مجنون" في اشارة لبوتين باستخدام الكنية الشائعة لفلاديمير.

واردت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء نقلا عن فلاديمير ماركين المتحدث باسم لجنة التحقيق الاتحادية ان من جرى تفتيش منازلهم استدعوا للمثول أمام محققين مما يعرقل على الارجح خططهم للمشاركة في احتجاج مناهض للحكومة. وحصل زعماء المعارضة على تصريح للمسيرة والتجمع الحاشد بوسط موسكو وهي اختبار لقدرتهم على مواصلة الضغط على بوتين رغم القانون الجديد الذي رفع الغرامات التي تتصل بالاحتجاجات إلى 300 ألف رويل (9200 دولار) للمشاركين ومليون روبل (360 الف دولار) للمنظمين.

وقد اعتقلت الشرطة نحو 20 ناشطا كانوا يحتجون على مشروع القانون خارج مبنى البرلمان. و اقر مشروع القانون بعد اكثر من 11 ساعة من المناقشات الحامية في مجلس الدوما وانتهت بتصويت 241 نائبا لصالح مشروع القانون مقابل 147 ضده. ويحدد مشروع القانون أين تجرى المظاهرات الجماهيرية واي شكل تتخذه، على سبيل المثال لا الحصر يمنع القانون قيام المتظاهرين بتغطية وجوهم.

ووصف النائب المعارض غينادي غودكوف مشروع القانون بـ "الوحشي" قائلا انه يعكس "خوف الكرملين من الشعب". واضاف غودكوف "انه الطريق نحو الحرب الاهلية، والطريق نحو قمع هائل. ونعلم جميعا كيف ينتهي ذلك : الى الدم والفقر والثورة". وقال ناشطون في مجال حقوق الانسان إن مشروع القانون ينتهك الدستور الروسي الذي ينص على حق حرية التجمع. وقد أعلن الرئيس الروسي بوتين مؤخرا بشكل علني عن دعمه لمشروع القانون، قائلا "يجب ان نحمي شعبنا من الافعال الراديكالية".

وفاز بوتين بفترة رئاسة مدتها ستة اعوام في مارس آذار على الرغم من موجة الاحتجاجات التي شارك فيها عشرات الآلاف وأظهروا خلالها معارضة شديدة لحكمه خاصة بين سكان المدن من الطبقة المتوسطة. وتعهد نشطاء المعارضة بالمضي قدما في خطط الاحتجاج. وقال النشط سيرجي دافيديس لراديو ايخو موسكفي "هذه الاجراءات القمعية المجنونة هدفها ترهيب الناس" مضيفا ان الاحتجاج سيسير حسب الخطة. بحسب رويترز.

على صعيد متصل اخلت قوات الامن مخيما لناشطين في المعارضة الروسية ضد بوتين اقيم منذ اكثر من اسبوع في حديقة عامة بوسط موسكو واعتقلت 23 شخصا، كما ذكرت الشرطة الروسية. وكانت احدى محاكم العاصمة تسلمت من اشخاص يقيمون على مقربة من الحديقة شكوى من الضجيج الذي يحدثه هؤلاء المعتصمون، وامرت بأخلاء هذا المخيم الذي اقيم في حديقة تشيستي برودي (المستنقعات النظيفة) احتجاجا على القمع العنيف لتظاهرة نظمتها المعارضة قرب الكرملين.

وطلبت شرطة مكافحة الشغب من الناشطين مغادرة الحديقة. وقال مسؤول في الشرطة للتلفزيون الروسي "كل شيء جرى بهدوء نسبيا، من دون اي مقاومة جسدية، اذ ان اكثرية الناشطين فهموا ما طلب منهم". واضاف المسؤول في الشرطة يوري زدورينكو ان 23 شخصا قد اعتقلوا خلال العملية. وقال احد الناشطين الذين اعتقلوا لإذاعة صدى موسكو ان جميع الاشخاص المعتقلين قد اخلي سبيلهم. وقال احد قادة حركة سوليدارنوست المعارضة ايليا ياشين ان الناشطين سيقيمون مخيمهم في حديقة اخرى قريبة من حديقة الحيوانات في موسكو. لكن البلدية اعلنت انها لن تتساهل حيال اقامة هذه المخيمات في الاماكن العامة بالمدينة.

محاكمة علنية

من جانب اخر اعلنت محكمة خاموفنيتشسكي في موسكو اثر جلسة تمهيدية مغلقة، انها ستنقل على الهواء مباشرة محاكمة ثلاث نساء معتقلات منذ اذار/مارس بعد ادائهن صلاة مناهضة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كاتدرائية موسكو. وقالت المتحدثة باسم المحكمة مارينا لياخ للصحافيين عقب جلسة استماع اقيمت وسط مراقبة مشددة من الشرطة "الجلسة المقبلة ستعقد في 30 تموز/يوليو"، وسيتم نقل وقائع باقي المحاكمة للعموم على الهواء مباشرة عبر موقع المحكمة.

وتواجه ناديجدا تولوكونيكوفا (22 عاما) وايكاتيرينا ساموتسيفيتش (29 عاما) وماريا اليخينا (24 عاما) تهمة "شتم" و"الحاق جراح معنوية عميقة لمسيحيين ارثوذكس"، وقد يحكم عليهن بالسجن حتى سبع سنوات بتهمة اثارة الشغب. واضافت المتحدثة ان المحكمة، التي امرت الجمعة بتمديد اعتقال المتهمات الثلاث حتى كانون الثاني/يناير 2013، ردت كما كان متوقعا الطلب الذي تقدم به محامو الدفاع لذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل كشاهدين في القضية. ولم يبد المحامون الذين يصفون المحاكمة بانها "مسرحية عبثية"، اي تفاؤل حيال فرص تحقيق طلبهم. وكتب احد المحامين عن المتهمات الثلاث مارك فيغوين عبر موقع تويتر قبيل انطلاق الجلسة "لا اتوقع شيئا ايجابيا".

وتم اعتقال اثنين من مناصري المتهمات الثلاث الاثنين امام محكمة خامونفيتشيسكي في موسكو حيث نشر عشرات عناصر الشرطة وقطع الشارع بعوائق حديدية. وتجمع بضعة مناصرين في محيط المحكمة لاظهار دعمهم للمتهمات الثلاث. وبموازاة ذلك، طلب بعض الناشطين الارثوذكس بانزال عقاب شديد بالمتهمات الثلاث حاملين لافتات كتب عليها "من اجل الاخلاق". وتلاحق النساء الثلاث بسبب ادائهن في 21 شباط/فبراير، صلاة محورة بعنوان "مريم والدة الله - اطردي بوتين" داخل كاتدرائية المسيح المخلص في موسكو، كما كن ملثمات ويحملن الات غيتار وتجهيزات صوتية. واثارت هذه الصلاة المعارضة لبوتين ردود فعل شاجبة، في بلد شهد منذ سقوط النظام السوفياتي عام 1991 صحوة دينية متجددة.

الا ان شخصيات عدة، بعضها يجاهر بانتمائه الى الكنيسة الارثوذكسية، انبروا للدفاع عن المتهمات الثلاث، معتبرا ان الملاحقات القضائية بحقهن وابقائهن قيد الاعتقال لا يتناسب مع التهم الموجهة اليهن. وحصلت النسوة الثلاث على دعم مجموعة الروك الاميركية "ريد هوت تشيلي بيبرز" التي صعد قائدها انتوني كييديس على المسرح خلال حفلات للفرقة في سان بطرسبورغ ثم في موسكو مرتديا قميصا كتب عليها "بوسي ريوت"، وهو الاسم الذي تعرف به المتهمات الثلاث. وكتب عازف الايقاع في الفرقة للنساء الثلاث معلنا انه "يشيد بشجاعتهن ويصلي للافراج عنهن"، وفق صحيفة غازيتا الروسية الالكترونية. بحسب فرنس برس.

من جهتها اعتبرت منظمة العفو الدولية ان المعارضين الروسيين المعتقلين سيرغي اودالتسوف والكسي نافالني هما "سجينا رأي"، حسب ما اعلن مدير قسم روسيا في هذه المنظمة التي تدافع عن حقوق الانسان سيرغي نيكيتين. وقال "انه موقف منظمة العفو الدولية" مؤكدا بذلك تصريحات نقلتها وكالة انترفاكس سابقا. واضاف "حسب الملعومات التي نملكها حول اودالتسوف ونافالني فليس لدينا عمليا اي شك بانهما لم يبديا اية مقاومة جسدية او شفوية ولكنهما حاولا فقط التعبير عن حقهما في الحرية". واضاف "هذا الامر يصف تماما سجين رأي". وقد حكم على المدون الكسي نافالني وزعيم جبهة اليسار سيرغي اودالتسوف بالسجن لمدة 15 يوما لانهما تمردا على الشرطة خلال مظاهرة ضد الرئيس فلاديمير بوتين. واوضح نيكيتين ان منظمة العفو الدولية لم تعد اي بيان صحافي وان وكالة انترفاكس عرضت وجهة نظرها ببث مقابلته. واضاف انه بصدد اعداد "وثيقة اكثر شمولية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/تموز/2012 - 6/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م