منطقة اليورو... أزمة مالية شبه مستديمة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: في ظل ألازمة المالية الطاحنة التي تتخبط فيها أوروبا منذ نحو عامين، لا يمكن الجزم بأن الانهيار حتمي للعملة الأوروبية الموحدة، فمازالت هناك تساؤلات عديدة للمهمتين بشأن اليورو لمعرفة كيف ستستطيع أوروبا تطبيق إجراءاتها المالية الجديدة للخروج من أزمتها المستدامة، فكان من المفترض أن يكون اليورو أحد أكثر العملات استقرارا في أنحاء العالم لكن حدث العكس فأصبح أكثرها اضطرابا، فلم يعد بالإمكان الوثوق في أوروبا، ومن ناحية أخرى حافظ اليورو على وضعه كثاني عملة عالمية في 2011،  لكن أيا كان مصير اليورو فقد انهارت سمعة أوروبا بسببه.

فيما يرى المحللون أن الدول النامية ليست بمعزل عن توترات منطقة اليورو، وإنها يمكن أن تتأثر سلبا عبر قطاعي التجارة والمال، على الرغم من وضعها الجيد الآن، في حين لا زالت الصين لا تثق في اليورو ومستعدة لاستخدام وسائل متعددة لمساعدة الاتحاد الأوروبي في التغلب على تلك ألازمة، ويرى المسؤولون في الاتحاد الأوربي ان تغلب أوروبا على أزمة الديون يحتاج لسنوات، وبالتالي أصبح مصير منطقة اليورو والعملة الأوروبية الموحدة مجهولاً حتى في المستقبل القريب.

ثاني عملة عالمية

فقد أكد تقرير للبنك المركزي الأوروبي ان اليورو احتفظ في 2011 بوضعه كثاني عملة عالمية على الرغم من ازمة الديون التي تهدد بعض الدول التي تعتمد العملة الأوروبية الموحدة، وقال رئيس البنك المركزي الاوروبي ماريو دراغي في مقدمة هذا التقرير السنوي حول "الدور الدولي لليورو"، ان "دور اليورو على الصعيد الدولي بقي صامدا نسبيا في 2011"، وقد تراجعت حصة اليورو في الاحتياطات العالمية من العملات الصعبة بشكل طفيف في اواخر 2011، اذ بلغت 25% مقابل 25,4% في اواخر 2010 مع بقاء سعر الصرف مستقرا، اي 5,64 تريليون دولار (5640 مليارا)، وأشار البنك المركزي الأوروبي الى حصول "تراجع طفيف" للعملات التي يحتفظ بها المستثمرون بالعملة الاوروبية الموحدة خارج منطقة اليورو في نهاية العام الماضي، بعد ان كان النصف الاول من السنة مستقرا. وهذا التراجع يدل على اشتداد ازمة الديون في منطقة اليورو خلال النصف الثاني من العام 2011، وتحولها الى أزمة مصرفية، لكن "عموما لم تضر ازمة الديون السيادية بوضع اليورو" بحسب التقرير، الا ان العملة الاوروبية الموحدة تأتي بعيدا وراء الدولار الاميركي الذي كان يمثل 62,1% من احتياطات العملات الصعبة العالمية العام الماضي (مقابل 62,2% نهاية 2010)، ولفت البنك المركزي الاوروبي الى ان النظام المالي العالمي "على وشك ان يصبح ثلاثي القطب" في اشارة الى العملة الصينية اليوان التي تلعب "تدريجيا دورا دوليا اكبر". بحسب فرانس برس.

ويشدد المحللون في المؤسسة المالية في فرانكفورت (غرب) على "دور اليوان الناشيء كعملة مرجع"، اي تأثير سياسة تحديد اسعار الصرف في الصين على اسعار الصرف العالمية المختلفة وبشكل خاص في المنطقة الاسيوية، الى ذلك درس البنك المركزي الاوروبي اقبال المستثمرين الاجانب على سندات الخزينة التي تصدرها دول منطقة اليورو منذ 2008، وفي حين استمر الطلب على هذه السندات بوتيرة مستقرة بعد افلاس مصرف ليمان براذرز والازمة المالية والاقتصادية التي تلت، تراجع خلال الفصلين الاخيرين من 2011، وخصوصا بالنسبة للدول التي تواجه معدلات فائدة مرتفعة على الاقتراض، وفي المقابل، فان الطلب على الدين العام الاميركي والياباني تراجع بعد افلاس ليمان براذرز لكنه تحسن في 2011.

انهيار سمعة أوروبا

في سياق متصل سواء نجا اليورو أو انهار فقد تقوض الطريقة العشوائية التي تتعامل بها أوروبا مع الأزمة النفوذ السياسي للمنطقة لسنوات وتكسبها نقطة ضعف خطيرة في عالم سريع التغير، وعن طريق سلسلة تبدو بلا نهاية من اجتماعات القمة والمكالمات الهاتفية في اللحظات الأخيرة أبقى زعماء أوروبا ووزراء ماليتها على تكتل العملة قائما في مواجهة توترات متزايدة بين الدول وتداعيات سياسية متفاقمة وقلق في السوق، لكن البعض خارج الاتحاد يقول إن كل إجراء يأتي ضعيفا للغاية ومتأخرا للغاية. ويشكو المسؤولون الأمريكيون على وجه الخصوص من أن الزعماء الأوروبيين إما فشلوا في فهم حجم المشكلة أو أنهم غير مستعدين لقبول القرارات السياسية الصعبة الضرورية لإصلاح الأوضاع، ومن ناحية قد تكون منطقة اليورو في طريقها لمزيد من الوحدة السياسية والمالية لتصبح أشبه بدولة واحدة كبيرة في اتحاد تام تقريبا. لكنها على الجانب الآخر قد تنهار وتتفكك مخلفة دولا متنافسة غير مستقرة، وقالت فيونا هيل المسؤولة السابقة في مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي والمديرة الحالية لبرنامج أوروبا في معهد بروكينجز في واشنطن "في كل حوار لي تقريبا خلال العام الماضي - مع الصينيين أو الهنود ومع الجميع تقريبا - كنت دائما أتلقى نفس الرسالة .. لم يعد بالامكان الوثوق في أوروبا. يبدو أنها تتحول من مصدر للاستقرار إلى مصدر لعدم الاستقرار، وقالت إن كل الثوابت القديمة أصبحت موضع شك. حتى بريطانيا التي ليست عضوا في منطقة اليورو بدا فجأة أنها تواجه خطر التفكك حيث من المقرر أن تجري اسكتلندا استفتاء على الاستقلال يقول خبراء إنه لا يمكن التنبؤ بنتيجته، أزمة الديون والبنوك في منطقة اليورو التي تعتمل ببطء آخذة في التفاقم. وقد قرر الزعماء السياسيون لمنطقة اليورو انقاذ البنوك الاسبانية. وتجري اليونان اليوم انتخابات برلمانية يخشى كثير من المحللين أن تسفر عن انسحابها من منطقة اليورو، ويقول البعض إن من المبكر جدا شطب أوروبا - أو مؤسسات الاتحاد الأوروبي - كلية. وتحت قيادة كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي يرجع البعض الفضل لأوروبا في تحقيق تقدم حقيقي في المحادثات مع إيران والقوى الأخرى بشأن مستقبل برنامج طهران النووي المثير للخلاف. لكن قدرتهم على أي شيء يتجاوز مشاكلهم المباشرة تعتبر محدودة إلى حد كبير، وقال ايان بريمر رئيس مجموعة يوراشيا الاستشارية "الأوروبيون مستغرقون تماما في معركة انقاذ منطقة اليورو، "إنها أزمة عميقة ومستمرة وأكبر من أي شيء مروا به في عقود ... إنها بيئة ليس من الممكن فيها أن نتوقع أن يكون للزعماء الأوروبيين أولوية أخرى"، وقد يؤدي ذلك لتهميش القارة بشكل متزايد مع بزوغ نجم القوى الناشئة - ليس فقط دول بريك التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين لكن دولا أخرى أيضا مثل تركيا وإندونيسيا وجنوب أفريقيا، وفي نهاية المطاف قد يقوض ذلك قدرة زعماء القارة على إقناع بقية العالم بأن يأخذونهم على محمل الجد في مجموعة من الموضوعات من التجارة إلى أهمية الديمقراطية وحقوق الإنسان، وقال نيكولاس جفوسديف أستاذ دراسات الامن القومي في كلية الحرب البحرية الأمريكية "ربما لن تتوقف أوروبا عن وعظ باقي العالم. لكن الآخرين لن تكون لديهم الرغبة في الاستماع على الأرجح، في قمة كوبنهاجن بشأن المناخ في 2009 شعرت أوروبا بمهانة الاستبعاد خارج القاعة عند ابرام الاتفاق النهائي بين الولايات المتحدة والقوى الناشئة. وفي أعقاب أزمة منطقة اليورو فقد يكون هذا مكان يتعين على الزعماء الأوروبيين الاعتياد عليه.

لكن بالنسبة لبقية العالم ليست القارة نفسها فحسب هي التي يخبو بريقها سريعا. فلم يعد النموذج السياسي الأوروبي برمته - نظام الرعاية الاجتماعية السخي والديمقراطية في اتخاذ القرار والتكامل الاقليمي الوثيق وفكرة اتحاد العملة كعنصر استقرار - جذابا للمناطق الأخرى التي مازالت تنمو، وقال براهما شيلاني أستاذ الدراسات الاستراتيجية في مركز البحوث السياسية بنيودلهي "أوروبا عند مفترق طرق ومستقبل الاتحاد الأوروبي نفسه على المحك، "لو انهار اليورو فستكون نهاية التجربة الأوروبية في تحقيق تكامل سياسي ومالي قوي. لكن سيكون لذلك أيضا تداعيات دولية أوسع، لكن لا يوجد اتفاق عام على ماهية تلك التداعيات. ويقول شيلاني إن انهيار اليورو ربما يساهم في ضمان تفوق الدولار - وربما الولايات المتحدة نفسها – لسنوات، لكن آخرين يعتقدون أن انهيار أوروبا سيكون مؤشرا على ما سيحدث للولايات المتحدة أيضا. ويقول بهارات كارناد زميل شيلاني في مركز البحوث السياسية إنه أيا كان ما سيحدث فإن قوى مثل الصين في صعود وسيواجه الغرب تحديات متزايدة بغض النظر عن مصير اليورو، وقال "سلامة اليورو أو الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن سيكون لها تأثير ضعيف على الذهب وميزان القوة الذي يميل على أي حال باتجاه آسيا وبخاصة الصين، وتأخذ واشنطن احتمال انهيار أوروبا على محمل الجد. فعلى المدى القصير من الواضح أن ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما قلقة بشأن تداعيات ذلك على الانتخابات في حالة انتقال الأزمة الأوروبية عبر الاطلسي قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر تشرين الثاني، لكن على المدى البعيد سواء نجا اليورو أو لا فإن المخططين الأمريكيين بدأوا يستوعبون حقيقة أن من المرجح أن تصبح القارة أفقر وأكثر تركيزا على الداخل مما كانت واشنطن تأمل، وتدفع واشنطن منذ فترة طويلة القوى الأوروبية على الاهتمام بدرجة أكبر بمحيطها المباشر. بحسب رويترز.

وبينما أخذت بريطانيا وفرنسا المبادرة السياسية في ليبيا العام الماضي شكا روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي وقتها من أن القوات الأوروبية في حلف شمال الأطلسي تعتمد كلية في واقع الأمر على الولايات المتحدة فيما يتعلق بالذخيرة واللوجستيات وأشكال الدعم الأخرى، لكن تغير التفكير الأوروبي والانفاق الدفاعي الاضافي الذي طالبت به واشنطن يبدو الان مستحيلا في ظل التقشف الحالي، وقال جفوسديف من كلية الحرب البحرية الأمريكية "أشك في أن يهتم أي وزير دفاع أمريكي في المستقبل بمثل هذا الطلب، "كنا نأمل أن تأخذ أوروبا المبادرة في بعض أنحاء شمال افريقيا إضافة إلى البلقان وشرق أوروبا. يبدو هذا مستبعدا الان، وأضاف أن المخططين الأمريكيين بدأوا ينتبهون أيضا لحقيقة أن الدول الأوروبية لم يعد من المتوقع أن تضاهي تعهدات الولايات المتحدة فيما يتعلق بالمساعدات الانسانية والمالية لمناطق الحروب والصراع. ثم أن هناك مخاوف استراتيجية طويلة الامد، وقال إن "التمركز" العسكري لواشنطن تجاه آسيا كان يستند جزئيا إلى افتراض أن أوروبا ستظل مستقرة وغنية وإنه لا يوجد ما يقلق الولايات المتحدة بشأن حلف شمال الاطلسي. وقد يجعل ضعف أوروبا المخططين الأمريكيين أقل ثقة في ذلك خاصة لو عززت الصين نفوذها، وعززت الصين استثماراتها في أوروبا في السنوات القليلة الماضية بما في ذلك في مشروعات موانئ في اليونان وايطاليا، ويرى بعض المحللين السياسيين أن نقاط الضعف والأسباب وراء أزمة منطقة اليورو أوسع نطاقا بكثير ويمكن ملاحظتها في معظم الاقتصادات الغربية بما في ذلك الاقتصاد الأمريكي نفسه، وقال جين ليكون رئيس مجلس الرقابة على مؤسسة الاستثمار الصينية وهي صندوق الثروة السيادية في البلاد في مقال نشرته صحيفة الشعب الصينية يوم 21 مايو ايار "ما يلزمهم التخلص منه لانقاذ السفينة يشمل بالأساس مركز الثقل نفسه الذي كان يوفر الاستقرار للمجتمع بعد الحرب، ويقول خبراء إن من المرجح دائما انحسار النفوذ الدولي لأوروبا بعض الشيء مع استهلاك سكانها الذين ترتفع بينهم نسبة المسنين لمزيد من الموارد في حين تحقق الاقتصادات الناشئة بالتأكيد معدلات نمو أكبر. لكن هل يدرك قادة القارة ذلك؟ هذا شأن آخر، وقال جاك جولدستون أستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورج ميسون قرب واشنطن العاصمة "مصدر النفوذ الرئيسي لأوروبا (يفترض أن يكون) نجاح نموذجها السياسي والاقتصادي في توفير مستويات معيشة مرتفعة وحريات ديمقراطية، "لو قوضت الأزمة الحالية هذين أيضا فستبدو أوروبا مثل نظام ضعيف سيء الادارة من الدول العجائز الراكدة اقتصاديا. فقدان النفوذ ينتظرها."

تحذير الدول النامية

فيما قال روبرت زوليك الرئيس السابق للبنك الدولي في مقابلة نشرت على الانترنت انه يجب على الدول النامية الاستعداد لازمة مالية عالمية شديدة اذا لم تتمكن منطقة اليورو من معالجة مشكلاتها الحالية، وينتظر صناع السياسة والمستثمرون بقلق نتيجة الانتخابات اليونانية والتي يمكن ان تمنح السلطة ليساريين راديكاليين يهددون بالغاء بنود اتفاقية انقاذ ويرسلون موجات صدمة عبر الاسواق المالية، وقال زوليك لصحيفة اوبزرفر البريطانية ان على الدول النامية "الاستعداد لغموض ناجم عن منطقة اليورو والاسواق المالية الاوسع، "سيكون افضل اذا استطاعت تفادي تراكم الديون القصيرة الاجل التي يمكن ان تصبح مستحقة خلال فترات متقلبة والتطلع الى اساسيات النمو في المستقبل..البنية الاساسية ورأس المال البشري. بحسب رويترز.

وحدة مالية

في حين دعا جان كلود تريشيه الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي في يونيو حزيران الماضي إلى إنشاء وزارة مالية أوروبية ذات سلطة على ميزانيات الدول فإن الفكرة بدت حينئذ خيالية وحلما بعيد المنال قد يستغرق أعواما أو حتى عقودا ليتحقق، وبعد ذلك بعام وفي ظل تهديد أزمة ديون منطقة اليورو بتفتيت المنطقة فإن ألمانيا تدفع شركاءها إلى إتخاذ خطوة عملاقة مماثلة صوب تحقيق تكامل مالي مثل الذي كان في ذهن تريشيه، وتضغط المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لإتخاذ مزيد من الإجراءات الطموح مثل منح البنك المركزي الأوروبي مزيدا من السلطات لضبط ميزانيات منطقة اليورو إضافة إلى صلاحيات رئيسية جديدة للمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي ومحكمة العدل الأوروبية، وقال مسؤولون ألمان إن ميركل تسعى أيضا إلى إيجاد توجه أوروبي منسق لإصلاح أسواق العمل وأنظمة الضمان الاجتماعي والسياسات الضريبية، وقال المسؤولون إنه لحين موافقة الدول على تلك الخطوات مع ما يترتب عليها من فقدان غير مسبوق للسيادة فإن برلين سترفض دراسة مبادرات أخرى مثل إصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو أو إقامة "وحدة مصرفية" ذات ضمانات إقليمية للودائع وهي خطوات قالت برلين إنها ستأتي ضمن موجة ثانية، وسيناقش القادة الأوروبيون وضع خارطة طريق لوحدة مالية خلال قمة الاتحاد الأوروبي يومي 28 و29 يونيو حيث سيجتمع كبار المسؤولين الأوروبيين ومن بينهم رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي الذي سيعرض سلسلة من المقترحات الأولية. بحسب رويترز.

وقالت مصادر أوروبية إن الدول الأوروبية تستطيع عندئذ وضع النقاط فوق الحروف في النصف الثاني من 2012 بحيث تتضمن الخطة إطارا زمنيا لإصلاح المعاهدات الأوروبية في خطوة تراها برلين مهمة صوب تكامل أوثق، وقال مسؤول حكومي في برلين "السؤال الأساسي بسيط نسبيا. هل يريد شركاؤنا مزيدا من التكامل الأوروبي أم أن ما يريدونه هو مزيد من الأموال الألمانية؟، وإذا قررت الدول الأوروبية المضي قدما في تلك الخطوات فإنها ستشكل أكبر تغير للسياسة منذ اتفاقها على التخلي عن عملاتها الوطنية وتسليم السيطرة على سياستها النقدية منذ 13 عاما، وقال إريك نيلسن كبير الاقتصاديين في أوني كريديت "إنها ليست نهاية العالم بل يبدو أننا على أعتاب تحرك كبير آخر صوب التكامل الأوروبي .. لكن لماذا لا تأتي تلك المبادرات إلا عندما نكون عند حافة الهاوية حيث يكون خطر وقوع حادث أشد بكثير؟".

نعم للمعاهدة الأوروبية

الى ذلك وافق الايرلنديون بغالبية 60,3 في المئة من اصوات الناخبين على المعاهدة المالية الاوروبية التي طرحت على استفتاء عام، كما اعلنت المسؤولة عن عمليات الفرز ريونا ني فلانغايلي، وفاز مؤيدو المعاهدة ب955091 صوتا مقابل 629088 ناخبا قالوا لا في هذا الاستفتاء الذي دعا رئيس الوزراء اندا كيني الى التصويت لصالحه، كما اوضحت فلانغايلي، وكان رئيس الوزراء الايرلندي اندا كيني ابدى تفاؤله، وقال في دائرته مايو غرب ايرلندا في تصريح لشبكة آر.تي.اي التلفزيونية "نميل هنا صراحة الى ++نعم++ لكن من الضروري ان ننتظر قليلا لنعرف المنحى في كل انحاء البلاد"، وفي المعسكر المعارض للمعاهدة، اقر النائب الاشتراكي جو هيغينز بأن "المعلومات الاولية تفيد على ما يبدو بفوز النعم"، وكان مصدر قريب من الحكومة قال بالاستناد الى عينة "كبيرة" من الاصوات ان التصويت ب"نعم" سيفوز بنسبة 60/40. واضاف "نحن مقتنعون بأن الهامش سيكون مريحا ل"نعم"، وتتابع بروكسل والبلدان الاوروبية الاخرى باهتمام هذا الاستفتاء الوحيد الذي يجرى في الاتحاد الاوروبي حول معاهدة الانضباط في الميزانية، ولن يؤدي رفض ايرلندا الى عرقلة تطبيق معاهدة الانضباط في الميزانية، لكنه يبعث باشارة سلبية فيما تنزلق منطقة اليورو في الازمة، واعتبرت صونيا بانغيسيون المسؤولة عن الشؤون الايرلندية في مركز "آي.اتش.اس غلوبال اينسايت" للتحليل الاقتصادي، ان "تصديق ايرلندا على المعاهدة الاوروبية نبأ سار للبلاد لانه يبعث باشارة ايجابية الى الاسواق". واضافت "هذا يعني ان ايرلندا عاقدة العزم على البقاء في منطقة اليورو وتكبد العواقب المؤلمة لهذا الخيار"، مثل الاستمرار في سياسة التقشف، وانها "ستواصل الحصول على دعم صندوق النقد الدولي ومنطقة اليورو". بحسب فرانس برس.

وشددت الحكومة خلال الحملة على ان التصويت السلبي سيحرم ايرلندا من الاستعانة بمساعدات اوروبية في المستقبل، وقد استفادت ايرلندا من خطة انقاذ قيمتها 85 مليار يورو اواخر 2010 لصندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي من اجل تجنب افلاس قطاعها المصرفي، من جانبه، انتقد المعسكر الرافض "معاهدة التقشف"، معربا عن الامل في تأجيج غضب الناخبين حيال سياسة التشدد التي تواكب تطبيق خطة الانقاذ، وأبقت النسبة الكبيرة للمترددين (الثلث) وخصوصا الامتناع عن التصويت الامور غامضة، وتفيد تقديرات التلفزيون الايرلندي ان نصف 3,1 ملايين ناخب ادلوا وحدهم بأصواتهم في صناديق الاقتراع. وشجعت المشاركة الضعيفة ال "لا" في الاستفتاءات السابقة في ايرلندا، وكان الناخبون الايرلنديون رفضوا معاهدة نيس ثم معاهدة لشبونة في 2001 و2008، مهددين بعرقلة عملية البناء الاوروبي بأكملها، قبل ان يغيروا موقفهم في انتخابات الاستلحاق، ومعاهدة الانضباط في الموازنة التي وقعتها البلدان السبعة والعشرون في الاتحاد الاوروبي، باستثناء بريطانيا والجمهورية التشيكية، تدخل حيز التطبيق عندما يصادق عليها 12 من بلدان منطقة اليورو. وتنص على احترام "القاعدة الذهبية" حول توازن الحسابات تحت طائلة فرض عقوبات. وقد صادقت عليها الدنمارك، بعد رومانيا والبرتغال واليونان وسلوفينيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 21/تموز/2012 - 1/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م